الفرق بين المراجعتين لصفحة: «هبة الدين الشهرستاني»

لا يوجد ملخص تحرير
لا ملخص تعديل
لا ملخص تعديل
سطر ٤٣: سطر ٤٣:
=الدراسة=
=الدراسة=


كما قلنا سابقاً: بعد وفاة والده انتقل السيّد الشهرستاني إلى النجف للدراسة فيها بتوجيه من أحد أصدقاء أبيه فتوطنها لمدة خمسة عشر عاماً. وكان تلميذاً يتوفر على ذكاء وقّاد، فتقدم في دروسه ليكون واحداً من أبرز تلامذة الشيخ كاظم الطباطبائي اليزدي. وقد بلغ مكانة سامية في العلم والفضل والأدب، وشهد له عدد من العلماء بالاجتهاد.
تعلّم السيّد في سامرّاء، وأكمل بعض المراحل الدراسية في كربلاء، وانتقل إلى‏ النجف الأشرف سنة 1320 ه، وحضر الأبحاث العالية على أكابر المجتهدين، كالشيخ محمّد كاظم الخراساني، والسيّد محمّد كاظم الطباطبائي اليزدي، وشيخ الشريعة الأصفهاني.
 
وكان تلميذاً يتوفّر على ذكاء وقّاد، فتقدّم في دروسه ليكون واحداً من أبرز تلامذة السيّد محمّد كاظم الطباطبائي اليزدي. وقد بلغ مكانة سامية في العلم والفضل والأدب، وشهد له عدد من العلماء بالاجتهاد.


=إجازة الرواية=
=إجازة الرواية=
سطر ٥٧: سطر ٥٩:
تضلّع السيّد الشهرستاني من الفقه والأُصول والعقائد والرياضيات والهيئة، وخاض المعترك السياسي ابتداءً من سنة 1324 ه، واتّصل بالعلماء ورجال الفكر في العراق وإيران ومصر وسوريا ولبنان والحجاز واليمن والهند، وناصر الدعوات الإصلاحية، وهاجم بعض التقاليد الطارئة على الأذهان بكلّ شجاعة وثبات.
تضلّع السيّد الشهرستاني من الفقه والأُصول والعقائد والرياضيات والهيئة، وخاض المعترك السياسي ابتداءً من سنة 1324 ه، واتّصل بالعلماء ورجال الفكر في العراق وإيران ومصر وسوريا ولبنان والحجاز واليمن والهند، وناصر الدعوات الإصلاحية، وهاجم بعض التقاليد الطارئة على الأذهان بكلّ شجاعة وثبات.


وفي ذلك الوقت، فتح أبواب التدريس في العلوم الأربعة: البلاغة، المنطق والفلسفة، الهيئة والنجوم، وأصول الدين وفروعه. وكان السيد متحدثاً لبقاً، ومصوراً بارعاً، ومجدداً مبتكراً، فأقبلت عليه جموع الشباب المتعطش للعلم والمعرفة من الأسر النجفية المعروفة ومن أبناء الجاليات الأخرى لتغترف من معينه. وامتد طموحه ليتصل بالمجامع العلمية والنوادي الأدبية في البلاد العربية والإسلامية. فأخذت الصحف والمجلات والمطبوعات الحديثة تنهال عليه من كافة الأرجاء، مما ساهم بشكل فعال في ربط النجف بالعالم الخارجي لتحيط بما يحدث فيه من جديد.
وفي ذلك الوقت، فتح أبواب التدريس في العلوم الأربعة: البلاغة، المنطق والفلسفة، الهيئة والنجوم، وأصول الدين وفروعه. وكان السيّد متحدّثاً لبقاً، ومصوّراً بارعاً للمباحث العلمية، ومجدّداً مبتكراً، فأقبلت عليه جموع الشباب المتعطّش للعلم والمعرفة من الأسر النجفية المعروفة ومن أبناء الجاليات الأخرى لتغترف من معينه.  
 
وامتد طموحه ليتصل بالمجامع العلمية والنوادي الأدبية في البلاد العربية والإسلامية. فأخذت الصحف والمجلّات والمطبوعات الحديثة تنهال عليه من كافّة الأرجاء، ممّا ساهم بشكل فعّال في ربط النجف بالعالم الخارجي لتحيط بما يحدث فيه من جديد.


أسّس عام 1328 ه مجلّة علمية- سياسية سمّاها مجلّة «العلم»، وهي أوّل مجلّة عربية صدرت بالنجف، وحرّر كثيراً من المقالات الأدبية والعلمية.  
أسّس عام 1328 ه مجلّة علمية- سياسية سمّاها مجلّة «العلم»، وهي أوّل مجلّة عربية صدرت بالنجف، وحرّر كثيراً من المقالات الأدبية والعلمية.  
سطر ٦٦: سطر ٧٠:
جال السيّد في عدّة أقطار، كسوريا ولبنان ومصر والحجاز واليمن والهند، وساهم في حركة الجهاد ضدّ القوّات الإنجليزية المحتلّة سنة 1333 ه، وكذلك في الثورة العراقية الكبرى‏ سنة 1920 م، فاعتقل من قبل المحتلّين وحكم عليه بالإعدام، غير أنّه سجن في الحلّة تسعة أشهر.
جال السيّد في عدّة أقطار، كسوريا ولبنان ومصر والحجاز واليمن والهند، وساهم في حركة الجهاد ضدّ القوّات الإنجليزية المحتلّة سنة 1333 ه، وكذلك في الثورة العراقية الكبرى‏ سنة 1920 م، فاعتقل من قبل المحتلّين وحكم عليه بالإعدام، غير أنّه سجن في الحلّة تسعة أشهر.


حينما اندلعت الحرب العالمية الأولى عام 1914 بدأ دور مهم من حياة هذا المصلح، حيث برز كمجاهد ومناوئ صلب لجيوش الاحتلال الإنكليزي التي بدأت غزوها للعراق، وأعلن حينها علماء الشيعة الجهاد ضد الإنكليز، ودافعوا عن الدولة العثمانية رغم سياستها الطائفية الظالمة ضد الشيعة طيلة قرون، ولكنهم تناسوا جراحاتهم لأن الأمر دار بين دولة كافرة وأخرى مسلمة.
حينما اندلعت الحرب العالمية الأولى عام 1914 بدأ دور مهمّ من حياة هذا المصلح، حيث برز كمجاهد ومناوئ صلب لجيوش الاحتلال الإنجليزي التي بدأت غزوها للعراق، وأعلن حينها علماء الشيعة الجهاد ضدّ الإنجليز، ودافعوا عن الدولة العثمانية رغم سياستها الطائفية الظالمة ضدّ الشيعة طيلة قرون، ولكنّهم تناسوا جراحاتهم لأنّ الأمر دار بين دولة كافرة وأخرى مسلمة.


قاد السيد هبة الدين قوة من عشائر آل فتلة وبني حسن والعوابد تحركت في أوائل محرم من عام 1333 هـ عن طريق الفرات إلى أن ألتحق بالشعيبة من الجناح الأيمن الذي كان في مقدمته الإمام المجاهد السيد محمد سعيد الحبوبي. وعند انكسار جيش الجهاد عاد إلى النجف وقد ألمّ به المرض. وفي هذه الفترة اتصل به القادة الأتراك وطلبوا منه رسم خطة لإعادة الكرّة للجهاد عن طريق كوت الإمارة، وهكذا كان. فخاض السيد مع بقية العلماء والعشائر والجيش التركي معركة أخرى ضد الجيش الإنكليزي الغازي. وكان النصر حليفهم هذه المرة، حيث استطاعوا محاصرة الجيش الإنكليزي الغازي وأسر جميع أفراده وعددهم اثني عشر ألف رجل بالإضافة لقائده الجنرال (طاوزند).
قاد السيّد هبة الدين قوّة من عشائر آل فتلة وبني حسن والعوابد تحرّكت في أوائل محرّم من عام 1333 هـ عن طريق الفرات إلى أن التحق بالشعيبة من الجناح الأيمن الذي كان في مقدّمته الإمام المجاهد السيّد محمّد سعيد الحبّوبي. وعند انكسار جيش الجهاد عاد إلى النجف وقد ألمّ به المرض. وفي هذه الفترة اتّصل به القادة الأتراك وطلبوا منه رسم خطّة لإعادة الكرّة للجهاد عن طريق كوت الإمارة، وهكذا كان. فخاض السيّد مع بقية العلماء والعشائر والجيش التركي معركة أخرى ضدّ الجيش الإنجليزي الغازي. وكان النصر حليفهم هذه المرة، حيث استطاعوا محاصرة الجيش الإنجليزي الغازي وأسر جميع أفراده، وعددهم اثنا عشر ألف رجل بالإضافة لقائده الجنرال (طاوزند).


وبعد احتلال الإنكليز العراق، أقام السيد الشهرستاني في كربلاء وأخذ يكّون حلقات علمية في مدرسة باب السدرة يلقي فيها محاضرات في التفسير ويؤلف الكتب التي تشيد بهذا العلم وغيره، لكن سعيه في مقاومة الاحتلال لم يتوقف، وحينما حلّ الإمام محمد تقي الشيرازي في كربلاء اتصل به السيد هبة الدين ولازمه، ثم مثّله لدى السير ولسون الحاكم السياسي البريطاني العام في العراق، لنقل مطالب العراقيين في الحرية والاستقلال، ولما لم ينفذ الإنكليز شيئاً من تلك المطالب أفتى الإمام الشيرازي بالثورة ضد الاحتلال، فانطلقت الرصاصات الأولى على الإنكليز في الرميثة لتكون إيذاناً بإعلان الثورة الشاملة التي عمت العراق من أقصاه إلى أقصاه، حيث سيطر الثوار على المدن المهمة، وهزموا الحكام الإنكليز وكوّنوا إدارات وطنية بعد معارك عنيفة وكبدو الجيش المحتل خسائر جسيمة في الأرواح والمعدات والأسرى، غير أن عدم تكافؤ ميزان القوى العسكرية بين الطرفين، ووفاة القائد الأعلى للثورة الإمام الشيرازي، وأسباب كثيرة أخرى لا مجال لتفصيلها أثر على معنويات الثورة، واستطاع الإنكليز اقتحام مدينتي كربلاء والنجف، وألقوا القبض على السيد الشهرستاني مع جمع من أصحابه وأرسل إلى الهندية (طويريج) ثم الحلة حيث بقي في السجن مدة تسعة أشهر. ويذكر الزركلي في (الأعلام) إن الإنجليز قد حكموا عليه بالإعدام، لكن أصدر بعدها الملك (جورج الخامس) ملك بريطانيا قراراً بالعفو العام فأطلق سراحه مع بقية المعتقلين.
وبعد احتلال الإنكليز العراق، أقام السيد الشهرستاني في كربلاء وأخذ يكّون حلقات علمية في مدرسة باب السدرة يلقي فيها محاضرات في التفسير ويؤلف الكتب التي تشيد بهذا العلم وغيره، لكن سعيه في مقاومة الاحتلال لم يتوقف، وحينما حلّ الإمام محمد تقي الشيرازي في كربلاء اتصل به السيد هبة الدين ولازمه، ثم مثّله لدى السير ولسون الحاكم السياسي البريطاني العام في العراق، لنقل مطالب العراقيين في الحرية والاستقلال، ولما لم ينفذ الإنكليز شيئاً من تلك المطالب أفتى الإمام الشيرازي بالثورة ضد الاحتلال، فانطلقت الرصاصات الأولى على الإنكليز في الرميثة لتكون إيذاناً بإعلان الثورة الشاملة التي عمت العراق من أقصاه إلى أقصاه، حيث سيطر الثوار على المدن المهمة، وهزموا الحكام الإنكليز وكوّنوا إدارات وطنية بعد معارك عنيفة وكبدو الجيش المحتل خسائر جسيمة في الأرواح والمعدات والأسرى، غير أن عدم تكافؤ ميزان القوى العسكرية بين الطرفين، ووفاة القائد الأعلى للثورة الإمام الشيرازي، وأسباب كثيرة أخرى لا مجال لتفصيلها أثر على معنويات الثورة، واستطاع الإنكليز اقتحام مدينتي كربلاء والنجف، وألقوا القبض على السيد الشهرستاني مع جمع من أصحابه وأرسل إلى الهندية (طويريج) ثم الحلة حيث بقي في السجن مدة تسعة أشهر. ويذكر الزركلي في (الأعلام) إن الإنجليز قد حكموا عليه بالإعدام، لكن أصدر بعدها الملك (جورج الخامس) ملك بريطانيا قراراً بالعفو العام فأطلق سراحه مع بقية المعتقلين.
٢٬٧٩٦

تعديل