الفرق بين المراجعتين لصفحة: «محمد قطب»

من ویکي‌وحدت
لا ملخص تعديل
لا ملخص تعديل
سطر ١: سطر ١:
الأسرة
'''محمّد قطب''': مفكّر مصري ألّف عشرات الكتب في مجال الفكر الإسلامي، وعاش مع شقيقه ورفيق دربه سيّد قطب مخاض تجربة فكرية اتّسمت بوضوح الرؤية وقوّة الحجّة وصرامة المواقف. هاجر إلى السعودية وعمل مدرّساً بجامعة أمّ القرى في مكّة المكرّمة، وظلّ هناك حتّى رحل إلى العالم الآخر مخلّفاً مكتبة متنوّعة الفنون متعدّدة العناوين، تجمعها أصالة الفكر، وحلاوة الأسلوب، وراحة الاختصار.


هو محمد قطب إبراهيم، ولد في 26 أبريل 1919 في بلدة موشا ـ من محافظة أسيوط بمصر وكان والده قطب إبراهيم من المزارعين في تلك الناحية، لم يتجاوز في دراسته المرحلة لكنه لم يقف عند حدود التحصيل المدرسي إذ كان محباً للمطالعة مقبلاً عليها فهو يعتبر من مثقفي قريته المهتمين بالأمور العامة، وبذلك كان موضع الاحترام والتقدير من أهلها إذ يعدونه من أصحاب الرأي فيهم، بالإضافة إلى مكانة أسرته بينهم.
=الولادة=


أما والدته فهي السيدة فاطمة عثمان تنتمي إلى أسرة عربية محبة للعلم، وقد تلقى إخوتها دراستهم في الأزهر وبرز منهم أحمد حسين الموشي الذي امتاز بمواهبه الأدبية والقلمية إذ كان شاعراً أديباً وقد اشتغل بالصحافة والسياسة فأحرز شهرة في كلا الميدانين. من هنا كان تأثر السيدة فاطمة فنشأت محبة للعلم والثقافة وقررت أن تبعث بولديها سيد ومحمد إلى القاهرة ليتلقيا تعليمهما هناك. ففي القاهرة بدأ الفتى محمد دراسته من أولها فأتم المرحلتين الابتدائية والثانوية ثم التحق بجامعة القاهرة حيث درس اللغة الإنجليزية وآدابها، وكان تخرجه فيها عام 1940م ومن ثم تابع في معهد التربية العالي للمعلمين فحصل على دبلومها في التربية وعلم النفس.  
ولد محمّد قطب إبراهيم حسين الشاذلي في 26\ أبريل\ 1919 في بلدة موشا من محافظة أسيوط بمصر.  


على وقع الثورات ولد وعلى وقعها شبّ وعاش وعلى وقعها أيضاً مات، محمّد قطب، لكنّ الثورة التي واكبت مولده في قرية موشا بمحافظة أسيوط تختلف في طبيعتها التي نادت برحيل الاحتلال الأجنبي الجاثم على صدر مصر عن تلك الثورات الشعبية التي شهدتها مصر وبقية دول الربيع العربي مطالبة برحيل الأنظمة الدكتاتورية التي جثمت عقوداً على صدور شعوبها.


مفكر مصري ألف عشرات الكتب في مجال الفكر الإسلامي، وعاش مع شقيقه ورفيق دربه سيد قطب مخاض تجربة فكرية اتسمت بوضوح الرؤية وقوة الحجة وصرامة المواقف.
=الأسرة والنشأة=


وقد اعتقله نظام جمال عبد الناصر عام 1954، وأعاد اعتقاله عام 1965 ولم يخرج إلا سنة 1971، بينما أعدم شقيقه سيد سنة 1966.
كان والده قطب إبراهيم من المزارعين في تلك الناحية، لم يتجاوز في دراسته المرحلة الابتدائية، لكنّه لم يقف عند حدود التحصيل المدرسي، إذ كان محبّاً للمطالعة مقبلاً عليها، فهو يعتبر من مثقّفي قريته المهتمّين بالأمور العامّة، وبذلك كان موضع الاحترام والتقدير من أهلها، إذ يعدّونه من أصحاب الرأي فيهم، بالإضافة إلى مكانة أسرته بينهم.


هاجر إلى السعودية وعمل مدرسا بجامعة أم القرى في مكة المكرمة، وظل هناك حتى رحل إلى العالم الآخر، مخلفا مكتبة متنوعة الفنون متعددة العناوين، تجمعها أصالة الفكر، وحلاوة الأسلوب، وراحة الاختصار.
أمّا والدته فهي السيّدة فاطمة عثمان، تنتمي إلى أسرة عربية محبّة للعلم، وقد تلقّى إخوتها دراستهم في الأزهر، وبرز منهم أحمد حسين الموشي الذي امتاز بمواهبه الأدبية والقلمية، إذ كان شاعراً أديباً، وقد اشتغل بالصحافة والسياسة، فأحرز شهرة في كلا الميدانين. من هنا كان تأثّر السيّدة فاطمة، فنشأت محبّة للعلم والثقافة، وقرّرت أن تبعث بولديها سيّد ومحمّد إلى القاهرة ليتلقّيا تعليمهما هناك.  


وما بين هجرته إلى السعودية -قبل نحو خمسين عاما- ووفاته فيها، رحلة طويلة لا تقاس بعدد السنين والحساب فقط، ولكن بمتغيرات تاريخية مفصلية لا تقتصر على بلده مصر الذي اضطر إلى الهجرة منه، أو السعودية التي فتحت ذراعيها مرحبة به وبغيره من كوادر وقيادات جماعة الإخوان المسلمين في تلك الفترة، ليسهموا في مسيرة التنمية بالمملكة مدرسين ومهندسين وأطباء وقضاة.
=الدراسة والعمل=


ولا تقتصر على الرجل فقط ورحلته الفكرية بل تشمل أجيالا امتد ببعضها العمر ليشهد تاريخا يعيد نفسه، ومواقف بدلتها رمال التحالفات الإقليمية والدولية والحسابات السياسية المتحركة، جعلت ما كان مسموحا ممنوعا، والمرحب به عبئا ومحظورا.
في القاهرة بدأ الفتى محمّد دراسته من أوّلها، فأتمّ المرحلتين الابتدائية والثانوية، ثمّ التحق بجامعة القاهرة، حيث درس اللغة الإنجليزية وآدابها، وكان تخرّجه فيها عام 1940م، ومن ثمّ تابع في معهد التربية العالي للمعلّمين، فحصل على دبلومها في التربية وعلم النفس.  


واقع جديد بأسماء وأولويات جديدة، سجل محمد قطب جانبا من قواعده وقوانينه في بعض كتبه مثل "التطور والثبات في حياة البشرية"، و"دراسات في النفس الإنسانية"، و"واقعنا المعاصر"، ولم يفته أن يذكر بـ"كيف نكتب التاريخ" منبها إلى "جاهلية القرن العشرين" الذي يقدم فيه قراءة للحداثة الغربية وامتدادها في المجال الإسلامي، ناعتا إياها بأنها جاهلية ثانية، تماثل من حيث الانحراف والفساد الجاهلية العربية قبل البعثة النبوية.
عمل بالتدريس أربع سنوات، وبإدارة الترجمة بوزارة المعارف خمس سنوات، ثمّ بالتدريس مرّة أخرى لعامين، ثمّ عمل مشرفاً على مشروع "الألف كتاب" بوزارة التعليم.


ثورات
=في ظلال الشقيق=
على وقع الثورات ولد وعلى وقعها شبّ وعاش وعلى وقعها أيضا مات، محمد قطب إبراهيم حسين الشاذلي، لكن الثورة التي واكبت مولده في قرية موشا بمحافظة أسيوط يوم 26 أبريل/نيسان 1919 وهي التي تحمل اسم ذلك العام تختلف في طبيعتها التي نادت برحيل الاحتلال الأجنبي الجاثم على صدر الوطن، عن تلك الثورات الشعبية التي شهدتها مصر وبقية دول الربيع العربي مطالبة برحيل الأنظمة الدكتاتورية التي جثمت عقودا على صدور شعوبها.
بعد وفاة الوالد، قرّرت الأمّ أن تبعث بأولادها إلى القاهرة لتلقّي تعليمهم هناك، فانتقل محمّد مع شقيقه الأكبر سيّد الذي يكبره بـ12 عاماً، وشقيقتيه أمينة وحميدة، فأتمّ محمّد المرحلتين الابتدائية والثانوية، ثمّ التحق بالجامعة، حيث درس الإنجليزية وآدابها بجامعة القاهرة، وتخرّج فيها عام 1940، ثمّ تابع دراسته بمعهد المعلّمين، فحصل على دبلوم التربية وعلم النفس.


في ظلال الشقيق
وهو يَعُدّ ثلاثة أشخاص ساهموا في بناء فكره، وهم: شقيقه سيّد، والأديب عبّاس محمود العقّاد، وخاله أحمد حسين الموشي الذي عرف بمواهبه الأدبية والقلمية، إذ كان شاعرا أديبا، واشتغل بالصحافة والسياسة.
بعد وفاة الوالد، قررت الأم أن تبعث بأولادها إلى القاهرة لتلقي تعليمهم هناك، فانتقل محمد مع شقيقه الأكبر سيد الذي يكبره بـ12 عاما، وشقيقتيه أمينة وحميدة، فأتم محمد المرحلتين الابتدائية والثانوية، ثم التحق بالجامعة حيث درس الإنجليزية وآدابها بجامعة القاهرة وتخرج فيها عام 1940، ثم تابع دراسته بمعهد المعلمين فحصل على دبلوم التربية وعلم النفس.


عمل بالتدريس أربع سنوات، وبإدارة الترجمة بوزارة المعارف خمس سنوات، ثم بالتدريس مرة أخرى لعامين، ثم مشرفا على مشروع "الألف كتاب" بوزارة التعليم.
لكنّه يفرد شقيقه سيّد بمكانة خاصّة مؤكّداً أنّه هو الذي أشرف على تعليمه وتوجيهه وتثقيفه، و"كانت صلة سيّد بي من حيث التربية يتمثّل فيها العطف والحسم في آن، فلا هو اللين المفسد، ولا الشدّة المنفّرة، كما أنّه كان يشجّعني على القراءة في مختلف المجالات، وكان هو نفسه نهماً إلى القراءة، فساعدني هذا التوجيه على حبّ المطالعة منذ عهد الطفولة".


وهو يَعُد ثلاثة أشخاص ساهموا في بناء فكره وهم شقيقه سيد والأديب عباس محمود العقاد، وخاله أحمد حسين الموشي الذي عرف بمواهبه الأدبية والقلمية، إذ كان شاعرا أديبا، واشتغل بالصحافة والسياسة.
وعن الأبوّة الفكرية، يقول: "لقد عايشت أفكار سيّد بكلّ اتّجاهاته منذ تفتّح ذهني للوعي، ولمّا بلغت المرحلة الثانوية جعل يشركني في مجالات تفكيره، ويتيح لي فرصة المناقشة لمختلف الموضوعات، ولذلك امتزجت أفكارنا وأرواحنا امتزاجاً كبيراً، بالإضافة إلى علاقة الأخوّة والنشأة في الأسرة الواحدة، وما يهيّئه ذلك من تقارب وتجاوب".


لكنه يفرد شقيقه سيد بمكانة خاصة مؤكدا أنه هو الذي أشرف على تعليمه وتوجيهه وتثقيفه، و"كانت صلة سيد بي من حيث التربية يتمثل فيها العطف والحسم في آن، فلا هو اللين المفسد، ولا الشدة المنفرة، كما أنه كان يشجعني على القراءة في مختلف المجالات، وكان هو نفسه نهما إلى القراءة، فساعدني هذا التوجيه على حب المطالعة منذ عهد الطفولة".
=محنة السجن=
بدأت محنة آل قطب أوّلاً مع النظام الملكي بمصر مباشرة بعد عودة الشقيق الأكبر سيّد من الولايات المتّحدة التي قضى فيها عامين (1949-1950)، وبمجرّد عودته انخرط في معارك صحفية وسياسية كانت دوماً تعرّضه للاعتقال، وما إن نجحت "حركة الضبّاط المباركة" التي سُمّيت لاحقاً: ثورة يوليو/تمّوز 1952 في الإطاحة بالنظام الملكي حتّى أدارت ظهرها لجماعة الإخوان المسلمين التي سبق وتحالفت معها، فكان مصير عدد من قادتها- ومنهم سيّد قطب- السجن ثمّ الإعدام.  


وعن الأبوة الفكرية، يقول: "لقد عايشت أفكار سيد بكل اتجاهاته منذ تفتح ذهني للوعي، ولما بلغت المرحلة الثانوية جعل يشركني في مجالات تفكيره، ويتيح لي فرصة المناقشة لمختلف الموضوعات، ولذلك امتزجت أفكارنا وأرواحنا امتزاجا كبيرا، بالإضافة إلى علاقة الأخوة والنشأة في الأسرة الواحدة، وما يهيئه ذلك من تقارب وتجاوب".
ذاق محمّد قطب مرارة السجن عام 1954 مع شقيقه، حيث ألحق كلّ من الأخوين بمكان في السجن الحربي بعيداً عن الآخر، وحيل بينهما حتّى لا يعرف أحدهما شيئاً عن الآخر، وهو ما عبّر عنه محمّد قائلاً: "كانت فتنة السجن الحربي بالغة الأثر في نفسي؛ إذ كانت أوّل تجربة من نوعها، وكانت من العنف والضراوة بحيث يمكن لي القول: إنّها غيّرت نفسي تغييراً كاملاً".


محنة السجن
أفرج عنه بعد فترة غير طويلة، في حين حكم على سيّد بالسجن 15 سنة، وهي الفترة التي تمكّن خلالها من كتابة "في ظلال القرآن". ويعلّق محمّد على خروجه من السجن، قائلاً: "خرجت يوم أفرج عنّي لأحمل عبء الأسرة التي كانت من مسؤوليّات أخي وحده كما عوّدنا، ومضيت أخوض تجارب الحياة العملية خلال أكداس من العسر على مدى عشر سنوات"، فقد أفرج عن سيّد بعفو صحي في مايو/أيار 1964.
بدأت محنة آل قطب أولا مع النظام الملكي بمصر مباشرة بعد عودة الشقيق الأكبر سيد من الولايات المتحدة التي قضى فيها عامين (1949-1950) وبمجرد عودته انخرط في معارك صحفية وسياسية كانت دوما تعرضه للاعتقال، وما إن نجحت "حركة الضباط المباركة" التي سُميت لاحقا ثورة يوليو/تموز 1952 في الإطاحة بالنظام الملكي حتي أدارت ظهرها لجماعة الإخوان المسلمين التي سبق وتحالفت معها، فكان مصير عدد من قادتها ومنهم سيد قطب السجن ثم الإعدام.  


ذاق محمد قطب مرارة السجن عام 1954مع شقيقه حيث ألحق كل من الأخوين بمكان في السجن الحربي بعيد عن الآخر، وحيل بينهما حتى لا يعرف أحدهما شيئا عن الآخر، وهو ما عبر عنه محمد قائلا "كانت فتنة السجن الحربي بالغة الأثر في نفسي، إذ كانت أول تجربة من نوعها، وكانت من العنف والضراوة بحيث يمكن لي القول إنها غيرت نفسي تغييرا كاملا".
وما إن انقضى على مغادرة سيّد للسجن الحربي عام حتّى اضطربت الأمور مرّة أخرى، وشرع عبد الناصر في الاعتقالات سنة 1965، فأعيد سيّد إلى السجن مرّة أخرى، وأعيد أيضاً شقيقه.


أفرج عنه بعد فترة غير طويلة، في حين حكم على سيد بالسجن 15 سنة، وهي الفترة التي تمكن خلالها من كتابة "في ظلال القرآن". ويعلق محمد على خروجه من السجن، قائلا "خرجت يوم أفرج عني لأحمل عبء الأسرة التي كانت من مسؤوليات أخي وحده كما عودنا، ومضيت أخوض تجارب الحياة العملية خلال أكداس من العسر على مدى عشر سنوات" فقد أفرج عن سيد بعفو صحي في مايو/أيار 1964.
وعلى عكس المرّة الأولى، طال المقام بمحمّد حتّى قضى بالسجن ستّ سنوات، من 30 يوليو/تمّوز 1965 إلى 17 أكتوبر/تشرين الأوّل 1971، بينما أعدم سيّد وستّة آخرون من قادة الإخوان، ونفّذ الحكم سريعاً فجر الاثنين 29 أغسطس/آب 1966.


وعلق محمد قطب على الإفراج عن سيد قائلا "تلقيت ذلك الإفراج بكثير من القلق، إذ كنت أحس في قرارة نفسي أنهم لم يخلوا سبيله إلا وهم يدبرون له أمرا أشد سوءا من السجن، وقد كان ما توقعت". وما إن انقضى على مغادرة سيد للسجن الحربي عام حتى اضطربت الأمور مرة أخرى، وشرع عبد الناصر في الاعتقالات 1965، فأعيد سيد إلى السجن مرة أخرى وأعيد أيضا شقيقه.
وخلال هذه الأحداث تعرّض آل قطب لحملة ضارية من التنكيل، فقتل "في هذه المجزرة" -وفق ما أطلق عليها محمّد قطب- واحد من أبناء أخته "أثناء التعذيب دون إعلان"، واعتقلت شقيقاته الثلاث، و"منهنّ الكبرى أمّ ذلك الشهيد، وعذّبت الشقيقة الصغرى، ثمّ حكم عليها بالسجن عشر سنوات".


وعلى عكس المرة الأولى، طال المقام بمحمد حتى قضى بالسجن ست سنوات، من 30 يوليو/تموز 1965 إلى 17 أكتوبر/تشرين الأول 1971، بينما أعدم سيد وستة آخرون من قادة الإخوان، ونفذ الحكم سريعا فجر الاثنين 29 أغسطس/آب 1966.
=الهجرة=


وخلال هذه الأحداث، تعرض آل قطب لحملة ضارية من التنكيل، فقتل "في هذه المجزرة" -وفق ما أطلق عليها محمد قطب- واحد من أبناء أخته "أثناء التعذيب دون إعلان" واعتقلت شقيقاته الثلاث، و"منهن الكبرى أم ذلك الشهيد، وعذبت الشقيقة الصغرى ثم حكم عليها بالسجن عشر سنوات".
قصد محمّد قطب أوائل السبعينيّات إلى السعودية، وعمل مدرّساً بكلّية الشريعة في جامعة أمّ القرى بمكّة المكرّمة، ثمّ جامعة الملك عبد العزيز في جدّة، وأشرف على العديد من الرسائل الجامعية. ومن أبرز تلك الرسائل: "العلمانية.. نشأتها وتطوّرها وآثارها في الحياة الإسلامية المعاصرة" للدكتور سفر الحوالي، و"الولاء والبراء" للشيخ محمّد بن سعيد القحطاني، و"أهمّية الجهاد" لعلي بن نفيع العلياني.. كما شارك في إعداد مناهج العقيدة والتوحيد للمراحل التعليمية المختلفة في المملكة، وحاز قطب على جائزة الملك فيصل العالمية للدراسات الإسلامية عام 1988.


الهجرة
=معالم فكرية=
قصد محمد قطب أوائل السبعينيات إلى السعودية، وعمل مدرسا بكلية الشريعة في جامعة أم القرى بمكة المكرمة، ثم جامعة الملك عبد العزيز في جدة، وأشرف على العديد من الرسائل الجامعية التي رسخت العلاقة بين مدرسة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وبين القضايا الفكرية المعاصرة.


ومن أبرز تلك الرسائل "العلمانية.. نشأتها وتطورها وآثارها في الحياة الإسلامية المعاصرة" للدكتور سفر الحوالي، و"الولاء والبراء" للشيخ محمد بن سعيد القحطاني، و"أهمية الجهاد" لعلي بن نفيع العلياني، كما شارك في إعداد مناهج العقيدة والتوحيد للمراحل التعليمية المختلفة في المملكة، وحاز قطب على جائزة الملك فيصل العالمية للدراسات الإسلامية عام 1988.
رغم قسوة التجربة التي مرّ بها آل قطب في مصر، فإنّ محمّد قطب ظلّ يؤكّد في كتاباته فيما بعد على "خطر الصدام مع الأنظمة السياسية الحاكمة في العالم العربي قبل القدرة عليه، وقبل أن يفهم الناس المحكومون بهذه الأنظمة معنى كلمة (التوحيد) وضرورة الحكم بما أنزل الله".


معالم فكرية
وتستوقف المبحر في محيط الرجل الفكري وكتاباته الغزيرة معالم أكثر من أن تحصى، وجميعها جدير بالتوقّف، ففي كتابه "مذاهب فكرية معاصرة" يقول: إنّ" ارتباط الفنّ بالدين لا يضيّق مجالاته كما يفهم البعض، ولا يحوّله إلى مواعظ دينية كما يفهم البعض الآخر، وإنّما يوسّع مجالاته في الحقيقة ويعمّقها، ولكنّه ينظّفها فقط ويطهّرها من الأرجاس".
رغم قسوة التجربة التي مر بها آل قطب في مصر، فإن محمد قطب ظل يؤكد في كتاباته فيما بعد على "خطر الصدام مع الأنظمة السياسية الحاكمة في العالم العربي قبل القدرة عليه، وقبل أن يفهم الناس المحكومون بهذه الأنظمة معنى كلمة التوحيد وضرورة الحكم بما أنزل الله".


وتستوقف المبحر في محيط الرجل الفكري وكتاباته الغزيرة معالم أكثر من أن تحصى وجميعها جدير بالتوقف، ففي كتابه "مذاهب فكرية معاصرة" يقول إن" ارتباط الفن بالدين لا يضيق مجالاته كما يفهم البعض، ولا يحوله إلى مواعظ دينية كما يفهم البعض الآخر وإنما يوسع مجالاته في الحقيقة ويعمقها، ولكنه ينظفها فقط ويطهرها من الأرجاس".
وفي كتاب "منهج التربية الإسلامية" تجد محمّد قطب يقول: "إنّ القرآن يوجّه القلوب والعقول ألّا تستعجل النتائج، فهي لا بدّ آتية حسب السنّة الماضية التي لا تتبدّل، وأعمار الأفراد ليست هي المقياس، والجولة العارضة ليست هي الجولة الأخيرة، قد ينتصر الباطل فترة من الوقت ويزدهر ويتمكّن ويعلو في الأرض، ولكن هذا ليس نهاية القول ولا نهاية المطاف".


وفي كتاب "منهج التربية الإسلامية " تجد محمد قطب يقول "إن القرآن يوجه القلوب والعقول ألا تستعجل النتائج، فهي لا بد آتية حسب السنة الماضية التي لا تتبدل، وأعمار الأفراد ليست هي المقياس، والجولة العارضة ليست هي الجولة الأخيرة، قد ينتصر الباطل فترة من الوقت ويزدهر ويتمكن ويعلو في الأرض، ولكن هذا ليس نهاية القول ولا نهاية المطاف".
ويعتبر ذلك "جزءاً من سنّة الله المتشعّبة الجوانب. قد يكون لأنّ الناس ضعفوا واستكانوا ولم يطلبوا التغيير، وقد يكون لأنّهم استطابوا الظلم، وقد يكون فتنة للذين ظلموا، وقد يكون الله يريد أن يمحّص المؤمنين ليحملوا العبء على سلامة وتمكّن واستعداد، وقد يكون.. ولكن السُنّة دائماً واحدة لا تتبدّل، ماضية لا تتخلّف ولا تنحرف عن السبيل".


ويعتبر ذلك "جزءا من سنة الله المتشعبة الجوانب. قد يكون لأن الناس ضعفوا واستكانوا ولم يطلبوا التغيير، وقد يكون لأنهم استطابوا الظلم، وقد يكون فتنة للذين ظلموا، وقد يكون الله يريد أن يمحص المؤمنين ليحملوا العبء على سلامة وتمكن واستعداد، وقد يكون.. ولكن السُنة دائما واحدة لا تتبدل، ماضية لا تتخلف ولا تنحرف عن السبيل".
=الوفاة=


الوفاة
توفّي محمّد قطب يوم الجمعة 4 أبريل/نيسان 2014 في مدينة جدّة السعودية.
توفي محمد قطب يوم الجمعة 4 أبريل/نيسان 2014 في مدينة جدة السعودية.

مراجعة ٠٨:٢٤، ٩ نوفمبر ٢٠٢١

محمّد قطب: مفكّر مصري ألّف عشرات الكتب في مجال الفكر الإسلامي، وعاش مع شقيقه ورفيق دربه سيّد قطب مخاض تجربة فكرية اتّسمت بوضوح الرؤية وقوّة الحجّة وصرامة المواقف. هاجر إلى السعودية وعمل مدرّساً بجامعة أمّ القرى في مكّة المكرّمة، وظلّ هناك حتّى رحل إلى العالم الآخر مخلّفاً مكتبة متنوّعة الفنون متعدّدة العناوين، تجمعها أصالة الفكر، وحلاوة الأسلوب، وراحة الاختصار.

الولادة

ولد محمّد قطب إبراهيم حسين الشاذلي في 26\ أبريل\ 1919 في بلدة موشا من محافظة أسيوط بمصر.

على وقع الثورات ولد وعلى وقعها شبّ وعاش وعلى وقعها أيضاً مات، محمّد قطب، لكنّ الثورة التي واكبت مولده في قرية موشا بمحافظة أسيوط تختلف في طبيعتها التي نادت برحيل الاحتلال الأجنبي الجاثم على صدر مصر عن تلك الثورات الشعبية التي شهدتها مصر وبقية دول الربيع العربي مطالبة برحيل الأنظمة الدكتاتورية التي جثمت عقوداً على صدور شعوبها.

الأسرة والنشأة

كان والده قطب إبراهيم من المزارعين في تلك الناحية، لم يتجاوز في دراسته المرحلة الابتدائية، لكنّه لم يقف عند حدود التحصيل المدرسي، إذ كان محبّاً للمطالعة مقبلاً عليها، فهو يعتبر من مثقّفي قريته المهتمّين بالأمور العامّة، وبذلك كان موضع الاحترام والتقدير من أهلها، إذ يعدّونه من أصحاب الرأي فيهم، بالإضافة إلى مكانة أسرته بينهم.

أمّا والدته فهي السيّدة فاطمة عثمان، تنتمي إلى أسرة عربية محبّة للعلم، وقد تلقّى إخوتها دراستهم في الأزهر، وبرز منهم أحمد حسين الموشي الذي امتاز بمواهبه الأدبية والقلمية، إذ كان شاعراً أديباً، وقد اشتغل بالصحافة والسياسة، فأحرز شهرة في كلا الميدانين. من هنا كان تأثّر السيّدة فاطمة، فنشأت محبّة للعلم والثقافة، وقرّرت أن تبعث بولديها سيّد ومحمّد إلى القاهرة ليتلقّيا تعليمهما هناك.

الدراسة والعمل

في القاهرة بدأ الفتى محمّد دراسته من أوّلها، فأتمّ المرحلتين الابتدائية والثانوية، ثمّ التحق بجامعة القاهرة، حيث درس اللغة الإنجليزية وآدابها، وكان تخرّجه فيها عام 1940م، ومن ثمّ تابع في معهد التربية العالي للمعلّمين، فحصل على دبلومها في التربية وعلم النفس.

عمل بالتدريس أربع سنوات، وبإدارة الترجمة بوزارة المعارف خمس سنوات، ثمّ بالتدريس مرّة أخرى لعامين، ثمّ عمل مشرفاً على مشروع "الألف كتاب" بوزارة التعليم.

في ظلال الشقيق

بعد وفاة الوالد، قرّرت الأمّ أن تبعث بأولادها إلى القاهرة لتلقّي تعليمهم هناك، فانتقل محمّد مع شقيقه الأكبر سيّد الذي يكبره بـ12 عاماً، وشقيقتيه أمينة وحميدة، فأتمّ محمّد المرحلتين الابتدائية والثانوية، ثمّ التحق بالجامعة، حيث درس الإنجليزية وآدابها بجامعة القاهرة، وتخرّج فيها عام 1940، ثمّ تابع دراسته بمعهد المعلّمين، فحصل على دبلوم التربية وعلم النفس.

وهو يَعُدّ ثلاثة أشخاص ساهموا في بناء فكره، وهم: شقيقه سيّد، والأديب عبّاس محمود العقّاد، وخاله أحمد حسين الموشي الذي عرف بمواهبه الأدبية والقلمية، إذ كان شاعرا أديبا، واشتغل بالصحافة والسياسة.

لكنّه يفرد شقيقه سيّد بمكانة خاصّة مؤكّداً أنّه هو الذي أشرف على تعليمه وتوجيهه وتثقيفه، و"كانت صلة سيّد بي من حيث التربية يتمثّل فيها العطف والحسم في آن، فلا هو اللين المفسد، ولا الشدّة المنفّرة، كما أنّه كان يشجّعني على القراءة في مختلف المجالات، وكان هو نفسه نهماً إلى القراءة، فساعدني هذا التوجيه على حبّ المطالعة منذ عهد الطفولة".

وعن الأبوّة الفكرية، يقول: "لقد عايشت أفكار سيّد بكلّ اتّجاهاته منذ تفتّح ذهني للوعي، ولمّا بلغت المرحلة الثانوية جعل يشركني في مجالات تفكيره، ويتيح لي فرصة المناقشة لمختلف الموضوعات، ولذلك امتزجت أفكارنا وأرواحنا امتزاجاً كبيراً، بالإضافة إلى علاقة الأخوّة والنشأة في الأسرة الواحدة، وما يهيّئه ذلك من تقارب وتجاوب".

محنة السجن

بدأت محنة آل قطب أوّلاً مع النظام الملكي بمصر مباشرة بعد عودة الشقيق الأكبر سيّد من الولايات المتّحدة التي قضى فيها عامين (1949-1950)، وبمجرّد عودته انخرط في معارك صحفية وسياسية كانت دوماً تعرّضه للاعتقال، وما إن نجحت "حركة الضبّاط المباركة" التي سُمّيت لاحقاً: ثورة يوليو/تمّوز 1952 في الإطاحة بالنظام الملكي حتّى أدارت ظهرها لجماعة الإخوان المسلمين التي سبق وتحالفت معها، فكان مصير عدد من قادتها- ومنهم سيّد قطب- السجن ثمّ الإعدام.

ذاق محمّد قطب مرارة السجن عام 1954 مع شقيقه، حيث ألحق كلّ من الأخوين بمكان في السجن الحربي بعيداً عن الآخر، وحيل بينهما حتّى لا يعرف أحدهما شيئاً عن الآخر، وهو ما عبّر عنه محمّد قائلاً: "كانت فتنة السجن الحربي بالغة الأثر في نفسي؛ إذ كانت أوّل تجربة من نوعها، وكانت من العنف والضراوة بحيث يمكن لي القول: إنّها غيّرت نفسي تغييراً كاملاً".

أفرج عنه بعد فترة غير طويلة، في حين حكم على سيّد بالسجن 15 سنة، وهي الفترة التي تمكّن خلالها من كتابة "في ظلال القرآن". ويعلّق محمّد على خروجه من السجن، قائلاً: "خرجت يوم أفرج عنّي لأحمل عبء الأسرة التي كانت من مسؤوليّات أخي وحده كما عوّدنا، ومضيت أخوض تجارب الحياة العملية خلال أكداس من العسر على مدى عشر سنوات"، فقد أفرج عن سيّد بعفو صحي في مايو/أيار 1964.

وما إن انقضى على مغادرة سيّد للسجن الحربي عام حتّى اضطربت الأمور مرّة أخرى، وشرع عبد الناصر في الاعتقالات سنة 1965، فأعيد سيّد إلى السجن مرّة أخرى، وأعيد أيضاً شقيقه.

وعلى عكس المرّة الأولى، طال المقام بمحمّد حتّى قضى بالسجن ستّ سنوات، من 30 يوليو/تمّوز 1965 إلى 17 أكتوبر/تشرين الأوّل 1971، بينما أعدم سيّد وستّة آخرون من قادة الإخوان، ونفّذ الحكم سريعاً فجر الاثنين 29 أغسطس/آب 1966.

وخلال هذه الأحداث تعرّض آل قطب لحملة ضارية من التنكيل، فقتل "في هذه المجزرة" -وفق ما أطلق عليها محمّد قطب- واحد من أبناء أخته "أثناء التعذيب دون إعلان"، واعتقلت شقيقاته الثلاث، و"منهنّ الكبرى أمّ ذلك الشهيد، وعذّبت الشقيقة الصغرى، ثمّ حكم عليها بالسجن عشر سنوات".

الهجرة

قصد محمّد قطب أوائل السبعينيّات إلى السعودية، وعمل مدرّساً بكلّية الشريعة في جامعة أمّ القرى بمكّة المكرّمة، ثمّ جامعة الملك عبد العزيز في جدّة، وأشرف على العديد من الرسائل الجامعية. ومن أبرز تلك الرسائل: "العلمانية.. نشأتها وتطوّرها وآثارها في الحياة الإسلامية المعاصرة" للدكتور سفر الحوالي، و"الولاء والبراء" للشيخ محمّد بن سعيد القحطاني، و"أهمّية الجهاد" لعلي بن نفيع العلياني.. كما شارك في إعداد مناهج العقيدة والتوحيد للمراحل التعليمية المختلفة في المملكة، وحاز قطب على جائزة الملك فيصل العالمية للدراسات الإسلامية عام 1988.

معالم فكرية

رغم قسوة التجربة التي مرّ بها آل قطب في مصر، فإنّ محمّد قطب ظلّ يؤكّد في كتاباته فيما بعد على "خطر الصدام مع الأنظمة السياسية الحاكمة في العالم العربي قبل القدرة عليه، وقبل أن يفهم الناس المحكومون بهذه الأنظمة معنى كلمة (التوحيد) وضرورة الحكم بما أنزل الله".

وتستوقف المبحر في محيط الرجل الفكري وكتاباته الغزيرة معالم أكثر من أن تحصى، وجميعها جدير بالتوقّف، ففي كتابه "مذاهب فكرية معاصرة" يقول: إنّ" ارتباط الفنّ بالدين لا يضيّق مجالاته كما يفهم البعض، ولا يحوّله إلى مواعظ دينية كما يفهم البعض الآخر، وإنّما يوسّع مجالاته في الحقيقة ويعمّقها، ولكنّه ينظّفها فقط ويطهّرها من الأرجاس".

وفي كتاب "منهج التربية الإسلامية" تجد محمّد قطب يقول: "إنّ القرآن يوجّه القلوب والعقول ألّا تستعجل النتائج، فهي لا بدّ آتية حسب السنّة الماضية التي لا تتبدّل، وأعمار الأفراد ليست هي المقياس، والجولة العارضة ليست هي الجولة الأخيرة، قد ينتصر الباطل فترة من الوقت ويزدهر ويتمكّن ويعلو في الأرض، ولكن هذا ليس نهاية القول ولا نهاية المطاف".

ويعتبر ذلك "جزءاً من سنّة الله المتشعّبة الجوانب. قد يكون لأنّ الناس ضعفوا واستكانوا ولم يطلبوا التغيير، وقد يكون لأنّهم استطابوا الظلم، وقد يكون فتنة للذين ظلموا، وقد يكون الله يريد أن يمحّص المؤمنين ليحملوا العبء على سلامة وتمكّن واستعداد، وقد يكون.. ولكن السُنّة دائماً واحدة لا تتبدّل، ماضية لا تتخلّف ولا تنحرف عن السبيل".

الوفاة

توفّي محمّد قطب يوم الجمعة 4 أبريل/نيسان 2014 في مدينة جدّة السعودية.