محمد البهي

مراجعة ٠٧:٠٤، ٢٠ أكتوبر ٢٠٢١ بواسطة Mohsenmadani (نقاش | مساهمات)
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)

محمد البهي مفكّر إسلامي وداعية إلى‏ التجديد الديني والإصلاح الاجتماعي. يقال: كان العالم الوحيد الذي جهر في مؤتمر علماء المسلمين المنعقد في القاهرة سنة 1392 ه قائلًا: «الإسلام دعوة وليس ثورة... وإنّ الإسلام لا يقرّ الانقلابات العسكرية ولا التأميم لممتلكات الناس».

محمد البهي
الاسم محمّد البهي‏
الاسم الکامل محمّد البهي‏
تاريخ الولادة 1905م/1323ق
محل الولادة اسمانیة (مصر)
تاريخ الوفاة 1982م/1402ق
المهنة العالم، مفکر اسلامی، الاستاذ بجامعة الازهر
الأساتید
الآثار الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي، خمس رسائل إلى الشباب المسلم، الإسلام ونظم الحكم المعاصرة، طبيعة المجتمع الأوروبي وانعكاس آثارها على المجتمع الإسلامي المعاصر، الإسلام في الواقع الأيديولوجي المعاصر، تهافت الفكر المادي التاريخي، غيوم تحجب الإسلام، منهج القرآن في تطوير المجتمع، مفاهيم يجب الوقوف وكتب عن سيرته الذاتية تحت عنوان "حياتي في رحاب الأزهر: طالبا وأستاذا ووزيرا".عندها في لغة اليسار العربي.
المذهب سنی

الولادة

ولد محمّد كامل البهي في قرية أسمانية التابعة لمركز شبراخيت في محافظة البحيرة سنة 1905 م.

الدراسة

بعد أن حفظ القرآن الكريم التحق بمعهد دسوق الديني طالباً سنة 1917 م، ونال شهادة العالمية النظامية عام 1928 م، ثمّ شهادة التخصّص في الأدب والبلاغة عام 1931 م، وانضمّ إلى‏ بعثة الإمام محمّد عبده في جامعة «هامبورغ» بألمانيا، وحصل خلالها على دبلوم عال في اللغة الألمانية سنة 1934 م إلى‏ جانب الدكتوراه في الفلسفة وعلمي النفس والاجتماع عام 1936، وكان متأثّراً بأفكار السيّد جمال الدين الأفغاني.

النشاطات

وقد عيّن مدرّساً في كلّية أُصول الدين عقب عودته من الخارج، فرئيساً لقسم الفلسفة بكلّية اللغة العربية، ورئيساً لقسم اللغة العربية بالأزهر، وأُستاذاً زائراً بجامعة «ماكجل» بكندا عام 1956 م وبجامعة الرباط الحديثة عام 1960 م، كما مثّل الأزهر في ندوات، وتولّى‏ إدارة جامعة الأزهر عام 1961 م، ومن بعدها وزارة الأوقاف وشؤون الأزهر الشريف عام 1962 م.
وقد كان ينادي بضمّ الدراسات الأكاديمية إلى‏ الدراسات الدينية في الأزهر عام 1936 م، وتحقّق له ما أراده عام 1962 م.
وكان زواجه من ابنة الشيخ علي الغاياتي صاحب جريدة «منبر الشرق» الذي عاش منفياً في جنيف أكثر من ربع قرن مدافعاً عن مصر ومصدراً كتابه «وطنيتي» دفاعاً عن آمال مصر في الحرّية والاستقلال، الأمر الذي تأثّر به الدكتور البهي في بعض مؤلّفاته، والتي يأتي في مقدّمتها كتابه المشهور «الدين والحضارة الإنسانية»، وغيره من كتبه. ومن مؤلّفاته الأُخرى: غيوم تحجب الإسلام، مشكلة الأُلوهية بين ابن سينا والمتكلّمين، الفكر
الإسلامي والمجتمع المعاصر، الإسلام والرقّ، القرآن في مواجهة المادّية، الإسلام في الواقع الأيديولوجي المعاصر، القرآن والمجتمع، الإسلام في حياة المسلم، الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي، الإسلام والاقتصاد، تفسير سور من القرآن الكريم، الإسلام والإدارة، تهافت الفكر المادّي والتاريخي بين النظرية والتطبيق، الجانب الإلهي من التفكير الإسلامي، الأخلاقية والصوفية، الإخاء الديني ومجمع الأديان وموقف الإسلام منه، نحو القرآن، الإسلام واتّجاه المرأة المسلمة المعاصرة، الفكر الإسلامي وتطوّره، الإسلام كنظام للحياة، الأزهر... تاريخه وتطوّره، التفرقة العنصرية والإسلام، من مفاهيم القرآن في العقيدة والسلوك، رأي الدين بين السائل والمجيب.

التأليفات

كما وضع مؤلّفين آخرين باللغة الألمانية، ومؤلّف آخر باللغة الإنجليزية، بالإضافة إلى‏ 60 رسالة في شؤون الفكر والفقه والمجتمع الإسلامي وإصلاح الأزهر.
وقد ترجمت بعض مؤلّفاته إلى‏ الإنجليزية والتركية والأندنوسية.
وقد تناول في كتاباته تاريخ الفكر الإسلامي، وكشف عن زيف الفكر الإغريقي وتهافت الفكر المادّي.
توفّي سنة 1982 م.
يتّضح من كتابات الدكتور محمّد البهي في فترة الستّينيات من القرن الماضي أنّه كان يبدو متحمّساً للاشتراكية بمعناها الإسلامي الصحيح بوصفها نظاماً حتمياً لإعادة الوضع الإسلامي، وكان يذهب إلى القول بأنّه: لا سبيل إذاً للمجتمعات الإسلامية المعاصرة من أمرين معاً يحتّمهما الإسلام:
أوّلًا: تسلّم مال الأعداء، وهو رأس المال الأجنبي الذي حماه الأجنبي باستعماره.
ثانياً: إبقاء رأس المال ملكية عامّة، وطريق ذلك هو التأميم.
ولكنّه كان يفهم الاشتراكية العربية على أنّها نظام يجمع بين الملكية العامّة في مصادر الإنتاج الرئيسية، والملكية الخاصّة، والإيمان باللَّه وبدينه، والمساواة، وعلاقات الأُخوّة والتعاون مع الشعوب النامية.
ومن هنا كانت دعوته لعلماء المسلمين أن يشاركوا في مساندة هذا النظام بالفقه، وبالفلسفة الإسلامية، وبالنصيحة، وبتحرير الاقتصاد القومي. ولكن أمله خاب في الاشتراكية العربية بعد أن أثبتت التجربة فشل كلّ الشعارات التي رفعتها. وقد تمّ حذف الكثير ممّا كتبه عن الاشتراكية العربية من كثير من كتبه عند إعادة طبعها، وأصبح لا يؤمن إلّا بحلول إسلامية خالصة.
وقد وقف الدكتور البهي موقفاً صارماً ضدّ تيّار الفكر المادّي التاريخي «تهافت الفكر المادّي التاريخي» 1975 م. وقد بيّن في هذا الكتاب مدى تخلّف الفكر الماركسي اللينيني وإفلاسه في تحقيق العدالة الاجتماعية، ومدى بعده عن إيجاد مجتمع إنساني عديم الطبقات، ومدى نفاذه في الاحتفاظ بالسلطة عن طريق استخدام الإرهاب والتعذيب والتجويع والإذلال. فالتقدّمية التي يدّعيها لا صلة لها بالتقدّم في إنسانية الإنسان، وهو إذ يدّعي العدالة يحقّق الظلم، ويخلق طبقة بدل طبقة، ويحارب الدين، ويمنع المجتمع الماركسي أن يطل على الفكر الإنساني الآخر غير الماركسي.
وكما وجّه الدكتور البهي نقده للفكر الماركسي وجّه أيضاً سهام نقده للفكر الغربي الاستعماري الذي يريد إبقاء المسلمين في موقع التخلّف... ومن هنا كان كتابه «الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي» الذي قصد به كما يقول: «بيان السبيل لمن يحرص في الشرق الإسلامي على الاستقلال في التفكير وفي السياسة من مفكّري الإسلام وزعماء السياسة بينهم. وهذا السبيل ليس هو سبيل الغرب الذي يدعونا إليه؛ لأنّ في سبيل الغرب قبول الاستعمار والمذلّة والدعوة إلى التخلّف، وإنّما هو سبيل الشرق «الإسلامي» الذي يريد أن يتحرّر من استعمار الغرب وإذلاله وحرصه على أن يبقى متخلّفاً».
ولم يكن الدكتور البهي يترك فرصة إلّاويهاجم بشدّة الفكر المادّي في مختلف أشكاله وصوره. وهذا ما يلحظه المرء بوضوح في معظم كتبه، حتّى مؤلّفاته في تفسير القرآن الكريم راح يبيّن فيها أنّ الوحي المكّي قد حارب مادّية الفكر التي كانت تسيطر على عقول العرب المكّيّين، وما المادّية المعاصرة إلّاشكل آخر من أشكال المادّية لا يختلف في‏
أساسه عن المادّية القديمة.
ويرى الدكتور البهي أنّ حلّ مشكلات المجتمعات الإسلامية المعاصرة يكمن في الحلول الإسلامية، وليس في الحلول المستوردة من الشرق أو الغرب. وقد حاول أن يوضّح ذلك في كتابه «الإسلام في حلّ مشاكل المجتمعات الإسلامية المعاصرة»، تناول فيه الرأي الإسلامي في حلّ عدد من المشكلات التي تسود المجتمعات الإسلامية المعاصرة، وهي مشكلات: العلمانية، والديمقراطية، ومشكلة الاقتصاد في المجتمع، ومشكلة العمل في المصانع، ومشكلة التأمين والبنوك، ومشكلة ازدياد السكان، والإسلام في تجربة الحياة الصناعية المعاصرة.
وهكذا كان حريصاً على عرض وجهات النظر الإسلامية في مواجهة التيّارات المعاصرة. ويشير إلى ذلك في سيرته الذاتية بقوله: «وأعتقد أنّي قد ساهمت إلى حدّ ما في عرض الإسلام في مواجهة التحدّيات الآيديولوجية الماركسية والمنطقية الوضعية».
ولكن الدكتور البهي في نقده للفكر الماركسي من جانب والفكر الغربي الرأسمالي من جانب آخر، وفي نقده لتيّارات الفكر الإغريقي، لم يكن يدعو إلى انغلاق الفكر الإسلامي على نفسه، ولكنّه كان يدعو إلى التأنّي في القبول أو الرفض، ويعبّر عن هذا الموقف بقوله:
«إنّ الأُمّة الإسلامية في حاضرها لا ينبغي أن تغلق النوافذ دون الفكر المعاصر، كما لم تغلقها دون الفكر الإغريقي في الماضي، ولا الفكر الفارسي أو الهندي أو الديني المسيحي اليهودي، ولكن يجب أن تتريّث في قبوله، ولا تتوانى في ردّه إن كان يحمل خطراً يهدّد وجودها واستقلال ذاتيتها كما فعلت بالأمس».
هذا، وقد كتب البهي بعض المقالات في مجلّة «رسالة الإسلام» القاهرية، والتي منها:
الثنائية في الوجود، حاجة القانون إلى‏ الدين، الاحتراف بالقيم، الإنسان في سلوكه، الفضيلة بدون دعوة، حياتنا بين الشرق والغرب، الحرّية في الإسلام، تراثنا الروحي.
كان الدكتور البهي من المنادين بضرورة التقريب بين المذاهب، وممّن تربطه مع بعض الشخصيات الشيعية أواصر الصداقة والإخاء.
وكان يقول: «إنّ الجماعة في الإسلام هي في واقع أمرها ذات صلة بعضها ببعض، وقوّة الجماعة في قوّة وحداتها وأفرادها: «المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف».
حلّت العصبيات الشعوبية محلّ الرباط الإسلامي العامّ، وبرزت الحدود والفواصل، وخلقت خلقاً في الوطن الإسلامي، دون أن تعتمد اعتماداً دقيقاً على المكان الجغرافي أو خصائص الجنس، وإنّما تعتمد أوّلًا وبالذات على الحدود «المفترضة» التي وضعها المستعمر وقوّاها حتّى يحول بذلك دون الترابط النفسي بين الشعوب الإسلامية في الآمال والكفاح، قبل أن يحول دون الاختلاط المكاني أو الزماني.
«لولا التعدّد في الإنسان لما كان له كفاح، ولكن فرض عليه الكفاح، فكفاحه من أجل الوحدة، فالتعدّد فيه إذاً أساس الوحدة، ولولا اعتبار أنّه ذو شرّ وذو خير معاً لما كان له كفاح أيضاً، وحيث وجب عليه الكفاح فكفاحه للخير، فالشرّ كذلك إذاً أساس الخير.
والقدامى يشتركون في نظرتهم الازدواجية للإنسان على هذا النحو، والأُسرة قائمة على الازدواج أيضاً، أساسها ذكر وأُنثى، وهدفها إضعاف ما في أصل تكوينها من ازدواج أو تعدّد عن طريق التقارب النفسي بين الاثنين أو عن طريق ما يسمّى بالانسجام بينهما، هدفها إضعاف الفوارق الفردية بين الطرفين إضعافاً يقترب بينهما من أن يكونا نفساً واحدة وذاتاً واحدةً.
فالتعدّد في الأُسرة يهدف إلى الوحدة إذاً أو هو أساسها، كما يصحّ بالتالي أن يكون أساس السعادة أو الخير وإن كان في طبيعته يحمل معنى الشقاء أو الشرّ.
والقوم جماعة إنسانية متعدّدة الأفراد كذلك. وهدف كلّ قوم تماسك أفراده أو صيرورة عدده الكثير إلى وحدة منسجمة، هدف أيّ قوم أن يكون قوياً بحكم ما يمليه عليه حفظ بقائه بين الأقوام الأُخرى، وقوّته في تضامنه بحيث إذا اشتكى أحد أفراده تداعى له جميع الأفراد بالحمّى والسهر، ومنتهى قوّته في وحدته، وفي وحدته اطمئنانه. إذن لما يقع عليه من أحداث خارجية إذ يستطيع عندئذٍ ردّها، في وحدته الخير كلّه له، وفي بقائه متفرّق الأفراد متفرّق الكلمة والتوجيه عدم اطمئنانه واستقراره، وليس عدم الاطمئنان لأيّ‏
قوم على كيانه، كقوم أو جماعة إلّاما يوصف باسم الشرّ في الجماعة.
فطبيعة تعداد الأفراد لأيّ قوم توحي بالسعي إلى الوحدة بينهم، وفي الوحدة يرى كلّ قوم مضى الخير له كما يرى الشرّ في بقائه منثوراً غير موحّد على أمل وغاية، وإذاً التعدّد في القوم أساس الوحدة، والشرّ فيه أساس الخير، والعالم وهو متعدّد كبير يسعى للوحدة؛ لأنّ أيّ كائن فيه يسعى إلى الوحدة بحكم ما فيه من ازدواج واثنينية، أو في صيرورة العالم إلى الوحدة ينتهي به الأمر إلى الخير؛ لأنّ الخير ليس أكثر من إضعاف معنى التعدّد في الكائن، وبالتالي في العالم والوجود كلّه ينتهي حتماً إلى الوحدة وفيها خيره أو هي والخير سواء، والوحدة إذاً منشودة للإنسان بطبعه وللأُسرة يتبعها، وللقوم بطبيعته وللعالم بطبعه، ولولا أنّ التعدّد هو طبيعة كلّ أمر من ذلك لما هدف كلّ واحد منها للوحدة، فالتعدّد أمارة ودليل على الوحدة، فالوحدة والخير قمّة الوجود أو مطلوب كلّ كائن فيه، ولأنّها العنصر الباقي فيه كانت أسمى كائناته، إن اتّجه إليها الإنسان يتّجه بطبيعته، وإن ميّزها في الوجود ميّزها لا عن رغبة وهوى، بل عن ضرورة من واقع الوجود نفسه، وليس تقديسه لها سوى الاعتراف بميزتها، وليست عبادته للواحد سوى إيمانه بانفراده بالبقاء. والدين عبادة، إذاً هو من ضروريات الحياة أو الوجود، وأسمى الأديان ما كان معبوده الواحد الباقي، وخير المذاهب والاتّجاهات ما دعا إلى الوحدة».

المراجع

(انظر ترجمته في: موسوعة ألف شخصية مصرية: 497- 498، تتمّة الأعلام 2: 133- 134، إتمام الأعلام: 402، النهضة الإسلامية في سير أعلامها المعاصرين 3: 347- 358، موسوعة أعلام الفكر الإسلامي: 919- 923، نثر الجواهر والدرر 2: 2029- 2031، المعجم الوسيط فيما يخصّ الوحدة والتقريب 2: 89- 92).