حکاية الحال

من ویکي‌وحدت
مراجعة ١٧:٤١، ١٧ يوليو ٢٠٢١ بواسطة Abolhoseini (نقاش | مساهمات) (أنشأ الصفحة ب''''حكاية الحال:''' اصطلاح أصولي يشير إلی قاعدةٍ يتمسّک بها الفقيه في استنباطاته، ويراد بها إث...')
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)

حكاية الحال: اصطلاح أصولي يشير إلی قاعدةٍ يتمسّک بها الفقيه في استنباطاته، ويراد بها إثبات العموم والشمول للحكم لغير الواقعة المحكية، وشمول الحكم لسائر المكلّفين بالخطاب، وإن كان الحكم قد جاء في واقعة معيّنة، مثل نقلهم عن النبي(ص): إنّه نهى عن بيع الغرر، فإنه وإن کان النهي لشخص واحد ولکنه يعمّ غير المورد.

تعريف حکاية الحال

وهو نقل الصحابي أو الراوي لحكم الواقعة الصادر عن النبي(ص) أو الإمام عليه‌‌السلام. مثل نقلهم عن النبي(ص): إنّه نهى عن بيع الغرر، أو «نهى عن بيع الرطب بالتمر»، أو «قضى بالشفعة للجار». وغير ذلك من الحكايات والوقائع المعيّنة[١].

الفرق بين حکاية الحال وترک الاستفصال

والمراد بـ ترک الاستفصال هو عدم التفصيل في الواقعة المسؤول عنها من قبل النبي(ص) أو الإمام عليه‌‏السلام. والفرق بين حكاية الحال وبين ترک الاستفصال، أنّ الاُولى يراد بها إثبات العموم والشمول للحكم لغير الواقعة المحكية، وشمول الحكم لسائر المكلّفين بالخطاب، وإن كان الحكم قد جاء في واقعة معيّنة. أمّا الثانية فيراد بها إثبات الإطلاق والشمول بالنسبة إلى تلك الحالة مثل ما ورد في قوله(ص): لغيلان حيث أسلم على عشر نسوة: إمسك أربعا وفارق سائرهنّ، فإنّه(ص)أطلق وترك الاستفصال في كيفية الزواج الواقع هل كان على نحو الجمع أو بنحو الترتيب، فيتمسّك بالإطلاق، في قبال أبي حنيفة الذي فصّل بين ما إذا كان العقد مرتّبا فيمسك الأربع الأوائل ويطلق سائرهنّ، وبين ما إذا كان العقد جمعا بينها فيفارق ما شاء منهنّ [٢].

الحكم في المسألة

وقع بحث بين الأصوليين في أنّ حكاية الراوي لحال معينة هل يستفاد منه العموم، بحيث يكون نقله لنهي النبي(ص) عن بيع الغرر مثلاً في واقعة معينة بمنزلة قوله: كلّ غرر منهي عنه، أو لايفيد العموم لاحتمال كون الحكم المذكور وارداً في واقعة معيّنة ولمخاطب معين، ومن غير المعلوم شمول تلك الواقعة لمثيلاتها في الحكم، فلاتكون صيغة الخطاب شاملة لغيره ولاتعمه.
ذهب الأكثر من الأصوليين إلى أنّه لايفيد العموم؛ لأنّ الحجّة في المحكي وهو قول النبي(ص) والإمام عليه‌السلام أو فعلهما وتقريرهما لا في قول الحاكي، فلا بدّ من ملاحظة نفس المحكي وهل يتضمّن العموم أو لا؟ وما ينقله الراوي يحتمل أن يكون خطابا لجماعة معينين فعلوا فعلاً ما والنبي(ص) أو الإمام عليه‌السلام خاطبهم على ضوء ما صدر منهم من فعل، وهذا الفعل يمكن أن يكون محتفا بملابسات معينة تمنع عمومه وشموله لغيره، فلايمكن الاستناد إلى العموم في لفظ الحاكي [٣].
وذهب جماعة آخرون إلى إفادته العموم؛ لأنّ الراوي فهم العموم من تلك الوقائع التي أفتى فيها النبي(ص)، وهو مصدّق في ذلك كما هو مصدّق في أصل نقله، وإلاّ لو كانت الواقعة من الوقائع الخاصّة ونقلها إلينا بلفظ العموم لكان مدلّسا في نقله وموقعا للاُمة في الالتباس، وهو خلاف الأصل من أنّه لاينقل إلاّما يراه عمّا هو عليه من العموم والشمول لو كان [٤].
واستدلّ الحنابلة أيضا على العموم بكون «الصحابة رضي اللّه‏ عنهم وغيرهم من السلف أجمعوا على التمسّك في الوقائع بعموم مثل هذا اللفظ في الأمر والنهي والترخيص نحو: أمر رسول اللّه‏(ص) بوضع الجوائح [أي الآفات التي تصيب الثمار فتهلكها]، ورجع ابن عمر حديث رافع بن خديج رضي اللّه‏ عنهما: نهى رسول اللّه‏(ص)عن المخابرة، وأخذوا بحديث: نهى رسول اللّه‏(ص)عن المزابنة والمحاقلة وعن بيع الثمر حتّى يبدو صلاحه، وبحديث زيد: رخّص رسول اللّه‏(ص) في العرايا وأشباه ذلك كثير، وإجماعهم على ذلك دليل صحّة التمسّك به في العموم» [٥].
ولاحظ الطوفي على استدلال الحنابلة هذا أنّه خروج عن محلّ البحث؛ لأنّ محلّه في عموم نفس صيغة الخطاب التي ينقلها الحاكي والراوي، بينما استدلال الحنابلة انصبّ على إثبات العموم من دليل خارج عن صيغة الخطاب وهو إجماع الصحابة والسلف على صحّة التمسّك بتلك الألفاظ في العموم، أي أنّ إجماع الصحابة والسلف يفيد في إثبات قاعدة اشتراك الأحكام بين المكلّفين ولا يفيد في إثبات حكاية الحال. فقال: «وقع في أثناء البحث في المسألة ما يشعر بأنّ النزاع فيها لفظي، من جهة أنّ المانع للعموم ينفي عموم لفظ الصيغ المذكورة نحو: أمَرَ وقَضَى وحَكَم وهو الصحيح كما تقرر، والمثبت للعموم يثبته من دليل خارج وهو إجماع السلف على التمسّك بها، وقوله عليه‏السلام: حكمي على الواحد حكمي على الجماعة، فظهر أنّ دليل الخصمين ليس متواردا على محلّ واحد، والأقرب أن يقال: إنّ التعميم في المسألة حاصل بطريق القياس الشرعي» [٦].
ويؤيّد ذلك ما ذكره النراقي أيضا من أنّ: «قولهم إنّه قضية في واقعة فلايصلح حجّة لإطلاق أو عموم، وأنّ حكاية الحال واردة مورد الإجمال، أنّها من حيث هي هي، ولاينافي ذلك أن يفهم منها الإطلاق في مواضع باعتبار القرينة الخارجية المنضمة إليها» [٧].
هذا حال إثبات العموم من نفس لفظ الخطاب ولفظ الحاكي. أمّا العموم من دليل خارج أي بقاعدة الاشتراك فإنّ الكلّ فيما يبدو يذهب إلى العموم وإلاّ لما أمكن التمسّك بأي دليل شرعي لأي حكم شرعي، فإنّ أغلب النصوص الواصلة إلينا من الشارع وردت في حوادث معينة وفي خصوص جماعة معينين.
وأبرز أدلّتهم على عموم الأحكام عبارة عن اُمور:
الأوّل: ما ذكروه من إجماع السلف و الصحابة على التمسّك بعموم تلك الخطابات التي جاءت في مناسبات معينة [٨].
الثاني: ما ورد من الروايات التي تؤكّد شمول وعموم تلك الأحكام لغير المشافهين بها.
منها: قوله(ص): حكمي على الواحد حكمي على الجماعة.
منها: ما ورد عن أبي عبد اللّه‏ عليه‌السلام قوله: «حكم اللّه‏ في الأوّلين والآخرين وفرائضه عليهم سواء إلاّ من علّة أو حادث يكون، والأولون والآخرون أيضا في منع الحوادث شركاء، والفرائض عليهم واحدة، يُسأَل الآخرون عن أداء الفرائض كما يُسأَل عنه الأوّلون، يحاسبون به كما تحاسبون».
وغير ذلك من الروايات التي تدلّ على عموم واشتراك الأحكام بين المكلّفين.
الثالث: ما ذهب إليه كلّ من الطوفي ونسب إلى الدبوسي من أنّ النبي(ص) إذا حكم بواقعة معينة أو قضى فيها بقضاء، ثُمّ حدثت تلك الواقعة، فإنّه بالإمكان قياس تلك الواقعة على ما حكم به النبي(ص)؛ لأنّ حكمه فيما يجوز واحد [٩].
الرابع: ما ذكره النراقي من حكاية الأئمة عليهم‌السلام للأحكام والأقضية الواردة عن أمير المؤمنين عليه‏السلام، فإنّها رغم كونها قضايا في وقائع معينة إلاّ أنّهم عليهم‏السلام حكوها لأتباعهم في مقام الجواب عن جملة من الأحكام سئلوا عنها واستشهد الفقهاء من بعدهم بتلك الحكايات، وليس ذلك إلاّ لأنّهم أجروها مجرى العموم والإطلاق وعدم اختصاصها بتلكالوقائع [١٠].
الخامس: تنقيح المناط القطعي، فإنّه لما كانت الأحكام تابعة للمصالح والمفاسد في نفسها، فإنّ ذلك لايختلف باختلاف أفراد المكلّفين [١١].
نعم، هناك بعض الأحكام قالوا عنها بأنّها «قضية في واقعة» ولم يستفيدوا العموم منها لكونها مخالفة للقواعد العامّة للاستدلال. فلا يمكن إجراء العموم فيها، بل يقتصر فيها على موردها.

المصادر

  1. . اُنظر: أنيس المجتهدين 2: 724، اُصول الفقه الخضري بك: 164.
  2. . اُنظر: أنيس المجتهدين 2: 732، تمهيد القواعد: 170، المحصول 1: 392، التمهيد الأسنوي: 337.
  3. . اُنظر: المستصفى 2: 46، الإحكام الآمدي 1 ـ 2: 464، أنيس المجتهدين 2: 725.
  4. . اُنظر: الإحكام الآمدي 1 ـ 2: 464، أنيس المجتهدين 2: 725.
  5. . شرح مختصر الروضة 2: 510 ـ 511.
  6. . المصدر السابق: 513.
  7. . عوائد الأيام: 762.
  8. . شرح مختصر الروضة 2: 510.
  9. . اُنظر: شرح مختصر الروضة 2: 513.
  10. . عوائد الأيام: 762.
  11. . العناوين 1: 24.