الفرق بين المراجعتين لصفحة: «حول الدعوة الإسلامية»

لا يوجد ملخص تحرير
لا ملخص تعديل
لا ملخص تعديل
 
(٤ مراجعات متوسطة بواسطة مستخدم واحد آخر غير معروضة)
سطر ١: سطر ١:
إن بحث الدعوة الإسلامية من المباحث المهمة التي لها بالغ الأثر في دفع عجلة الإسلام إلى الأمام. وسنقصر كلامنا في المقام حول « عالمية الدعوة ‏الإسلامية » ، فهو أهمّ ما يتعلّق بهذا البحث .  
إن بحث الدعوة الإسلامية من المباحث المهمة التي لها بالغ الأثر في دفع عجلة [[الإسلام]] إلى الأمام. وسنقصر كلامنا في المقام حول « عالمية الدعوة ‏الإسلامية » ، فهو أهمّ ما يتعلّق بهذا البحث .  


[[ملف:الدعوة.jpg|تصغير|صورة تعبيرية]]
[[ملف:الدعوة.jpg|تصغير|صورة تعبيرية]]
سطر ٦: سطر ٦:


يبدو -ولأوّل وهلة- أنّ « العالمية » الإسلامية تعني من الناحية الواقعية : أن تكون الرسالة في ‏خطابها ومضمونها العقائدي والاجتماعي والسياسي مضموناً لا يخصّ جماعة من الناس دون أُخرى ، ‏ولا منطقة من الأرض دون غيرها ، وهذا ما تكفّلت به العقيدة الإلهية والشريعة الإسلامية التي جاء ‏بها القرآن الكريم والنبي العظيم (صلى الله عليه وآله) .‏
يبدو -ولأوّل وهلة- أنّ « العالمية » الإسلامية تعني من الناحية الواقعية : أن تكون الرسالة في ‏خطابها ومضمونها العقائدي والاجتماعي والسياسي مضموناً لا يخصّ جماعة من الناس دون أُخرى ، ‏ولا منطقة من الأرض دون غيرها ، وهذا ما تكفّلت به العقيدة الإلهية والشريعة الإسلامية التي جاء ‏بها القرآن الكريم والنبي العظيم (صلى الله عليه وآله) .‏
والعالمية هي : تعبير أيضاً عن مرحلة تكاملية نظرية وعملية في مسير الرسالة الإلهية ، وكانت ‏تمثّل هذه « المرحلة » الهدف الأسمى لمسيرة الرسالات الإلهية ، وقد بشّرت الرسالات الإلهية بهذه ‏المرحلة التكاملية في آخر مسيرة هذه الرسالات : ( الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً ‏عِندَهُمْ فِي التَّورَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ ‏وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ ‏أُوْلئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) ( سورة الأعراف : 157 ).‏
والعالمية هي : تعبير أيضاً عن مرحلة تكاملية نظرية وعملية في مسير الرسالة الإلهية ، وكانت ‏تمثّل هذه « المرحلة » الهدف الأسمى لمسيرة الرسالات الإلهية ، وقد بشّرت الرسالات الإلهية بهذه ‏المرحلة التكاملية في آخر مسيرة هذه الرسالات : ( الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً ‏عِندَهُمْ فِي التَّورَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ ‏وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ ‏أُوْلئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) ( سورة الأعراف : 157 ).‏
فالعالمية في مضمونها الإسلامي الخاصّ تعبير عن مرحلة تاريخية خارجية جديدة وصلت فيها ‏مسيرة الرسالات الإلهية إلى تجسيد العالمية نظرياً وعملياً ، وقد واكب هذا التطوّر في المسيرة منهاج ‏وتفصيل تشريعي ، يُلبّي متطلّبات هذه المرحلة ، ويفي بحاجاتها ، ويحقّق أهدافها .‏
فالعالمية في مضمونها الإسلامي الخاصّ تعبير عن مرحلة تاريخية خارجية جديدة وصلت فيها ‏مسيرة الرسالات الإلهية إلى تجسيد العالمية نظرياً وعملياً ، وقد واكب هذا التطوّر في المسيرة منهاج ‏وتفصيل تشريعي ، يُلبّي متطلّبات هذه المرحلة ، ويفي بحاجاتها ، ويحقّق أهدافها .‏


سطر ١٢: سطر ١٤:


بنود تحقيق العالمية في الوسط الإسلامي تتجلّى أوّلاً في الفكر والثقافة والواقع في المجالات ‏الثلاثة الآتية :‏
بنود تحقيق العالمية في الوسط الإسلامي تتجلّى أوّلاً في الفكر والثقافة والواقع في المجالات ‏الثلاثة الآتية :‏
أوّلاً : وصل ماضي الأُمّة بحاضرها ، والتخلّي عن أحقاد التاريخ السابق ، وترك استمرار عقدة ‏الخلاف في صفوف الجماعة ، وإطفاء نيران الخلاف ، والبعد عن إشاعتها أو تلقينها للناشئة ، ولأنّ ‏كلّ خطوة نحو الوحدة والتقارب والتقدّم والوقوف صفّاً واحداً أمام تحدّيات الأعداء والمخاطر المشتركة ‏إنّما تبدأ من واقع الحاضر ، لا من أخطاء وموروثات الماضي ، فكلّ إنسان أو فئة يسأل أو يحاكم على ‏ما قدّم من خير أو شرّ .‏
 
ثانياً : ألاّ ينحاز العالم الإسلامي بجميع شعوبه وحكّامه في جانب من جوانب السياسة والاقتصاد ‏والاجتماع ونحو ذلك نحو اتّجاه معيّن يغاير اتّجاه الإسلام وشرعه ومنطلقاته ، ويتنافى مع المصلحة ‏الإسلامية العليا ، ويعدّ خرق هذا الاتّجاه إمّا خيانة لله والرسول ولمصالح الأُمّة جمعاء ، وإمّا عصبية ‏مذهبية أو طائفية بغيضة تلتقي مع العصبية الجاهلية في نتائجها وثمراتها وإن خالفتها في دوافعها ‏وأسبابها .‏
أوّلاً : وصل ماضي [[الأُمّة]] بحاضرها ، والتخلّي عن أحقاد التاريخ السابق ، وترك استمرار عقدة ‏[[الخلاف]] في صفوف الجماعة ، وإطفاء نيران الخلاف ، والبعد عن إشاعتها أو تلقينها للناشئة ، ولأنّ ‏كلّ خطوة نحو [[الوحدة]] والتقارب والتقدّم والوقوف صفّاً واحداً أمام تحدّيات الأعداء والمخاطر المشتركة ‏إنّما تبدأ من واقع الحاضر ، لا من أخطاء وموروثات الماضي ، فكلّ إنسان أو فئة يسأل أو يحاكم على ‏ما قدّم من خير أو شرّ .‏
ثالثاً :  أن تتقارب الطوائف الإسلامية ، بحيث تدرس بتجرّد وموضوعية وإنصاف ما لدى الطائفة ‏الأُخرى ; لأنّ الإسلام كلٌّ لا يتجزّأ ، ولأنّ إزالة النعرة غير الطبيعية التي خلّفتها أحداث التاريخ ‏ضرورة حتمية . وإذا تعذّر الوفاق على بعض الجزئيات فتترك لكلّ جانب أو طائفة ، على ألاّ تعكّر ‏صفو العلاقات الأخوية الإسلامية الصافية غير المتأثّرة بحزازات الماضي وآلامه ومآسيه ، أي : أنّ ‏الخطأ يجب ألاّ يستمرّ ، وألاّ يعوق تحقيق اللقاء المشترك أو الاتّحاد أو الوحدة ، ولأنّ محو الفروق ‏الطائفية يجب أن يكون غاية مقصودة في ذاتها ; لأنّ أسباب الخلاف قد زالت ، ومن الخطأ التمسّك ‏بالاختلاف الطائفي مع زوال أسبابه وعدم الجدوى في إثارته ، على حدّ تعبير الإمام محمّد أبي زهرة.‏
 
هذا ، والدين يكون عالمياً بعدم اختصاصه بجنس من الأجناس البشرية ، وبعدم انحصار تطبيقه ‏في إقليم خاصّ أو بيئة معيّنة .‏
ثانياً : ألاّ ينحاز [[العالم الإسلامي]] بجميع شعوبه وحكّامه في جانب من جوانب السياسة والاقتصاد ‏والاجتماع ونحو ذلك نحو اتّجاه معيّن يغاير اتّجاه الإسلام وشرعه ومنطلقاته ، ويتنافى مع المصلحة ‏الإسلامية العليا ، ويعدّ خرق هذا الاتّجاه إمّا خيانة لله والرسول ولمصالح الأُمّة جمعاء ، وإمّا [[عصبية ‏مذهبية]] أو [[طائفية]] بغيضة تلتقي مع العصبية الجاهلية في نتائجها وثمراتها وإن خالفتها في دوافعها ‏وأسبابها .‏
 
ثالثاً :  أن تتقارب [[الطوائف الإسلامية]] ، بحيث تدرس بتجرّد وموضوعية وإنصاف ما لدى الطائفة ‏الأُخرى ; لأنّ الإسلام كلٌّ لا يتجزّأ ، ولأنّ إزالة النعرة غير الطبيعية التي خلّفتها أحداث التاريخ ‏ضرورة حتمية . وإذا تعذّر [[الوفاق]] على بعض الجزئيات فتترك لكلّ جانب أو طائفة ، على ألاّ تعكّر ‏صفو العلاقات الأخوية الإسلامية الصافية غير المتأثّرة بحزازات الماضي وآلامه ومآسيه ، أي : أنّ ‏الخطأ يجب ألاّ يستمرّ ، وألاّ يعوق تحقيق اللقاء المشترك أو [[الاتّحاد]] أو الوحدة ، ولأنّ محو الفروق ‏الطائفية يجب أن يكون غاية مقصودة في ذاتها ; لأنّ أسباب الخلاف قد زالت ، ومن الخطأ التمسّك ‏ب[[الاختلاف الطائفي]] مع زوال أسبابه وعدم الجدوى في إثارته ، كما قاله الشيخ [[محمّد أبو زهرة]].‏
 
هذا ، و[[الدين]] يكون عالمياً بعدم اختصاصه بجنس من الأجناس البشرية ، وبعدم انحصار تطبيقه ‏في إقليم خاصّ أو بيئة معيّنة .‏
 
ويكون غالباً بامتداد هدايته أزماناً طويلة تتجاوز العصر الذي بدأت فيه ، بمعنى : أن يكون الدين ‏صالحاً لكلّ جنس ، ولكلّ جيل ، ولكلّ زمان ومكان .‏
ويكون غالباً بامتداد هدايته أزماناً طويلة تتجاوز العصر الذي بدأت فيه ، بمعنى : أن يكون الدين ‏صالحاً لكلّ جنس ، ولكلّ جيل ، ولكلّ زمان ومكان .‏
وبمعنى آخر : يكون الدين عالمياً إذا كان شريعة الإنسان من حيث هو إنسان بقطع النظر عن ‏العوامل والفوارق العارضة التي لا تدخل في ماهية الإنسان كإنسان ، وبدون ذلك لا يتحقّق معنى ‏العالمية في أيّ دين .‏
وبمعنى آخر : يكون الدين عالمياً إذا كان شريعة الإنسان من حيث هو إنسان بقطع النظر عن ‏العوامل والفوارق العارضة التي لا تدخل في ماهية الإنسان كإنسان ، وبدون ذلك لا يتحقّق معنى ‏العالمية في أيّ دين .‏


سطر ٢٢: سطر ٣٠:


أمّا الخصائص التي يجب أن يشتمل عليها الدين ليكون عالمياً وصالحاً لكلّ زمان ومكان فهي ‏ثلاث :‏
أمّا الخصائص التي يجب أن يشتمل عليها الدين ليكون عالمياً وصالحاً لكلّ زمان ومكان فهي ‏ثلاث :‏
أوّلها : إيفاؤه بحاجة الإنسانية جميعاً فيما يصون وحدتها ويرعى إنسانيتها ويحمي أفرادها في ‏العاجل والآجل .‏
أوّلها : إيفاؤه بحاجة الإنسانية جميعاً فيما يصون وحدتها ويرعى إنسانيتها ويحمي أفرادها في ‏العاجل والآجل .‏
ثانيها : تشريعاته التي تضمن قيم الإنسانية كلّها في محيط واحد ، لا تترع معه إلى عصبية دم ، أو ‏اختلاف لون ، أو فرقة جنس .‏
ثانيها : تشريعاته التي تضمن قيم الإنسانية كلّها في محيط واحد ، لا تترع معه إلى عصبية دم ، أو ‏اختلاف لون ، أو فرقة جنس .‏
ثالثها : اتّساقه مع حقائق الكون وخصائص الوجود ، بحيث لا يتعارض مع ما يثبت من حقائق ‏العلم، أو يختلف مع منطق الفكر .‏
ثالثها : اتّساقه مع حقائق الكون وخصائص الوجود ، بحيث لا يتعارض مع ما يثبت من حقائق ‏العلم، أو يختلف مع منطق الفكر .‏
وكذلك لا يكون الدين عالمياً إلاّ إذا صحب الإنسان في جميع أزمانه المتطوّرة وعصوره ‏المتلاحقة ، أي : يكون خالداً ، لا يعتريه نسخ أو زوال ، ولا عقم ولا جمود ، موفياً بجميع مطالب ‏الإنسان المتنوّعة المتجدّدة في كلّ الميادين التي يزاول فيها الإنسان بعقله الواسع نشاطه الكامل . ولا ‏يوجد دين من الأديان السماوية فيه هذه المواصفات التي تجعله عالمياً إلاّ دين الإسلام(‏1‏) .‏
وكذلك لا يكون الدين عالمياً إلاّ إذا صحب الإنسان في جميع أزمانه المتطوّرة وعصوره ‏المتلاحقة ، أي : يكون خالداً ، لا يعتريه نسخ أو زوال ، ولا عقم ولا جمود ، موفياً بجميع مطالب ‏الإنسان المتنوّعة المتجدّدة في كلّ الميادين التي يزاول فيها الإنسان بعقله الواسع نشاطه الكامل . ولا ‏يوجد دين من الأديان السماوية فيه هذه المواصفات التي تجعله عالمياً إلاّ دين الإسلام(‏1‏) .‏
(‏1‏)المعجم الوسيط فيما يخص الوحدة والتقريب ج1 ،ص350-353 .
(‏1‏)المعجم الوسيط فيما يخص الوحدة والتقريب ج1 ،ص350-353 .


سطر ٣١: سطر ٤٤:


كما قلنا سابقاً فالدين يكون عالمياً بعدم اختصاصه بجنس من الأجناس البشرية ، وبعدم انحصار تطبيقه ‏في إقليم خاصّ أو بيئة معيّنة .‏
كما قلنا سابقاً فالدين يكون عالمياً بعدم اختصاصه بجنس من الأجناس البشرية ، وبعدم انحصار تطبيقه ‏في إقليم خاصّ أو بيئة معيّنة .‏
ويكون غالباً بامتداد هدايته أزماناً طويلة تتجاوز العصر الذي بدأت فيه ، بمعنى : أن يكون الدين ‏صالحاً لكلّ جنس ، ولكلّ جيل ، ولكلّ زمان ومكان .‏
ويكون غالباً بامتداد هدايته أزماناً طويلة تتجاوز العصر الذي بدأت فيه ، بمعنى : أن يكون الدين ‏صالحاً لكلّ جنس ، ولكلّ جيل ، ولكلّ زمان ومكان .‏
وبمعنى آخر : يكون الدين عالمياً إذا كان شريعة الإنسان من حيث هو إنسان بقطع النظر عن ‏العوامل والفوارق العارضة التي لا تدخل في ماهية الإنسان كإنسان ، وبدون ذلك لا يتحقّق معنى ‏العالمية في أيّ دين .‏
وبمعنى آخر : يكون الدين عالمياً إذا كان شريعة الإنسان من حيث هو إنسان بقطع النظر عن ‏العوامل والفوارق العارضة التي لا تدخل في ماهية الإنسان كإنسان ، وبدون ذلك لا يتحقّق معنى ‏العالمية في أيّ دين .‏
كما يمكن تقرير العالمية بهذه الصورة :‏
كما يمكن تقرير العالمية بهذه الصورة :‏
يقرّر القرآن الكريم عالمية الدعوة الإسلامية التي مفادها أنّ الإسلام عقيدة لا ينفرد بها شعب أو  ‏مجتمع بعينه ، ولا تختصّ ببلد أو بلاد معيّنة ، بل الإسلام دين ذو قوانين تسري على الأفراد على ‏اختلافهم من العنصر والوطن واللسان ، ولا يفترض لنفوذه حاجزاً بين بني الإنسان ، ولا يعترف بأيّة ‏فواصل وتحديدات جنسية أو إقليمية أو زمنية ، فهو عامّ في المكان والزمان .‏
 
يقرّر [[القرآن الكريم]] عالمية الدعوة الإسلامية التي مفادها أنّ الإسلام عقيدة لا ينفرد بها شعب أو  ‏مجتمع بعينه ، ولا تختصّ ببلد أو بلاد معيّنة ، بل الإسلام دين ذو قوانين تسري على الأفراد على ‏اختلافهم من العنصر والوطن واللسان ، ولا يفترض لنفوذه حاجزاً بين بني الإنسان ، ولا يعترف بأيّة ‏فواصل وتحديدات جنسية أو إقليمية أو زمنية ، فهو عامّ في المكان والزمان .‏
 
فعالمية الدولة الإسلامية هي المظهر السياسي المعبّر عن ربوبية شاملة لكافّة أفراد الجنس البشري ‏وناظرة للجميع بعين العدل ، وإغفال هذا المظهر يعني إغفال جانب من جوانب التوحيد ، ذلك أنّ ‏التوحيد بما هو حقيقة مطلقة لا يمكننا أن نحبسه في نطاق محدود ، ولا بدّ وأن تأخذ هذه الحقيقة مداها ‏في كلّ الآفاق المحيطة بها ، وتستوعب الساحة الإنسانية من أبعادها الزمانية والمكانية ‏والموضوعية . . وامتدادها في أُفق الزمان إلى نهايته هو الذي يُعبّر عنه بخلود الرسالة الإسلامية ، ‏وامتدادها في أُفق الحياة البشرية إلى نهايته هو الذي يعبّر عنه بشمول الرسالة الإسلامية لمختلف ‏جوانب الحياة الإنسانية ، كما أنّ امتدادها في الأُفق الجغرافي للمجتمع البشري إلى نهايته هو الذي ‏يعبّر عنه بعالمية الرسالة الإسلامية . فالعالمية هي التعبير الطبيعي عن ربوبية مطلقة رحيمة وعادلة ‏تدير دفّة الساحة الإنسانية على أساس العدل والمساواة والحقّ .‏
فعالمية الدولة الإسلامية هي المظهر السياسي المعبّر عن ربوبية شاملة لكافّة أفراد الجنس البشري ‏وناظرة للجميع بعين العدل ، وإغفال هذا المظهر يعني إغفال جانب من جوانب التوحيد ، ذلك أنّ ‏التوحيد بما هو حقيقة مطلقة لا يمكننا أن نحبسه في نطاق محدود ، ولا بدّ وأن تأخذ هذه الحقيقة مداها ‏في كلّ الآفاق المحيطة بها ، وتستوعب الساحة الإنسانية من أبعادها الزمانية والمكانية ‏والموضوعية . . وامتدادها في أُفق الزمان إلى نهايته هو الذي يُعبّر عنه بخلود الرسالة الإسلامية ، ‏وامتدادها في أُفق الحياة البشرية إلى نهايته هو الذي يعبّر عنه بشمول الرسالة الإسلامية لمختلف ‏جوانب الحياة الإنسانية ، كما أنّ امتدادها في الأُفق الجغرافي للمجتمع البشري إلى نهايته هو الذي ‏يعبّر عنه بعالمية الرسالة الإسلامية . فالعالمية هي التعبير الطبيعي عن ربوبية مطلقة رحيمة وعادلة ‏تدير دفّة الساحة الإنسانية على أساس العدل والمساواة والحقّ .‏
وقد جاء في تفسير القرطبي في قوله تعالى : ( لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً ) ( سورة الفرقان : 1 ) أنّ ‏المراد بالعالمين هنا الإنس والجنّ ; لأنّ النبي (صلى الله عليه وآله) قد كان رسولاً إليهما ونذيراً لهما ، ‏وأنّه خاتم الأنبياء ، ولم يكن غيره عامّ الرسالة ، إلاّ نوح فإنّه عمّ برسالته جميع الإنس بعد الطوفان ; ‏لأنّه بدأ به الخلق(‏‏2) .‏
 
وقد جاء في [[تفسير القرطبي]] في قوله تعالى : ( لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً ) ( سورة الفرقان : 1 ) أنّ ‏المراد بالعالمين هنا الإنس والجنّ ; لأنّ النبي (صلى الله عليه وآله) قد كان رسولاً إليهما ونذيراً لهما ، ‏وأنّه خاتم الأنبياء ، ولم يكن غيره عامّ الرسالة ، إلاّ النبي نوح ،فإنّه عمّ برسالته جميع الإنس بعد الطوفان ; ‏لأنّه بدأ به الخلق(‏‏2) .‏
 
(‏‏2)مجمع البيان ج7 ،ص299 \الجامع لأحكام القران ج1 ،ص138 و ج13 ،ص2.
(‏‏2)مجمع البيان ج7 ،ص299 \الجامع لأحكام القران ج1 ،ص138 و ج13 ،ص2.
وقال الزجّاج : معنى العالمين كلّ ما خلق الله ، كما قال : ( وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْء ) ( سورة الأنعام : ‏‏164 ) ، وهو جمع عالم ، قال : ولا واحد لعالم من لفظه(‏3‏) .‏
وقال الزجّاج : معنى العالمين كلّ ما خلق الله ، كما قال : ( وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْء ) ( سورة الأنعام : ‏‏164 ) ، وهو جمع عالم ، قال : ولا واحد لعالم من لفظه(‏3‏) .‏
(‏3‏)تهذيب اللغة ج2 ،ص252 \لسان العرب ج3 ،ص2745 .
(‏3‏)تهذيب اللغة ج2 ،ص252 \لسان العرب ج3 ،ص2745 .
وقال ابن عبّاس في قوله تعالى : ( اَلْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ) ( سورة الفاتحة : 2 ) : ربّ الجنّ ‏والإنس(‏4‏) .‏
 
وقال [[ابن عبّاس]] في قوله تعالى : ( اَلْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ) ( سورة الفاتحة : 2 ) : ربّ الجنّ ‏والإنس(‏4‏) .‏
 
(‏4‏)جامع البيان ج1 ،ص95 \كنز العمال ج2 ،ص299 .
(‏4‏)جامع البيان ج1 ،ص95 \كنز العمال ج2 ،ص299 .
وقال قتادة : ربّ الخلق كلّهم(5‏) .‏
وقال قتادة : ربّ الخلق كلّهم(5‏) .‏
(5‏)تهذيب اللغة ج2 ،ص252 .
(5‏)تهذيب اللغة ج2 ،ص252 .
قال الأزهري : الدليل على صحّة قول ابن عبّاس قوله عزّ وجلّ : ( تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى ‏عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً ) ( سورة الفرقان : 1 )(6‏) .‏
قال الأزهري : الدليل على صحّة قول ابن عبّاس قوله عزّ وجلّ : ( تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى ‏عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً ) ( سورة الفرقان : 1 )(6‏) .‏
(6‏)تهذيب اللغة ج2 ،ص252 .
(6‏)تهذيب اللغة ج2 ،ص252 .
الدعوة الإسلامية هي بهذا المعنى إنّما تعكس شريعة عالمية كاملة . ويدلّ على هذا أنّ النبي كان ‏يرسل إلى قومه خاصّة ، كما حكت آيات القرآن في قوله : ( وَإِلَى عَاد أَخَاهُمْ هُوداً ) ( سورة الأعراف : ‏‏65 ) ،(  وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً ) ( سورة الأعراف : 73 ) ، ( وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً ) ( سورة ‏الأعراف : 85 ) ، أمّا رسول الإسلام فقد أرسل للناس كافّة وخاطبه القرآن بقوله : ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ ‏رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ )( سورة الأنبياء : 107 ) ، ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِّلنَّاسِ ) ( سورة سبأ : 28 ) .‏
الدعوة الإسلامية هي بهذا المعنى إنّما تعكس شريعة عالمية كاملة . ويدلّ على هذا أنّ النبي كان ‏يرسل إلى قومه خاصّة ، كما حكت آيات القرآن في قوله : ( وَإِلَى عَاد أَخَاهُمْ هُوداً ) ( سورة الأعراف : ‏‏65 ) ،(  وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً ) ( سورة الأعراف : 73 ) ، ( وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً ) ( سورة ‏الأعراف : 85 ) ، أمّا رسول الإسلام فقد أرسل للناس كافّة وخاطبه القرآن بقوله : ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ ‏رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ )( سورة الأنبياء : 107 ) ، ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِّلنَّاسِ ) ( سورة سبأ : 28 ) .‏
وقد تضافرت النصوص القرآنية الصريحة التي تؤكّد هذا المعنى ، فقال سبحانه : ( قُلْ يَا أَيُّهَا ‏النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً ) ( سورة الأعراف : 158 ) ، وقال سبحانه : ( وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ ‏دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ  الْخَاسِرِينَ ) ( سورة آل عمران : 85 ) ، وقال تعالى عن القرآن ‏الكريم الذي أوحاه إلى نبيّه (صلى الله عليه وآله) : ( إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ * وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِين ) ( سورة ‏ص : 87 ـ 88 ) ، وقال عزّ من قائل : ( وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لاُِنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ ) (سورة الأنعام : ‏‏19 ) ، أي : كلّ من يصل إليه بلاغ القرآن ، وكلّ من سمعه في جميع أقطار الأرض ، في أيّ زمن ‏من الأزمان وصل إليه هذا البلاغ ، وقال تعالى : ( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى ‏الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ) ( سورة التوبة : 33)، وقال تعالى : ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً ‏لِلْعَالَمِينَ )( سورة الأنبياء : 107 ) .‏
وقد تضافرت النصوص القرآنية الصريحة التي تؤكّد هذا المعنى ، فقال سبحانه : ( قُلْ يَا أَيُّهَا ‏النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً ) ( سورة الأعراف : 158 ) ، وقال سبحانه : ( وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ ‏دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ  الْخَاسِرِينَ ) ( سورة آل عمران : 85 ) ، وقال تعالى عن القرآن ‏الكريم الذي أوحاه إلى نبيّه (صلى الله عليه وآله) : ( إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ * وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِين ) ( سورة ‏ص : 87 ـ 88 ) ، وقال عزّ من قائل : ( وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لاُِنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ ) (سورة الأنعام : ‏‏19 ) ، أي : كلّ من يصل إليه بلاغ القرآن ، وكلّ من سمعه في جميع أقطار الأرض ، في أيّ زمن ‏من الأزمان وصل إليه هذا البلاغ ، وقال تعالى : ( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى ‏الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ) ( سورة التوبة : 33)، وقال تعالى : ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً ‏لِلْعَالَمِينَ )( سورة الأنبياء : 107 ) .‏
أمّا الوجه الثاني لعالمية الدعوة الإسلامية فيتبيّن من دعوة غير العرب ، فقد جاء في القرآن الكريم ‏دعوة أهل الكتاب من اليهود والنصارى والمشركين إلى الإسلام الذي جاء به محمّد (صلى الله عليه وآله) ‏سواء كانوا من العرب أم من غير العرب ، وبيّن لهم بأنّ الإسلام هو الدين الحقّ الذي لا يقبل الله ‏سواه ، بل تجاوزت رسالة نبيّنا محمّد (صلى الله عليه وآله) اليهود والنصارى والبشرية بأكملها ، فلم ‏تقتصر على عالم الإنس فقط ، بل تعدّت ذلك إلى عالم الجنّ أيضاً ، قال تعالى : ( قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ ‏اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجباً * يَهْدِي إِلَى الرشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَداً ) ( سورة ‏الجنّ : 1 ـ 2 ) .‏
 
أمّا الوجه الثاني لعالمية الدعوة الإسلامية فيتبيّن من دعوة غير [[العرب]] ، فقد جاء في القرآن الكريم ‏دعوة أهل الكتاب من [[اليهود]] و[[النصارى]] والمشركين إلى الإسلام الذي جاء به محمّد (صلى الله عليه وآله) ‏سواء كانوا من العرب أم من غير العرب ، وبيّن لهم بأنّ الإسلام هو الدين الحقّ الذي لا يقبل الله ‏سواه ، بل تجاوزت رسالة نبيّنا محمّد (صلى الله عليه وآله) اليهود والنصارى والبشرية بأكملها ، فلم ‏تقتصر على عالم الإنس فقط ، بل تعدّت ذلك إلى عالم الجنّ أيضاً ، قال تعالى : ( قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ ‏اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجباً * يَهْدِي إِلَى الرشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَداً ) ( سورة ‏الجنّ : 1 ـ 2 ) .‏
 
ويتمثّل الوجه الثالث لعالمية الدعوة الإسلامية في خطابات القرآن ونداءاته العامّة ، فالقرآن الكريم كثيراً ‏ما يوجّه خطاباته إلى الناس غير مقيّدة بشيء ، وهذا دليل واضح على أنّ خطاباته وتوجيهاته تعمّ ‏الناس كافّة ، والقرآن هو وحي الله لرسوله محمّد (صلى الله عليه وآله) وفيه أحكام الإسلام ، وهذا دليل على ‏أنّ الإسلام لجميع البشرية بل للإنس والجنّ . وأمثله لذلك قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي ‏الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ) ( سورة البقرة : 168 ) ، وقوله تعالى : ‏‏( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) ( سورة البقرة : 21 ) ، وغيرها من ‏الآيات كثير ، فهو سبحانه يخاطب الناس جميعاً بقوله : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ ) ،ولم يقل : يا أيّها العرب .‏
ويتمثّل الوجه الثالث لعالمية الدعوة الإسلامية في خطابات القرآن ونداءاته العامّة ، فالقرآن الكريم كثيراً ‏ما يوجّه خطاباته إلى الناس غير مقيّدة بشيء ، وهذا دليل واضح على أنّ خطاباته وتوجيهاته تعمّ ‏الناس كافّة ، والقرآن هو وحي الله لرسوله محمّد (صلى الله عليه وآله) وفيه أحكام الإسلام ، وهذا دليل على ‏أنّ الإسلام لجميع البشرية بل للإنس والجنّ . وأمثله لذلك قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي ‏الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ) ( سورة البقرة : 168 ) ، وقوله تعالى : ‏‏( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) ( سورة البقرة : 21 ) ، وغيرها من ‏الآيات كثير ، فهو سبحانه يخاطب الناس جميعاً بقوله : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ ) ،ولم يقل : يا أيّها العرب .‏
والوجه الرابع القوانين والتشريعات القرآنية عالمية في طبيعتها ; لأنّها من محتويات الإسلام ، ‏والإسلام رسالة عالمية يعتمد في جميع أحكامه وتشريعاته ، وما يخصّ الإنسان في معاشه ومعاده على ‏طبيعة الإنسان التي يتساوى فيها جميع البشر ، ولا يجد الباحث مهما أُوتي من مقدرة علمية كبيرة فيما ‏جاء به نبي الإسلام (صلى الله عليه وآله) أيّ طابع إقليمي أو صبغة طائفية ، وتلك آية واضحة على أنّ ‏دعوته دعوة عالمية لا تتحيّز إلى فئة معيّنة ، ولا تنجرف إلى طائفة خاصّة ، فالعبادات والمعاملات ‏والأخلاق . . الخ كلّها ليس فيها صبغة الطائفية والإقليمية ، بل تكتسي بالصبغة العالمية ; لأنّها تناسب ‏الإنسان وطبيعته ، فهي الصالحة له دون سواها . وكذلك النظام الاجتماعي والسياسي والاقتصادي ‏والقضائي . . الخ ، لا تجد في ثنايا أيّ واحد منها أيّ تفكير طائفي أو نزعة إقليمية .‏
 
والوجه الرابع القوانين والتشريعات القرآنية عالمية في طبيعتها ; لأنّها من محتويات الإسلام ، ‏والإسلام رسالة عالمية يعتمد في جميع أحكامه وتشريعاته ، وما يخصّ الإنسان في معاشه ومعاده على ‏طبيعة الإنسان التي يتساوى فيها جميع البشر ، ولا يجد الباحث مهما أُوتي من مقدرة علمية كبيرة فيما ‏جاء به نبي الإسلام (صلى الله عليه وآله) أيّ طابع إقليمي أو صبغة طائفية ، وتلك آية واضحة على أنّ ‏دعوته دعوة عالمية لا تتحيّز إلى فئة معيّنة ، ولا تنجرف إلى طائفة خاصّة ، فالعبادات والمعاملات ‏والأخلاق . . الخ كلّها ليس فيها صبغة الطائفية و[[الإقليمية]] ، بل تكتسي بالصبغة العالمية ; لأنّها تناسب ‏الإنسان وطبيعته ، فهي الصالحة له دون سواها . وكذلك النظام الاجتماعي والسياسي والاقتصادي ‏والقضائي . . الخ ، لا تجد في ثنايا أيّ واحد منها أيّ تفكير طائفي أو نزعة إقليمية .‏
 
والوجه الخامس الإسلام ينبذ أيّ مقوّمات للتفرقة بين الناس ; ذلك أنّ أقوى دليل على أنّ الإسلام ‏رسالة عالمية مكافحته للنزاعات الإقليمية والطائفية ، فالإسلام لا يفرّق بين أبيض وأسود ولا بين جنس ‏وآخر ، بل ينبذ العنصرية والطائفية ، ويرفض جعلها مقياساً للتفاضل في ميزان الإسلام ، والمقياس ‏الوحيد للتفاضل في الإسلام هو التقوى ، فالإسلام هو أوّل مَن حارب العصبية ودعا إلى الأُخوّة تحت ‏لواء التوحيد الخاصّ ومقتضاه الإسلام .‏
والوجه الخامس الإسلام ينبذ أيّ مقوّمات للتفرقة بين الناس ; ذلك أنّ أقوى دليل على أنّ الإسلام ‏رسالة عالمية مكافحته للنزاعات الإقليمية والطائفية ، فالإسلام لا يفرّق بين أبيض وأسود ولا بين جنس ‏وآخر ، بل ينبذ العنصرية والطائفية ، ويرفض جعلها مقياساً للتفاضل في ميزان الإسلام ، والمقياس ‏الوحيد للتفاضل في الإسلام هو التقوى ، فالإسلام هو أوّل مَن حارب العصبية ودعا إلى الأُخوّة تحت ‏لواء التوحيد الخاصّ ومقتضاه الإسلام .‏


=أدلّة عالمية الإسلام من السنّة النبوية=
=أدلّة عالمية الإسلام من السنّة النبوية=


أمّا أدلّة عالمية الإسلام من السنّة النبوية المطهّرة فقد أمر الله سبحانه وتعالى نبيّه الكريم أوّل ما ‏بعثه أن يصدع بالحقّ بين عشيرته أوّلاً ، ثمّ تتّسع دائرة التبليغ والإنذار إلى أن تصل إلى أسماع كلّ ‏مَن يستطيع أن يسمعه رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، سواء مباشرة أو أن يرسل من ينوب عنه في تبليغ ‏ما جاء به (صلى الله عليه وآله) من ربّه سبحانه تعالى ، فقد أخبر النبي (صلى الله عليه وآله) قومه قائلاً : ‏‏« والله الذي لا إله إلاّ هو ، إنّي رسول الله إليكم خاصّة وإلى الناس عامّة»(‏7) .  
أمّا أدلّة عالمية الإسلام من السنّة النبوية المطهّرة فقد أمر الله سبحانه وتعالى نبيّه الكريم أوّل ما ‏بعثه أن يصدع بالحقّ بين عشيرته أوّلاً ، ثمّ تتّسع دائرة التبليغ والإنذار إلى أن تصل إلى أسماع كلّ ‏مَن يستطيع أن يسمعه رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، سواء مباشرة أو أن يرسل من ينوب عنه في تبليغ ‏ما جاء به (صلى الله عليه وآله) من ربّه سبحانه تعالى ، فقد أخبر النبي (صلى الله عليه وآله) قومه قائلاً : ‏‏« والله الذي لا إله إلاّ هو ، إنّي رسول الله إليكم خاصّة وإلى الناس عامّة»(‏7) .
‏(7)كنز العمال ج13 ،ص175 .
‏(7)كنز العمال ج13 ،ص175 .
ولتحقيق ما كلّف به ‏من تبليغ رسالته إلى جميع الناس أرسل السفراء إلى جميع الأقطار ، فبعث سفراءه وفي أيدي كلّ واحد ‏منهم كتاب خاصّ إلى قيصر الروم وكسرى فارس وعظيم القبط وملك الحبشة وغيرهم ، وما ‏كتاباته (صلى الله عليه وآله) هذه إلى ملوك العالم في عهده إلاّ دليلاً قاطعاً على عالمية رسالته ، وقد روى ‏جابر (رضي الله عنه) ، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنّه قال : « أُعطيت خمساً لم يعطهنّ أحد من ‏الأنبياء قبلي : كان كلّ نبي يبعث إلى قومه خاصّة ، وبعثت إلى كلّ أبيض وأسود . . . » الحديث(‏8‏) .‏
 
ولتحقيق ما كلّف به ‏من تبليغ رسالته إلى جميع الناس أرسل السفراء إلى جميع الأقطار ، فبعث سفراءه وفي أيدي كلّ واحد ‏منهم كتاب خاصّ إلى قيصر الروم وكسرى فارس والمقوقس عظيم القبط والنجاشي ملك [[الحبشة]] وغيرهم ، وما ‏كتاباته (صلى الله عليه وآله) هذه إلى ملوك العالم في عهده إلاّ دليلاً قاطعاً على عالمية رسالته ، وقد روى [[‏جابر]] (رضي الله عنه) ، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنّه قال : « أُعطيت خمساً لم يعطهنّ أحد من ‏الأنبياء قبلي : كان كلّ نبي يبعث إلى قومه خاصّة ، وبعثت إلى كلّ أبيض وأسود . . . » الحديث(‏8‏) .‏
 
(‏8‏)سنن الدارمي ج2 ،224\أمالي الطوسي ص484 .
(‏8‏)سنن الدارمي ج2 ،224\أمالي الطوسي ص484 .
وعالمية الإسلام تكسب التوجّهات الإسلامية بُعدها العالمي ، وفي سياق هذه العالمية أمر الإسلام ‏بالتعايش والتعارف : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِن ذَكَر وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ) ( سورة ‏الحجرات : 13 ) ، وأمر بالعدل : ( وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْم عَلَى أَ لاَّ تَعْدِلُوا إِعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ) ‏‏( سورة المائدة : 8 ) .‏
 
وعالمية الإسلام تكسب التوجّهات الإسلامية بُعدها العالمي ، وفي سياق هذه العالمية أمر الإسلام ‏بالتعايش و[[التعارف]] : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِن ذَكَر وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ) ( سورة ‏الحجرات : 13 ) ، وأمر بالعدل : ( وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْم عَلَى أَ لاَّ تَعْدِلُوا إِعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ) ‏‏( سورة المائدة : 8 ) .‏
 
وبعد فإنّ عالمية الإسلام تفرض على أُمّته ـ وذلك كي تحقّق القيام بفريضة الدعوة إليه ـ تحقيق ‏مستويات ثلاثة في الدعوة إلى هذا الدين : تبليغ الدعوة الإسلامية إلى الآخرين ، وإقامة الحجّة بصدق ‏الإسلام على هؤلاء الآخرين ، وإزالة الشبهة عن الإسلام لدى هؤلاء الآخرين .‏
وبعد فإنّ عالمية الإسلام تفرض على أُمّته ـ وذلك كي تحقّق القيام بفريضة الدعوة إليه ـ تحقيق ‏مستويات ثلاثة في الدعوة إلى هذا الدين : تبليغ الدعوة الإسلامية إلى الآخرين ، وإقامة الحجّة بصدق ‏الإسلام على هؤلاء الآخرين ، وإزالة الشبهة عن الإسلام لدى هؤلاء الآخرين .‏
والخلاصة : أنّ الإسلام دين عالمي ولا يقتصر على أُمّة أو قومية أو لغة معيّنة ، وأنّ واحد من ‏المبادئ الإسلامية هو الدعوة إلى الإسلام والإيمان بالله وبرسالة النبي محمّد (صلى الله عليه وآله) . وهناك ‏العديد من الآيات القرآنية التي تأمر المسلمين بأن يكونوا نشيطين في الدعوة إلى دينهم في العالم كلّه . ‏ويعتبر المسلمون أنفسهم دعاة إلى الله والإسلام ، مهما اختلفت أوضاعهم الاجتماعية أو الخلفية ‏العلمية ، فعالم الدين والرجل العادي وإمام المسجد والواعظ والصوفي لا يتوانون في الدعوة إلى ‏الإسلام .‏
والخلاصة : أنّ الإسلام دين عالمي ولا يقتصر على أُمّة أو قومية أو لغة معيّنة ، وأنّ واحد من ‏المبادئ الإسلامية هو الدعوة إلى الإسلام والإيمان بالله وبرسالة النبي محمّد (صلى الله عليه وآله) . وهناك ‏العديد من الآيات القرآنية التي تأمر المسلمين بأن يكونوا نشيطين في الدعوة إلى دينهم في العالم كلّه . ‏ويعتبر المسلمون أنفسهم دعاة إلى الله والإسلام ، مهما اختلفت أوضاعهم الاجتماعية أو الخلفية ‏العلمية ، فعالم الدين والرجل العادي وإمام المسجد والواعظ والصوفي لا يتوانون في الدعوة إلى ‏الإسلام .‏
يعزو المؤرّخ توماس آرنولد في كتابه الشهير « الدعوة إلى الإسلام » انتشار الإسلام إلى دور ‏المسلمين أنفسهم في الدعوة إلى دينهم ، فيقول : « إنّ انتشار هذا الدين ‏‎]‎‏ الإسلام ‏‎ [‎بقوّة في بقعة من ‏العالم يعود إلى أسباب متنوّعة : اجتماعية وسياسية ودينية ، ولكن من بينها وأهمّ العوامل القوية في ‏صناعة هذه النتيجة المذهلة يعود للجهود المتواصلة للدعوة الإسلامية » .‏
 
يعزو المؤرّخ [[توماس آرنولد]] في كتابه الشهير « الدعوة إلى الإسلام » انتشار الإسلام إلى دور ‏المسلمين أنفسهم في الدعوة إلى دينهم ، فيقول : « إنّ انتشار هذا الدين ‏‎]‎‏ الإسلام ‏‎ [‎بقوّة في بقعة من ‏العالم يعود إلى أسباب متنوّعة : اجتماعية وسياسية ودينية ، ولكن من بينها وأهمّ العوامل القوية في ‏صناعة هذه النتيجة المذهلة يعود للجهود المتواصلة للدعوة الإسلامية » .‏
 
وعلى العكس من الفكرة السائدة بأنّ الإسلام انتشر بالسيف نجد أُوربّا اليوم وهي تشهد نموّاً سلمياً ‏في ظاهرة اعتناق الإسلام . إنّ نداء الإسلام إلى النخب الغربية من أجل التفكير بتعاليمه وعقائده لا ‏تقتصر على بلد واحد ، فهناك العديد من المثقّفين الغربيّين الذين آمنوا بالإسلام وصاروا شخصيات ‏إسلامية شهيرة ، ليس في الغرب فحسب ، بل في جميع أرجاء العالم .‏
وعلى العكس من الفكرة السائدة بأنّ الإسلام انتشر بالسيف نجد أُوربّا اليوم وهي تشهد نموّاً سلمياً ‏في ظاهرة اعتناق الإسلام . إنّ نداء الإسلام إلى النخب الغربية من أجل التفكير بتعاليمه وعقائده لا ‏تقتصر على بلد واحد ، فهناك العديد من المثقّفين الغربيّين الذين آمنوا بالإسلام وصاروا شخصيات ‏إسلامية شهيرة ، ليس في الغرب فحسب ، بل في جميع أرجاء العالم .‏
ينشط المفكّرون المسلمون الغربيّون في حقل الدعوة إلى الإسلام في أُوربّا ، ويوظّفون طاقاتهم ‏وخبراتهم ودراساتهم من أجل نشر الإسلام بين الأُوربيّين ، وهم يبذلون جهوداً في خدمة هذا الهدف ‏المقدّس من خلال تقديم الإسلام بشكل يكون فيه أكثر تكيّفاً مع البيئة الأُوربيّة ، فهم يأخذون بنظر ‏الاعتبار طبيعة المخاطبين وخلفياتهم الثقافية الغربية والجوانب الاجتماعية والسياسية التي تساهم في ‏تشكيل نمط تفكيرهم وردود أفعالهم ، فهم ـ أي : المعتنقون ـ يستخدمون مختلف الوسائل والطرق ‏التقنية للوصول إلى هدفهم(‏9‏) .‏
ينشط المفكّرون المسلمون الغربيّون في حقل الدعوة إلى الإسلام في أُوربّا ، ويوظّفون طاقاتهم ‏وخبراتهم ودراساتهم من أجل نشر الإسلام بين الأُوربيّين ، وهم يبذلون جهوداً في خدمة هذا الهدف ‏المقدّس من خلال تقديم الإسلام بشكل يكون فيه أكثر تكيّفاً مع البيئة الأُوربيّة ، فهم يأخذون بنظر ‏الاعتبار طبيعة المخاطبين وخلفياتهم الثقافية الغربية والجوانب الاجتماعية والسياسية التي تساهم في ‏تشكيل نمط تفكيرهم وردود أفعالهم ، فهم ـ أي : المعتنقون ـ يستخدمون مختلف الوسائل والطرق ‏التقنية للوصول إلى هدفهم(‏9‏) .‏
(‏9‏)موسوعة الحضارة الإسلامية ص484-487 \ثقافة المسلم ،ص326-343 .
(‏9‏)موسوعة الحضارة الإسلامية ص484-487 \ثقافة المسلم ،ص326-343 .


=معوّقات الخطاب الدعوي=
=معوّقات الخطاب الدعوي=


وأستعرض في المقام معوّقات الخطاب الدعوي على نحو الاختصار . .‏
أستعرض في المقام معوّقات الخطاب الدعوي على نحو الاختصار . .‏
المعوّقات هنا هي : ما يقف حائلاً دون تحقيق الخطاب ‏الدعوي الإسلامي تأثيره المناسب ، بل ويمثّل حاجزاً دون تحقيق أهدافه ومقاصده . .  
 
المعوّقات هنا هي : ما يقف حائلاً دون تحقيق [[الخطاب ‏الدعوي الإسلامي]] تأثيره المناسب ، بل ويمثّل حاجزاً دون تحقيق أهدافه ومقاصده . .
ومن تلك ‏المعوّقات :‏
ومن تلك ‏المعوّقات :‏
‏1 ـ  الاستبداد الفكري أو السياسي .‏
 
‏1 ـ  [[الاستبداد الفكري]] أو السياسي .‏
 
فالوثنية ، والصنمية ، والتقديسية ، كلّها مفاهيم تلهب عقل الداعية ، وتحاصر قناعته ، وتحوله من ‏الالتزام القائم على الاقتناع إلى الالتزام القائم على الخوف .‏
فالوثنية ، والصنمية ، والتقديسية ، كلّها مفاهيم تلهب عقل الداعية ، وتحاصر قناعته ، وتحوله من ‏الالتزام القائم على الاقتناع إلى الالتزام القائم على الخوف .‏
إنّ الداعية الإسلامي قد يصطدم بهذا في حقله التنظيمي ، وقد يجده في منظومة القوانين التي تحدّد ‏عمله الوطني ، وقد يواجه ذلك في شكل جماعات ذات قناعات معيّنة ، أو نفوذ مالي وسياسي ، وكلّ ‏هذه النماذج غالباً ما تمثّل استبداداً عائقاً دون أداء الخطاب الدعوي الإسلامي لمهامّه على أكمل وجه ، ‏وهو ما ينعكس سلباً على ثقافتنا الإسلامية بطمس وجهها الناصع ومحو منهجها المقنع .‏
إنّ الداعية الإسلامي قد يصطدم بهذا في حقله التنظيمي ، وقد يجده في منظومة القوانين التي تحدّد ‏عمله الوطني ، وقد يواجه ذلك في شكل جماعات ذات قناعات معيّنة ، أو نفوذ مالي وسياسي ، وكلّ ‏هذه النماذج غالباً ما تمثّل استبداداً عائقاً دون أداء الخطاب الدعوي الإسلامي لمهامّه على أكمل وجه ، ‏وهو ما ينعكس سلباً على ثقافتنا الإسلامية بطمس وجهها الناصع ومحو منهجها المقنع .‏
‏2 ـ  الاتّباعية بدل الإبداعية .‏
‏2 ـ  الاتّباعية بدل الإبداعية .‏
إنّ استقلالية الداعية في فكر وما تأتيه من مواقف لا يخشى فيها إلاّ الله هي الضامن الحقيقي للأخذ ‏بيد المدعوين لتحقيق استقلاليتهم أيضاً وإثبات وجودهم وشخصيتهم .‏
إنّ استقلالية الداعية في فكر وما تأتيه من مواقف لا يخشى فيها إلاّ الله هي الضامن الحقيقي للأخذ ‏بيد المدعوين لتحقيق استقلاليتهم أيضاً وإثبات وجودهم وشخصيتهم .‏
فمن الآفات المستبدّة بالمجتمعات المسلمة هذه التبعية بدل الإبداعية ، وهي ما سمّاها أبو حامد ‏الغزالي بـ « ذهنية القطيع » ، ذهنية القطيع هذه عندما تستبدّ بعقل ما تعيقه عن الإبداع وتجعل منه ‏‏« إمّعة » تضع كلّ قناعاته ومنتوجات عقله في سلّة اللامعقول !‏
 
وبالموازاة مع هذه الاتّباعية هناك ما يسمّيه الداعية الإسلامي المغربي عبدالسلام ياسين ‏‏« الغثائية » ، فالغثائية هي هذا « الغاشي » بلهجة أهل الجزائر والذي لا جدوى منه ; لأنّه فقد أهمّ ‏خاصّية فيه ، وهي الإرادة العقلية ، فتوقّف عن تخطيط حياته ، أو المساهمة في صنع مصيره ، ومن ‏هنا تبدأ مهمّة الداعية بتخليص هذه الفئة المسحوقة من هذه المعاناة العدمية كما يقول الفلاسفة ، ‏وتمكينها من تجاوز سطحيتها إلى البحث عمّا في أعماقها من كنوز .‏
فمن الآفات المستبدّة بالمجتمعات المسلمة هذه التبعية بدل الإبداعية ، وهي ما سمّاها [[أبو حامد ‏الغزالي]] بـ « [[ذهنية القطيع]] » ، ذهنية القطيع هذه عندما تستبدّ بعقل ما تعيقه عن الإبداع وتجعل منه ‏‏« إمّعة » تضع كلّ قناعاته ومنتوجات عقله في سلّة اللامعقول !‏
‏3 ـ  الغلوّ والتنطّع .‏
 
إنّ ممّا بات مسلّماً به أيضاً لدى بعض دعاة الخطاب الإسلامي شيوع ما يسمّيه المفكّر الجزائري ‏مالك بن نبي بالأفكار « المميتة أو القاتلة » .‏
وبالموازاة مع هذه الاتّباعية هناك ما يسمّيه الداعية الإسلامي المغربي [[عبدالسلام ياسين]] ‏‏« الغثائية » ، فالغثائية هي هذا « الغاشي » بلهجة أهل [[الجزائر]] والذي لا جدوى منه ; لأنّه فقد أهمّ ‏خاصّية فيه ، وهي الإرادة العقلية ، فتوقّف عن تخطيط حياته ، أو المساهمة في صنع مصيره ، ومن ‏هنا تبدأ مهمّة الداعية بتخليص هذه الفئة المسحوقة من هذه المعاناة العدمية كما يقول الفلاسفة ، ‏وتمكينها من تجاوز سطحيتها إلى البحث عمّا في أعماقها من كنوز .‏
وأخطر آفة من هذه الأفكار القاتلة الغلوّ الديني ، والغلوّ الحزبي ، والغلوّ الطائفي أو العقدي، ‏وكلّها قنابل موقوتة توشك أن تقضي على كيان الأُمّة .‏
 
‏3 ـ  [[الغلوّ]] والتنطّع .‏
 
إنّ ممّا بات مسلّماً به أيضاً لدى بعض دعاة الخطاب الإسلامي شيوع ما يسمّيه المفكّر الجزائري [[‏مالك بن نبي]] بالأفكار « المميتة أو القاتلة » .‏
 
وأخطر آفة من هذه الأفكار القاتلة الغلوّ الديني ، والغلوّ الحزبي ، و[[الغلوّ الطائفي]] أو العقدي، ‏وكلّها قنابل موقوتة توشك أن تقضي على كيان الأُمّة .‏
 
وما نصطدم به عند بعض الدعاة من الغلوّ استغلال منبر الدعوى لتخويف الناس وترهيبهم ‏بمختلف الوسائل ، وهو ما أدّى إلى الكوارث التي مازلنا نعاني تبعات محنتها .‏
وما نصطدم به عند بعض الدعاة من الغلوّ استغلال منبر الدعوى لتخويف الناس وترهيبهم ‏بمختلف الوسائل ، وهو ما أدّى إلى الكوارث التي مازلنا نعاني تبعات محنتها .‏
إنّ مهمة الداعية الإسلامي بدعوته أن يأخذ بيد المدعو إلى شاطئ النجاة ، وأن يزيل عن عقله ‏غشاوة الأُميّة بجميع ألوانها والجهل بمختلف مستوياته ، وتحصين الذات ضدّ كلّ ألوان ‏‏« الفيروسات» المفقدة للمناعة الحضارية ، وبذلك يتقوّى الطالب والمطلوب والداعية والمدعو ، ‏فيتحقّق هدف الخطاب الدعوي في أنبل وأسمى وأدقّ معانيه  
 
إنّ مهمة الداعية الإسلامي بدعوته أن يأخذ بيد المدعو إلى شاطئ النجاة ، وأن يزيل عن عقله ‏غشاوة الأُميّة بجميع ألوانها والجهل بمختلف مستوياته ، وتحصين الذات ضدّ كلّ ألوان ‏‏« الفيروسات» المفقدة للمناعة الحضارية ، وبذلك يتقوّى الطالب والمطلوب والداعية والمدعو ، ‏فيتحقّق هدف الخطاب الدعوي في أنبل وأسمى وأدقّ معانيه .
 


=وظيفة الداعية=
=وظيفة الداعية=


أمّا ما يتعلّق بوظيفة الداعية : فوظيفته في المقام هي : ما ينبغي أن يقوم به الداعية من مهامّ ‏تصبّ في صلب اهتمامه . ومن أهمّها أن يتطرّق إلى مسائل اجتماعية تهمّ الشعوب والجماهير ، ‏كالحديث عن :‏
أمّا ما يتعلّق بوظيفة الداعية : فوظيفته في المقام هي : ما ينبغي أن يقوم به الداعية من مهامّ ‏تصبّ في صلب اهتمامه . ومن أهمّها أن يتطرّق إلى مسائل اجتماعية تهمّ الشعوب والجماهير ، ‏كالحديث عن :‏
أ ـ  التنمية والتطوّر التكنولوجي والاعتماد على الذات وتسخير قوانين الطبيعة لاستثمار وجني ‏ثمارها .‏
أ ـ  التنمية والتطوّر التكنولوجي والاعتماد على الذات وتسخير قوانين الطبيعة لاستثمار وجني ‏ثمارها .‏
ب ـ  وحدة الأُمّة ضدّ التجزئة القبلية والعرقية والطائفية والمذهبية من أجل الوحدة الإسلامية .‏
 
ب ـ  وحدة الأُمّة ضدّ التجزئة القبلية والعرقية والطائفية و[[المذهبية]] من أجل الوحدة الإسلامية .‏
 
ج ـ  العدالة الاجتماعية وإعادة توزيع الدخل بما يحقّق أكبر قدر ممكن من المساواة بين الأغنياء ‏والفقراء .‏
ج ـ  العدالة الاجتماعية وإعادة توزيع الدخل بما يحقّق أكبر قدر ممكن من المساواة بين الأغنياء ‏والفقراء .‏
د ـ  تحرير الوطن الإسلامي من الغزاة الصهاينة والاستكبار العالمي بزعامة الولايات المتّحدة ‏الأميركية ومقاومة كلّ القوى الاستعمارية الغازية .‏
د ـ  تحرير الوطن الإسلامي من الغزاة الصهاينة والاستكبار العالمي بزعامة الولايات المتّحدة ‏الأميركية ومقاومة كلّ القوى الاستعمارية الغازية .‏
هـ ـ  تحرير المواطن من القهر والاستبداد والدفاع عن حقوق الإنسان حماية لحقوق المواطنين ‏أمام الأحكام التعسّفية الحاكمة .‏
هـ ـ  تحرير المواطن من القهر والاستبداد والدفاع عن حقوق الإنسان حماية لحقوق المواطنين ‏أمام الأحكام التعسّفية الحاكمة .‏
و ـ  إثبات الهوية ضدّ التغريب والتبعية والرجوع إلى الأصالة ومراعاة متطلّبات العصر .‏
 
و ـ  إثبات الهوية ضدّ [[التغريب]] والتبعية والرجوع إلى الأصالة ومراعاة متطلّبات العصر .‏
 
ز ـ  حشد الجماهير وتجنيد الناس حتّى يتحوّل الكمّ إلى الكيف ضدّ اللامبالاة والحياد والفتور .‏
ز ـ  حشد الجماهير وتجنيد الناس حتّى يتحوّل الكمّ إلى الكيف ضدّ اللامبالاة والحياد والفتور .‏
ح ـ  كسر حواجز الخوف من المفاهيم الوهمية المخيفة في العالم كأُحادية النظام العالمي الجديد ‏وسلطة اللوبي الصهيوني على العالم الإسلامي وعدم استطاعته التغيير .‏
ح ـ  كسر حواجز الخوف من المفاهيم الوهمية المخيفة في العالم كأُحادية النظام العالمي الجديد ‏وسلطة اللوبي الصهيوني على العالم الإسلامي وعدم استطاعته التغيير .‏
ط ـ  الدعوة إلى إقامة اتّحادات إسلامية استخداماً للطاقات الإسلامية في مختلف المجالات السياسية ‏والثقافية والاقتصادية ، وتفعيل المنظّمات القطرية والمحلّية الإسلامية لصالح المجتمع الإسلامي ، ‏كتفعيل منظّمة المؤتمر الإسلامي والصندوق المالي الإسلامي والسوق الإسلامية المشتركة وكلّ ما من ‏شأنه أن يساعد في تقارب الأُمّة الإسلامية (‏10‏).‏
 
(‏10‏)راجع لجميع ما تقدم موسوعة أعلام الدعوة والوحدة والإصلاح ج1 ،ص26-37 ..‏
ط ـ  الدعوة إلى إقامة اتّحادات إسلامية استخداماً للطاقات الإسلامية في مختلف المجالات السياسية ‏والثقافية والاقتصادية ، وتفعيل المنظّمات القطرية والمحلّية الإسلامية لصالح المجتمع الإسلامي ، ‏كتفعيل [[منظّمة المؤتمر الإسلامي]] و[[الصندوق المالي الإسلامي]] و[[السوق الإسلامية المشتركة]] وكلّ ما من ‏شأنه أن يساعد في تقارب الأُمّة الإسلامية (‏10‏).‏
 
(‏10‏)راجع لجميع ما تقدّم موسوعة أعلام الدعوة والوحدة والإصلاح ج1 ،ص26-37 .


=المصدر=
=المصدر=


1.أمالي الطوسي .
1.أمالي الطوسي .
تأليف : أبي جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي (ت460 ه)\تحقيق : قسم الدراسات الإسلامية في مؤسسة البعثة\نشر : دار الثقافة-قم\الطبعة الأولى-1414ه .
تأليف : أبي جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي (ت460 ه)\تحقيق : قسم الدراسات الإسلامية في مؤسسة البعثة\نشر : دار الثقافة-قم\الطبعة الأولى-1414ه .


2.تهذيب اللغة .
2.تهذيب اللغة .
تأليف : أبي منصور محمد بن أحمد الأزهري الهروي الشافعي (ت370 ه)\تعليق : عمر سلامي وعبد الكريم حامد\نشر : دار إحياء التراث العربي-بيروت\الطبعة الأولى-1421ه .
تأليف : أبي منصور محمد بن أحمد الأزهري الهروي الشافعي (ت370 ه)\تعليق : عمر سلامي وعبد الكريم حامد\نشر : دار إحياء التراث العربي-بيروت\الطبعة الأولى-1421ه .


3.ثقافة المسلم..دراسة منهجية برامجية .
3.ثقافة المسلم..دراسة منهجية برامجية .
تأليف : د.عبد الحميد بو زينة\نشر : مؤسسة الرسالة-بيروت\الطبعة الأولى-1409ه .
تأليف : د.عبد الحميد بو زينة\نشر : مؤسسة الرسالة-بيروت\الطبعة الأولى-1409ه .


4.جامع البيان عن تأويل آيات القرآن .
4.جامع البيان عن تأويل آيات القرآن .
تأليف : أبي جعفر محمد بن جرير بن يزيد الطبري (ت310 ه)\تحقيق : صدقي جميل العطار\نشر :دار الفكر-بيروت\1415ه .
تأليف : أبي جعفر محمد بن جرير بن يزيد الطبري (ت310 ه)\تحقيق : صدقي جميل العطار\نشر :دار الفكر-بيروت\1415ه .


5.الجامع لأحكام القرآن .
5.الجامع لأحكام القرآن .
تأليف : أبي عبد الله محمد بن أحمد القرطبي الأنصاري (ت671 ه)\تحقيق : أحمد عبد العليم البردوني\نشر : دار إحياء التراث العربي-بيروت\الطبعة الثانية .
تأليف : أبي عبد الله محمد بن أحمد القرطبي الأنصاري (ت671 ه)\تحقيق : أحمد عبد العليم البردوني\نشر : دار إحياء التراث العربي-بيروت\الطبعة الثانية .


6.سنن الدارمي .
6.سنن الدارمي .
تأليف : أبي محمد عبد الله بن عبد الرحمان بن الفضل بن بهرام الدارمي التميمي السمرقندي (ت671 ه)\نشر : دار الفكر-القاهرة\1398ه .
تأليف : أبي محمد عبد الله بن عبد الرحمان بن الفضل بن بهرام الدارمي التميمي السمرقندي (ت671 ه)\نشر : دار الفكر-القاهرة\1398ه .


7.كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال .
7.كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال .
تأليف : علاء الدين علي بن حسام الدين الهندي البرهان فوري (ت975 ه)\تعليق : بكري حياني\تصحيح وفهرسة : صفوة السقا\نشر : مؤسسة الرسالة-بيروت\1409ه .
تأليف : علاء الدين علي بن حسام الدين الهندي البرهان فوري (ت975 ه)\تعليق : بكري حياني\تصحيح وفهرسة : صفوة السقا\نشر : مؤسسة الرسالة-بيروت\1409ه .


8.مجمع البيان في تفسير القرآن .
8.مجمع البيان في تفسير القرآن .
تأليف : أبي علي الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسي (ت548 ه)\نشر : المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية-طهران\1417ه .
تأليف : أبي علي الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسي (ت548 ه)\نشر : المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية-طهران\1417ه .


9.المعجم الوسيط فيما يخصّ الوحدة والتقريب\تأليف : محمّد جاسم الساعدي\نشر : المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية-طهران\الطبعة الأولى-1431ه .
9.المعجم الوسيط فيما يخصّ الوحدة والتقريب .


10.موسوعة أعلام الدعوة والوحدة والإصلاح\تأليف : محمّد جاسم الساعدي\نشر :المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية-طهران\ الطبعة الأولى-1431ه .
تأليف : محمّد جاسم الساعدي\نشر : المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية-طهران\الطبعة الأولى-1431ه .


11.موسوعة الحضارة الإسلامية\تأليف :مجموعة من الباحثين\نشر :المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية-القاهرة\1426ه .
10.موسوعة أعلام الدعوة والوحدة والإصلاح .
 
تأليف : محمّد جاسم الساعدي\نشر :المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية-طهران\ الطبعة الأولى-1431ه .
 
11.موسوعة الحضارة الإسلامية .
 
تأليف :مجموعة من الباحثين\نشر :المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية-القاهرة\1426ه .


[[تصنيف : الدعوة الإسلامية]]
[[تصنيف : الدعوة الإسلامية]]
[[تصنيف : الإسلام]]
[[تصنيف : الإسلام]]
[[تصنيف :العالمية]]
[[تصنيف :العالمية]]
Write، confirmed، steward، إداريون
٣٬٣٠٢

تعديل