الفرق بين المراجعتين لصفحة: «حول الدعوة الإسلامية»

لا يوجد ملخص تحرير
لا ملخص تعديل
لا ملخص تعديل
سطر ٢٣: سطر ٢٣:
ثانيها : تشريعاته التي تضمن قيم الإنسانية كلّها في محيط واحد ، لا تترع معه إلى عصبية دم ، أو ‏اختلاف لون ، أو فرقة جنس .‏
ثانيها : تشريعاته التي تضمن قيم الإنسانية كلّها في محيط واحد ، لا تترع معه إلى عصبية دم ، أو ‏اختلاف لون ، أو فرقة جنس .‏
ثالثها : اتّساقه مع حقائق الكون وخصائص الوجود ، بحيث لا يتعارض مع ما يثبت من حقائق ‏العلم، أو يختلف مع منطق الفكر .‏
ثالثها : اتّساقه مع حقائق الكون وخصائص الوجود ، بحيث لا يتعارض مع ما يثبت من حقائق ‏العلم، أو يختلف مع منطق الفكر .‏
وكذلك لا يكون الدين عالمياً إلاّ إذا صحب الإنسان في جميع أزمانه المتطوّرة وعصوره ‏المتلاحقة ، أي : يكون خالداً ، لا يعتريه نسخ أو زوال ، ولا عقم ولا جمود ، موفياً بجميع مطالب ‏الإنسان المتنوّعة المتجدّدة في كلّ الميادين التي يزاول فيها الإنسان بعقله الواسع نشاطه الكامل . ولا ‏يوجد دين من الأديان السماوية فيه هذه المواصفات التي تجعله عالمياً إلاّ دين الإسلام(‏ ) .
وكذلك لا يكون الدين عالمياً إلاّ إذا صحب الإنسان في جميع أزمانه المتطوّرة وعصوره ‏المتلاحقة ، أي : يكون خالداً ، لا يعتريه نسخ أو زوال ، ولا عقم ولا جمود ، موفياً بجميع مطالب ‏الإنسان المتنوّعة المتجدّدة في كلّ الميادين التي يزاول فيها الإنسان بعقله الواسع نشاطه الكامل . ولا ‏يوجد دين من الأديان السماوية فيه هذه المواصفات التي تجعله عالمياً إلاّ دين الإسلام(‏1‏) .
(‏1‏)المعجم الوسيط فيما يخص الوحدة والتقريب ج1 ،ص350-353 .


=صور تقرير العالمية=
=صور تقرير العالمية=
سطر ٣٣: سطر ٣٤:
يقرّر القرآن الكريم عالمية الدعوة الإسلامية التي مفادها أنّ الإسلام عقيدة لا ينفرد بها شعب أو  ‏مجتمع بعينه ، ولا تختصّ ببلد أو بلاد معيّنة ، بل الإسلام دين ذو قوانين تسري على الأفراد على ‏اختلافهم من العنصر والوطن واللسان ، ولا يفترض لنفوذه حاجزاً بين بني الإنسان ، ولا يعترف بأيّة ‏فواصل وتحديدات جنسية أو إقليمية أو زمنية ، فهو عامّ في المكان والزمان .‏
يقرّر القرآن الكريم عالمية الدعوة الإسلامية التي مفادها أنّ الإسلام عقيدة لا ينفرد بها شعب أو  ‏مجتمع بعينه ، ولا تختصّ ببلد أو بلاد معيّنة ، بل الإسلام دين ذو قوانين تسري على الأفراد على ‏اختلافهم من العنصر والوطن واللسان ، ولا يفترض لنفوذه حاجزاً بين بني الإنسان ، ولا يعترف بأيّة ‏فواصل وتحديدات جنسية أو إقليمية أو زمنية ، فهو عامّ في المكان والزمان .‏
فعالمية الدولة الإسلامية هي المظهر السياسي المعبّر عن ربوبية شاملة لكافّة أفراد الجنس البشري ‏وناظرة للجميع بعين العدل ، وإغفال هذا المظهر يعني إغفال جانب من جوانب التوحيد ، ذلك أنّ ‏التوحيد بما هو حقيقة مطلقة لا يمكننا أن نحبسه في نطاق محدود ، ولا بدّ وأن تأخذ هذه الحقيقة مداها ‏في كلّ الآفاق المحيطة بها ، وتستوعب الساحة الإنسانية من أبعادها الزمانية والمكانية ‏والموضوعية . . وامتدادها في أُفق الزمان إلى نهايته هو الذي يُعبّر عنه بخلود الرسالة الإسلامية ، ‏وامتدادها في أُفق الحياة البشرية إلى نهايته هو الذي يعبّر عنه بشمول الرسالة الإسلامية لمختلف ‏جوانب الحياة الإنسانية ، كما أنّ امتدادها في الأُفق الجغرافي للمجتمع البشري إلى نهايته هو الذي ‏يعبّر عنه بعالمية الرسالة الإسلامية . فالعالمية هي التعبير الطبيعي عن ربوبية مطلقة رحيمة وعادلة ‏تدير دفّة الساحة الإنسانية على أساس العدل والمساواة والحقّ .‏
فعالمية الدولة الإسلامية هي المظهر السياسي المعبّر عن ربوبية شاملة لكافّة أفراد الجنس البشري ‏وناظرة للجميع بعين العدل ، وإغفال هذا المظهر يعني إغفال جانب من جوانب التوحيد ، ذلك أنّ ‏التوحيد بما هو حقيقة مطلقة لا يمكننا أن نحبسه في نطاق محدود ، ولا بدّ وأن تأخذ هذه الحقيقة مداها ‏في كلّ الآفاق المحيطة بها ، وتستوعب الساحة الإنسانية من أبعادها الزمانية والمكانية ‏والموضوعية . . وامتدادها في أُفق الزمان إلى نهايته هو الذي يُعبّر عنه بخلود الرسالة الإسلامية ، ‏وامتدادها في أُفق الحياة البشرية إلى نهايته هو الذي يعبّر عنه بشمول الرسالة الإسلامية لمختلف ‏جوانب الحياة الإنسانية ، كما أنّ امتدادها في الأُفق الجغرافي للمجتمع البشري إلى نهايته هو الذي ‏يعبّر عنه بعالمية الرسالة الإسلامية . فالعالمية هي التعبير الطبيعي عن ربوبية مطلقة رحيمة وعادلة ‏تدير دفّة الساحة الإنسانية على أساس العدل والمساواة والحقّ .‏
وقد جاء في تفسير القرطبي في قوله تعالى : ( لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً ) ( سورة الفرقان : 1 ) أنّ ‏المراد بالعالمين هنا الإنس والجنّ ; لأنّ النبي (صلى الله عليه وآله) قد كان رسولاً إليهما ونذيراً لهما ، ‏وأنّه خاتم الأنبياء ، ولم يكن غيره عامّ الرسالة ، إلاّ نوح فإنّه عمّ برسالته جميع الإنس بعد الطوفان ; ‏لأنّه بدأ به الخلق(‏ ) .
وقد جاء في تفسير القرطبي في قوله تعالى : ( لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً ) ( سورة الفرقان : 1 ) أنّ ‏المراد بالعالمين هنا الإنس والجنّ ; لأنّ النبي (صلى الله عليه وآله) قد كان رسولاً إليهما ونذيراً لهما ، ‏وأنّه خاتم الأنبياء ، ولم يكن غيره عامّ الرسالة ، إلاّ نوح فإنّه عمّ برسالته جميع الإنس بعد الطوفان ; ‏لأنّه بدأ به الخلق(‏‏2) .
وقال الزجّاج : معنى العالمين كلّ ما خلق الله ، كما قال : ( وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْء ) ( سورة الأنعام : ‏‏164 ) ، وهو جمع عالم ، قال : ولا واحد لعالم من لفظه(‏ ) .
(‏‏2)مجمع البيان ج7 ،ص299 \الجامع لأحكام القران ج1 ،ص138 و ج13 ،ص2.
وقال ابن عبّاس في قوله تعالى : ( اَلْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ) ( سورة الفاتحة : 2 ) : ربّ الجنّ ‏والإنس(‏ ) .
وقال الزجّاج : معنى العالمين كلّ ما خلق الله ، كما قال : ( وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْء ) ( سورة الأنعام : ‏‏164 ) ، وهو جمع عالم ، قال : ولا واحد لعالم من لفظه(‏3‏) .
وقال قتادة : ربّ الخلق كلّهم(‏ ) .
(‏3‏)تهذيب اللغة ج2 ،ص252 \لسان العرب ج3 ،ص2745 .
قال الأزهري : الدليل على صحّة قول ابن عبّاس قوله عزّ وجلّ : ( تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى ‏عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً ) ( سورة الفرقان : 1 )(‏ ) .
وقال ابن عبّاس في قوله تعالى : ( اَلْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ) ( سورة الفاتحة : 2 ) : ربّ الجنّ ‏والإنس(‏4‏) .
(‏4‏)جامع البيان ج1 ،ص95 \كنز العمال ج2 ،ص299 .
وقال قتادة : ربّ الخلق كلّهم(5‏) .
(5‏)تهذيب اللغة ج2 ،ص252 .
قال الأزهري : الدليل على صحّة قول ابن عبّاس قوله عزّ وجلّ : ( تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى ‏عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً ) ( سورة الفرقان : 1 )(6‏) .
(6‏)تهذيب اللغة ج2 ،ص252 .
الدعوة الإسلامية هي بهذا المعنى إنّما تعكس شريعة عالمية كاملة . ويدلّ على هذا أنّ النبي كان ‏يرسل إلى قومه خاصّة ، كما حكت آيات القرآن في قوله : ( وَإِلَى عَاد أَخَاهُمْ هُوداً ) ( سورة الأعراف : ‏‏65 ) ،(  وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً ) ( سورة الأعراف : 73 ) ، ( وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً ) ( سورة ‏الأعراف : 85 ) ، أمّا رسول الإسلام فقد أرسل للناس كافّة وخاطبه القرآن بقوله : ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ ‏رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ )( سورة الأنبياء : 107 ) ، ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِّلنَّاسِ ) ( سورة سبأ : 28 ) .‏
الدعوة الإسلامية هي بهذا المعنى إنّما تعكس شريعة عالمية كاملة . ويدلّ على هذا أنّ النبي كان ‏يرسل إلى قومه خاصّة ، كما حكت آيات القرآن في قوله : ( وَإِلَى عَاد أَخَاهُمْ هُوداً ) ( سورة الأعراف : ‏‏65 ) ،(  وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً ) ( سورة الأعراف : 73 ) ، ( وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً ) ( سورة ‏الأعراف : 85 ) ، أمّا رسول الإسلام فقد أرسل للناس كافّة وخاطبه القرآن بقوله : ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ ‏رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ )( سورة الأنبياء : 107 ) ، ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِّلنَّاسِ ) ( سورة سبأ : 28 ) .‏
وقد تضافرت النصوص القرآنية الصريحة التي تؤكّد هذا المعنى ، فقال سبحانه : ( قُلْ يَا أَيُّهَا ‏النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً ) ( سورة الأعراف : 158 ) ، وقال سبحانه : ( وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ ‏دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ  الْخَاسِرِينَ ) ( سورة آل عمران : 85 ) ، وقال تعالى عن القرآن ‏الكريم الذي أوحاه إلى نبيّه (صلى الله عليه وآله) : ( إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ * وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِين ) ( سورة ‏ص : 87 ـ 88 ) ، وقال عزّ من قائل : ( وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لاُِنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ ) (سورة الأنعام : ‏‏19 ) ، أي : كلّ من يصل إليه بلاغ القرآن ، وكلّ من سمعه في جميع أقطار الأرض ، في أيّ زمن ‏من الأزمان وصل إليه هذا البلاغ ، وقال تعالى : ( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى ‏الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ) ( سورة التوبة : 33)، وقال تعالى : ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً ‏لِلْعَالَمِينَ )( سورة الأنبياء : 107 ) .‏
وقد تضافرت النصوص القرآنية الصريحة التي تؤكّد هذا المعنى ، فقال سبحانه : ( قُلْ يَا أَيُّهَا ‏النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً ) ( سورة الأعراف : 158 ) ، وقال سبحانه : ( وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ ‏دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ  الْخَاسِرِينَ ) ( سورة آل عمران : 85 ) ، وقال تعالى عن القرآن ‏الكريم الذي أوحاه إلى نبيّه (صلى الله عليه وآله) : ( إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ * وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِين ) ( سورة ‏ص : 87 ـ 88 ) ، وقال عزّ من قائل : ( وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لاُِنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ ) (سورة الأنعام : ‏‏19 ) ، أي : كلّ من يصل إليه بلاغ القرآن ، وكلّ من سمعه في جميع أقطار الأرض ، في أيّ زمن ‏من الأزمان وصل إليه هذا البلاغ ، وقال تعالى : ( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى ‏الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ) ( سورة التوبة : 33)، وقال تعالى : ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً ‏لِلْعَالَمِينَ )( سورة الأنبياء : 107 ) .‏
أمّا الوجه الثاني لعالمية الدعوة الإسلامية فيتبيّن من دعوة غير العرب ، فقد جاء في القرآن الكريم ‏دعوة أهل الكتاب من اليهود والنصارى والمشركين إلى الإسلام الذي جاء به محمّد (صلى الله عليه وآله) ‏سواء كانوا من العرب أم من غير العرب ، وبيّن لهم بأنّ الإسلام هو الدين الحقّ الذي لا يقبل الله ‏سواه ، بل تجاوزت رسالة نبيّنا محمّد (صلى الله عليه وآله) اليهود والنصارى والبشرية بأكملها ، فلم ‏تقتصر على عالم الإنس فقط ، بل تعدّت ذلك إلى عالم الجنّ أيضاً ، قال تعالى : ( قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ ‏اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجباً * يَهْدِي إِلَى الرشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَداً ) ( سورة ‏الجنّ : 1 ـ 2 ) .‏
أمّا الوجه الثاني لعالمية الدعوة الإسلامية فيتبيّن من دعوة غير العرب ، فقد جاء في القرآن الكريم ‏دعوة أهل الكتاب من اليهود والنصارى والمشركين إلى الإسلام الذي جاء به محمّد (صلى الله عليه وآله) ‏سواء كانوا من العرب أم من غير العرب ، وبيّن لهم بأنّ الإسلام هو الدين الحقّ الذي لا يقبل الله ‏سواه ، بل تجاوزت رسالة نبيّنا محمّد (صلى الله عليه وآله) اليهود والنصارى والبشرية بأكملها ، فلم ‏تقتصر على عالم الإنس فقط ، بل تعدّت ذلك إلى عالم الجنّ أيضاً ، قال تعالى : ( قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ ‏اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجباً * يَهْدِي إِلَى الرشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَداً ) ( سورة ‏الجنّ : 1 ـ 2 ) .‏
ويتمثّل الوجه الثالث لعالمية الدعوة الإسلامية في خطابات القرآن ونداءاته العامّة ، فالقرآن الكريم كثيراً ‏ما يوجّه خطاباته إلى الناس غير مقيّدة بشيء ، وهذا دليل واضح على أنّ خطاباته وتوجيهاته تعمّ ‏الناس كافّة ، والقرآن هو وحي الله لرسوله محمّد (صلى الله عليه وآله) وفيه أحكام الإسلام ، وهذا دليل على ‏أنّ الإسلام لجميع البشرية بل للإنس والجنّ . وأمثله لذلك قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي ‏الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ) ( سورة البقرة : 168 ) ، وقوله تعالى : ‏‏( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) ( سورة البقرة : 21 ) ، وغيرها من ‏الآيات كثير ، فهو سبحانه يخاطب الناس جميعاً بقوله : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ ) ولم يقل : يا أيّها العرب .‏
ويتمثّل الوجه الثالث لعالمية الدعوة الإسلامية في خطابات القرآن ونداءاته العامّة ، فالقرآن الكريم كثيراً ‏ما يوجّه خطاباته إلى الناس غير مقيّدة بشيء ، وهذا دليل واضح على أنّ خطاباته وتوجيهاته تعمّ ‏الناس كافّة ، والقرآن هو وحي الله لرسوله محمّد (صلى الله عليه وآله) وفيه أحكام الإسلام ، وهذا دليل على ‏أنّ الإسلام لجميع البشرية بل للإنس والجنّ . وأمثله لذلك قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي ‏الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ) ( سورة البقرة : 168 ) ، وقوله تعالى : ‏‏( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) ( سورة البقرة : 21 ) ، وغيرها من ‏الآيات كثير ، فهو سبحانه يخاطب الناس جميعاً بقوله : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ ) ،ولم يقل : يا أيّها العرب .‏
والوجه الرابع القوانين والتشريعات القرآنية عالمية في طبيعتها ; لأنّها من محتويات الإسلام ، ‏والإسلام رسالة عالمية يعتمد في جميع أحكامه وتشريعاته ، وما يخصّ الإنسان في معاشه ومعاده على ‏طبيعة الإنسان التي يتساوى فيها جميع البشر ، ولا يجد الباحث مهما أُوتي من مقدرة علمية كبيرة فيما ‏جاء به نبي الإسلام (صلى الله عليه وآله) أيّ طابع إقليمي أو صبغة طائفية ، وتلك آية واضحة على أنّ ‏دعوته دعوة عالمية لا تتحيّز إلى فئة معيّنة ، ولا تنجرف إلى طائفة خاصّة ، فالعبادات والمعاملات ‏والأخلاق . . الخ كلّها ليس فيها صبغة الطائفية والإقليمية ، بل تكتسي بالصبغة العالمية ; لأنّها تناسب ‏الإنسان وطبيعته ، فهي الصالحة له دون سواها . وكذلك النظام الاجتماعي والسياسي والاقتصادي ‏والقضائي . . الخ ، لا تجد في ثنايا أيّ واحد منها أيّ تفكير طائفي أو نزعة إقليمية .‏
والوجه الرابع القوانين والتشريعات القرآنية عالمية في طبيعتها ; لأنّها من محتويات الإسلام ، ‏والإسلام رسالة عالمية يعتمد في جميع أحكامه وتشريعاته ، وما يخصّ الإنسان في معاشه ومعاده على ‏طبيعة الإنسان التي يتساوى فيها جميع البشر ، ولا يجد الباحث مهما أُوتي من مقدرة علمية كبيرة فيما ‏جاء به نبي الإسلام (صلى الله عليه وآله) أيّ طابع إقليمي أو صبغة طائفية ، وتلك آية واضحة على أنّ ‏دعوته دعوة عالمية لا تتحيّز إلى فئة معيّنة ، ولا تنجرف إلى طائفة خاصّة ، فالعبادات والمعاملات ‏والأخلاق . . الخ كلّها ليس فيها صبغة الطائفية والإقليمية ، بل تكتسي بالصبغة العالمية ; لأنّها تناسب ‏الإنسان وطبيعته ، فهي الصالحة له دون سواها . وكذلك النظام الاجتماعي والسياسي والاقتصادي ‏والقضائي . . الخ ، لا تجد في ثنايا أيّ واحد منها أيّ تفكير طائفي أو نزعة إقليمية .‏
والوجه الخامس الإسلام ينبذ أيّ مقوّمات للتفرقة بين الناس ; ذلك أنّ أقوى دليل على أنّ الإسلام ‏رسالة عالمية مكافحته للنزاعات الإقليمية والطائفية ، فالإسلام لا يفرّق بين أبيض وأسود ولا بين جنس ‏وآخر ، بل ينبذ العنصرية والطائفية ، ويرفض جعلها مقياساً للتفاضل في ميزان الإسلام ، والمقياس ‏الوحيد للتفاضل في الإسلام هو التقوى ، فالإسلام هو أوّل مَن حارب العصبية ودعا إلى الأُخوّة تحت ‏لواء التوحيد الخاصّ ومقتضاه الإسلام .‏
والوجه الخامس الإسلام ينبذ أيّ مقوّمات للتفرقة بين الناس ; ذلك أنّ أقوى دليل على أنّ الإسلام ‏رسالة عالمية مكافحته للنزاعات الإقليمية والطائفية ، فالإسلام لا يفرّق بين أبيض وأسود ولا بين جنس ‏وآخر ، بل ينبذ العنصرية والطائفية ، ويرفض جعلها مقياساً للتفاضل في ميزان الإسلام ، والمقياس ‏الوحيد للتفاضل في الإسلام هو التقوى ، فالإسلام هو أوّل مَن حارب العصبية ودعا إلى الأُخوّة تحت ‏لواء التوحيد الخاصّ ومقتضاه الإسلام .‏
سطر ٤٧: سطر ٥٣:
=أدلّة عالمية الإسلام من السنّة النبوية=
=أدلّة عالمية الإسلام من السنّة النبوية=


أمّا أدلّة عالمية الإسلام من السنّة النبوية المطهّرة فقد أمر الله سبحانه وتعالى نبيّه الكريم أوّل ما ‏بعثه أن يصدع بالحقّ بين عشيرته أوّلاً ، ثمّ تتّسع دائرة التبليغ والإنذار إلى أن تصل إلى أسماع كلّ ‏مَن يستطيع أن يسمعه رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، سواء مباشرة أو أن يرسل من ينوب عنه في تبليغ ‏ما جاء به (صلى الله عليه وآله) من ربّه سبحانه تعالى ، فقد أخبر النبي (صلى الله عليه وآله) قومه قائلاً : ‏‏« والله الذي لا إله إلاّ هو ، إنّي رسول الله إليكم خاصّة وإلى الناس عامّة»(‏) ، ولتحقيق ما كلّف به ‏من تبليغ رسالته إلى جميع الناس أرسل السفراء إلى جميع الأقطار ، فبعث سفراءه وفي أيدي كلّ واحد ‏منهم كتاب خاصّ إلى قيصر الروم وكسرى فارس وعظيم القبط وملك الحبشة وغيرهم ، وما ‏كتاباته (صلى الله عليه وآله) هذه إلى ملوك العالم في عهده إلاّ دليلاً قاطعاً على عالمية رسالته ، وقد روى ‏جابر (رضي الله عنه) ، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنّه قال : « أُعطيت خمساً لم يعطهنّ أحد من ‏الأنبياء قبلي : كان كلّ نبي يبعث إلى قومه خاصّة ، وبعثت إلى كلّ أبيض وأسود . . . » الحديث(‏ ) .
أمّا أدلّة عالمية الإسلام من السنّة النبوية المطهّرة فقد أمر الله سبحانه وتعالى نبيّه الكريم أوّل ما ‏بعثه أن يصدع بالحقّ بين عشيرته أوّلاً ، ثمّ تتّسع دائرة التبليغ والإنذار إلى أن تصل إلى أسماع كلّ ‏مَن يستطيع أن يسمعه رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، سواء مباشرة أو أن يرسل من ينوب عنه في تبليغ ‏ما جاء به (صلى الله عليه وآله) من ربّه سبحانه تعالى ، فقد أخبر النبي (صلى الله عليه وآله) قومه قائلاً : ‏‏« والله الذي لا إله إلاّ هو ، إنّي رسول الله إليكم خاصّة وإلى الناس عامّة»(‏7) .
(7)كنز العمال ج13 ،ص175 .
ولتحقيق ما كلّف به ‏من تبليغ رسالته إلى جميع الناس أرسل السفراء إلى جميع الأقطار ، فبعث سفراءه وفي أيدي كلّ واحد ‏منهم كتاب خاصّ إلى قيصر الروم وكسرى فارس وعظيم القبط وملك الحبشة وغيرهم ، وما ‏كتاباته (صلى الله عليه وآله) هذه إلى ملوك العالم في عهده إلاّ دليلاً قاطعاً على عالمية رسالته ، وقد روى ‏جابر (رضي الله عنه) ، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنّه قال : « أُعطيت خمساً لم يعطهنّ أحد من ‏الأنبياء قبلي : كان كلّ نبي يبعث إلى قومه خاصّة ، وبعثت إلى كلّ أبيض وأسود . . . » الحديث(‏8‏) .
(‏8‏)سنن الدارمي ج2 ،224\أمالي الطوسي ص484 .
وعالمية الإسلام تكسب التوجّهات الإسلامية بُعدها العالمي ، وفي سياق هذه العالمية أمر الإسلام ‏بالتعايش والتعارف : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِن ذَكَر وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ) ( سورة ‏الحجرات : 13 ) ، وأمر بالعدل : ( وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْم عَلَى أَ لاَّ تَعْدِلُوا إِعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ) ‏‏( سورة المائدة : 8 ) .‏
وعالمية الإسلام تكسب التوجّهات الإسلامية بُعدها العالمي ، وفي سياق هذه العالمية أمر الإسلام ‏بالتعايش والتعارف : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِن ذَكَر وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ) ( سورة ‏الحجرات : 13 ) ، وأمر بالعدل : ( وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْم عَلَى أَ لاَّ تَعْدِلُوا إِعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ) ‏‏( سورة المائدة : 8 ) .‏
وبعد فإنّ عالمية الإسلام تفرض على أُمّته ـ وذلك كي تحقّق القيام بفريضة الدعوة إليه ـ تحقيق ‏مستويات ثلاثة في الدعوة إلى هذا الدين : تبليغ الدعوة الإسلامية إلى الآخرين ، وإقامة الحجّة بصدق ‏الإسلام على هؤلاء الآخرين ، وإزالة الشبهة عن الإسلام لدى هؤلاء الآخرين .‏
وبعد فإنّ عالمية الإسلام تفرض على أُمّته ـ وذلك كي تحقّق القيام بفريضة الدعوة إليه ـ تحقيق ‏مستويات ثلاثة في الدعوة إلى هذا الدين : تبليغ الدعوة الإسلامية إلى الآخرين ، وإقامة الحجّة بصدق ‏الإسلام على هؤلاء الآخرين ، وإزالة الشبهة عن الإسلام لدى هؤلاء الآخرين .‏
سطر ٥٣: سطر ٦٢:
يعزو المؤرّخ توماس آرنولد في كتابه الشهير « الدعوة إلى الإسلام » انتشار الإسلام إلى دور ‏المسلمين أنفسهم في الدعوة إلى دينهم ، فيقول : « إنّ انتشار هذا الدين ‏‎]‎‏ الإسلام ‏‎ [‎بقوّة في بقعة من ‏العالم يعود إلى أسباب متنوّعة : اجتماعية وسياسية ودينية ، ولكن من بينها وأهمّ العوامل القوية في ‏صناعة هذه النتيجة المذهلة يعود للجهود المتواصلة للدعوة الإسلامية » .‏
يعزو المؤرّخ توماس آرنولد في كتابه الشهير « الدعوة إلى الإسلام » انتشار الإسلام إلى دور ‏المسلمين أنفسهم في الدعوة إلى دينهم ، فيقول : « إنّ انتشار هذا الدين ‏‎]‎‏ الإسلام ‏‎ [‎بقوّة في بقعة من ‏العالم يعود إلى أسباب متنوّعة : اجتماعية وسياسية ودينية ، ولكن من بينها وأهمّ العوامل القوية في ‏صناعة هذه النتيجة المذهلة يعود للجهود المتواصلة للدعوة الإسلامية » .‏
وعلى العكس من الفكرة السائدة بأنّ الإسلام انتشر بالسيف نجد أُوربّا اليوم وهي تشهد نموّاً سلمياً ‏في ظاهرة اعتناق الإسلام . إنّ نداء الإسلام إلى النخب الغربية من أجل التفكير بتعاليمه وعقائده لا ‏تقتصر على بلد واحد ، فهناك العديد من المثقّفين الغربيّين الذين آمنوا بالإسلام وصاروا شخصيات ‏إسلامية شهيرة ، ليس في الغرب فحسب ، بل في جميع أرجاء العالم .‏
وعلى العكس من الفكرة السائدة بأنّ الإسلام انتشر بالسيف نجد أُوربّا اليوم وهي تشهد نموّاً سلمياً ‏في ظاهرة اعتناق الإسلام . إنّ نداء الإسلام إلى النخب الغربية من أجل التفكير بتعاليمه وعقائده لا ‏تقتصر على بلد واحد ، فهناك العديد من المثقّفين الغربيّين الذين آمنوا بالإسلام وصاروا شخصيات ‏إسلامية شهيرة ، ليس في الغرب فحسب ، بل في جميع أرجاء العالم .‏
ينشط المفكّرون المسلمون الغربيّون في حقل الدعوة إلى الإسلام في أُوربّا ، ويوظّفون طاقاتهم ‏وخبراتهم ودراساتهم من أجل نشر الإسلام بين الأُوربيّين ، وهم يبذلون جهوداً في خدمة هذا الهدف ‏المقدّس من خلال تقديم الإسلام بشكل يكون فيه أكثر تكيّفاً مع البيئة الأُوربيّة ، فهم يأخذون بنظر ‏الاعتبار طبيعة المخاطبين وخلفياتهم الثقافية الغربية والجوانب الاجتماعية والسياسية التي تساهم في ‏تشكيل نمط تفكيرهم وردود أفعالهم ، فهم ـ أي : المعتنقون ـ يستخدمون مختلف الوسائل والطرق ‏التقنية للوصول إلى هدفهم(‏ ) .
ينشط المفكّرون المسلمون الغربيّون في حقل الدعوة إلى الإسلام في أُوربّا ، ويوظّفون طاقاتهم ‏وخبراتهم ودراساتهم من أجل نشر الإسلام بين الأُوربيّين ، وهم يبذلون جهوداً في خدمة هذا الهدف ‏المقدّس من خلال تقديم الإسلام بشكل يكون فيه أكثر تكيّفاً مع البيئة الأُوربيّة ، فهم يأخذون بنظر ‏الاعتبار طبيعة المخاطبين وخلفياتهم الثقافية الغربية والجوانب الاجتماعية والسياسية التي تساهم في ‏تشكيل نمط تفكيرهم وردود أفعالهم ، فهم ـ أي : المعتنقون ـ يستخدمون مختلف الوسائل والطرق ‏التقنية للوصول إلى هدفهم(‏9‏) .
(‏9‏)موسوعة الحضارة الإسلامية ص484-487 \ثقافة المسلم ،ص326-343 .


=معوّقات الخطاب الدعوي=
=معوّقات الخطاب الدعوي=
٢٬٧٩٦

تعديل