توقيفية اللغات

من ویکي‌وحدت
مراجعة ٠٣:٥٧، ٧ يوليو ٢٠٢١ بواسطة Abolhoseini (نقاش | مساهمات) (أنشأ الصفحة ب''''توقيفية اللغات:''' المراد من توقيفية اللغة عدم جواز التبديل والتغيير عمّا وضعه واضع اللغة وع...')
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)

توقيفية اللغات: المراد من توقيفية اللغة عدم جواز التبديل والتغيير عمّا وضعه واضع اللغة وعدم جواز الاجتهاد فيها والاشتقاق واستحداث هيئات وصيغ جديدة سواء كان الواضع هو اللّه‏ تعالى أم هو شخص معيّن

تعريف التوقيف لغةً

التوقيف: هو التثبت وعدم التعدّي عن الشيء، يقال توقفت على هذا الأمر أي ثبت عنده[١].

تعريف توقيفية اللغات اصطلاحاً

المراد بتوقيفية اللغات كون اللّه‏ تعالى هو الواضع لها لا أنّها من وضع واضع آخر. وطريق العلم بها إمّا بالوحي منه تعالى إلى الأنبياء أو بخلق أصوات تدلّ على المعاني، أو خلق علم ضروري وإيداعه في الفطرة الإنسانية[٢].
وهذا مسلك في وضع اللغات في قبال مسلك الاصطلاح الذي يذهب إلى أنّ اللغات من وضع البشر سواء كانوا أفرادا أم جماعات.
وهناك معنيان آخران في تفسير التوقيفية يأتي ذكرهما.

حكم التوقيفيات

ذهب إلى هذا المسلك كلّ من ابن حزم والآمدي[٣] ونسب إلى الأشعري[٤] وهو ظاهر الطوفي[٥].

المسلک الأول: کون الله تعالی هو الواضع

واستدلّ أصحاب هذا المسلك بعدّة وجوه:

الوجه الأوّل: مجموعة من الآيات القرآنية


1 ـ قوله تعالى: «وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا»[٦]، ووجه الاستدلال بها: «إنّ آدم والملائكة لايعلمون إلاّ بتعليم اللّه‏ تعالى»[٧]، فدلّت على أنّ الألفاظ من وضعه ويعلمها تعالى للبشر.
2 ـ قوله تعالى: «وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلاَفُ أَلْسِنَتِكُمْ»[٨]، ووجه الاستدلال بها «إنّه لايمكن أن يراد من الألسنة معناها الحقيقي ـ أعني العضو المخصوص ـ إذ ليس فيه كثير اختلاف، فلابدّ أن يراد منها معناها المجازي وهو اللغات، فيكون المعنى: ومن آياته خلق اللغات المختلفة وتوقيف الناس عليها»[٩].

الوجه الثاني: ما أستدلّ به من العقل على التوقيف

وهو يمكن أن يصوّر بتصورين:
الأوّل: إنّ اللغات لو كانت اصطلاحية للزم التسلسل، بيان ذلك: إنّ اللغة لو كانت من وضع واضع واصطلاح منه لاحتاج في تفهيم عملية الوضع إلى اصطلاح وطريق آخر يؤدّي به وظيفة الوضع، ثُمّ إنّ هذا الطريق أيضا يحتاج اصطلاح آخر؛ لأنّه لايفيد المعنى بذاته وهكذا يتسلسل الأمر، ولا مخرج من ذلك إلاّ بالقول بتوقيفية اللغات وأنّ اللّه‏ سبحانه هو الواضع لها[١٠].
الثاني: إنّ اللغات لو كانت اصطلاحية للزم عدم الوثوق بها؛ وذلك لأنّها عرضة للتغيّر والتبدّل، ومن الممكن أن يكون قد أتى مصطلح آخر وغير اللفظ عمّا كان عليه زمان الشارع من المعنى[١١].

المسلک الثاني: کون وضع اللغات ينتهي إليه تعالی

وهو انتهاء عملية وضع اللغات إليه تعالى وإن لم يكن هو الواضع لها فـ «المراد كونه تعالى هو الواضع، أنّ حكمته البالغة لما اقتضت تكلّم البشر بإبراز مقاصدهم بالألفاظ، فلا بدّ من انتهاء كشف الألفاظ لمعانيها إليه تعالى شأنّه بوجه، أمّا بوحي منه إلى نبي من أنبيائه، أو بإلهام منه إلى البشر، أو بإيداع ذلك في طباعهم بحيث صاروا يتكلّمون ويبرزون المقاصد بألفاظ بحسب فطرتهم حسبما أودعه اللّه‏ في طباعهم»[١٢].
وذكر السيّد الحكيم أنّ «هذا القول لايأبى أن تكون اللغة أو بعضها اصطلاحية لإمكان صدورها عن المصطلحين بتوسّط فطرتهم»[١٣].

المسلک الثالث: الاقتصار علی ما ورد منها من دون التغيير والتبديل والإضافة

هذا المسلک ما ذكره السيّد الحكيم من أنّ المراد بتوقيفية اللغات «هو الاقتصار على ما ورد منها دون مسها بالتغيير والتبديل والإضافة، إذ ليس لأحد الحقّ في ذلك، أمّا لأنّها موضوعة من قبل اللّه‏ عزّ وجلّ، أو لأنّها من وضع من يملك وحده السلطنة على ذلك من البشر كيعرب بن قحطان بالنسبة للغة العربية، أو لدعوى الترابط الذاتي بين الألفاظ والمعاني»[١٤].
وذهب إلى أنّ مقوّمات اللغة من الأصوات والصيغ والهيئات وأدوات الربط والحركات توقيفية لايجوز التغيير فيها، بل يجب اتّباع الواضع، بخلاف مفردات اللغة فإنّه يجوز التغيير والتبديل فيها وإبداع واستحداث ألفاظ جديدة على طبق الصيغ التي وضعها واضع اللغة.
فمراده من توقيفية اللغة عدم جواز التبديل والتغيير عمّا وضعه واضع اللغة وعدم جواز الاجتهاد فيها والاشتقاق واستحداث هيئات وصيغ جديدة سواء كان الواضع هو اللّه‏ تعالى أم هو شخص معيّن[١٥].
ويقول: «فاللغة العربية مثلاً بعد أن استقرت معالمها واستوت مشخصاتها وتحقّقت ماهيتها، لم يعدّ له الحقّ في التصرّف بمقوماتها ما دام يريد لنفسه السير في فلكها، وإعطاؤه مثل هذا الحقّ تعبير آخر عن إعطائه الحقّ في القضاء عليها تدريجيا؛ لوضوح أنّ التصرّف بذاتيات الشيء بالتغيير والتبديل تصرّف بنفس الذات وإعدام لماهيتها»[١٦].

المصادر

  1. . تاج العروس 12: 530 مادة «وقف».
  2. . أنيس المجتهدين 1: 37، الإحكام الآمدي 1 ـ 2: 67.
  3. . الإحكام 1 ـ 2: 71.
  4. . أنظر: المصدر السابق: 67.
  5. . شرح مختصر الروضة 1: 474.
  6. . البقرة: 31.
  7. . الإحكام الآمدي 1 ـ 2: 67.
  8. . الروم: 22.
  9. . أنيس المجتهدين 1: 39.
  10. . أنظر: المحصول 1: 60، الإبهاج في شرح المنهاج 1: 199.
  11. . أنظر: المحصول 1: 60، الإبهاج في شرح المنهاج 1: 199.
  12. . فوائد الأصول 1 ـ 2: 30.
  13. . من تجارب الأصوليين في المجالات اللغوية: 25.
  14. . المصدر السابق.
  15. . المصدر السابق.
  16. . المصدر السابق: 126.