تعدية العلة

من ویکي‌وحدت
مراجعة ٠٣:٠١، ٢٨ يونيو ٢٠٢١ بواسطة Abolhoseini (نقاش | مساهمات) (أنشأ الصفحة ب''''تعدية العلة :''' وهو جريان العلّة من محل النص إلی غيره کالإسکار الذي يتعدّی فيه من الخمر إلی غ...')
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)

تعدية العلة : وهو جريان العلّة من محل النص إلی غيره کالإسکار الذي يتعدّی فيه من الخمر إلی غيره. وهو من مباحث القياس، ولا يجوز الاستناد إليها عند الشيعة الإمامية لأنهم لايقولون بجواز التعليل بالعلل المستنبطة، ما لم تكن العلّة منصوصة أو مجمعا عليها.

تعريف تعدية العلة لغةً

التعدّي: هو مجاوزة الشيء إلى غيره، يقال: عدّيته فتعدّى؛ أي فتجاوز[١].

تعريف تعدية العلة اصطلاحاً

هو كون العلّة يمكن أن تكون سارية من محلّ النصّ إلى غيره. في قبال العلّة القاصرة: وهي التي لم تتعد عن محلّ النصّ، بل مقتصرة عليه[٢].
ومثال كون العلّة متعدّية هو وصف الإسكار والكيل والوزن والطعم، فإنّ كلّ ذلك يمكن أن يوجد في غير مورد النصّ فيمكن أن يقاس عليه غيره، ومثال كون العلّة قاصرة هو وصف الثمنية في النقدين ووصف الذهبية في الذهب، فلو استنبطنا كون العلّة في الموردين هي الثمنية والذهبية فهل هذا التعليل يدل على كون ذلك علّة حقيقة أو لا؟[٣]
والبحث في تعدّي العلّة وعدم تعدّيها من مباحث القياس، ومن مباحث مشروط العلّة بالتحديد، وهذا البحث لا موضوع له بناءً على رأي الشيعة الإمامية من عدم جواز التعليل بالعلل المستنبطة، ولا يجوز الاستناد إليها في إجراء القياس ما لم تكن العلّة منصوصة أو مجمعا عليها[٤].

البحث حول حجية العلة المستنبطة

لا خلاف في أنّ العلة المنصوصة أو المجمع عليها لايشترط فيها كونها متعدّية عن موردها، باعتبار أنّ النصّ أو الإجماع عليها كفيل بصدق اسم العلّة عليها وإن لم تكن متعدّية عن موردها[٥]، وإنّما الخلاف وقع في العلة المستنبطة، فهل تعدّي العلّة هو شرط علّيتها وصدق اسم العلّة عليها أو لايشترط ذلك، بل يكفي كونها واقفة على موردها؟
«فذهب الشافعي وأحمد والقاضي أبوبكر و القاضي عبدالجبار و أبو الحسين البصري وأكثر الفقهاء والمتكلّمين إلى صحّة العلّة القاصرة»[٦]. وذهب أبو حنيفة والكرخي وأبو عبد اللّه‏ البصري إلى إبطالها[٧]. وقال أبو زيد الدبوسي: «إنّها لاتفيد علما ولا عملاً»[٨]. واحتجّ لإبطالها بعدّة وجوه:

القائلون بعدم حجية العلة المستنبطة

الدليل الأول

إنّ العلل الشرعية أمارات على الأحكام الشرعية، والعلّة القاصرة لاتصلح أن تكون أمارة؛ لأنّ معنى الأمارة هي العلامة التي تدلّ على الشيء، ويراد بالعلّة أن تدلّ على وجود الحكم في غير موردها ، وهذا المعنى مفقود في العلّة القاصرة؛ لأنها لاتدلّ إلاّ على وجود الحكم في الأصل لا غير؛ فإنّ الثمنية والذهبية لا توجد في غير النقدين والذهب[٩].

الدليل الثاني

إنّه لا فائدة للعلّة القاصرة لعدم تعدّيها إلى غير موردها، وما لا فائدة منه لايرد الشرع به؛ لأنّه لغو وهو لايصدر من الشارع[١٠].

القائلون بحجية العلة المستنبطة

واحتجّ من قال باعتبارها بعدّة وجوه أيضا:

الدليل الأول

إنّه لو كان تعدّي العلّة فرع علّيتها ـ كما هو مقتضى قول من قال بإبطالها ـ للزم من ذلك الدور وهو باطل، وما يلزم من الباطل وهو اشتراط تعدّي العلّة باطل، بيان ذلك:
إنّ تعدّي العلّة فرع كونها علّة؛ لأنّ معنى العلّية هو تعدّيها من موردها إلى غيره، فالعلّية وصف سابق على وصف التعدّي، فلو عللت علّية العلّة بتعدّيها كان معناه أنّ التعدّي وصف سابق على وصف العلّية، وهذا هو الدور لتوقّف كون العلّة علّة على تعدّيها، وتوقّف تعدّيها على كونها علّة، وهو باطل، وما يفضي إليه وهو اشتراط التعدّي في العلّة باطل أيضا، فثبت أنّ التعدّي ليس شرطا في العلل[١١].

الدليل الثاني

كما أنّ التعدّي ليس شرطا في العلل العقلية والعلل المنصوصة، كذلك هو ليس بشرط في العلل المستنبطة من باب أولى، وبيان الأولوية: إنّ العلل العقلية والعلل المنصوصة لقوتهما ومع ذلك لايشترط فيها التعدّي، فكيف بـ العلّة المستنبطة التي هي أضعف منهما، فإنّها من باب أولى لايشترط فيها ذلك[١٢].

فوائد التعليل إذا لم تکن بحجة

ثُمّ إنّه قد يطرح سؤال هنا وهو إذا كانت العلّة قاصرة وواقفة على موردها فما فائدة التعليل بها؟ وفي مقام الجواب عن ذلك ذكرت عدّة فوائد لها[١٣]:

الفائدة الاولی

معرفة المناسبة وحكمة الحكم، فيكون الحكم أدعى للقبول والانقياد له من الحكم الذي لاتعلم مناسبته.

الفائدة الثانية

إنّها تفيد فائدة، وهي منع قياس الفرع على حكم الأصل، وهذه الفائدة كافية في صحّة التعليل بها.

الفائدة الثالثة

إنّها تفيد قوة النصّ وظهوره فيكون مرجَّحا على غيره ما لم يعلل بعلّة ما.

ثمرة الخلاف في المسألة

ذهب صدر الشريعة إلى أنّ ثمرة الخلاف في جواز التعليل بالعلّة القاصرة وعدمه هو ما إذا وجد وصفان في مورد النصّ أحدهما قاصر والآخر متعدٍ وغلب على الظنّ أنّ الوصف القاصر علّة، فمن قال بجواز التعليل بالعلّة القاصرة يتعارض الوصفان في التعليل، ومن قال بعدم جوازه، فإنّه لا علّة إلاّ الوصف المتعدّي أمّا القاصر فلايصلح للتعليل فلايعارض غيره[١٤].
هذا وقد ذكر الخضري: إنّ أساس الخلاف في ذلك لفظي، فإنّ الكلّ متفق على عدم جواز القياس مع كون العلّة قاصرة، وإنّما الخلاف في مجرّد التسمية لهذا الوصف الذي اقترن بالحكم مع عدم تعدّيه إلى غيره في أنّه علّة أو لا، فالذي يقول: إنّه ليس بعلّة يقول إنّ القياس لايجري، والذي يقول: إنّه علّة يقول إنّه حكمة للحكم فلا خلاف[١٥].

المصادر

  1. . لسان العرب 3: 2537 مادّة «عدا».
  2. . تشنيف المسامع 2: 57.
  3. . شرح مختصر الروضة 3: 317.
  4. . أنيس المجتهدين 1: 496.
  5. . أنظر: الإحكام الآمدي 3 ـ 4: 192، شرح مختصر الروضة 3: 317.
  6. . الإحكام الآمدي 3 ـ 4: 192.
  7. . المصدر السابق.
  8. . أنظر: تشنيف المسامع 2: 57 نقلاً عنه.
  9. . أنظر: شرح مختصر الروضة 3: 318.
  10. . أنظر: شرح مختصر الروضة 3: 318 ـ 319، أنيس المجتهدين 1: 496.
  11. . شرح مختصر الروضة 3: 319، أنيس المجتهدين 1: 495.
  12. . شرح مختصر الروضة 3: 319.
  13. . المستصفى 2: 190.
  14. . أُنظر: تيسير التحرير 4: 8.
  15. . أُصول الفقه: 320 ـ 321.