الفرق بين المراجعتين لصفحة: «النعمان بن ثابت بن زوطى»

لا يوجد ملخص تحرير
لا ملخص تعديل
لا ملخص تعديل
 
(١٠ مراجعات متوسطة بواسطة ٤ مستخدمين غير معروضة)
سطر ٣: سطر ٣:
!الاسم
!الاسم
|النُعمان بن ثابت بن زُوطَى  (أبو حَنيفة) <ref>وفيات الأعيان 5: 405، تهذيب الكمال 29: 217، 422، الكامل في ضعفاء الرجال 7: 2472، تاريخ أسماء الثقات: 450.</ref>
|النُعمان بن ثابت بن زُوطَى  (أبو حَنيفة) <ref>وفيات الأعيان 5: 405، تهذيب الكمال 29: 217، 422، الكامل في ضعفاء الرجال 7: 2472، تاريخ أسماء الثقات: 450.</ref>
|-
|وفاته
|سنة 150 ه.
|-
|-
|كنيته
|كنيته
سطر ١٧: سطر ٢٠:
|}
|}
</div>
</div>
'''النُعمان بن ثابت بن زُوطَى''' كان زُوطَى  - جدّ النعمان - مملوكاً لبني تَيْم اللَّه بن ثَعْلَبة، فأُعتِقَ، فولاؤه لبني تَيْم اللَّه بن ثَعْلَبة، والنسبة إليه تَيْمُلي أو تَيْمي <ref>تاريخ بغداد 13: 325، اللباب في تهذيب الأنساب 1: 232، 233، رجال الطوسي: 325، وروي عن إسماعيل بن حمّاد بن أبي حنيفة أ نّه قال: «نحن من أبناء فارس الأحرار (راجع: تاريخ أسماء الثقات: 450). وزُوطى  على  وزن مُوسى ، اسم نبطي، والنبطي أو النباطي قوم من العجم كانوا ينزلون بين العراقين: البصرة والكوفة، سمّوا نبطاً لاستنباطهم مايخرج من الأرضين، ثم استعمل في أخلاط الناس وعوامهم. وسفيان الثوري أيضاً لقّب أبا حنيفة بالنبطي (تهذيب الكمال 29: 422، وفيات الأعيان 5: 405، 414، أخبار أبي حنيفة وأصحابه: 75).</ref>. والنُعمان بن المَرْزُبان أبو ثابت وجدّ النعمان، هو الذي أهدى  لعلي بن أبي طالب الفالوذَج في يوم النيروز، وروي: أنّ ثابت ذهب إلى  علي بن أبي طالب وهو صغير، فدعا له بالبركة فيه وفي ذرّيته <ref>أخبار أبي حنيفة وأصحابه: 16، تاريخ أسماء الثقات: 450، تاريخ بغداد 13: 326.</ref>.
'''النُعمان بن ثابت بن زُوطَى''' كان زُوطَى  - جدّ النعمان - مملوكاً لبني تَيْم اللَّه بن ثَعْلَبة، فأُعتِقَ، فولاؤه لبني تَيْم اللَّه بن ثَعْلَبة، والنسبة إليه تَيْمُلي أو تَيْمي <ref>تاريخ بغداد 13: 325، اللباب في تهذيب الأنساب 1: 232، 233، رجال الطوسي: 325، وروي عن إسماعيل بن حمّاد بن أبي حنيفة أ نّه قال: «نحن من أبناء فارس الأحرار (راجع: تاريخ أسماء الثقات: 450). وزُوطى  على  وزن مُوسى ، اسم نبطي، والنبطي أو النباطي قوم من العجم كانوا ينزلون بين العراقين: البصرة والكوفة، سمّوا نبطاً لاستنباطهم مايخرج من الأرضين، ثم استعمل في أخلاط الناس وعوامهم. وسفيان الثوري أيضاً لقّب أبا حنيفة بالنبطي (تهذيب الكمال 29: 422، وفيات الأعيان 5: 405، 414، أخبار أبي حنيفة وأصحابه: 75).</ref>. و[[النُعمان بن المَرْزُبان أبو ثابت]] وجدّ النعمان، هو الذي أهدى  لعلي بن أبي طالب الفالوذَج في يوم النيروز، وروي: أنّ ثابت ذهب إلى  [[علي بن أبي طالب]] وهو صغير، فدعا له بالبركة فيه وفي ذرّيته <ref>أخبار أبي حنيفة وأصحابه: 16، تاريخ أسماء الثقات: 450، تاريخ بغداد 13: 326.</ref>.


=ترجمته=
وكان لأبي حنيفة ولد واحد اسمه حمّاد، وقد خلّف حمّاد أربعة أولاد، هم: إسماعيل وعثمان وعمر وأبو حيان <ref>وقال ابن عدي: وحمّاد بن أبي حنيفة لاأعرف له رواية مستوية فأذكرها. أنظر: الكامل في ضعفاء الرجال 2: 669، كتاب الضعفاء والمجروحين 3: 71، المعارف: 495.</ref>. وقد ذكروا له شمائل عديدة، فعن أبي نعيم قال: «كان أبو حنيفة حسن الوجه والثوب والنعل، والمواساة لكلّ من أطاف به». وعن تلميذه أبي يوسف: «كان أبو حنيفة يختم القرآن في كلّ ليلة». وذكروا أنّه كان يكسب رزقه ببيع الخزّ، ولم يقبل منصب القضاء الذي عُرض عليه فضُرب مائة وعشرة أسواط، في كلّ يوم عشرة أسواط، وهو على  الامتناع <ref>أخبار أبي حنيفة وأصحابه: 16، 17،22،52،57، الغدير 5: 29، 30،33، الجواهر المضيئة 1: 57، تاريخ بغداد 13: 324، 326.</ref>. وقال يوماً: «ما ملكت أكثر من أربعة آلاف درهم منذ أكثر من أربعين سنة إلّا أخرجته، وإنّما أُمسكها لقول علي رضي اللَّه عنه: أربعة آلاف درهم فما دونها نفقة، ولولا أنّي أخاف أن ألجأ إلى  هؤلاء ماتركت منها درهماً واحداً» <ref>أخبار أبي حنيفة وأصحابه: 61.</ref>.
وكان لأبي حنيفة ولد واحد اسمه حمّاد، وقد خلّف حمّاد أربعة أولاد، هم: إسماعيل وعثمان وعمر وأبو حيان <ref>وقال ابن عدي: وحمّاد بن أبي حنيفة لاأعرف له رواية مستوية فأذكرها. أنظر: الكامل في ضعفاء الرجال 2: 669، كتاب الضعفاء والمجروحين 3: 71، المعارف: 495.</ref>. وقد ذكروا له شمائل عديدة، فعن أبي نعيم قال: «كان أبو حنيفة حسن الوجه والثوب والنعل، والمواساة لكلّ من أطاف به». وعن تلميذه أبي يوسف: «كان أبو حنيفة يختم القرآن في كلّ ليلة». وذكروا أنّه كان يكسب رزقه ببيع الخزّ، ولم يقبل منصب القضاء الذي عُرض عليه فضُرب مائة وعشرة أسواط، في كلّ يوم عشرة أسواط، وهو على  الامتناع <ref>أخبار أبي حنيفة وأصحابه: 16، 17،22،52،57، الغدير 5: 29، 30،33، الجواهر المضيئة 1: 57، تاريخ بغداد 13: 324، 326.</ref>. وقال يوماً: «ما ملكت أكثر من أربعة آلاف درهم منذ أكثر من أربعين سنة إلّا أخرجته، وإنّما أُمسكها لقول علي رضي اللَّه عنه: أربعة آلاف درهم فما دونها نفقة، ولولا أنّي أخاف أن ألجأ إلى  هؤلاء ماتركت منها درهماً واحداً» <ref>أخبار أبي حنيفة وأصحابه: 61.</ref>.


كان يعدّ إمام أهل الرأي، وأول من تكلّم بالرأي في الكوفة <ref>لكن ورد في بعض الروايات أنّ أبا حنيفة استند في مصنّفاته على  آلاف الأحاديث النبوية (مناقب الإمام الأعظم المطبوع مع الجواهر المضيئة 2: 474 ط حيدر آباد سنة .</ref>. وقد كان أخذه بالقياس والاستحسان، وابتكاره للحيل الشرعية، باعثاً لنقد الفقهاء والعلماء وأهل الحديث له، واعتبروه مخالفاً لسنّة الرسول صلى الله عليه وآله <ref>أنظر: تاريخ بغداد 13: 396 - 404، المعارف: 495، الكافي 1: 47، علل الشرائع 1: 88 - 91 باب 81، الاختصاص: 189، المعرفة والتاريخ 3: 21، حلية الأولياء 6: 258.</ref>. ومع أ نّه لم يبق له كتاب أو أثر فقهي، إلّا أنّ فتاواه وآراءه الفقهية - طبقاً لبعض الأقوال - بلغت (83000) فتوىً، قد وردت غالباً في آثار تلميذيه: أبي يوسف ومحمد بن الحسن الشيباني، كما ونقلها غيرهما <ref>توفّي محمد بن الحسن سنة 189 ه ، وأبو يوسف سنة 182 ه (تاريخ بغداد 2: 172 - 182، المعارف: 499 ، 625 ، كتاب الضعفاء والمجروحين 2 : 275 ، ميزان الاعتدال 4 : 447 ، أبو حنيفة حياته وعصره : 12 ) .</ref>. وكذلك أورد هؤلاء آراء بعض معاصري أبي حنيفة؛ كابن شبرمة وابن أبي ليلى  وعثمان البتي. بيد أنّ روايات فتاوى  أبي حنيفة كانت مختلفة، ولم ترد جميع فتاواه في تلك الآثار، والمنقول منها غالباً غير مستدلّ وبسيط.
كان يعدّ إمام أهل الرأي، وأول من تكلّم بالرأي في الكوفة <ref>لكن ورد في بعض الروايات أنّ أبا حنيفة استند في مصنّفاته على  آلاف الأحاديث النبوية (مناقب الإمام الأعظم المطبوع مع الجواهر المضيئة 2: 474 ط حيدر آباد سنة .</ref>. وقد كان أخذه بالقياس والاستحسان، وابتكاره للحيل الشرعية، باعثاً لنقد الفقهاء والعلماء وأهل الحديث له، واعتبروه مخالفاً لسنّة الرسول صلى الله عليه وآله <ref>أنظر: تاريخ بغداد 13: 396 - 404، المعارف: 495، الكافي 1: 47، علل الشرائع 1: 88 - 91 باب 81، الاختصاص: 189، المعرفة والتاريخ 3: 21، حلية الأولياء 6: 258.</ref>. ومع أنّه لم يبق له كتاب أو أثر فقهي، إلّا أنّ فتاواه وآراءه الفقهية - طبقاً لبعض الأقوال - بلغت (83000) فتوىً، قد وردت غالباً في آثار تلميذيه: [[أبي يوسف الشيباني]] و [[محمد بن الحسن الشيباني]]، كما ونقلها غيرهما <ref>توفّي محمد بن الحسن سنة 189 ه، وأبو يوسف سنة 182 ه (تاريخ بغداد 2: 172 - 182، المعارف: 499 ، 625 ، كتاب الضعفاء والمجروحين 2 : 275 ، ميزان الاعتدال 4 : 447 ، أبو حنيفة حياته وعصره : 12 ) .</ref>. وكذلك أورد هؤلاء آراء بعض معاصري أبي حنيفة؛ كابن شبرمة وابن أبي ليلى  و [[عثمان البتي]]. بيد أنّ روايات فتاوى  أبي حنيفة كانت مختلفة، ولم ترد جميع فتاواه في تلك الآثار، والمنقول منها غالباً غير مستدلّ وبسيط.


وتجدر الإشارة هنا إلى  أنّ منهج أبي حنيفة في الاجتهاد لم يُدوَّن في كتاب، بل لم يُذكر حتّى  في آثار تلامذته <ref>ومن تلامذته - فضلاً عن الشيباني وأبي يوسف - : أبوبكر النهشلي، محمد بن جابر الحنفي، أبو بردة العتبي، حبيب بن أبي ثابت، أسد بن عمرو، القاسم بن معن، زفر بن الهذيل، علي بن مسهر (أخبار أبي حنيفة وأصحابة: 97، 109، 125، 156، 158).</ref> أيضاً، والموجود في الآثار الأُولى  المدوّنة في أُصول الفقه الحنفي؛ كرسالة أبي حسن الكوفي والدبوسي وكتاب البزدوي هو حاصل تخريجهم واستنباطهم من الفروع الفقهية لأبي حنيفة وتلامذته <ref>أبو حنيفة حياته وعصره: 12، 13.</ref>.
وتجدر الإشارة هنا إلى  أنّ منهج أبي حنيفة في الاجتهاد لم يُدوَّن في كتاب، بل لم يُذكر حتّى  في آثار تلامذته <ref>ومن تلامذته - فضلاً عن الشيباني وأبي يوسف - : [[أبوبكر النهشلي]]، [[محمد بن جابر الحنفي]]، [[أبو بردة العتبي]]، [[حبيب بن أبي ثابت]]، [[أسد بن عمرو]]، [[القاسم بن معن]]، [[زفر بن الهذيل]]، علي بن مسهر (أخبار أبي حنيفة وأصحابة: 97، 109، 125، 156، 158).</ref> أيضاً، والموجود في الآثار الأُولى  المدوّنة في أُصول الفقه الحنفي؛ كرسالة أبي حسن الكوفي والدبوسي وكتاب البزدوي هو حاصل تخريجهم واستنباطهم من الفروع الفقهية لأبي حنيفة وتلامذته <ref>أبو حنيفة حياته وعصره: 12، 13.</ref>.


إذن، فإنّ مجموع ما يُنقل عن أبي حنيفة وأطلق على  أ نّه منهجه الفقهي، منذ ذلك الزمان وحتّى الآن، هو ما عرف بالمذهب الحنفي.
إذن، فإنّ مجموع ما يُنقل عن أبي حنيفة وأطلق على  أ نّه منهجه الفقهي، منذ ذلك الزمان وحتّى الآن، هو ما عرف بالمذهب الحنفي.
سطر ٢٩: سطر ٣٣:
وقد نشأ المذهب الحنفي بالكوفة، ثم تدارسه العلماء بعد وفاة شيخه ببغداد، ثم شاع من بعد ذلك وانتشر في أكثر البقاع الإسلامية، فكان في مصر والشام وبلاد الروم والعراق وماوراء النهر، ثم اجتاز الحدود فكان في الهند والصين حيث لامنافس له ولامزاحم، ويكاد أن يكون هو المنفرد في تلك الأصقاع النائية إلى  الآن <ref>أبو حنيفة حياته وعصره: 402 - 406.</ref>. وصارت هذه الآراء المنقولة عنه بعد ذلك محطّاً للنقد والدراسة من قِبَل الفقهاء والمحدّثين، وتمّ التعريف بعشرات النماذج المخالفة للنصوص حتّى  اتّهموه بالكفر والزندقة! وقد نقل ابن حبّان والشيخ المفيد والخطيب البغدادي وابن الجوزي نماذج من هذه الآراء والفتاوى ، وقاموا بنقدها <ref>أنظر: مصنّفات الشيخ المفيد 3: 111 - 148، تاريخ بغداد 13: 323 - 423، كتاب الضعفاء والمجروحين 3: 62 - 73، المنتظم 8: 135.</ref>.
وقد نشأ المذهب الحنفي بالكوفة، ثم تدارسه العلماء بعد وفاة شيخه ببغداد، ثم شاع من بعد ذلك وانتشر في أكثر البقاع الإسلامية، فكان في مصر والشام وبلاد الروم والعراق وماوراء النهر، ثم اجتاز الحدود فكان في الهند والصين حيث لامنافس له ولامزاحم، ويكاد أن يكون هو المنفرد في تلك الأصقاع النائية إلى  الآن <ref>أبو حنيفة حياته وعصره: 402 - 406.</ref>. وصارت هذه الآراء المنقولة عنه بعد ذلك محطّاً للنقد والدراسة من قِبَل الفقهاء والمحدّثين، وتمّ التعريف بعشرات النماذج المخالفة للنصوص حتّى  اتّهموه بالكفر والزندقة! وقد نقل ابن حبّان والشيخ المفيد والخطيب البغدادي وابن الجوزي نماذج من هذه الآراء والفتاوى ، وقاموا بنقدها <ref>أنظر: مصنّفات الشيخ المفيد 3: 111 - 148، تاريخ بغداد 13: 323 - 423، كتاب الضعفاء والمجروحين 3: 62 - 73، المنتظم 8: 135.</ref>.


ومع أنّ أبا حنيفة كان مخالفاً لحكّام عصره، إلّا أ نّه لم يمرّ وقت طويل حتّى  صار مصير مذهبه الفقهي مرتبطاً قوةً وضعفاً بمصير الحكّام، حيث ولي الصاحب الأوّل لأبي حنيفة، وهو أبو يوسف، منصب القضاء للرشيد، ثم صار له السلطان الأكبر على  القضاء في كلّ نواحي الدولة العباسية بعد سنة 170 ه ، إذ أصبح قاضي القضاة <ref>أبو حنيفة حياته وعصره: 13، 402، شرح الزرقاني على  الموطّأ 1: 7، 8.</ref>.
ومع أنّ أبا حنيفة كان مخالفاً لحكّام عصره، إلّا أنّه لم يمرّ وقت طويل حتّى  صار مصير مذهبه الفقهي مرتبطاً قوةً وضعفاً بمصير الحكّام، حيث ولي الصاحب الأوّل لأبي حنيفة، وهو أبو يوسف، منصب القضاء للرشيد، ثم صار له السلطان الأكبر على  القضاء في كلّ نواحي الدولة العباسية بعد سنة 170 ه ، إذ أصبح قاضي القضاة <ref>أبو حنيفة حياته وعصره: 13، 402، شرح الزرقاني على  الموطّأ 1: 7، 8.</ref>.


والمعروف أنّ أبا حنيفة قد أسّس مذهبه الفقهي - بعد كتاب اللَّه تعالى  - على  سنّة النبي صلى الله عليه وآله والآثار الصحاح عنه. يقول أبو حنيفة: «فإذا لم أجد في كتاب اللَّه ولا سنّة رسول اللَّه أخذت بقول أصحابه، آخذ بقول من شئت منهم، وأدع من شئت منهم، ولا أخرج من قولهم إلى  قول غيرهم». ويقول أيضاً: «إذا جاء الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله عن الثقات أخذنا به، فإذا جاء عن أصحابه لم نخرج عن أقاويلهم، فإذا جاء عن التابعين زاحمتهم» <ref>أخبار أبي حنيفة وأصحابه: 24 - 27، أبو حنيفة حياته وعصره: 207.</ref>. وعليه فإنّ الأدلّة المعتبرة التي أقام عليها أبو حنيفة استنباطه الفقهي هي: الكتاب والسنّة، وأقوال الصحابة، والإجماع، والقياس، والاستحسان، والعرف <ref>أبو حنيفة حياته وعصره: 208.</ref>. كما ذُكر أنّ مِن منهجه تقديم الخبر الضعيف على  القياس والرأي <ref>أنظر: المنتظم 8: 135 - 143، الجرح والتعديل 8: 450.</ref>.
والمعروف أنّ أبا حنيفة قد أسّس مذهبه الفقهي - بعد كتاب اللَّه تعالى  - على  سنّة النبي صلى الله عليه وآله والآثار الصحاح عنه. يقول أبو حنيفة: «فإذا لم أجد في كتاب اللَّه ولا سنّة رسول اللَّه أخذت بقول أصحابه، آخذ بقول من شئت منهم، وأدع من شئت منهم، ولا أخرج من قولهم إلى  قول غيرهم». ويقول أيضاً: «إذا جاء الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله عن الثقات أخذنا به، فإذا جاء عن أصحابه لم نخرج عن أقاويلهم، فإذا جاء عن التابعين زاحمتهم» <ref>أخبار أبي حنيفة وأصحابه: 24 - 27، أبو حنيفة حياته وعصره: 207.</ref>. وعليه فإنّ الأدلّة المعتبرة التي أقام عليها أبو حنيفة استنباطه الفقهي هي: الكتاب والسنّة، وأقوال الصحابة، والإجماع، والقياس، والاستحسان، والعرف <ref>أبو حنيفة حياته وعصره: 208.</ref>. كما ذُكر أنّ مِن منهجه تقديم الخبر الضعيف على  القياس والرأي <ref>أنظر: المنتظم 8: 135 - 143، الجرح والتعديل 8: 450.</ref>.
سطر ٣٧: سطر ٤١:
هذا وقد نُسب إليه كتاب «الفقه الأكبر» إلّا أنّ البعض قد شكّك في هذه النسبة، وذكر البعض أنّ هذا الكتاب يحتوي على  أكثر قواعد أهل السنّة والجماعة <ref>الجواهر المضيئة 2: 461، 468، أبو حنيفة حياته وعصره: 148 - 149.</ref>. كما وذكروا أنّ له رسالتين أُخريين، هما: «العالم والمتعلّم» و«رسالة إلى  عثمان البتّي» وقد عكس فيهما قسماً آخر من آرائه الكلامية <ref>أبو حنيفة حياته وعصره: 148.</ref>.
هذا وقد نُسب إليه كتاب «الفقه الأكبر» إلّا أنّ البعض قد شكّك في هذه النسبة، وذكر البعض أنّ هذا الكتاب يحتوي على  أكثر قواعد أهل السنّة والجماعة <ref>الجواهر المضيئة 2: 461، 468، أبو حنيفة حياته وعصره: 148 - 149.</ref>. كما وذكروا أنّ له رسالتين أُخريين، هما: «العالم والمتعلّم» و«رسالة إلى  عثمان البتّي» وقد عكس فيهما قسماً آخر من آرائه الكلامية <ref>أبو حنيفة حياته وعصره: 148.</ref>.


ولعلّ من أبرز الأمور المهمة والغريبة حول آرائه الكلامية:
<big>ولعلّ من أبرز الأمور المهمة والغريبة حول آرائه الكلامية:</big>


أولاً: أنّ آراءه في العقائد لم نجدها في كتب صاحبيه أبي يوسف ومحمد، بل نُقلت عنه آراء في العقائد في كتبٍ منسوبةٍ إليه.
<big>أولاً:</big> أنّ آراءه في العقائد لم نجدها في كتب صاحبيه أبي يوسف ومحمد، بل نُقلت عنه آراء في العقائد في كتبٍ منسوبةٍ إليه.


وثانياً: أنّ رأيه في الإمامية لم نجده مدوّناً بقلمه ولا بإملائه، ولا برواية أحدٍ من أصحابه <ref>المصدر السابق: 13.</ref>.
<big>وثانياً:</big> أنّ رأيه في الإمامية لم نجده مدوّناً بقلمه ولا بإملائه، ولا برواية أحدٍ من أصحابه <ref>المصدر السابق: 13.</ref>.


ويذكر أنّ من أبرز خصائص مذهبه الكلامي: أ نّه كان مرجئاً <ref>المقالات والفرق: 6، تاريخ بغداد 13: 374، 419.</ref>. والمرجئة فرقة امتنعوا عن ذكر الأمويين بسوء، وقالوا فيهم: إنّهم يشهدون أن لا إله إلّا اللَّه وأنّ محمداً رسول اللَّه، فليسوا إذن كفّاراً ولا مشركين، بل هم مسلمون نرجئ أمرهم إلى  اللَّه الذي يعرف سرائر الناس <ref>أبو حنيفة حياته وعصره: 120.</ref>. كما وذكر الخطيب البغدادي عن أبي حنيفة قوله: «إنّ الإيمان هو معرفة اللَّه بالقلب، وإنّه لايزيد ولاينقص» <ref>تاريخ بغداد 13: 372، 373.</ref>.
ويذكر أنّ من أبرز خصائص مذهبه الكلامي: أ نّه كان مرجئاً <ref>المقالات والفرق: 6، تاريخ بغداد 13: 374، 419.</ref>. والمرجئة فرقة امتنعوا عن ذكر الأمويين بسوء، وقالوا فيهم: إنّهم يشهدون أن لا إله إلّا اللَّه وأنّ محمداً رسول اللَّه، فليسوا إذن كفّاراً ولا مشركين، بل هم مسلمون نرجئ أمرهم إلى  اللَّه الذي يعرف سرائر الناس <ref>أبو حنيفة حياته وعصره: 120.</ref>. كما وذكر الخطيب البغدادي عن أبي حنيفة قوله: «إنّ الإيمان هو معرفة اللَّه بالقلب، وإنّه لايزيد ولاينقص» <ref>تاريخ بغداد 13: 372، 373.</ref>.
سطر ٥٧: سطر ٦١:
ويحكى  أنّ المنصور قال يوماً لأبي حنيفة: يا أبا حنيفة! إنّ الناس قد فُتنوا بجعفر بن محمد، فهيِّئ له من مسائلك تلك الصعاب، فقال: فهيّأت له أربعين مسألة، ثم بعث إليَّ أبو جعفر فأتيته بالحيرة، فدخلت عليه وجعفر جالس عن يمينه، فلمّا بصرت بهما دخلني لجعفر من الهيبة ما لم يدخلني لأبي جعفر، فسلّمت، وأذن لي أبو جعفر فجلست، ثم التفتَ إلى  جعفر فقال: يا أبا عبداللَّه، تعرف هذا؟ قال: «نعم، هذا أبو حنيفة» ثم أتبعها: «قد أتانا» ثم قال: يا أبا حنيفة! هاتِ من مسائلك، سل أبا عبداللَّه، فابتدأت أسأله، قال: فكان يقول في المسألة: أنتم تقولون فيها كذا وكذا، وأهل المدينة يقولون كذا، ونحن نقول كذا. ولمّا سُئل أبو حنيفة: من أفقه من رأيت؟ قال: «ما رأيت أحداً أفقه من جعفر بن محمد» <ref>الكامل في ضعفاء الرجال 2: 555، سير أعلام النبلاء 6: 257 - 258.</ref>.
ويحكى  أنّ المنصور قال يوماً لأبي حنيفة: يا أبا حنيفة! إنّ الناس قد فُتنوا بجعفر بن محمد، فهيِّئ له من مسائلك تلك الصعاب، فقال: فهيّأت له أربعين مسألة، ثم بعث إليَّ أبو جعفر فأتيته بالحيرة، فدخلت عليه وجعفر جالس عن يمينه، فلمّا بصرت بهما دخلني لجعفر من الهيبة ما لم يدخلني لأبي جعفر، فسلّمت، وأذن لي أبو جعفر فجلست، ثم التفتَ إلى  جعفر فقال: يا أبا عبداللَّه، تعرف هذا؟ قال: «نعم، هذا أبو حنيفة» ثم أتبعها: «قد أتانا» ثم قال: يا أبا حنيفة! هاتِ من مسائلك، سل أبا عبداللَّه، فابتدأت أسأله، قال: فكان يقول في المسألة: أنتم تقولون فيها كذا وكذا، وأهل المدينة يقولون كذا، ونحن نقول كذا. ولمّا سُئل أبو حنيفة: من أفقه من رأيت؟ قال: «ما رأيت أحداً أفقه من جعفر بن محمد» <ref>الكامل في ضعفاء الرجال 2: 555، سير أعلام النبلاء 6: 257 - 258.</ref>.


ويستفاد من هذه الحكاية أمران:
<big>ويستفاد من هذه الحكاية أمران:</big>


الأول: أنّ المذهب الفقهي لأهل المدينة والكوفة - حيث كان إمامهم أبو حنيفة - غير المذهب الفقهي لأهل البيت عليهم السلام .
<big>الأول:</big> أنّ المذهب الفقهي لأهل المدينة والكوفة - حيث كان إمامهم أبو حنيفة - غير المذهب الفقهي لأهل البيت عليهم السلام .


والثاني: أنّ أبا حنيفة كان في بداية الأمر يُحسن الظنّ بالعباسيّين، ولعلّ هذا ما حدا بأبي زهرة إلى  القول بأنّ المنصور تعامل مع عبداللَّه بن الحسن وأبنائه بخشونة، وأ نّه أرسلهم في الأغلال والسلاسل من المدينة إلى  الهاشمية <ref>الهاشمية: مدينة بناها أبو العباس السفّاح، وقد حُبس فيها عبداللَّه بن الحسن بن الحسن بن علي عليه السلام وأسرته بأمر المنصور (معجم البلدان 5: 389).</ref>، وحبسهم فيها حتّى  مات أكثرهم في الحبس، ولمّا علم أبو حنيفة بذلك أخذ يبتعد عن العباسيّين، وصار من أشدّ معارضيهم؛ لأ نّه كان يحبّ العلويّين، ولاسيّما عبداللَّه وولده <ref>أبو حنيفة حياته وعصره: 36، 37.</ref>.
<big>والثاني:</big> أنّ أبا حنيفة كان في بداية الأمر يُحسن الظنّ بالعباسيّين، ولعلّ هذا ما حدا بأبي زهرة إلى  القول بأنّ المنصور تعامل مع عبداللَّه بن الحسن وأبنائه بخشونة، وأ نّه أرسلهم في الأغلال والسلاسل من المدينة إلى  الهاشمية <ref>الهاشمية: مدينة بناها أبو العباس السفّاح، وقد حُبس فيها عبداللَّه بن الحسن بن الحسن بن علي عليه السلام وأسرته بأمر المنصور (معجم البلدان 5: 389).</ref>، وحبسهم فيها حتّى  مات أكثرهم في الحبس، ولمّا علم أبو حنيفة بذلك أخذ يبتعد عن العباسيّين، وصار من أشدّ معارضيهم؛ لأ نّه كان يحبّ العلويّين، ولاسيّما عبداللَّه وولده <ref>أبو حنيفة حياته وعصره: 36، 37.</ref>.


==أبو حنيفة وأهل البيت عليهم السلام==
=أبو حنيفة و أهل البيت عليهم السلام=
يبدو ضرورياً تسليط الضوء على  علاقة أبي حنيفة بأهل البيت عليهم السلام بشي ءٍ من التفصيل، لكنّنا سنتعرّض أولاً لبيان شخصيته في نظر أهل البيت عليهم السلام، ثم نتطرّق إلى  علاقته، وأحياناً رأيه حول أهل البيت عليهم السلام .
يبدو ضرورياً تسليط الضوء على  علاقة أبي حنيفة بأهل البيت عليهم السلام بشيءٍ من التفصيل، لكنّنا سنتعرّض أولاً لبيان شخصيته في نظر أهل البيت عليهم السلام، ثم نتطرّق إلى  علاقته، وأحياناً رأيه حول أهل البيت عليهم السلام .


وبالنسبة إلى  النقطة الأولى  فنقول: ثمة روايات وردت في مناقبه قد نُقلت عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله، ومن جملتها: ... ويكون في أُمتي رجل يقال له: أبوحنيفة، هو سراج أُمتي<ref>كتاب الضعفاء والمجروحين 3: 46، تاريخ بغداد 13: 335.</ref>. والحقيقة فإنّ هذه الأحاديث هي موضوعات لبعض الناس؛ كالمأمون بن أحمد السُّلَمي، وأحمد بن محمد بن الصلت الحُمّاني الذي صنّف في مناقب أبي حنيفة أحاديث كثيرة موضوعة، وقد صرّح عدد من الرجاليّين والنقّاد بكذب هذه الأحاديث، بل وذكر آخرون: إنّه لم يرد في أحدٍ من الائمة بعينه نصٌّ، لا صحيح ولا ضعيف <ref>أنظر: كتاب الضعفاء والمجروحين 3: 46، تاريخ بغداد 4: 207، ميزان الاعتدال 3: 429، الموضوعات لابن الجوزي 2: 47 - 49، اللآلي المصنوعة 1: 457 وما بعدها، الغدير 5: 216، 218، 256، 277، 278 - 288.</ref>.
وبالنسبة إلى  النقطة الأولى  فنقول: ثمة روايات وردت في مناقبه قد نُقلت عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله، ومن جملتها: ... ويكون في أُمتي رجل يقال له: أبوحنيفة، هو سراج أُمتي<ref>كتاب الضعفاء والمجروحين 3: 46، تاريخ بغداد 13: 335.</ref>. والحقيقة فإنّ هذه الأحاديث هي موضوعات لبعض الناس؛ كالمأمون بن أحمد السُّلَمي، وأحمد بن محمد بن الصلت الحُمّاني الذي صنّف في مناقب أبي حنيفة أحاديث كثيرة موضوعة، وقد صرّح عدد من الرجاليّين والنقّاد بكذب هذه الأحاديث، بل وذكر آخرون: إنّه لم يرد في أحدٍ من الائمة بعينه نصٌّ، لا صحيح ولا ضعيف <ref>أنظر: كتاب الضعفاء والمجروحين 3: 46، تاريخ بغداد 4: 207، ميزان الاعتدال 3: 429، الموضوعات لابن الجوزي 2: 47 - 49، اللآلي المصنوعة 1: 457 وما بعدها، الغدير 5: 216، 218، 256، 277، 278 - 288.</ref>.
سطر ٧٨: سطر ٨٢:
كما يُعدّ أبو حنيفة من الشخصيات النادرة التي كان للعلماء بشأنه آراء متضادّة ومختلفة، وقد اعتبر البعض وجود مثل هذا التناقض دليلاً على  نباهته <ref>الجواهر المضيئة 1: 57، 58.</ref>. ويرى  بعض نقّاد الحديث؛ كابن أبي داود وابن حبّان والخطيب البغدادي أ نّه قد حصل اتّفاق في ذمّ أبي حنيفة، وهم يعتقدون أنّ الائمة الكبار قد ذمّوه - سوى  القليل - وجرحوه <ref>كتاب الضعفاء والمجروحين 3: 64، الكامل في ضعفاء الرجال 7: 2476، تاريخ بغداد 13: 394.</ref>، فيما يرى  آخرون: أنّ من وثّقه وأثنى  عليه أكثر ممّن تكلّم فيه، مع اعترافهم بوجود معارضين لأبي حنيفة <ref>الجواهر المضيئة 1: 57.</ref>.
كما يُعدّ أبو حنيفة من الشخصيات النادرة التي كان للعلماء بشأنه آراء متضادّة ومختلفة، وقد اعتبر البعض وجود مثل هذا التناقض دليلاً على  نباهته <ref>الجواهر المضيئة 1: 57، 58.</ref>. ويرى  بعض نقّاد الحديث؛ كابن أبي داود وابن حبّان والخطيب البغدادي أ نّه قد حصل اتّفاق في ذمّ أبي حنيفة، وهم يعتقدون أنّ الائمة الكبار قد ذمّوه - سوى  القليل - وجرحوه <ref>كتاب الضعفاء والمجروحين 3: 64، الكامل في ضعفاء الرجال 7: 2476، تاريخ بغداد 13: 394.</ref>، فيما يرى  آخرون: أنّ من وثّقه وأثنى  عليه أكثر ممّن تكلّم فيه، مع اعترافهم بوجود معارضين لأبي حنيفة <ref>الجواهر المضيئة 1: 57.</ref>.


وبناءً على  هذا فمن الأجدر أن نعرض عن النقل التفصيلي لهذه الآراء، ونكتفي بما يرد إجمالاً فيه هنا، إلّا أ نّنا لابدّ أن نشير هنا إلى  نكتتين مهمتين:
<big>وبناءً على  هذا فمن الأجدر أن نعرض عن النقل التفصيلي لهذه الآراء، ونكتفي بما يرد إجمالاً فيه هنا، إلّا أنّنا لابدّ أن نشير هنا إلى  نكتتين مهمتين:</big>


الأولى : أنّ أحمد بن محمد بن الصلت (308 ه ) هو أول من كتب كتاباً في مناقب أبي حنيفة، وقد ذكرنا آنفاً أ نّه اتّهم بالكذب ووضع الحديث.
<big>الأولى:</big> أنّ أحمد بن محمد بن الصلت (308 ه ) هو أول من كتب كتاباً في مناقب أبي حنيفة، وقد ذكرنا آنفاً أنّه اتّهم بالكذب ووضع الحديث.


ولعلّ أول الآثار التي كُتبت في ذمّ أبي حنيفة وذكر مثالبه هو ما كتبه ابن حبّان البستي (354 ه ) حيث كتب كتابين: الأول بعنوان: كتاب علل مناقب أبي حنيفة ومثالبه، في عشرة أجزاء، والثاني بعنوان: كتاب علل ما استند إليه أبو حنيفة، في عشرة أجزاء أيضاً <ref>كتاب الضعفاء والمجروحين 3: 61 (هامش 3).</ref>.
ولعلّ أول الآثار التي كُتبت في ذمّ أبي حنيفة وذكر مثالبه هو ما كتبه ابن حبّان البستي (354 ه ) حيث كتب كتابين: الأول بعنوان: كتاب علل مناقب أبي حنيفة ومثالبه، في عشرة أجزاء، والثاني بعنوان: كتاب علل ما استند إليه أبو حنيفة، في عشرة أجزاء أيضاً <ref>كتاب الضعفاء والمجروحين 3: 61 (هامش 3).</ref>.
سطر ٨٦: سطر ٩٠:
وبعد فترة ليست طويلة كُتب كتابان بخصوصه: أحدهما مستقلّ بعنوان: أخبار أبي حنيفة وأصحابه ، لأبي عبد اللَّه الصيمري ( 436 ه ) والثاني ضمن تاريخ بغداد (13/323 - 423) في مدح وذمّ أبي حنيفة. وقد صار الكتاب الثاني محطّ نقد لاذع لأنصار أبي حنيفة، فكتبوا وألّفوا في ذلك المؤلّفات والكتب، ومن جملتها: الردّ على  أبي بكر الخطيب البغدادي، لأبي مظفّر الحنفي (578 - 424 ه ) وتأنيب الخطيب، لمحمد زاهد بن حسن الكوثري (1296 - 1371 ه ). وقد شنّ الكوثري في هذا الكتاب، وكذلك في تقدمة نصب الراية هجوماً على  شخصيات إضافة إلى  الخطيب البغدادي، مثل: العقيلي وابن عدي وابن حبّان البستي وأبي حاتم الرازي من أرباب الرجال <ref>نصب الراية 1: 57 - 60 (المقدمة)، تأنيب الخطيب: 11 - 20.</ref>.
وبعد فترة ليست طويلة كُتب كتابان بخصوصه: أحدهما مستقلّ بعنوان: أخبار أبي حنيفة وأصحابه ، لأبي عبد اللَّه الصيمري ( 436 ه ) والثاني ضمن تاريخ بغداد (13/323 - 423) في مدح وذمّ أبي حنيفة. وقد صار الكتاب الثاني محطّ نقد لاذع لأنصار أبي حنيفة، فكتبوا وألّفوا في ذلك المؤلّفات والكتب، ومن جملتها: الردّ على  أبي بكر الخطيب البغدادي، لأبي مظفّر الحنفي (578 - 424 ه ) وتأنيب الخطيب، لمحمد زاهد بن حسن الكوثري (1296 - 1371 ه ). وقد شنّ الكوثري في هذا الكتاب، وكذلك في تقدمة نصب الراية هجوماً على  شخصيات إضافة إلى  الخطيب البغدادي، مثل: العقيلي وابن عدي وابن حبّان البستي وأبي حاتم الرازي من أرباب الرجال <ref>نصب الراية 1: 57 - 60 (المقدمة)، تأنيب الخطيب: 11 - 20.</ref>.


والثانية: أنّ إرجاع هذا النقد بشأن أبي حنيفة - كما صنع الكوثري - إلى  النزاع الذي كان يدعو للتعصّب بين أهل الحديث والرأي في القرن الثاني، والجدال المذهبي في القرن الرابع، والهجوم على  أهم الشخصيات المعروفة في مجال الحديث والرجال إنّما يعني التضحية بالآخرين، بل إهانة لهم لحفظ شخص واحد <ref>أنظر: أبو حنيفة حياته وعصره: 10، نصب الراية 1: 57 - 60، تأنيب الخطيب: 11 - 12.</ref>.
<big>والثانية:</big> أنّ إرجاع هذا النقد بشأن أبي حنيفة - كما صنع الكوثري - إلى  النزاع الذي كان يدعو للتعصّب بين أهل الحديث والرأي في القرن الثاني، والجدال المذهبي في القرن الرابع، والهجوم على  أهم الشخصيات المعروفة في مجال الحديث والرجال إنّما يعني التضحية بالآخرين، بل إهانة لهم لحفظ شخص واحد <ref>أنظر: أبو حنيفة حياته وعصره: 10، نصب الراية 1: 57 - 60، تأنيب الخطيب: 11 - 12.</ref>.


==موقف الرجاليّين منه:==
=موقف الرجاليّين منه=
يعدّ أبو حنيفة - بحسب بعض الروايات - من التابعين <ref>أخبار أبي حنيفة وأصحابه: 4، تقريب التهذيب 2: 303.</ref>، وقد تتلمذ على  بعض ائمة وعلماء أهل البيت عليهم السلام ؛ كالإمام الباقرعليه السلام والإمام الصادق عليه السلام، وزيد بن علي وعبداللَّه ابن الحسن بن الحسن، كما أ نّه أدرك الإمام الكاظم عليه السلام <ref>الاختصاص للمفيد: 90.</ref>.
يعدّ أبو حنيفة - بحسب بعض الروايات - من التابعين <ref>أخبار أبي حنيفة وأصحابه: 4، تقريب التهذيب 2: 303.</ref>، وقد تتلمذ على  بعض ائمة وعلماء أهل البيت عليهم السلام ؛ كالإمام الباقرعليه السلام والإمام الصادق عليه السلام، وزيد بن علي وعبداللَّه ابن الحسن بن الحسن، كما أ نّه أدرك الإمام الكاظم عليه السلام <ref>الاختصاص للمفيد: 90.</ref>.


هذا وأنّ العجلي أورد اسمه في كتاب الثقات <ref>تاريخ أسماء الثقات: 450.</ref>. ومن العلماء المعاصرين صرّح محمد بن زاهد الكوثري أنّ وثاقة أبي حنيفة ثابتة بالتواتر. وفي روايات أخرى  نرى  أسماء بعض الشخصيات، منهم: ابن مَعين، حمّاد بن أبي سليمان، إسرائيل، مسعر، معمر، أبو يوسف القاضي، يزيد بن هارون، محمد بن حسن الشيباني، الثوري، هؤلاء قد أثنوا على  أبي حنيفة بنحوٍ ما <ref>أخبار أبي حنيفة وأصحابه: 23، 25، 41، 43، الكامل لابن عدي 7: 2476، تاريخ بغداد 13: 339، 344، 345، المنتظم 8: 131.</ref>.
هذا وأنّ العجلي أورد اسمه في كتاب الثقات <ref>تاريخ أسماء الثقات: 450.</ref>. ومن العلماء المعاصرين صرّح محمد بن زاهد الكوثري أنّ وثاقة أبي حنيفة ثابتة بالتواتر. وفي روايات أخرى  نرى  أسماء بعض الشخصيات، منهم: ابن مَعين، حمّاد بن أبي سليمان، إسرائيل، مسعر، معمر، أبو يوسف القاضي، يزيد بن هارون، محمد بن حسن الشيباني، الثوري، هؤلاء قد أثنوا على  أبي حنيفة بنحوٍ ما <ref>أخبار أبي حنيفة وأصحابه: 23، 25، 41، 43، الكامل لابن عدي 7: 2476، تاريخ بغداد 13: 339، 344، 345، المنتظم 8: 131.</ref>.


==من روى  عنهم ومن رووا عنه==
=من روى  عنهم ومن رووا عنه=
روى  عن الإمام الباقر وولده الصادق عليهما السلام.
روى  عن الإمام الباقر وولده الصادق عليهما السلام.
كما روى  عن جماعة، منهم: عبداللَّه بن الحسن بن الحسن، عطاء بن أبي رَباح، أبو إسحاق السَبِيعي، مُحارِب بن دِثَار، حمّاد بن أبي سُليمان، الهَيْثم بن حبيب بن الصَوَّاف، سِماك بن حَرْب، عَلْقمة بن مَرْثَد، عَطيَّة العَوْفي، عبدالعزيز بن رفيع، الأوزاعي، الشعبي، عاصم بن أبي النجود، الأعمش <ref>تاريخ بغداد 13: 324، كتاب الضعفاء والمجروحين 3: 61 (الهامش 3)، رجال الطوسي: 325، أبو حنيفة حياته وعصره: 66.</ref>.
كما روى  عن جماعة، منهم: عبداللَّه بن الحسن بن الحسن، عطاء بن أبي رَباح، أبو إسحاق السَبِيعي، مُحارِب بن دِثَار، حمّاد بن أبي سُليمان، الهَيْثم بن حبيب بن الصَوَّاف، سِماك بن حَرْب، عَلْقمة بن مَرْثَد، عَطيَّة العَوْفي، عبدالعزيز بن رفيع، الأوزاعي، الشعبي، عاصم بن أبي النجود، الأعمش <ref>تاريخ بغداد 13: 324، كتاب الضعفاء والمجروحين 3: 61 (الهامش 3)، رجال الطوسي: 325، أبو حنيفة حياته وعصره: 66.</ref>.


هذا وأنّ البعض قد عدّوه من التابعين - كما ذكرنا - وصرّحوا أنّ أبا حنيفة لقي بعض الصحابة، منهم: عبداللَّه بن أبي أوفى ، أبو الطُفَيْل عامر بن واثِلَة، عبداللَّه بن الحارث بن جزء، أنس بن مالك. كما أ نّه روى  عن بعضهم، إلّا أنّ آخرين قد تردّدوا في ذلك، بل ونفوه <ref>أنظر: أخبار أبي حنيفة وأصحابه: 18،19، وفيات الأعيان 5: 406، لسان الميزان 1: 271، 272، طبقات الفقهاء: 87، 88.</ref>.
هذا وأنّ البعض قد عدّوه من التابعين - كما ذكرنا - وصرّحوا أنّ أبا حنيفة لقي بعض الصحابة، منهم: عبداللَّه بن أبي أوفى ، أبو الطُفَيْل عامر بن واثِلَة، عبداللَّه بن الحارث بن جزء، أنس بن مالك. كما أنّه روى  عن بعضهم، إلّا أنّ آخرين قد تردّدوا في ذلك، بل ونفوه <ref>أنظر: أخبار أبي حنيفة وأصحابه: 18،19، وفيات الأعيان 5: 406، لسان الميزان 1: 271، 272، طبقات الفقهاء: 87، 88.</ref>.


وذكر بعض أصحاب السير أنّ رواة أبي حنيفة كثيرون بلغ عددهم أربعة آلاف <ref>الجواهر المضيئة 1: 5، 55.</ref>، ومنهم: هُشَيْم بن بَشير، عبَّاد بن العوّام، عبداللَّه بن المُبارك، وكيع، يزيد بن هارون، علي ابن عاصم، أبو يوسف القاضي، محمد بن حسن الشيباني، يحيى  بن نصر بن حاجب، هَوْذَة بن خليفة، أبو عبدالرحمان المُقري، عبدالرزّاق بن همَّام <ref>أنظر: المصدر السابق.</ref>.
وذكر بعض أصحاب السير أنّ رواة أبي حنيفة كثيرون بلغ عددهم أربعة آلاف <ref>الجواهر المضيئة 1: 5، 55.</ref>، ومنهم: هُشَيْم بن بَشير، عبَّاد بن العوّام، عبداللَّه بن المُبارك، وكيع، يزيد بن هارون، علي ابن عاصم، أبو يوسف القاضي، محمد بن حسن الشيباني، يحيى  بن نصر بن حاجب، هَوْذَة بن خليفة، أبو عبدالرحمان المُقري، عبدالرزّاق بن همَّام <ref>أنظر: المصدر السابق.</ref>.
سطر ١٠٣: سطر ١٠٧:
ويشير الملّا علي القاري أيضاً في رسالته «مناقب الإمام الأعظم» بعبارة «وروي» إلى  وجود ما يقرب من سبعين ألف حديث في تصانيف وكتب أبي حنيفة <ref>تاريخ بغداد 13: 324.</ref>، إلّا أنّ البعض كعبداللَّه بن المبارك والحُمَيْدي وابن حِبَّان وابن عدي وابن الجوزي قالوا عنه: «مسكين في الحديث» واتّهموه أيضاً وقالوا: له فقط (130) حديثاً، أخطأ في (120) حديثاً منها... فيما قال ابن عدي: إنّ عدد رواياته أرجح من 300، ولم يصحّ له في جميع مايرويه إلّا بضعة عشر حديثاً... <ref>كتاب التاريخ الصغير 2: 41، الجرح والتعديل 8: 450، كتاب الضعفاء والمجروحين 2: 275 و3: 61 - 63، الكامل في ضعفاء الرجال 7: 2479، المنتظم 8: 135.</ref>.
ويشير الملّا علي القاري أيضاً في رسالته «مناقب الإمام الأعظم» بعبارة «وروي» إلى  وجود ما يقرب من سبعين ألف حديث في تصانيف وكتب أبي حنيفة <ref>تاريخ بغداد 13: 324.</ref>، إلّا أنّ البعض كعبداللَّه بن المبارك والحُمَيْدي وابن حِبَّان وابن عدي وابن الجوزي قالوا عنه: «مسكين في الحديث» واتّهموه أيضاً وقالوا: له فقط (130) حديثاً، أخطأ في (120) حديثاً منها... فيما قال ابن عدي: إنّ عدد رواياته أرجح من 300، ولم يصحّ له في جميع مايرويه إلّا بضعة عشر حديثاً... <ref>كتاب التاريخ الصغير 2: 41، الجرح والتعديل 8: 450، كتاب الضعفاء والمجروحين 2: 275 و3: 61 - 63، الكامل في ضعفاء الرجال 7: 2479، المنتظم 8: 135.</ref>.


وعلى  كلّ حال فإنّ قليلاً من رواياته وردت في سنن الترمذي والنسائي <ref>تهذيب التهذيب 10: 401.</ref>، وكذلك في المصادر الروائية الشيعية، ومن هذه الروايات ما رواه بإسناده عن النبي صلى الله عليه وآله أ نّه قال: «... الدالّ على  الخير كفاعله» <ref>أنظر: كتاب الخصال 1: 416، الكامل في ضعفاء الرجال 7: 2478.</ref>.
وعلى  كلّ حال فإنّ قليلاً من رواياته وردت في سنن الترمذي والنسائي <ref>تهذيب التهذيب 10: 401.</ref>، وكذلك في المصادر الروائية الشيعية، ومن هذه الروايات ما رواه بإسناده عن النبي صلى الله عليه وآله أنّه قال: «... الدالّ على  الخير كفاعله» <ref>أنظر: كتاب الخصال 1: 416، الكامل في ضعفاء الرجال 7: 2478.</ref>.


إنّ منزلته الروائية في أغلب كتب التراجم والرجال كانت محطّ النقد والنقاش، وقد انتقده - بنحوٍ ما - عدد كبير من الشخصيات الإسلامية، ومن جملتهم: الإمام جعفر الصادق عليه السلام، أيوب السختياني، جَرير بن حازم، حمَّاد بن سَلَمة، حمّاد بن زيد، مالك بن أنس، أبو عبداللَّه المقري، ابن أبي ليلى ، حفص بن غياث، شريك بن عبداللَّه، وكيع بن الجرَّاح، عبداللَّه بن شُبْرُمَة، أبو بكر بن عيّاش، أحمد، البخاري، النسائي، الدار قطني، ابن سعد، ابن حبّان، أبو حاتم، ابن عدي، الخطيب البغدادي، الغزالي، ابن الجوزي <ref>أنظر: طبقات ابن سعد 6: 368، كتاب التاريخ الكبير 8: 81، التاريخ الصغير 2: 41، تاريخ الطبري (ذيل المذيل) 11: 654، الضعفاء والمتروكون: 233، الجرح والتعديل 8: 449 - 450، الكافي 1: 46، كتاب الضعفاء والمجروحين 3 : 61 - 73 ( الهامش 3 ) ، أخبار أبي حنيفة وأصحابه : 21 ، 22 ، الكامل في ضعفاء الرجال 7 : 2472 - 2479 ، حلية الأولياء 6 : 258 - 259 ، تاريخ بغداد 13 : 369 فما بعدها ، المنتظم 8 : 131 ، 134 ، تنقيح المقال 3 : 272 ، ميزان الاعتدال 4 : 265 ، معجم رجال الحديث 20 : 179 .</ref>.
إنّ منزلته الروائية في أغلب كتب التراجم والرجال كانت محطّ النقد والنقاش، وقد انتقده - بنحوٍ ما - عدد كبير من الشخصيات الإسلامية، ومن جملتهم: الإمام جعفر الصادق عليه السلام، أيوب السختياني، جَرير بن حازم، حمَّاد بن سَلَمة، حمّاد بن زيد، مالك بن أنس، أبو عبداللَّه المقري، ابن أبي ليلى ، حفص بن غياث، شريك بن عبداللَّه، وكيع بن الجرَّاح، عبداللَّه بن شُبْرُمَة، أبو بكر بن عيّاش، أحمد، البخاري، النسائي، الدار قطني، ابن سعد، ابن حبّان، أبو حاتم، ابن عدي، الخطيب البغدادي، الغزالي، ابن الجوزي <ref>أنظر: طبقات ابن سعد 6: 368، كتاب التاريخ الكبير 8: 81، التاريخ الصغير 2: 41، تاريخ الطبري (ذيل المذيل) 11: 654، الضعفاء والمتروكون: 233، الجرح والتعديل 8: 449 - 450، الكافي 1: 46، كتاب الضعفاء والمجروحين 3 : 61 - 73 ( الهامش 3 ) ، أخبار أبي حنيفة وأصحابه : 21 ، 22 ، الكامل في ضعفاء الرجال 7 : 2472 - 2479 ، حلية الأولياء 6 : 258 - 259 ، تاريخ بغداد 13 : 369 فما بعدها ، المنتظم 8 : 131 ، 134 ، تنقيح المقال 3 : 272 ، ميزان الاعتدال 4 : 265 ، معجم رجال الحديث 20 : 179 .</ref>.


==وفاته==
=وفاته=
توفّي أبو حنيفة عن سبعين عاماً، في خلافة أبي جعفر المنصور، في شهر رجب أو شعبان سنة 150 ه ، في سجن بغداد حينما كان يصلّي، ودُفن في مقبرة «الخيزُران»، وكما ذكر البعض أنّه توفّي مسموماً <ref>الطبقات الكبرى  6: 368، 369، مروج الذهب 3: 304، تاريخ بغداد 1: 123، وفيات الأعيان 5: 414، الغدير 5: 192، تاريخ خليفة: 344، الأعلام للزركلي 8: 36، تذكرة الحفّاظ 1: 169، فهرست ابن النديم 255، سير أعلام النبلاء 6: 403، تهذيب الأسماء واللغات 2: 223، قاموس الرجال 10: 376، 377.</ref>.
توفّي أبو حنيفة عن سبعين عاماً، في خلافة أبي جعفر المنصور، في شهر رجب أو شعبان سنة 150 ه ، في سجن بغداد حينما كان يصلّي، ودُفن في مقبرة «الخيزُران»، وكما ذكر البعض أنّه توفّي مسموماً <ref>الطبقات الكبرى  6: 368، 369، مروج الذهب 3: 304، تاريخ بغداد 1: 123، وفيات الأعيان 5: 414، الغدير 5: 192، تاريخ خليفة: 344، الأعلام للزركلي 8: 36، تذكرة الحفّاظ 1: 169، فهرست ابن النديم 255، سير أعلام النبلاء 6: 403، تهذيب الأسماء واللغات 2: 223، قاموس الرجال 10: 376، 377.</ref>.


==المراجع==
=المراجع=
 


[[تصنيف:الرواة المشتركون]]
[[تصنيف:الرواة المشتركون]]
Write، confirmed، steward، إداريون
٣٬٣٠٥

تعديل