الفرق بين المراجعتين لصفحة: «النعمان بن ثابت بن زوطى»

لا يوجد ملخص تحرير
لا ملخص تعديل
لا ملخص تعديل
سطر ١٧: سطر ١٧:
|}
|}
</div>
</div>
'''النُعمان بن ثابت بن زُوطَى''' كان زُوطَى  - جدّ النعمان - مملوكاً لبني تَيْم اللَّه بن ثَعْلَبة، فأُعتِقَ، فولاؤه لبني تَيْم اللَّه بن ثَعْلَبة، والنسبة إليه تَيْمُلي أو تَيْمي <ref>تاريخ بغداد 13: 325، اللباب في تهذيب الأنساب 1: 232، 233، رجال الطوسي: 325، وروي عن إسماعيل بن حمّاد بن أبي حنيفة أ نّه قال: «نحن من أبناء فارس الأحرار (راجع: تاريخ أسماء الثقات: 450). وزُوطى  على  وزن مُوسى ، اسم نبطي، والنبطي أو النباطي قوم من العجم كانوا ينزلون بين العراقين: البصرة والكوفة، سمّوا نبطاً لاستنباطهم مايخرج من الأرضين، ثم استعمل في أخلاط الناس وعوامهم. وسفيان الثوري أيضاً لقّب أبا حنيفة بالنبطي (تهذيب الكمال 29: 422، وفيات الأعيان 5: 405، 414، أخبار أبي حنيفة وأصحابه: 75).</ref>. والنُعمان بن المَرْزُبان أبو ثابت وجدّ النعمان، هو الذي أهدى  لعلي بن أبي طالب الفالوذَج في يوم النيروز، وروي: أنّ ثابت ذهب إلى  [[علي بن أبي طالب]] وهو صغير، فدعا له بالبركة فيه وفي ذرّيته <ref>أخبار أبي حنيفة وأصحابه: 16، تاريخ أسماء الثقات: 450، تاريخ بغداد 13: 326.</ref>.
'''النُعمان بن ثابت بن زُوطَى''' كان زُوطَى  - جدّ النعمان - مملوكاً لبني تَيْم اللَّه بن ثَعْلَبة، فأُعتِقَ، فولاؤه لبني تَيْم اللَّه بن ثَعْلَبة، والنسبة إليه تَيْمُلي أو تَيْمي <ref>تاريخ بغداد 13: 325، اللباب في تهذيب الأنساب 1: 232، 233، رجال الطوسي: 325، وروي عن إسماعيل بن حمّاد بن أبي حنيفة أ نّه قال: «نحن من أبناء فارس الأحرار (راجع: تاريخ أسماء الثقات: 450). وزُوطى  على  وزن مُوسى ، اسم نبطي، والنبطي أو النباطي قوم من العجم كانوا ينزلون بين العراقين: البصرة والكوفة، سمّوا نبطاً لاستنباطهم مايخرج من الأرضين، ثم استعمل في أخلاط الناس وعوامهم. وسفيان الثوري أيضاً لقّب أبا حنيفة بالنبطي (تهذيب الكمال 29: 422، وفيات الأعيان 5: 405، 414، أخبار أبي حنيفة وأصحابه: 75).</ref>. و[[النُعمان بن المَرْزُبان أبو ثابت]] وجدّ النعمان، هو الذي أهدى  لعلي بن أبي طالب الفالوذَج في يوم النيروز، وروي: أنّ ثابت ذهب إلى  [[علي بن أبي طالب]] وهو صغير، فدعا له بالبركة فيه وفي ذرّيته <ref>أخبار أبي حنيفة وأصحابه: 16، تاريخ أسماء الثقات: 450، تاريخ بغداد 13: 326.</ref>.
 
==ترجمته==
==ترجمته==
وكان لأبي حنيفة ولد واحد اسمه حمّاد، وقد خلّف حمّاد أربعة أولاد، هم: إسماعيل وعثمان وعمر وأبو حيان <ref>وقال ابن عدي: وحمّاد بن أبي حنيفة لاأعرف له رواية مستوية فأذكرها. أنظر: الكامل في ضعفاء الرجال 2: 669، كتاب الضعفاء والمجروحين 3: 71، المعارف: 495.</ref>. وقد ذكروا له شمائل عديدة، فعن أبي نعيم قال: «كان أبو حنيفة حسن الوجه والثوب والنعل، والمواساة لكلّ من أطاف به». وعن تلميذه أبي يوسف: «كان أبو حنيفة يختم القرآن في كلّ ليلة». وذكروا أنّه كان يكسب رزقه ببيع الخزّ، ولم يقبل منصب القضاء الذي عُرض عليه فضُرب مائة وعشرة أسواط، في كلّ يوم عشرة أسواط، وهو على  الامتناع <ref>أخبار أبي حنيفة وأصحابه: 16، 17،22،52،57، الغدير 5: 29، 30،33، الجواهر المضيئة 1: 57، تاريخ بغداد 13: 324، 326.</ref>. وقال يوماً: «ما ملكت أكثر من أربعة آلاف درهم منذ أكثر من أربعين سنة إلّا أخرجته، وإنّما أُمسكها لقول علي رضي اللَّه عنه: أربعة آلاف درهم فما دونها نفقة، ولولا أنّي أخاف أن ألجأ إلى  هؤلاء ماتركت منها درهماً واحداً» <ref>أخبار أبي حنيفة وأصحابه: 61.</ref>.
وكان لأبي حنيفة ولد واحد اسمه حمّاد، وقد خلّف حمّاد أربعة أولاد، هم: إسماعيل وعثمان وعمر وأبو حيان <ref>وقال ابن عدي: وحمّاد بن أبي حنيفة لاأعرف له رواية مستوية فأذكرها. أنظر: الكامل في ضعفاء الرجال 2: 669، كتاب الضعفاء والمجروحين 3: 71، المعارف: 495.</ref>. وقد ذكروا له شمائل عديدة، فعن أبي نعيم قال: «كان أبو حنيفة حسن الوجه والثوب والنعل، والمواساة لكلّ من أطاف به». وعن تلميذه أبي يوسف: «كان أبو حنيفة يختم القرآن في كلّ ليلة». وذكروا أنّه كان يكسب رزقه ببيع الخزّ، ولم يقبل منصب القضاء الذي عُرض عليه فضُرب مائة وعشرة أسواط، في كلّ يوم عشرة أسواط، وهو على  الامتناع <ref>أخبار أبي حنيفة وأصحابه: 16، 17،22،52،57، الغدير 5: 29، 30،33، الجواهر المضيئة 1: 57، تاريخ بغداد 13: 324، 326.</ref>. وقال يوماً: «ما ملكت أكثر من أربعة آلاف درهم منذ أكثر من أربعين سنة إلّا أخرجته، وإنّما أُمسكها لقول علي رضي اللَّه عنه: أربعة آلاف درهم فما دونها نفقة، ولولا أنّي أخاف أن ألجأ إلى  هؤلاء ماتركت منها درهماً واحداً» <ref>أخبار أبي حنيفة وأصحابه: 61.</ref>.


كان يعدّ إمام أهل الرأي، وأول من تكلّم بالرأي في الكوفة <ref>لكن ورد في بعض الروايات أنّ أبا حنيفة استند في مصنّفاته على  آلاف الأحاديث النبوية (مناقب الإمام الأعظم المطبوع مع الجواهر المضيئة 2: 474 ط حيدر آباد سنة .</ref>. وقد كان أخذه بالقياس والاستحسان، وابتكاره للحيل الشرعية، باعثاً لنقد الفقهاء والعلماء وأهل الحديث له، واعتبروه مخالفاً لسنّة الرسول صلى الله عليه وآله <ref>أنظر: تاريخ بغداد 13: 396 - 404، المعارف: 495، الكافي 1: 47، علل الشرائع 1: 88 - 91 باب 81، الاختصاص: 189، المعرفة والتاريخ 3: 21، حلية الأولياء 6: 258.</ref>. ومع أ نّه لم يبق له كتاب أو أثر فقهي، إلّا أنّ فتاواه وآراءه الفقهية - طبقاً لبعض الأقوال - بلغت (83000) فتوىً، قد وردت غالباً في آثار تلميذيه: أبي يوسف ومحمد بن الحسن الشيباني، كما ونقلها غيرهما <ref>توفّي محمد بن الحسن سنة 189 ه ، وأبو يوسف سنة 182 ه (تاريخ بغداد 2: 172 - 182، المعارف: 499 ، 625 ، كتاب الضعفاء والمجروحين 2 : 275 ، ميزان الاعتدال 4 : 447 ، أبو حنيفة حياته وعصره : 12 ) .</ref>. وكذلك أورد هؤلاء آراء بعض معاصري أبي حنيفة؛ كابن شبرمة وابن أبي ليلى  وعثمان البتي. بيد أنّ روايات فتاوى  أبي حنيفة كانت مختلفة، ولم ترد جميع فتاواه في تلك الآثار، والمنقول منها غالباً غير مستدلّ وبسيط.
كان يعدّ إمام أهل الرأي، وأول من تكلّم بالرأي في الكوفة <ref>لكن ورد في بعض الروايات أنّ أبا حنيفة استند في مصنّفاته على  آلاف الأحاديث النبوية (مناقب الإمام الأعظم المطبوع مع الجواهر المضيئة 2: 474 ط حيدر آباد سنة .</ref>. وقد كان أخذه بالقياس والاستحسان، وابتكاره للحيل الشرعية، باعثاً لنقد الفقهاء والعلماء وأهل الحديث له، واعتبروه مخالفاً لسنّة الرسول صلى الله عليه وآله <ref>أنظر: تاريخ بغداد 13: 396 - 404، المعارف: 495، الكافي 1: 47، علل الشرائع 1: 88 - 91 باب 81، الاختصاص: 189، المعرفة والتاريخ 3: 21، حلية الأولياء 6: 258.</ref>. ومع أنّه لم يبق له كتاب أو أثر فقهي، إلّا أنّ فتاواه وآراءه الفقهية - طبقاً لبعض الأقوال - بلغت (83000) فتوىً، قد وردت غالباً في آثار تلميذيه: [[أبي يوسف الشيباني]] و [[محمد بن الحسن الشيباني]]، كما ونقلها غيرهما <ref>توفّي محمد بن الحسن سنة 189 ه، وأبو يوسف سنة 182 ه (تاريخ بغداد 2: 172 - 182، المعارف: 499 ، 625 ، كتاب الضعفاء والمجروحين 2 : 275 ، ميزان الاعتدال 4 : 447 ، أبو حنيفة حياته وعصره : 12 ) .</ref>. وكذلك أورد هؤلاء آراء بعض معاصري أبي حنيفة؛ كابن شبرمة وابن أبي ليلى  و [[عثمان البتي]]. بيد أنّ روايات فتاوى  أبي حنيفة كانت مختلفة، ولم ترد جميع فتاواه في تلك الآثار، والمنقول منها غالباً غير مستدلّ وبسيط.


وتجدر الإشارة هنا إلى  أنّ منهج أبي حنيفة في الاجتهاد لم يُدوَّن في كتاب، بل لم يُذكر حتّى  في آثار تلامذته <ref>ومن تلامذته - فضلاً عن الشيباني وأبي يوسف - : أبوبكر النهشلي، محمد بن جابر الحنفي، أبو بردة العتبي، حبيب بن أبي ثابت، أسد بن عمرو، القاسم بن معن، زفر بن الهذيل، علي بن مسهر (أخبار أبي حنيفة وأصحابة: 97، 109، 125، 156، 158).</ref> أيضاً، والموجود في الآثار الأُولى  المدوّنة في أُصول الفقه الحنفي؛ كرسالة أبي حسن الكوفي والدبوسي وكتاب البزدوي هو حاصل تخريجهم واستنباطهم من الفروع الفقهية لأبي حنيفة وتلامذته <ref>أبو حنيفة حياته وعصره: 12، 13.</ref>.
وتجدر الإشارة هنا إلى  أنّ منهج أبي حنيفة في الاجتهاد لم يُدوَّن في كتاب، بل لم يُذكر حتّى  في آثار تلامذته <ref>ومن تلامذته - فضلاً عن الشيباني وأبي يوسف - : [[أبوبكر النهشلي]]، [[محمد بن جابر الحنفي]]، [[أبو بردة العتبي]]، [[حبيب بن أبي ثابت]]، [[أسد بن عمرو]]، [[القاسم بن معن]]، [[زفر بن الهذيل]]، علي بن مسهر (أخبار أبي حنيفة وأصحابة: 97، 109، 125، 156، 158).</ref> أيضاً، والموجود في الآثار الأُولى  المدوّنة في أُصول الفقه الحنفي؛ كرسالة أبي حسن الكوفي والدبوسي وكتاب البزدوي هو حاصل تخريجهم واستنباطهم من الفروع الفقهية لأبي حنيفة وتلامذته <ref>أبو حنيفة حياته وعصره: 12، 13.</ref>.


إذن، فإنّ مجموع ما يُنقل عن أبي حنيفة وأطلق على  أ نّه منهجه الفقهي، منذ ذلك الزمان وحتّى الآن، هو ما عرف بالمذهب الحنفي.
إذن، فإنّ مجموع ما يُنقل عن أبي حنيفة وأطلق على  أ نّه منهجه الفقهي، منذ ذلك الزمان وحتّى الآن، هو ما عرف بالمذهب الحنفي.
سطر ٢٩: سطر ٣٠:
وقد نشأ المذهب الحنفي بالكوفة، ثم تدارسه العلماء بعد وفاة شيخه ببغداد، ثم شاع من بعد ذلك وانتشر في أكثر البقاع الإسلامية، فكان في مصر والشام وبلاد الروم والعراق وماوراء النهر، ثم اجتاز الحدود فكان في الهند والصين حيث لامنافس له ولامزاحم، ويكاد أن يكون هو المنفرد في تلك الأصقاع النائية إلى  الآن <ref>أبو حنيفة حياته وعصره: 402 - 406.</ref>. وصارت هذه الآراء المنقولة عنه بعد ذلك محطّاً للنقد والدراسة من قِبَل الفقهاء والمحدّثين، وتمّ التعريف بعشرات النماذج المخالفة للنصوص حتّى  اتّهموه بالكفر والزندقة! وقد نقل ابن حبّان والشيخ المفيد والخطيب البغدادي وابن الجوزي نماذج من هذه الآراء والفتاوى ، وقاموا بنقدها <ref>أنظر: مصنّفات الشيخ المفيد 3: 111 - 148، تاريخ بغداد 13: 323 - 423، كتاب الضعفاء والمجروحين 3: 62 - 73، المنتظم 8: 135.</ref>.
وقد نشأ المذهب الحنفي بالكوفة، ثم تدارسه العلماء بعد وفاة شيخه ببغداد، ثم شاع من بعد ذلك وانتشر في أكثر البقاع الإسلامية، فكان في مصر والشام وبلاد الروم والعراق وماوراء النهر، ثم اجتاز الحدود فكان في الهند والصين حيث لامنافس له ولامزاحم، ويكاد أن يكون هو المنفرد في تلك الأصقاع النائية إلى  الآن <ref>أبو حنيفة حياته وعصره: 402 - 406.</ref>. وصارت هذه الآراء المنقولة عنه بعد ذلك محطّاً للنقد والدراسة من قِبَل الفقهاء والمحدّثين، وتمّ التعريف بعشرات النماذج المخالفة للنصوص حتّى  اتّهموه بالكفر والزندقة! وقد نقل ابن حبّان والشيخ المفيد والخطيب البغدادي وابن الجوزي نماذج من هذه الآراء والفتاوى ، وقاموا بنقدها <ref>أنظر: مصنّفات الشيخ المفيد 3: 111 - 148، تاريخ بغداد 13: 323 - 423، كتاب الضعفاء والمجروحين 3: 62 - 73، المنتظم 8: 135.</ref>.


ومع أنّ أبا حنيفة كان مخالفاً لحكّام عصره، إلّا أ نّه لم يمرّ وقت طويل حتّى  صار مصير مذهبه الفقهي مرتبطاً قوةً وضعفاً بمصير الحكّام، حيث ولي الصاحب الأوّل لأبي حنيفة، وهو أبو يوسف، منصب القضاء للرشيد، ثم صار له السلطان الأكبر على  القضاء في كلّ نواحي الدولة العباسية بعد سنة 170 ه ، إذ أصبح قاضي القضاة <ref>أبو حنيفة حياته وعصره: 13، 402، شرح الزرقاني على  الموطّأ 1: 7، 8.</ref>.
ومع أنّ أبا حنيفة كان مخالفاً لحكّام عصره، إلّا أنّه لم يمرّ وقت طويل حتّى  صار مصير مذهبه الفقهي مرتبطاً قوةً وضعفاً بمصير الحكّام، حيث ولي الصاحب الأوّل لأبي حنيفة، وهو أبو يوسف، منصب القضاء للرشيد، ثم صار له السلطان الأكبر على  القضاء في كلّ نواحي الدولة العباسية بعد سنة 170 ه ، إذ أصبح قاضي القضاة <ref>أبو حنيفة حياته وعصره: 13، 402، شرح الزرقاني على  الموطّأ 1: 7، 8.</ref>.


والمعروف أنّ أبا حنيفة قد أسّس مذهبه الفقهي - بعد كتاب اللَّه تعالى  - على  سنّة النبي صلى الله عليه وآله والآثار الصحاح عنه. يقول أبو حنيفة: «فإذا لم أجد في كتاب اللَّه ولا سنّة رسول اللَّه أخذت بقول أصحابه، آخذ بقول من شئت منهم، وأدع من شئت منهم، ولا أخرج من قولهم إلى  قول غيرهم». ويقول أيضاً: «إذا جاء الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله عن الثقات أخذنا به، فإذا جاء عن أصحابه لم نخرج عن أقاويلهم، فإذا جاء عن التابعين زاحمتهم» <ref>أخبار أبي حنيفة وأصحابه: 24 - 27، أبو حنيفة حياته وعصره: 207.</ref>. وعليه فإنّ الأدلّة المعتبرة التي أقام عليها أبو حنيفة استنباطه الفقهي هي: الكتاب والسنّة، وأقوال الصحابة، والإجماع، والقياس، والاستحسان، والعرف <ref>أبو حنيفة حياته وعصره: 208.</ref>. كما ذُكر أنّ مِن منهجه تقديم الخبر الضعيف على  القياس والرأي <ref>أنظر: المنتظم 8: 135 - 143، الجرح والتعديل 8: 450.</ref>.
والمعروف أنّ أبا حنيفة قد أسّس مذهبه الفقهي - بعد كتاب اللَّه تعالى  - على  سنّة النبي صلى الله عليه وآله والآثار الصحاح عنه. يقول أبو حنيفة: «فإذا لم أجد في كتاب اللَّه ولا سنّة رسول اللَّه أخذت بقول أصحابه، آخذ بقول من شئت منهم، وأدع من شئت منهم، ولا أخرج من قولهم إلى  قول غيرهم». ويقول أيضاً: «إذا جاء الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله عن الثقات أخذنا به، فإذا جاء عن أصحابه لم نخرج عن أقاويلهم، فإذا جاء عن التابعين زاحمتهم» <ref>أخبار أبي حنيفة وأصحابه: 24 - 27، أبو حنيفة حياته وعصره: 207.</ref>. وعليه فإنّ الأدلّة المعتبرة التي أقام عليها أبو حنيفة استنباطه الفقهي هي: الكتاب والسنّة، وأقوال الصحابة، والإجماع، والقياس، والاستحسان، والعرف <ref>أبو حنيفة حياته وعصره: 208.</ref>. كما ذُكر أنّ مِن منهجه تقديم الخبر الضعيف على  القياس والرأي <ref>أنظر: المنتظم 8: 135 - 143، الجرح والتعديل 8: 450.</ref>.
سطر ٦٣: سطر ٦٤:
والثاني: أنّ أبا حنيفة كان في بداية الأمر يُحسن الظنّ بالعباسيّين، ولعلّ هذا ما حدا بأبي زهرة إلى  القول بأنّ المنصور تعامل مع عبداللَّه بن الحسن وأبنائه بخشونة، وأ نّه أرسلهم في الأغلال والسلاسل من المدينة إلى  الهاشمية <ref>الهاشمية: مدينة بناها أبو العباس السفّاح، وقد حُبس فيها عبداللَّه بن الحسن بن الحسن بن علي عليه السلام وأسرته بأمر المنصور (معجم البلدان 5: 389).</ref>، وحبسهم فيها حتّى  مات أكثرهم في الحبس، ولمّا علم أبو حنيفة بذلك أخذ يبتعد عن العباسيّين، وصار من أشدّ معارضيهم؛ لأ نّه كان يحبّ العلويّين، ولاسيّما عبداللَّه وولده <ref>أبو حنيفة حياته وعصره: 36، 37.</ref>.
والثاني: أنّ أبا حنيفة كان في بداية الأمر يُحسن الظنّ بالعباسيّين، ولعلّ هذا ما حدا بأبي زهرة إلى  القول بأنّ المنصور تعامل مع عبداللَّه بن الحسن وأبنائه بخشونة، وأ نّه أرسلهم في الأغلال والسلاسل من المدينة إلى  الهاشمية <ref>الهاشمية: مدينة بناها أبو العباس السفّاح، وقد حُبس فيها عبداللَّه بن الحسن بن الحسن بن علي عليه السلام وأسرته بأمر المنصور (معجم البلدان 5: 389).</ref>، وحبسهم فيها حتّى  مات أكثرهم في الحبس، ولمّا علم أبو حنيفة بذلك أخذ يبتعد عن العباسيّين، وصار من أشدّ معارضيهم؛ لأ نّه كان يحبّ العلويّين، ولاسيّما عبداللَّه وولده <ref>أبو حنيفة حياته وعصره: 36، 37.</ref>.


==أبو حنيفة و[[أهل البيت]] عليهم السلام==
==أبو حنيفة و أهل البيت عليهم السلام==
يبدو ضرورياً تسليط الضوء على  علاقة أبي حنيفة بأهل البيت عليهم السلام بشي ءٍ من التفصيل، لكنّنا سنتعرّض أولاً لبيان شخصيته في نظر أهل البيت عليهم السلام، ثم نتطرّق إلى  علاقته، وأحياناً رأيه حول أهل البيت عليهم السلام .
يبدو ضرورياً تسليط الضوء على  علاقة أبي حنيفة بأهل البيت عليهم السلام بشيءٍ من التفصيل، لكنّنا سنتعرّض أولاً لبيان شخصيته في نظر أهل البيت عليهم السلام، ثم نتطرّق إلى  علاقته، وأحياناً رأيه حول أهل البيت عليهم السلام .


وبالنسبة إلى  النقطة الأولى  فنقول: ثمة روايات وردت في مناقبه قد نُقلت عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله، ومن جملتها: ... ويكون في أُمتي رجل يقال له: أبوحنيفة، هو سراج أُمتي<ref>كتاب الضعفاء والمجروحين 3: 46، تاريخ بغداد 13: 335.</ref>. والحقيقة فإنّ هذه الأحاديث هي موضوعات لبعض الناس؛ كالمأمون بن أحمد السُّلَمي، وأحمد بن محمد بن الصلت الحُمّاني الذي صنّف في مناقب أبي حنيفة أحاديث كثيرة موضوعة، وقد صرّح عدد من الرجاليّين والنقّاد بكذب هذه الأحاديث، بل وذكر آخرون: إنّه لم يرد في أحدٍ من الائمة بعينه نصٌّ، لا صحيح ولا ضعيف <ref>أنظر: كتاب الضعفاء والمجروحين 3: 46، تاريخ بغداد 4: 207، ميزان الاعتدال 3: 429، الموضوعات لابن الجوزي 2: 47 - 49، اللآلي المصنوعة 1: 457 وما بعدها، الغدير 5: 216، 218، 256، 277، 278 - 288.</ref>.
وبالنسبة إلى  النقطة الأولى  فنقول: ثمة روايات وردت في مناقبه قد نُقلت عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله، ومن جملتها: ... ويكون في أُمتي رجل يقال له: أبوحنيفة، هو سراج أُمتي<ref>كتاب الضعفاء والمجروحين 3: 46، تاريخ بغداد 13: 335.</ref>. والحقيقة فإنّ هذه الأحاديث هي موضوعات لبعض الناس؛ كالمأمون بن أحمد السُّلَمي، وأحمد بن محمد بن الصلت الحُمّاني الذي صنّف في مناقب أبي حنيفة أحاديث كثيرة موضوعة، وقد صرّح عدد من الرجاليّين والنقّاد بكذب هذه الأحاديث، بل وذكر آخرون: إنّه لم يرد في أحدٍ من الائمة بعينه نصٌّ، لا صحيح ولا ضعيف <ref>أنظر: كتاب الضعفاء والمجروحين 3: 46، تاريخ بغداد 4: 207، ميزان الاعتدال 3: 429، الموضوعات لابن الجوزي 2: 47 - 49، اللآلي المصنوعة 1: 457 وما بعدها، الغدير 5: 216، 218، 256، 277، 278 - 288.</ref>.
٣٨٢

تعديل