الحنفية: أحد المذاهب الإسلامية المعروفة، والأحناف هم أتباع مذهب الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت المتوفّى سنة 150 ه‍ ببغداد.

وللمذهب الحنفي أتباع كثيرون، حتّى قيل: إنّ أكثر من نصف الشعوب الإسلامية يتعبّدون اللّه على هذا المذهب!

مسائل المذهب

مسائل المذهب على ثلاثة أشخاص: أبي حنيفة، وأبي يوسف المتوفّى سنة 180 ه‍، ومحمّد بن الحسن الشيباني المتوفّى سنة 189 ه‍. ويلحق بهم : زفر بن الهُذيل المتوفّى سنة 158 ه‍، والحسن بن زياد المتوفّى سنة 204 ه‍، وغيرهما، إلّا أنّ الغالب الشائع في ظاهر الرواية أن يكون قول الثلاثة.

أصول المذهب الحنفي والمصادر الاستنباطية

عقيدة الحنفية في التوحيد والعدل: أنّ الباري واحد لا من طريق العدد، وأنّه ليس كالأشياء، وأنّ له صفات ذات وصفات فعل، وأنّ القرآن مخلوق، وأنّ الباري خلق العالم لا من مادّة، وأنّ اللّه قد كتب كلّ شيء بالوصف لا بالحكم، وأنّ علمه تعالى بالأشياء أزلي، وأنّ نظرية الذرّ صحيحة، وأنّ الأفعال كسبية، والقول بالجبر.

والعلم عندهم على أربعة أوجه كما قيل: ما كان في كتاب اللّه تعالى وما أشبهه، وما كان في سنّة رسول اللّه (صلّى الله عليه وآله) وما أشبهها، وما كان في ما أجمع عليه الصحابة وما أشبهه، وكذلك ما اختلفوا فيه، فإن وقع الاختيار فيه على أحد الأقوال فهو علم يُقاس عليه ما أشبهه، وما استحسنه فقهاء المسلمين وما أشبهه وكان نظيراً له.

وقد وضع أبو حنيفة قواعد المذهب الحنفي بقوله: «آخذ بكتاب الله تعالى، فإن لم أجد فبسنّة رسول الله، فإن لم أجد في كتاب الله ولا في سنّة رسول الله أخذت بقول الصحابة، آخذ بقول من شئت منهم وأدع قول من شئت منهم، ولا أخرج عن قولهم إلى قول غيرهم، فإذا انتهى الأمر إلى إبراهيم والشعبي وابن سيرين والحسن وعطاء وسعيد بن المسيّب -وعدَّد رجالاً- فقوم اجتهدوا، فأجتهد كما اجتهدوا».

واعتمد المذهب الحنفي على الأسس والمعطيات التالية:

1 - القرآن الكريم.

القرآن الكريم عند أبي حنيفة هو المصدر الأوّل والأعلى في مسائل الفقه، لأنّه الكتاب القطعي الثبوت، لا يُشكّ في حرف منه، وأنّه ليس يوازيه ولا يصل إلى رتبته في الثبوت إلّا الحديث المتواتر، لذلك لا يرى نسخ القرآن الكريم بخبر الآحاد من السنّة، وإنّما يعمل بها ما أمكن، وإلّا ترك السنّة الظنّية للكتاب القطعي.

2 - السنّة النبوية.

لا يجعل أبو حنيفة السنّة النبوية في رتبة واحدة، بل يُقدّم مثلاً السنّة القولية على الفعلية، لجواز أن يكون الفعل خصوصية للنبي، ويُقدّم السنّة المتواترة على خبر الآحاد عند التعارض وعدم إمكان الجمع بينهما، بل إنّه يترك العمل بخبر الآحاد إذا خالف قاعدة شرعية مأخوذة من نصّ القرآن أو السنّة.

3 – الإجماع.

فما أجمع عليه أصحاب الرسول وما اختلفوا فيه لا يخرج عن أقوالهم إلى أقوال غيرهم.. والإجماع هو: اتّفاق الأئمّة المجتهدين في عصر من العصور بعد انتقال الرسول عن الدنيا على حكم شرعي، والإجماع عند أبي حنيفة حجّة معمول به. 4 - قول الصحابي.

5 – القياس.

وهو: إلحاق فرع بأصل فيه نصّ بحكم معيّن من الوجوب أو الحرمة لوجود علّة الحكم في الفرع كما هي في الأصل.

وأبو حنيفة يُقدّم السنّة- ولو كانت حديثاً مرسلاً- على القياس، كما يقدّم الحديث الضعيف على القياس.

6 - الاستحسان.

وهو: طلب الأحسن للاتّباع الذي هو مأمور به، والاستحسان عند أبي حنيفة ليس اتّباعاً للهوى ولا حكماً بالغرض، ولكنّه اختيار أقوى الدليلين في حادثة معيّنة.

7- العرف والعادة.

وهو: ما استقرّ في النفوس من جهة العقول، وتلقّته الطباع السليمة بالقبول.

والأصل في اعتبار العرف دليلاً شرعياً قول ابن مسعود: «ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن».

ويكون العرف دليلاً حيث لا دليل شرعي من الكتاب والسنّة، أمّا إذا خالف العرف الكتاب والسنّة، كتعارف بعض التجّار التعامل بالربا، فهو عرف مردود لأنّه محادٌّ للشريعة ومخالف لها.

أشهر الأعلام

من أشهر أعلام المذهب الحنفي: أبو علي الشاشي المتوفّى سنة 344 ه‍، ومحمّد بن محمّد المروزي البلخي (الحاكم الشهيد) المتوفّى سنة 344 ه‍، وعلي بن محمّد البزدوي (فخر الإسلام) المتوفّى سنة 482 ه‍، ومحمّد بن أحمد السرخسي المتوفّى سنة 490 ه‍، وعمر بن عبدالعزيز بن مازة (الصدر الشهيد) المتوفّى سنة 536 ه‍، وعمر بن محمّد النسفي (مفتي الثقلين) المتوفّى سنة 537 ه‍، وعلاء الدين محمّد بن أحمد السمرقندي المتوفّى سنة 539 ه‍، وعلاء الدين الكاساني (ملك العلماء) المتوفّى سنة 587 ه‍، ومحمّد بن أحمد المحبوبي (تاج الشريعة) المتوفّى سنة 673 ه‍، وحافظ الدين النسفي المتوفّى سنة 710 ه‍، وعبداللطيف بن عبدالعزيز (ابن ملك) المتوفّى ما بعد سنة 791 ه‍، ومحمّد بن فرافور (منلّا خسرو) المتوفّى سنة 885 ه‍.

أشهر الكتب الفقهية والأصولية

من أشهر كتب المذهب في علم الفقه وأُصوله: المبسوط، وتبيين الحقائق، وردّ المحتار، والفتاوى الهندية، وبدائع الصنائع، والبحر الرائق، وفتح القدير، ومجمع الأنهر، وأُصول الشاشي، والفصول في الأُصول، وتقويم الأدلّة، والمغني في أُصول الفقه، وكشف الأسرار، وتنقيح الأُصول، والتقرير والتحبير، ونفائس الأُصول، ومفتاح الأُصول.

المصدر

مقتبس مع تعديلات من المواقع الألكترونية التالية:


أبرز المعتقدات

ـ قالوا: بجواز قبول الجزية من عبدة الأصنام، مستثنين العرب منهم.

ـ أفتى أبو حنيفة بوجوب نصرة زيد بن علي بن الحسين (عليه السلام)، وحمل المال إليه، والخروج معه على المتغلّب المسمّى بالإمام والخليفة.

ـ أغلق الحنفية باب الاجتهاد، مكتفين باجتهاد الأئمّة السابقين، وصار عصرهم عصر تقليد، واختيار من كتب السابقين.

ـ قالوا: بعدم جواز الحجر على السفيه، ولا على ذي الغفلة، لأنّهم يرون أنّ الشخص ببلوغه عاقلاً سواء كان سفيهاً أم غير سفيه فإنّه قد بلغ حدّ الإنسانية المستقلّة.

ـ ذهب فقهاؤهم إلى أنّه لا يجوز للجنب مسّ التوراة وهو محدث.

ـ قالوا: بجواز الصلاة خلف الفاسق وغيره.

ـ قالوا في الكفر والشرك: هما اسمان واقعان على معنيين، وإنّ كُلّ شرك كفر، وليس كُلّ كفر شركاً، وقالوا: لا شرك إلّا من جعل لله شريكاً، وأمّا اليهود والنصارى فكفّار، لا مشركون، وسائر الملل كفّار مشركون.

ـ كان من مبدئهم إعمال عقولهم فيما إذا روي في المسألة قولان أو أكثر في الصحابة، فيختارون منها أعدلها، أو أقربها إلى الأصول العامّة، وعدم الاعتداد بأقوال التابعين، إلّا أن يوافقوا اجتهادهم.

ـ جاهروا في العراق بوجوب نصرة إبراهيم أخي ذي النفس الزكية، بل إنّ الأمر وصل بهم إلى أن ثبّطوا بعض قوّاد المنصور عن الخروج لحرب إبراهيم.

ـ قالوا: إنّ للمرأة الولاية الكاملة في الزواج، فكما إنّ الولاية المالية تثبت لها كاملة، فكذلك ولاية الزواج، ثُمّ إنّهم قرّروا المساواة بين الرجل والمرأة، فكما أنّ له الولاية الكاملة في شأن الزواج، فلها أيضاً الولاية على نفسها في شأن الزواج.

ـ قالوا: إنّه لا يكفّر ولا يفسّق مسلم بقول قاله في اعتقاد أو فتيا، وإنّ كُلّ من اجتهد في شيء من ذلك فدان بما رأى أنّه الحقّ فهو مأجور على كُلّ حال، إن أصاب الحقّ فله أجران، وإن أخطأ فأجر واحد.

ـ كان لهم في الحديث مسلك خاصّ، وهو التشديد في قبول الحديث، والتحرّي عنه وعن رجاله حتّى يصحّ، وكانوا لا يقبلون الخبر عن رسول الله إلّا إذا رواه جماعة عن جماعة.

ـ من الأمور الظاهرة في فقه مذهب الحنفية (الحيل الشرعية)، وقد أصبحت باباً واسعاً من أبواب هذا الفقه في مذهبهم.

الأزهر والمذهب الحنفي

يعتبر الأزهر أنّ المذهب الحنفي أحد المذاهب الأربعة التي تقوم عليها عقيدة الأزهر الشريف التي هي عقيدة الأشعري والماتريدي وفقه الأئمّة الأربعة وتصوّف الإمام الجنيد.

وحسم الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيّب هذا الأمر بالتأكيد على ما تقدّم ذكره، وحذّر من وجود مخطّط لاختطاف الفكر والمنهج الأزهري الوسطي المعتدل، الذي حافظ الأزهر عليه لأكثر من ألف عام، وأنّ الأزهر الشريف سيبقى أشعري المذهب ماتريدي العقيدة، ومحافظاً على الفكر الصوفي الصحيح الذي ينتمي إليه عشرات من شيوخ الأزهر على مدي تاريخه. كما واعتبر الأزهـر على مدار تاريخه مـلاذاً حصيناً للتفكير، ومجالاً حيّاً للتعبير، واحتضن سائر الاتّجاهـات، واحترم كلّ المذاهب.

هذا، وارتبط المذهب الحنفي في الأزهر الشريف برواق الحنفية الذي أقامه الملك نور الدين محمود زنكي، ليقوم بعدها صلاح الدين الأيّوبي ببناء عدّة مدارس لتعليم فقه أهل السنّة، وعلى رأسها الفقه الحنفي، ثمّ قام الأيّوبي بتأسيس المدرسة السيفية التي جعل التدريس فيها على المذهب الحنفي، وعيّن للتدريس فيها الشيخ مجد الدين محمّد بن محمّد الجيني، ورتّب له في كلّ شهر أحد عشر ديناراً، وباقي ريع وقفها يصرفه على ما يراه لطلبة الحنفية المقرّرين عنده على قدر طبقاتهم. وبعد وفاته أنشأ خادم صلاح الدين جمال الدين بن جمال الدولة المدرسة الإقبالية، وقسّمها إلى قسمين أحدهما للشافعية والآخر للحنفية، ثمّ قامت المدرسة الأزكشية التي بناها الأمير سيف الدين أيازكوج الأسدي أحد أمراء صلاح الدين، وجعلها وقفاً على الفقهاء من الحنفية من الأزهريّين الذين قاموا بمجهود كبير في نشر المذهب في مصر.

المذهب الحنفي والسلفية

تنظر السلفية إلى المذاهب الأربعة- ومنها المذهب الحنفي- على أنّ الأخذ بأحد المذاهب دون الآخر إهدار للآخرين، وهو في حقيقته طعن بالآخرين، ويعتمدون القواعد المستنبطة المقرّرة في كتب أهل العلم.

ويقول مشهور آل سلمان أحد كبار مشايخ السلفية في كتاب "كشف الشبهات حول الدعوة السلفية": "السَّلفيُّون لا يتعصّبون لإمام واحد، ويرون أنّ التعصّب لإمام واحد والعمل المذهبي والفقه المذهبي فيه إهدار للآخرين، وهو في حقيقته طعن بالآخرين، بيد أنَّ السلفيّين يعتمدون القواعد المستنبطة المقرّرة في كتب أهل العلم، ويعملونها معظّمين للدليل، فمن أعمل رأيه دون هذه القواعد فإنّما يهدم معالم المنهج المطروق عند العلماء المرضيّين". ويعتبر أنّ أئمّة العلم عند السلفيّين ليسوا منحصرين بأربعة، وإنّما هم أكثر من ذلك، وإن كان للأئمّة الأربعة فضلهم وتقدّمهم وعلمهم. ويؤكّد على أن السلفيّين يتبعون الدليل دون تعصّب لأحد، ويتبرّأون من الغمز واللمز والطعن بواحد منهم.


التوزيع الجغرافي

نشأ المذهب الحنفي بالكوفة موطن أبي حنيفة، ثمّ بدأ في الانتشار بالقرن الرابع الهجري، وكان الغالب على أهل صنعاء وصعدة باليمن، والغالب على فقهاء العراق وقضاته، وكان منتشراً بالشام، وكان المذهب الحنفي في إقليم الشرق: خراسان وسجستان وما وراء النهر وغيرها، وكان أهل جرجان وبعض طبرستان من إقليم الديلم حنفية.

وكان غالباً على أهل دبيل من إقليم الرحاب الذي منه الران وأرمينية وأذربيجان وتبريز، وموجوداً في بعض مدنه بلا غلبة، وكان غالباً على أهل القرى من إقليم الجبال، وكثيراً في إقليم خوزستان المسمّى قديماً الأهواز، وكان لهم به فقهاء وأئمّة كبار.

وكان بإقليم فارس كثير من الحنفية، إلّا أنّ الغلبة كانت في أكثر السنين للظاهرية، وكان القضاء فيهم. وكانت قصبات السند لا تخلو من فقهاء حنفية، كما أنّ أهل سجستان كانوا حنفية، وكان ملوك بنجالة بالهند جميعاً حنفية.

ثمّ انتشر بعد ذلك في البلاد الإسلامية، في البلقان والقوقاز وأفغانستان وتركستان (الشرقية والغربية) وباكستان وبنغلاديش وشمال الهند ومعظم العراق وتركيا وسوريا، ومعظم المسلمين في الاتّحاد الروسي والصين، وفي السعودية يوجد أعضاء يمثّلون المذهب الحنفي في هيئة كبار العلماء.

وفي مصر كانوا لا يعرفون المذهب الحنفي حتى وَلَّى الخليفة المهدي قضاءها لإسماعيل بن اليسع الكوفي سنة 146هـ، وهو أوّل قاضٍ حنفي بمصر، وأوّل من أدخل إليها المذهب الحنفي، وانتشر في عهد العبّاسيّين، ثمّ الأيّوبيّين، ولما فتح العثمانيّون مصر حصروا القضاء في الحنفية، وأصبح المذهب الحنفي مذهب أمراء الدولة وخاصّتها، إلّا أنّه لم ينتشر بين أهل الريف (الوجه البحري) والصعيد انتشاره في المدن، ولم يزل كذلك إلى اليوم.


النشأة والتطور:

ـ حاول العباسيون إضفاء طابع الانتماء الديني على دولتهم، والإيحاء للرأي العام بأنّهم أحقّ بالأمر من خصومهم الأمويين، فاظهروا الاتصال الوثيق بين الدين والدولة، وكوّنوا من أحكام الشريعة دستوراً ونظاماً تسير عليه الدولة سيراً صورياً، فقرّبوا العلماء، وجعلوا القضاء بيد أهل الرأي من أهل العراق، حتى ولي أبو يوسف القضاء، وهو تلميذ أبي حنيفة، فكانت للمذهب الحنفي حظوة واسعة في الشهرة والانتشار.

ـ إنّ وجود رجالات حملوا على عاتقهم نشر المذهب أمثال أبي يوسف قاضي القضاة في زمن الرشيد، ساعد على انتشار هذا المذهب انتشاراً واسعاً، حيث تولى القضاء لثلاثة من الخلفاء العباسيـين، منذ أيام المهدي، ثُمّ الهادي، ثُمّ الرشيد.

ـ حِظيَ الفقه الحنفي بمحمد بن الحسن الشيباني الذي دوّن فقه هذا المذهب وسجله، وكذلك محمد بن شجاع الثلجي، الذي كان يحتجّ بفقه الحنفية واظهر علله وقواه بالحديث، فساعد هذان الأمران على انتشار هذا المذهب على صعيد العالم الإسلامي.

الأفكار والمعتقدات:

اعتمد هذا المذهب أفكاراً ومعتقدات من أهمها :

ـ الأصول عند الحنفية هي : ( الكتاب، والسنة، وإجماع الصحابة، والقياس، والاستحسان، والعرف ).

ـ أهم مصادر التشريع عندهم هو الأخذ بالقياس، حتى عرفوا به وتميزوا عن بقية المذاهب.

ـ زعموا : أنّ الإيمان هو المعرفة بالله ورسوله، والإقرار بما جاء من عند الله في الجملة دون التفسير.

ـ قالوا : بجواز قبول الجزية من عبدة الأصنام، مستثنين العرب منهم.

ـ أفتى أبو حنيفة بوجوب نصرة زيد بن علي بن الحسين (عليه السّلام)، وحمل المال إليه، والخروج معه على اللص المتغلب المسمى بالإمام، والخليفة.

ـ أغلقوا باب الاجتهاد، مكتفين باجتهاد الأئمة السابقين، وصار عصرهم عصر تقليد، واختيار من كتب السابقين.

ـ قالوا بعدم جواز الحجر على السفيه، ولا على ذي الغفلة لأنهم يرون أنّ الشخص ببلوغه عاقلاً سواء كان سفيهاً أم غير سفيه فإنّه قد بلغ حد الإنسانية المستقلة.

ـ ذهب فقهاؤهم إلى أنّه لا يجوز للجنب مسّ التوراة، وهو محدث.

ـ قالوا : بجواز الصلاة خلف الفاسق وغيره.

ـ قالوا في الكفر والشرك هما اسمان واقعان على معنيين، وإنّ كُلّ شرك كفر، وليس كُلّ كفر شركاً، وقالوا : لا شرك إلاّ من جعل لله شريكاً، وإمّا اليهود والنصارى فكفار، لا مشركون، وسائر الملل كفار مشركون.

ـ كان من مبدئهم إعمال عقولهم فيما إذا روي في المسألة قولان، أو أكثر في الصحابة، فيختارون منها أعدلها، أو أقربها إلى الأصول العامة وعدم الاعتداد بأقوال التابعين، إلاّ أن يوافقوا اجتهادهم.

ـ جاهروا في العراق بوجوب نصرة إبراهيم أخي ذي النفس الزكية، بل إنّ الأمر وصل بهم إلى أن ثبطوا بعض قوّاد المنصور عن الخروج لحرب إبراهيم.

ـ قالوا : إنّ للمرأة الولاية الكاملة في الزواج، فكما إنّ الولاية المالية تثبت لها كاملة فكذلك ولاية الزواج، ثُمّ أنهم قرروا المساواة بين الرجل والمرأة، فكما أنّ له الولاية الكاملة في شأن الزواج، فلها أيضاً الولاية على نفسها في شأن الزواج.

ـ قالوا أنّه لا يكفر ولا يفسق مسلم بقول قاله في اعتقاد أو فتيا، وأنّ كُلّ من اجتهد في شيء من ذلك فدان بما رأى أنّه الحق، فهو مأجور على كُلّ حال، إن أصاب الحقّ فله أجران، وإن أخطأ فأجر واحد.

ـ كان لهم في الحديث مسلك خاص، وهو التشديد في قبول الحديث، والتحرّي عنه، وعن رجاله حتى يصحّ، وكانوا لا يقبلون الخبر عن رسول الله إلاّ إذا رواه جماعة عن جماعة.

ـ من الأمور الظاهرة في فقه مذهب الحنفية (الحيل الشرعية)، وقد أصبحت باباً واسعاً من أبواب هذا الفقه في مذهبهم، حتى وضعوا فيما بعد حيلاً للهروب من كُلّ الالتزامات.

أبرز الشخصيات :

1 ـ النعمان بن ثابت (أبو حنيفة)

2 ـ أبو يوسف (قاضي القضاة)

3 ـ محمد بن الحسن الشيباني.

4 ـ محمد بن شجاع الثلجي.

5 ـ زفر بن هذيل.

6ـ محب الدين بن محمد الهندي.

7 ـ الحسن بن زياد اللؤلئي الكوفي.

8 ـ جمال الدين الحصيري الحنفي.

الانتشار ومواقع النفوذ :

انتشر المذهب الحنفي في العراق، وفي اغلب الأقطار الإسلامية، بشكل متفاوت، فتركية والبانية وسكان بلاد البلقان، وتركستان (بخارى) هم على المذهب الحنفي بصورة غالبة، وفي أفغانستان يؤلفون نصف أهل السنّة, بل هذا المذهب هو أوسع المذاهب الإسلامية انتشاراً على الإطلاق.

أحداث ووقـائع :

ـ كان للحنفية موقف عداء معروف من الأمويين، حتى أنّ يزيد بن عمر بن هبيرة الفزاري أمير العراقَيْنِ قد استقدم أبا حنيفة لكي يلي القضاء بالكوفة أيام مروان بن محمد آخر ملوك بني أمية، فأبى عليه فضربه مئة سوط وعشرة، كُلّ يوم عشرة سياط، وهو على الامتناع فلما رأى ذلك خلى سبيله.

ـ يروى أنّه لما خرج زيد بن علي بالكوفة على هشام بن عبد الملك قال أبو حنيفة : ( ضاهى خروجه خروج رسول الله يوم بدر ) فقيل له : لم تخلفت عنه ؟ قال : حبسني عنه ودائع الناس، عرضتها على ابن أبي ليلى فلم يقبل، فخفت أن أموت مجهلاً.

ـ في العصر العباسي استدعى المنصور أبا حنيفة من الكوفة لأنّه اتهمّ بالتشيع لإبراهيم أخي محمد ذي النفس الزكية، فحبسه خمسة عشر يوماً، ثُمّ سمّه فمات.




الطريقة والمعتقد الذي يذهب إليه صاحبه، ويبنى منه مراجع الدين . وهو مجموعة من الآراء، والنظريات العلمية، ارتبط بعضها ببعض ارتباطاً يجعلها وحدة منسقة، لفكر أو مدرسة . ومنه المذاهب الفقهية، والعقدية، والأدبية، والعلمية، والفلسفية . كالمذهب الحنفي، وهذا المصلح هو السائد في كتب الفقه، وأما المذاهب الفكرية المعاصرة كالعلمانية، فهو السائد في كتب العقائد انظر : التوقيف على مهمات التعريف للمناوي، ص :301، المعجم الفلسفي لمراد وهبه، ص :488

أهداف المحتوى:

أن يتعرف على نسبة هذا المذهب .

أن يتعرف على أصول هذا المذهب .

أن يتعرف على أشهر علماء هذا المذهب

أن يعرف مواطن انتشار هذا المذهب .

أن يعرف أهم كتب هذا المذهب .


عناصر محتوى المفردة:

المقدمة

المادة الأساسية

(الحنفية ): مذهب فقهي من المذاهب الفقهية الأربعة المشهورة عند أهل السنة والجماعة كالمذهب المالكي، والمذهب الشافعي، والمذهب الحنبلي . (نسبة هذا المذهب ): ينسب هذا المذهب إلى الامام أبي حنيفة النعمان بن ثابت بن زوطي التيمي الكوفي، ولد سنة 80 للهجرة بالكوفة وهو من أتباع التابعين وقيل أنه من التابعين لأنه أدرك أربعة من الصحابة وربما لقي بعضهم، بدأ حياته العلمية بدراسة علم الكلام ثم تعلم فقه مدرسة الكوفة على شيخه حماد بن أبي سليمان وغيره من أجلاء التابعين وأخذ الحديث عن كثيرين من العلماء، وبلغ في الفقه منزلة لم يصل إليها أحد ممن عاصره، وكان معروفًا بالورع وصدق المعاملة والزهد في الدنيا، ويدل على ذلك رفضه القضاء بالكوفة ونال من ذلك بلاء شديد في عهد الأمويين وكذلك عندما عرض عليه القضاء في عهد العباسيين أصر على رفضه فحبس وعذب وضرب حتى أشرف على الهلاك، ومن سمات المذهب الحنفي أنه كان يقوم على الشورى في الرأي بين الشيخ والتلاميذ وأن الشيخ كان حريصًا على بناء الرجال أكثر من تأليف الكتب، ولهذا لم يؤثر عنه مؤلفات فقهية وقد دون تلاميذه فقهه ومع هذا يظل شأنه كما قال الإمام الشافعي عنه : "الناس في الفقه عيال على أبي حنيفة " .(أصول المذهب الحنفي ): يأخذ بـــ :1/ الكتاب الكريم كسائر الأئمة .
2/ ويأخذ بالسنة : وان كان له مسلك خاص نحوها فهو يتشدد قبول الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يقبله إلا اذا رواه جماعة عن جماعة أو كان خبرًا اتفق فقهاء الأمصار على العمل به أو روى واحد من الصحابة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في جمع منهم فلم يخالفه أحد، ومع هذا لم تكن بضاعته منها قليلة ويدل جامع مسانيد الإمام الاعظم الذي جمعه الخوارزمي، وهو يضم خمسة عشر مسندًا على فساد من زعم قلة اعتناء أبي حنيفة بالحديث أو انه كان يقدم استعمال الرأي على أتباع الحديث .
3/ وكان يأخذ بأقوال الصحابة أيضًا غير أنه كان يعمل عقله فيما اذا روي في المسألة قولان أو أكثر لهم فيختار منها أعدلها وأقربها إلى الأصول العامة، وكان لا يعتد بأقوال التابعي إلا أن يوافق اجتهاده ويرى أنهم لا يمتازون بميزة تجعل لما روي عنهم مكانة تلزم العمل بأقوالهم وهم قوم اجتهدوا فيجب عليه أن يجتهد مثلهم . وقد توسع النعمان بن ثابت في 4/ القياس و 5/ الاستحسان، وجاء أنه كان يمضي الأمر على القياس فاذا قبح القياس يمضيها على الاستحسان ما دام يمضي له، فإذا لم يمض له رجع إلى ما يتعامل المسلمون به .وكان يأخذ 6/ بالعرف أيضًا و 7/ الإجماع كذلك . (أشهر علماء المذهب الحنفي ):
1/ أبو يوسف : يعقوب بن إبراهيم الأنصاري ولد سنة 113 للهجرة ولما شب اشتغل بالحديث فنبغ فيه وأخذ الفقه عن ابن أبي ليلى ثم انقطع إلى أبي حنيفة ،وقد رحل إلى الحجاز وأخذ عن الإمام مالك وناظره في بعض المسائل ولذا كان يعتبر أول من قرب بين مدرستي أهل الحديث وأهل الرأي، وقد تولى القضاء سبع عشرة سنة في زمن الهادي والمهدي والرشيد، ويقال أن مؤلفاته بلغت أربعين كتابًا لم يبق منها إلا أربعة كتب وأشهرها (الخراج ).
2/ زفر بن الهذيل بن قيس الكوفي ولد سنة 110 للهجرة وكان من أهل الحديث ثم غلب عليه الرأي، وقد شهد الإمام أبو حنيفة بأن زفر إمام من أئمة المسلمين وعلم من أعلامهم، وتوفي سنة 158 للهجرة فهو أقدم أصحاب أبي حنيفة موتًا .
3/ محمد بن الحسن الشيباني ولد بالعراق سنة 131 للهجرة أو أوائل سنة 132 للهجرة ونشأ بالكوفة، ودرس فقه العراق على أبي حنيفة وأبي يوسف، ورحل إلى الإمام مالك فأخذ عنه فقه أهل الحجاز وروى عنه الموطأ، والإمام محمد هو أول من دون الفقه العراقي تدوينًا علميًا شاملًا، وهو أول من كتب في العلاقات الدولية الإسلامية كتابًا جامعًا هو (السير الكبير )، فهو مجتهد مطلق لا يقل مرتبة عن الأئمة الذين نسبت إليهم المذاهب .
4/ الحسن بن زياد اللؤلؤي الكوفي، اشتغل بالسنة ثم بالفقه، وقد تتلمذ لأبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، ورواياته الفقهية عند الحنفية قليلة بالنسبة للثلاثة، وتوفي سنة 204 للهجرة .
(مواطن انتشار المذهب الحنفي ):انتشر في العراق أولًا، ولعل اعتناق الدولة العباسية هذا المذهب واسنادها القضاء إلى الإمام أبي يوسف أول تلاميذ أبي حنيفة الذي كان لا يولي القضاء في الدولة إلا من كان حنفي المذهب السبب الأكبر في انتشاره في العراق وسائر أقاليم الدولة الإسلامية كفارس وخرسان ومصر والشام والمغرب، وفي عهد الدولة العثمانية كان المذهب الحنفي هو مذهب الدولة الرسمي في كل الولايات التي تخضع لحكمها وساعد هذا على انتشار المذهب، وما تزال معظم الدول التي حكمها العثمانيون تتمذهب بالمذهب الحنفي حتى الآن كتركيا والعراق وبلاد الشام، وينتشر أيضًا في العصر الحاضر في الهند وإيران وأفغانستان وباكستان وبنجلاديش وبورما ومالديف، ودول أسيا الوسطى وأوربا الشرقية وروسيا ومصر وبخاصة في إقليم الصعيد .
(أهم كتب المذهب الحنفي ):تعد كتب ظاهر الرواية التي ألفها الإمام محمد بن الحسن المصدر الاول للفقه الحنفي، وقد اختصر هذه الكتب الحاكم الشهيد أبو الفضل محمد بن أحمد المروزي في كتابه الكافي، ولهذا المختصر أهمية خاصة في المذهب، لأنه جمع مسائل كتب الإمام محمد بعد حذف المكرر منها ومن ثم شرحه عدد من الفقهاء، وجاء شرح الإمام أبي بكر محمد بن أحمد بن أبي سهل السرخسي في كتابه المبسوط موسوعة فقهية في المذهب الحنفي طبعت في ثلاثين جزءًا من القطع الكبير، واما كتاب تحفة الفقهاء لعلاء الدين محمد بن أحمد السمرقندي فهو من الكتب المهمة في المذهب الحنفي تجنب فيه مؤلفه الطول الممل والإيجاز المخل، ورتب الأبواب والمسائل ترتيبًا منطقيًا وهذا الكتاب لا يخلو من الإشارة أحيانًا إلى بعض آراء الإمام الشافعي أو الإمام مالك .

ولعلاء الدين أبي بكر بن مسعود الكاساني شرح على تحفقة الفقهاء، وهذا الشرح يتسم بالدقة في التبويب والتفريع وأسماه بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، وعلل لهذا التسمية بأن كتابه صنعة بديعة وترتيب عجيب وترصيف غريب، لكن هذا الكتاب لم يخدم الخدمة العلمية التي تتناسب مع مكانته في الفقه الإسلامي بوجه عام والفقه الحنفي بوجه خاص فقد عرض فيه الكاساني للخلاف بين الفقهاء الأحناف، وغيرهم من فقهاء المذاهب الأخرى مع الاستدلال لكل الآراء والترجيح بينها، ومن ثم يدخل هذا الكتب في مجال الدراسة الفقهية المقارنة وإن كان عمدة في الفقه الحنفي .أما بالنسبة للمتون الفقهية، فهناك خمسة متون معتمدة في المذهب عند المتأخرين وهي :1/ مختصر القدوري لأبي الحسين أحمد بن محمد القدوري .2/ الوقاية لبرهان الشريعة لمحمود بن أحمد .3/ المختار لأبي الفضل مجد الدين عبدالله بن محمود الموصلي .4/ مجمع البحرين لمظفر الدين أحمد بن علي المعروف بابن الساعاتي .5/ كنز الدقائق لأبي البركات حافظ الدين عبدالله بن أحمد بن محمود النسفي .
ولهذه المتون شروح وتعليقات، ومن اهمها كتاب البحر الرائق للشيخ زين الدين بن ابراهيم بن محمد الشهير بابن نجيم وهو شرح لكنز الدقائق ويعد من المصادر المهمة في الفقه الحنفي .
(مصطلحات المذهب الحنفي ):ظاهر الرواية : ويقصد به في الغالب، قول أئمة الحنفية الثلاثة أبو حنيفة أبو يوسف ومحمد، كما تطلق على مؤلفات الإمام محمد بن الحسن التي رويت عنه روايات مشتهرة بطريق الثقات .الإمام : الإمام أبو حنيفة .الشيخان : أبو حنيفة وأبو يوسف .الطرفان : أبو حنيفة ومحمد بن الحسن .الصاحبان : أبو يوسف ومحمد بن الحسن .الثاني : أبو يوسف .الثالث : محمد بن الحسن .لفظ ﴿ له ﴾: يراد به أنه للإمام أبي حنيفةلفظ (لهما، عندهما، مذهبهما ) أي مذهب الصاحبين .أصحابنا : يطلق على الأئمة الثلاثة .المشايخ : من لم يدرك إمام المذهب .المتون : متون الحنفية المعتبرة مثل كتاب مختصر القدوري والبداية والنهاية والمختار والوقاية والكنز .