الفرق بين المراجعتين لصفحة: «الحنفية»

أُضيف ٢١٤ بايت ،  ١٤ يونيو ٢٠٢١
لا يوجد ملخص تحرير
لا ملخص تعديل
لا ملخص تعديل
سطر ١: سطر ١:
'''الحنفية''': أحد المذاهب الإسلامية المعروفة، والأحناف هم أتباع مذهب الإمام [[أبو حنيفة النعمان بن ثابت]] المتوفّى سنة 150 ه‍ ببغداد. وللمذهب الحنفي أتباع كثيرون، حتّى قيل: إنّ أكثر من نصف الشعوب الإسلامية يتعبّدون اللّه على هذا المذهب!
'''الحنفية''': أحد المذاهب الإسلامية المعروفة، والأحناف هم أتباع مذهب الإمام [[أبو حنيفة]] النعمان بن ثابت المتوفّى سنة 150 ه‍ في [[بغداد]]. وللمذهب الحنفي أتباع كثيرون، حتّى قيل: إنّ أكثر من نصف الشعوب الإسلامية يتعبّدون اللّه على هذا المذهب!


[[ملف:قبر ابي حنيفة.jpg|تصغير|مقام إمام الحنفية]]
[[ملف:قبر ابي حنيفة.jpg|تصغير|مقام إمام الحنفية]]
سطر ٥: سطر ٥:
=مدخل=
=مدخل=


المذهب: الطريقة والمعتقد الذي يذهب إليه صاحبه، ويبنى منه مراجع الدين. وهو مجموعة من الآراء، والنظريات العلمية، ارتبط بعضها ببعض ارتباطاً يجعلها وحدة منسّقة لفكر أو مدرسة . ومنه المذاهب الفقهية، والعقدية، والأدبية، والعلمية، والفلسفية.  
المذهب: الطريقة والمعتقد الذي يذهب إليه صاحبه، ويبنى منه [[مراجع الدين]]. وهو مجموعة من الآراء والنظريات العلمية، ارتبط بعضها ببعض ارتباطاً يجعلها وحدة منسّقة لفكر أو مدرسة . ومنه المذاهب الفقهية، والعقدية، والأدبية، والعلمية، والفلسفية.  


=النشأة والتطوّر=
=النشأة والتطوّر=


حاول العبّاسيّون إضفاء طابع الانتماء الديني على دولتهم، والإيحاء للرأي العامّ بأنّهم أحقّ بالأمر من خصومهم الأمويّين، فاظهروا الاتّصال الوثيق بين الدين والدولة، وكوّنوا من أحكام الشريعة دستوراً ونظاماً تسير عليه الدولة سيراً صورياً، فقرّبوا العلماء، وجعلوا القضاء بيد أهل الرأي من أهل العراق، حتّى ولّي أبو يوسف القضاء، وهو تلميذ أبي حنيفة، فكانت للمذهب الحنفي حظوة واسعة في الشهرة والانتشار.
حاول [[العبّاسيّون]] إضفاء طابع الانتماء الديني على دولتهم، والإيحاء للرأي العامّ بأنّهم أحقّ بالأمر من خصومهم الأمويّين، فاظهروا الاتّصال الوثيق بين الدين والدولة، وكوّنوا من أحكام الشريعة دستوراً ونظاماً تسير عليه الدولة سيراً صورياً، فقرّبوا العلماء، وجعلوا القضاء بيد أهل الرأي من أهل [[العراق]]، حتّى ولّي [[أبو يوسف القاضي]] القضاء، وهو تلميذ أبي حنيفة، فكانت للمذهب الحنفي حظوة واسعة في الشهرة والانتشار.


كما أنّ وجود رجالات حملوا على عاتقهم نشر المذهب، أمثال أبي يوسف قاضي القضاة في زمن الرشيد، ساعد على انتشار هذا المذهب انتشاراً واسعاً، حيث تولّى القضاء لثلاثة من الخلفاء العباسيّين، منذ أيّام المهدي، ثُمّ الهادي، ثُمّ الرشيد.
كما أنّ وجود رجالات حملوا على عاتقهم نشر المذهب، أمثال أبي يوسف قاضي القضاة في زمن [[هارون الرشيد]]، ساعد على انتشار هذا المذهب انتشاراً واسعاً، حيث تولّى القضاء لثلاثة من الخلفاء العباسيّين، منذ أيّام [[محمّد المهدي]]، ثُمّ [[موسى الهادي]]، ثُمّ الرشيد.


وقد حِظيَ الفقه الحنفي بمحمّد بن الحسن الشيباني الذي دوّن فقه هذا المذهب وسجّله، وكذلك محمّد بن شجاع الثلجي الذي كان يحتجّ بفقه الحنفية وأظهر علله وقوّاه بالحديث، فساعد هذان الأمران على انتشار هذا المذهب على صعيد العالم الإسلامي.
وقد حِظيَ الفقه الحنفي ب[[محمّد بن الحسن الشيباني]] الذي دوّن فقه هذا المذهب وسجّله، وكذلك [[محمّد بن شجاع الثلجي]] الذي كان يحتجّ بفقه الحنفية وأظهر علله وقوّاه بالحديث، فساعد هذان الأمران على انتشار هذا المذهب على صعيد [[العالم الإسلامي]].


=مسائل المذهب=
=مسائل المذهب=


مسائل المذهب على ثلاثة أشخاص: أبي حنيفة، وأبي يوسف المتوفّى سنة 180 ه‍، و[[محمّد بن الحسن الشيباني]] المتوفّى سنة 189 ه‍. ويلحق بهم : زفر بن الهُذيل المتوفّى سنة 158 ه‍، والحسن بن زياد المتوفّى سنة 204 ه‍، وغيرهما، إلّا أنّ الغالب الشائع في ظاهر الرواية أن يكون قول الثلاثة.
مسائل المذهب على ثلاثة أشخاص: أبي حنيفة، وأبي يوسف المتوفّى سنة 180 ه‍، ومحمّد بن الحسن الشيباني المتوفّى سنة 189 ه‍.  
 
ويلحق بهم : [[زفر بن الهُذيل]] المتوفّى سنة 158 ه‍، و[[الحسن بن زياد]] المتوفّى سنة 204 ه‍، وغيرهما، إلّا أنّ الغالب الشائع في ظاهر الرواية أن يكون قول الثلاثة.


=أصول المذهب الحنفي والمصادر الاستنباطية=
=أصول المذهب الحنفي والمصادر الاستنباطية=


عقيدة الحنفية في التوحيد والعدل: أنّ الباري واحد لا من طريق العدد، وأنّه ليس كالأشياء، وأنّ له صفات ذات وصفات فعل، وأنّ القرآن مخلوق، وأنّ الباري خلق العالم لا من مادّة، وأنّ اللّه قد كتب كلّ شيء بالوصف لا بالحكم، وأنّ علمه تعالى بالأشياء أزلي، وأنّ نظرية الذرّ صحيحة، وأنّ الأفعال كسبية، والقول بالجبر.
عقيدة الحنفية في التوحيد والعدل: أنّ الباري واحد لا من طريق العدد، وأنّه ليس كالأشياء، وأنّ له صفات ذات وصفات فعل، وأنّ القرآن مخلوق، وأنّ الباري خلق العالم لا من مادّة، وأنّ اللّه قد كتب كلّ شيء بالوصف لا بالحكم، وأنّ علمه تعالى بالأشياء أزلي، وأنّ [[نظرية الذرّ]] صحيحة، وأنّ الأفعال كسبية، و[[القول بالجبر]].


والعلم عندهم على أربعة أوجه كما قيل: ما كان في كتاب اللّه تعالى وما أشبهه، وما كان في سنّة رسول اللّه (صلّى الله عليه وآله) وما أشبهها، وما كان في ما أجمع عليه الصحابة وما أشبهه، وكذلك ما اختلفوا فيه، فإن وقع الاختيار فيه على أحد الأقوال فهو علم يُقاس عليه ما أشبهه، وما استحسنه فقهاء المسلمين وما أشبهه وكان نظيراً له.
والعلم عندهم على أربعة أوجه كما قيل: ما كان في كتاب اللّه تعالى وما أشبهه، وما كان في سنّة رسول اللّه (صلّى الله عليه وآله) وما أشبهها، وما كان في ما أجمع عليه [[الصحابة]] وما أشبهه، وكذلك ما اختلفوا فيه، فإن وقع الاختيار فيه على أحد الأقوال فهو علم يُقاس عليه ما أشبهه، وما استحسنه فقهاء المسلمين وما أشبهه وكان نظيراً له.


وقد وضع أبو حنيفة قواعد المذهب الحنفي بقوله: «آخذ بكتاب الله تعالى، فإن لم أجد فبسنّة رسول الله، فإن لم أجد في كتاب الله ولا في سنّة رسول الله  أخذت بقول الصحابة، آخذ بقول من شئت منهم وأدع قول من شئت منهم، ولا أخرج عن قولهم إلى قول غيرهم، فإذا انتهى الأمر إلى إبراهيم والشعبي وابن سيرين والحسن وعطاء وسعيد بن المسيّب -وعدَّد رجالاً- فقوم اجتهدوا، فأجتهد كما اجتهدوا».
وقد وضع أبو حنيفة قواعد المذهب الحنفي بقوله: «آخذ بكتاب الله تعالى، فإن لم أجد فبسنّة رسول الله، فإن لم أجد في كتاب الله ولا في سنّة رسول الله  أخذت بقول الصحابة، آخذ بقول من شئت منهم وأدع قول من شئت منهم، ولا أخرج عن قولهم إلى قول غيرهم، فإذا انتهى الأمر إلى [[إبراهيم]] و[[الشعبي]] و[[ابن سيرين]] و[[الحسن البصري]] و[[عطاء]] و[[سعيد بن المسيّب]] -وعدَّد رجالاً- فقوم اجتهدوا، فأجتهد كما اجتهدوا».
   
   
واعتمد المذهب الحنفي على الأسس والمعطيات التالية:
واعتمد المذهب الحنفي على الأسس والمعطيات التالية:
سطر ٣١: سطر ٣٣:
1 - القرآن الكريم.
1 - القرآن الكريم.


القرآن الكريم عند أبي حنيفة هو المصدر الأوّل والأعلى في مسائل الفقه، لأنّه الكتاب القطعي الثبوت، لا يُشكّ في حرف منه، وأنّه ليس يوازيه ولا يصل إلى رتبته في الثبوت إلّا الحديث المتواتر، لذلك لا يرى نسخ القرآن الكريم بخبر الآحاد من السنّة، وإنّما يعمل بها ما أمكن، وإلّا ترك السنّة الظنّية للكتاب القطعي.
القرآن الكريم عند أبي حنيفة هو المصدر الأوّل والأعلى في مسائل الفقه، لأنّه الكتاب القطعي الثبوت، لا يُشكّ في حرف منه، وأنّه ليس يوازيه ولا يصل إلى رتبته في الثبوت إلّا [[الحديث المتواتر]]، لذلك لا يرى نسخ القرآن الكريم بخبر الآحاد من السنّة، وإنّما يعمل بها ما أمكن، وإلّا ترك السنّة الظنّية للكتاب القطعي.


2 - السنّة النبوية.
2 - السنّة النبوية.
   
   
لا يجعل أبو حنيفة السنّة النبوية في رتبة واحدة، بل يُقدّم مثلاً السنّة القولية على الفعلية، لجواز أن يكون الفعل خصوصية للنبي، ويُقدّم السنّة المتواترة على خبر الآحاد عند التعارض وعدم إمكان الجمع بينهما، بل إنّه يترك العمل بخبر الآحاد إذا خالف قاعدة شرعية مأخوذة من نصّ القرآن أو السنّة.
لا يجعل أبو حنيفة السنّة النبوية في رتبة واحدة، بل يُقدّم مثلاً [[السنّة القولية]] على [[السنّة الفعلية]]، لجواز أن يكون الفعل خصوصية للنبي، ويُقدّم [[السنّة المتواترة]] على [[خبر الآحاد]] عند التعارض وعدم إمكان الجمع بينهما، بل إنّه يترك العمل بخبر الآحاد إذا خالف قاعدة شرعية مأخوذة من نصّ القرآن أو السنّة.


3 – الإجماع.
3 – الإجماع.
سطر ٤١: سطر ٤٣:
فما أجمع عليه أصحاب الرسول وما اختلفوا فيه لا يخرج عن أقوالهم إلى أقوال غيرهم.. والإجماع هو: اتّفاق الأئمّة المجتهدين في عصر من العصور بعد انتقال الرسول عن الدنيا على حكم شرعي، والإجماع عند أبي حنيفة حجّة معمول به.
فما أجمع عليه أصحاب الرسول وما اختلفوا فيه لا يخرج عن أقوالهم إلى أقوال غيرهم.. والإجماع هو: اتّفاق الأئمّة المجتهدين في عصر من العصور بعد انتقال الرسول عن الدنيا على حكم شرعي، والإجماع عند أبي حنيفة حجّة معمول به.


4 - قول الصحابي.
4 - [[قول الصحابي]].


5 – القياس.
5 – [[القياس]].


وهو: إلحاق فرع بأصل فيه نصّ بحكم معيّن من الوجوب أو الحرمة لوجود علّة الحكم في الفرع كما هي في الأصل.  
وهو: إلحاق فرع بأصل فيه نصّ بحكم معيّن من الوجوب أو الحرمة لوجود علّة الحكم في الفرع كما هي في الأصل.  
سطر ٤٩: سطر ٥١:
وأبو حنيفة يُقدّم السنّة- ولو كانت حديثاً مرسلاً- على القياس، كما يقدّم الحديث الضعيف على القياس.
وأبو حنيفة يُقدّم السنّة- ولو كانت حديثاً مرسلاً- على القياس، كما يقدّم الحديث الضعيف على القياس.


6 - الاستحسان.
6 - [[الاستحسان]].


وهو: طلب الأحسن للاتّباع الذي هو مأمور به، والاستحسان عند أبي حنيفة ليس اتّباعاً للهوى ولا حكماً بالغرض، ولكنّه اختيار أقوى الدليلين في حادثة معيّنة.
وهو: طلب الأحسن للاتّباع الذي هو مأمور به. والاستحسان عند أبي حنيفة ليس اتّباعاً للهوى ولا حكماً بالغرض، ولكنّه اختيار أقوى الدليلين في حادثة معيّنة.


7- العرف والعادة.
7- [[العرف]] و[[العادة]].


وهو: ما استقرّ في النفوس من جهة العقول، وتلقّته الطباع السليمة بالقبول.  
وهو: ما استقرّ في النفوس من جهة العقول، وتلقّته الطباع السليمة بالقبول.  


والأصل في اعتبار العرف دليلاً شرعياً قول ابن مسعود: «ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن».  
والأصل في اعتبار العرف دليلاً شرعياً قول [[عبد الله بن مسعود]]: «ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن».  


ويكون العرف دليلاً حيث لا دليل شرعي من الكتاب والسنّة، أمّا إذا خالف العرف الكتاب والسنّة، كتعارف بعض التجّار التعامل بالربا، فهو عرف مردود لأنّه محادٌّ للشريعة ومخالف لها.
ويكون العرف دليلاً حيث لا دليل شرعي من الكتاب والسنّة، أمّا إذا خالف العرف الكتاب والسنّة، كتعارف بعض التجّار التعامل بالربا، فهو عرف مردود لأنّه محادٌّ للشريعة ومخالف لها.
٢٬٧٩٦

تعديل