الفرق بين المراجعتين لصفحة: «البنيوية»

من ویکي‌وحدت
لا ملخص تعديل
لا ملخص تعديل
سطر ١: سطر ١:
أولا: التعريف


البنيوية: منهج فكري وأداة للتحليل، تقوم على فكرة الكلية أو المجموع المنتظم. اهتمت بجميع نواحي المعرفة الإنسانية، وإن كانت قد اشتهرت في مجال علم اللغة والنقد الأدبي، ويمكن تصنيفها ضمن مناهج النقد المادي الملحدة.
- اشتق لفظ البنيوية من البنية إذ تقول: كل ظاهرة، إنسانية كانت أم أدبية، تشكل بنية، ولدراسة هذه البنية يجب علينا أن نحللها (أو نفككها) إلى عناصرها المؤلفة منها، بدون أن ننظر إلى أية عوامل خارجية عنها.


ثانيا: التأسيس وأبرز الشخصيات
=التعريف=


كانت البنيوية في أول ظهورها تهتم بجميع نواحي المعرفة الإنسانية ثم تبلورت في ميدان البحث اللغوي والنقد الأدبي وتعتبر الأسماء الآتية هم مؤسسو البنيوية في الحقول المذكورة:
البنيوية: منهج فكري وأداة للتحليل، تقوم على فكرة الكلّية أو المجموع المنتظم. اهتمّت بجميع نواحي المعرفة الإنسانية، وإن كانت قد اشتهرت في مجال علم اللغة والنقد الأدبي، ويمكن تصنيفها ضمن مناهج النقد المادّي الملحدة.
- ففي مجال اللغة برز فريدنان دي سوسير الذي يعد الرائد الأول للبنيوية اللغوية الذي قال ببنيوية النظام اللغوي المتزامن، حيث أن سياق اللغة لا يقتصر على التطورية Diachronie، أن تاريخ الكلمة مثلاً لا يعرض معناها الحالي، ويمكن في وجود أصل النظام أو البنية، بالإضافة إلي وجود التاريخ، ومجموعة المعاني التي تؤلف نظاماً يرتكز على قاعدة من التمييزات والمقابلات، إذ إن هذه المعاني تتعلق ببعضها، كما تؤلف نظاماً متزامناً حيث أن هذه العلاقات مترابطة.
- وفي مجال علم الاجتماع برز كلا من: كلود ليفي شتراوس ولوي التوسير الذين قالا: إن جميع الأبحاث المتعلقة بالمجتمع، مهما اختلفت، تؤدي إلى بنيويات؛ وذلك أن المجموعات الاجتماعية تفرض نفسها من حيث أنها مجموع وهي منضبطة ذاتياً، وذلك للضوابط المفروضة من قبل الجماعة.
- وفي مجال علم النفس برز كل من ميشال فوكو وجاك لا كان اللذين وقفا ضد الاتجاه الفردي Test is Contest في مجال الإحساس والإدراك وإن كانت نظرية الصيغة (أو الجشتلت) التي ولدت سنة 1912م تعد الشكل المعبر للبنيوية النفسية.


ثالثا: الأفكار والمعتقدات
واشتق لفظ (البنيوية) من البنية، إذ تقول: كلّ ظاهرة، إنسانية كانت أم أدبية، تشكّل بنية، ولدراسة هذه البنية يجب علينا أن نحلّلها (أو نفكّكها) إلى عناصرها المؤلّفة منها، بدون أن ننظر إلى أيّة عوامل خارجية عنها.


إن دراسة أي ظاهرة أو تحليلها من الوجهة البنيوية. يعني أن يباشر الدارس أو المحلل وضعها بحيثياتها وتفاصيلها وعناصرها بشكل موضوعي، من غير تدخل فكره أو عقيدته الخاصة في هذا، أو تدخل عوامل خارجية (مثل حياة الكاتب، أو التاريخ) في بنيان النص. وكما يقول البنيويون: "نقطة الارتكاز هي الوثيقة لا الجوانب ولا الإطار Test is Contest وأيضاً: "البنية تكتفي بذاتها. ولا يتطلب إدراكها اللجوء إلى أي من العناصر الغريبة عن طبيعتها".
=التأسيس وأبرز الشخصيّات=
وكل ظاهرة – تبعاً للنظرية البنيوية – يمكن أن تشكل بنية بحد ذاتها؛ فالأحرف الصوتية بنية، والضمائر بنية، واستعمال الأفعال بنية.. وهكذا.
تتلاقى المواقف البنيوية عند مبادئ عامة مشتركة لدى المفكرين الغربيين، وفي شتى التطبيقات العملية التي قاموا بها، وهي تكاد تندرج في المحصلات التالية:
- السعي لحل معضلة التنوع والتشتت بالتوصل إلى ثوابت في كل مؤسسة بشرية.
- القول بأن فكرة الكلية أو المجموع المنتظم هي أساس البنيوية، والمردُّ التي تؤول إليه في نتيجتها الأخيرة.
- لئن سارت البنيوية في خط متصاعد منذ نشوئها، وبذل العلماء جهداً كبيراً لاعتمادها أسلوباً في قضايا اللغة، والعلوم الإنسانية والفنون، فإنهم ما اطمأنوا إلى أنهم توصلوا، من خلالها، إلى المنهج الصحيح المؤدي إلى حقائق ثابتة.
في مجال النقد الأدبي، فإن النقد البنيوي له اتجاه خاص في دراسة الأثر الأدبي يتلخص: في أن الانفعال والأحكام الوجدانية عاجزة تماماً عن تحقيق ما تنجزه دراسة العناصر الأساسية المكونة لهذا الأثر، لذا يجب أن تفحصه في ذاته، من أجل مضمونه، وسياقه، وترابطه العضوي، فهذا أمرٌ ضروري لا بد منه لاكتشاف ما فيه من ملامح فنية مستقلة في وجودها عن كل ما يحيط بها من عوامل خارجية.
إن البنيوية لم تلتزم حدودها، وآنست في نفسها القدرة على حل جميع المعضلات وتحليل كل الظواهر، حسب منهجها، وكان يخيل إلى البنيويين أن النص لا يحتاج إلا إلى تحليل بنيوي كي تنفتح للناقد كل أبنية معانيه المبهمة أو المتوارية خلف نقاب السطح. في حين أن التحليل البنيوي ليس إلا تحليلاً لمستوى واحد من مستويات تحليل أي بنية رمزية، نصيّة كانت أم غير نصيّة. والأسس الفكرية والعقائدية التي قامت عليها، كلها تعد علوماً مساعدة في تحليل البنية أو الظاهرة، إنسانية كانت أم أدبية.
لم تهتم البنيوية بالأسس العَقَديَّة والفكرية لأي ظاهرة إنسانية أو أخلاقية أو اجتماعية، ومن هنا يمكن تصنيفها مع المناهج المادية الإلحادية، مثل مناهج الوضعية في البحث، وإن كانت هي بذاتها ليست عقيدة وإنما منهج وطريقة في البحث.


رابعا: الجذور الفكرية والعقائدية
كانت البنيوية في أوّل ظهورها تهتمّ بجميع نواحي المعرفة الإنسانية، ثمّ تبلورت في ميدان البحث اللغوي والنقد الأدبي.


تعد الفلسفة الوضعية لدى كونت، التي لا تؤمن إلا بالظواهر الحسية – التي تقوم على الوقائع التجريبية – الأساس الفكري والعقدي عند البنيوية.
وتعتبر الأسماء الآتية هم مؤسّسو البنيوية في الحقول المذكورة:
فهي تؤمن بالظاهرة – كبنية – منعزلة عن أسبابها وعللها، وعما يحيط بها.. وتسعى لتحليلها وتفكيكها إلى عناصرها الأولية، وذلك لفهمها وإدراكها.. ومن هنا كانت أحكامها شكلية كما يقول منتقدوها، ولذا فإن البنيوية تقوم على فلسفة غير مقبولة من وجهة نظر تصورنا الفكري والعقدي.


خامسا: أماكن الانتشار
- ففي مجال اللغة برز (فريدنان دي سوسير) الذي يعدّ الرائد الأوّل للبنيوية اللغوية الذي قال ببنيوية النظام اللغوي المتزامن، حيث إنّ سياق اللغة لا يقتصر على التطوّرية Diachronie. إنّ تاريخ الكلمة مثلاً لا يعرض معناها الحالي، ويمكن في وجود أصل النظام أو البنية، بالإضافة إلى وجود التاريخ، ومجموعة المعاني التي تؤلّف نظاماً يرتكز على قاعدة من التمييزات والمقابلات، إذ إنّ هذه المعاني تتعلّق ببعضها، كما تؤلّف نظاماً متزامناً، حيث إنّ هذه العلاقات مترابطة.


البنيوية منهج مستورد من الغرب، وتعد أوروبا وأمريكا أماكن انتشارها، وأرضها الأصلية. وهي تنتشر ببطء في باقي بلاد العالم، ومنها البلاد العربية.
- وفي مجال علم الاجتماع برز كلّ من: (كلود ليفي شتراوس) و(لوي التوسير) اللّذين قالا: إنّ جميع الأبحاث المتعلّقة بالمجتمع، مهما اختلفت، تؤدّي إلى بنيويات؛ وذلك أنّ المجموعات الاجتماعية تفرض نفسها من حيث إنّها مجموع، وهي منضبطة ذاتياً، وذلك للضوابط المفروضة من قبل الجماعة.


الخلاصة
- وفي مجال علم النفس برز كلّ من (ميشال فوكو) و(جاك لاكان) اللّذين وقفا ضدّ الاتجاه الفردي Test is Contest في مجال الإحساس والإدراك، وإن كانت نظرية الصيغة (أو الجشتلت) التي ولدت سنة 1912م تعدّ الشكل المعبّر للبنيوية النفسية.


أن البنيوية منهج فكري نقدي مادي ملحد غامض، يذهب إلى أن كل ظاهرة إنسانية كانت أم أدبية تشكل بنية، لا يمكن دراستها إلا بعد تحليلها إلى عناصرها المؤلفة منها، ويتم ذلك دون تدخل فكر المحلل أو عقيدته الخاصة ونقطة الارتكاز في هذا المنهج هي الوثيقة، فالبنية، لا الإطار، هي محل الدراسة، والبنية تكفي بذاتها ولا يتطلب إدراكها اللجوء إلى أي عنصر من العناصر الغريبة عنها، وفي مجال النقد الأدبي، فإن الانفعال أو الأحكام الوجدانية عاجزة عن تحقيق ما تنجزه دراسة العناصر الأساسية المكونة لهذا الأثر، ولذا يجب فحصه في ذاته من أجل مضمونه وسياقه وترابطه العضوي، والبنيوية، بهذه المثابة، تجد أساسها في الفلسفة الوضعية لدى كونت، وهي فلسفة لا تؤمن إلا بالظواهر الحسية، ومن هنا كانت خطورتها.
=الأفكار والمعتقدات=


مراجع للتوسع
إنّ دراسة أيّ ظاهرة أو تحليلها من الوجهة البنيوية يعني أن يباشر الدارس أو المحلّل وضعها بحيثياتها وتفاصيلها وعناصرها بشكل موضوعي، من غير تدخّل فكره أو عقيدته الخاصّة في هذا، أو تدخّل عوامل خارجية (مثل: حياة الكاتب، أو التاريخ) في بنيان النصّ. وكما يقول البنيويّون: "نقطة الارتكاز هي الوثيقة لا الجوانب ولا الإطار Test is Contest"، وأيضاً: "البنية تكتفي بذاتها، ولا يتطلّب إدراكها اللجوء إلى أيّ من العناصر الغريبة عن طبيعتها".
 
وكل ظاهرة – تبعاً للنظرية البنيوية – يمكن أن تشكّل بنية بحدّ ذاتها؛ فالأحرف الصوتية بنية، والضمائر بنية، واستعمال الأفعال بنية.. وهكذا.
 
تتلاقى المواقف البنيوية عند مبادئ عامّة مشتركة لدى المفكّرين الغربيّين، وفي شتّى التطبيقات العملية التي قاموا بها، وهي تكاد تندرج في المحصلات التالية:
 
- السعي لحلّ معضلة التنوّع والتشتّت بالتوصّل إلى ثوابت في كلّ مؤسّسة بشرية.
 
- القول: بأنّ فكرة الكلّية أو المجموع المنتظم هي أساس البنيوية، والمردُّ التي تؤول إليه في نتيجتها الأخيرة.
 
- لئن سارت البنيوية في خطّ متصاعد منذ نشوئها، وبذل العلماء جهداً كبيراً لاعتمادها أسلوباً في قضايا اللغة والعلوم الإنسانية والفنون، فإنّهم ما اطمأنوا إلى أنّهم توصّلوا، من خلالها، إلى المنهج الصحيح المؤدّي إلى حقائق ثابتة.
 
في مجال النقد الأدبي، فإنّ النقد البنيوي له اتّجاه خاصّ في دراسة الأثر الأدبي، يتلخّص: في أنّ الانفعال والأحكام الوجدانية عاجزة تماماً عن تحقيق ما تنجزه دراسة العناصر الأساسية المكوّنة لهذا الأثر، لذا يجب أن تفحصه في ذاته، من أجل مضمونه وسياقه وترابطه العضوي، فهذا أمرٌ ضروري لا بدّ منه لاكتشاف ما فيه من ملامح فنّية مستقلّة في وجودها عن كلّ ما يحيط بها من عوامل خارجية.
 
إنّ البنيوية لم تلتزم حدودها، وآنست في نفسها القدرة على حلّ جميع المعضلات وتحليل كلّ الظواهر، حسب منهجها، وكان يخيّل إلى البنيويّين أنّ النصّ لا يحتاج إلّا إلى تحليل بنيوي كي تنفتح للناقد كلّ أبنية معانيه المبهمة أو المتوارية خلف نقاب السطح. في حين أنّ التحليل البنيوي ليس إلّا تحليلاً لمستوى واحد من مستويات تحليل أيّ بنية رمزية، نصيّة كانت أم غير نصيّة. والأسس الفكرية والعقائدية التي قامت عليها، كلّها تعدّ علوماً مساعدة في تحليل البنية أو الظاهرة، إنسانية كانت أم أدبية.
 
لم تهتم البنيوية بالأسس العَقَديَّة والفكرية لأيّ ظاهرة إنسانية أو أخلاقية أو اجتماعية، ومن هنا يمكن تصنيفها مع المناهج المادّية الإلحادية، مثل مناهج الوضعية في البحث، وإن كانت هي بذاتها ليست عقيدة، وإنّما منهج وطريقة في البحث.
 
=الجذور الفكرية والعقائدية=
 
تعد الفلسفة الوضعية لدى (كونت)- التي لا تؤمن إلّا بالظواهر الحسية التي تقوم على الوقائع التجريبية– الأساس الفكري والعقدي عند البنيوية. فهي تؤمن بالظاهرة – كبنية – منعزلة عن أسبابها وعللها وعمّا يحيط بها.. وتسعى لتحليلها وتفكيكها إلى عناصرها الأوّلية، وذلك لفهمها وإدراكها.. ومن هنا كانت أحكامها شكلية كما يقول منتقدوها، ولذا فإنّ البنيوية تقوم على فلسفة غير مقبولة من وجهة نظر تصوّرنا الفكري والعقدي.
 
=أماكن الانتشار=
 
البنيوية منهج مستورد من الغرب، وتعدّ أوروبّا وأمريكا أماكن انتشارها وأرضها الأصلية. وهي تنتشر ببطء في باقي بلاد العالم، ومنها البلاد العربية والإسلامية.
 
=الخلاصة=
 
إنّ البنيوية منهج فكري نقدي مادّي ملحد غامض، يذهب إلى أنّ كلّ ظاهرة، إنسانية كانت أم أدبية، تشكّل بنية، لا يمكن دراستها إلّا بعد تحليلها إلى عناصرها المؤلّفة منها، ويتمّ ذلك دون تدخّل فكر المحلّل أو عقيدته الخاصّة. ونقطة الارتكاز في هذا المنهج هي الوثيقة، فالبنية، لا الإطار، هي محلّ الدراسة، والبنية تكفي بذاتها، ولا يتطلّب إدراكها اللجوء إلى أيّ عنصر من العناصر الغريبة عنها. وفي مجال النقد الأدبي، فإنّ الانفعال أو الأحكام الوجدانية عاجزة عن تحقيق ما تنجزه دراسة العناصر الأساسية المكوّنة لهذا الأثر، ولذا يجب فحصه في ذاته من أجل مضمونه وسياقه وترابطه العضوي. والبنيوية، بهذه المثابة، تجد أساسها في الفلسفة الوضعية لدى (كونت)، وهي فلسفة لا تؤمن إلّا بالظواهر الحسّية، ومن هنا كانت خطورتها.
 
=مراجع للتوسّع=
 
- البنيوية، تأليف: جان بياجيه، ترجمة: عارف منيمنة وبشير أوبري، منشورات: عويدات – بيروت  وباريس، ط4-1985م. (سلسلة زدني علماً).
 
- المعجم الأدبي، تأليف: جبور عبد النور،نشر: دار العلم للملايين – بيروت، ط2-1984م.
 
- جريدة الحياة، العددان (10380 و10381) 26 و27 ذو الحجّة 1411هـ، مقال بعنوان: البنيوية كما يراها ثلاثة نقّاد.


- البنيوية، تأليف جان بياجيه – ترجمة عارف منيمنة وبشير أوبري – منشورات عويدات – بيروت – باريس، ط4 1985م. (سلسلة زدني علماً).
- المعجم الأدبي، تأليف جبور عبد النور – دار العلم للملايين – بيروت، ط2 1984م.
- جريدة الحياة، العددان (10380 و10381) 26 و27 ذو الحجة 1411هـ مقال بعنوان: البنيوية كما يراها ثلاثة نقاد.
مراجع أجنبية:
مراجع أجنبية:
- O. Ducrot. T. Todorov. Et… qu’est ce que le Structuralism. Paris 1968.
- O. Ducrot. T. Todorov. Et… qu’est ce que le Structuralism. Paris 1968.
- Z. S. Harris, Methods in Structural Linguistics, Chicago, 1951.
- Z. S. Harris, Methods in Structural Linguistics, Chicago, 1951.


=المصدر=
=المصدر=
www.dorar.net

مراجعة ٠٧:٣٦، ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١


التعريف

البنيوية: منهج فكري وأداة للتحليل، تقوم على فكرة الكلّية أو المجموع المنتظم. اهتمّت بجميع نواحي المعرفة الإنسانية، وإن كانت قد اشتهرت في مجال علم اللغة والنقد الأدبي، ويمكن تصنيفها ضمن مناهج النقد المادّي الملحدة.

واشتق لفظ (البنيوية) من البنية، إذ تقول: كلّ ظاهرة، إنسانية كانت أم أدبية، تشكّل بنية، ولدراسة هذه البنية يجب علينا أن نحلّلها (أو نفكّكها) إلى عناصرها المؤلّفة منها، بدون أن ننظر إلى أيّة عوامل خارجية عنها.

التأسيس وأبرز الشخصيّات

كانت البنيوية في أوّل ظهورها تهتمّ بجميع نواحي المعرفة الإنسانية، ثمّ تبلورت في ميدان البحث اللغوي والنقد الأدبي.

وتعتبر الأسماء الآتية هم مؤسّسو البنيوية في الحقول المذكورة:

- ففي مجال اللغة برز (فريدنان دي سوسير) الذي يعدّ الرائد الأوّل للبنيوية اللغوية الذي قال ببنيوية النظام اللغوي المتزامن، حيث إنّ سياق اللغة لا يقتصر على التطوّرية Diachronie. إنّ تاريخ الكلمة مثلاً لا يعرض معناها الحالي، ويمكن في وجود أصل النظام أو البنية، بالإضافة إلى وجود التاريخ، ومجموعة المعاني التي تؤلّف نظاماً يرتكز على قاعدة من التمييزات والمقابلات، إذ إنّ هذه المعاني تتعلّق ببعضها، كما تؤلّف نظاماً متزامناً، حيث إنّ هذه العلاقات مترابطة.

- وفي مجال علم الاجتماع برز كلّ من: (كلود ليفي شتراوس) و(لوي التوسير) اللّذين قالا: إنّ جميع الأبحاث المتعلّقة بالمجتمع، مهما اختلفت، تؤدّي إلى بنيويات؛ وذلك أنّ المجموعات الاجتماعية تفرض نفسها من حيث إنّها مجموع، وهي منضبطة ذاتياً، وذلك للضوابط المفروضة من قبل الجماعة.

- وفي مجال علم النفس برز كلّ من (ميشال فوكو) و(جاك لاكان) اللّذين وقفا ضدّ الاتجاه الفردي Test is Contest في مجال الإحساس والإدراك، وإن كانت نظرية الصيغة (أو الجشتلت) التي ولدت سنة 1912م تعدّ الشكل المعبّر للبنيوية النفسية.

الأفكار والمعتقدات

إنّ دراسة أيّ ظاهرة أو تحليلها من الوجهة البنيوية يعني أن يباشر الدارس أو المحلّل وضعها بحيثياتها وتفاصيلها وعناصرها بشكل موضوعي، من غير تدخّل فكره أو عقيدته الخاصّة في هذا، أو تدخّل عوامل خارجية (مثل: حياة الكاتب، أو التاريخ) في بنيان النصّ. وكما يقول البنيويّون: "نقطة الارتكاز هي الوثيقة لا الجوانب ولا الإطار Test is Contest"، وأيضاً: "البنية تكتفي بذاتها، ولا يتطلّب إدراكها اللجوء إلى أيّ من العناصر الغريبة عن طبيعتها".

وكل ظاهرة – تبعاً للنظرية البنيوية – يمكن أن تشكّل بنية بحدّ ذاتها؛ فالأحرف الصوتية بنية، والضمائر بنية، واستعمال الأفعال بنية.. وهكذا.

تتلاقى المواقف البنيوية عند مبادئ عامّة مشتركة لدى المفكّرين الغربيّين، وفي شتّى التطبيقات العملية التي قاموا بها، وهي تكاد تندرج في المحصلات التالية:

- السعي لحلّ معضلة التنوّع والتشتّت بالتوصّل إلى ثوابت في كلّ مؤسّسة بشرية.

- القول: بأنّ فكرة الكلّية أو المجموع المنتظم هي أساس البنيوية، والمردُّ التي تؤول إليه في نتيجتها الأخيرة.

- لئن سارت البنيوية في خطّ متصاعد منذ نشوئها، وبذل العلماء جهداً كبيراً لاعتمادها أسلوباً في قضايا اللغة والعلوم الإنسانية والفنون، فإنّهم ما اطمأنوا إلى أنّهم توصّلوا، من خلالها، إلى المنهج الصحيح المؤدّي إلى حقائق ثابتة.

في مجال النقد الأدبي، فإنّ النقد البنيوي له اتّجاه خاصّ في دراسة الأثر الأدبي، يتلخّص: في أنّ الانفعال والأحكام الوجدانية عاجزة تماماً عن تحقيق ما تنجزه دراسة العناصر الأساسية المكوّنة لهذا الأثر، لذا يجب أن تفحصه في ذاته، من أجل مضمونه وسياقه وترابطه العضوي، فهذا أمرٌ ضروري لا بدّ منه لاكتشاف ما فيه من ملامح فنّية مستقلّة في وجودها عن كلّ ما يحيط بها من عوامل خارجية.

إنّ البنيوية لم تلتزم حدودها، وآنست في نفسها القدرة على حلّ جميع المعضلات وتحليل كلّ الظواهر، حسب منهجها، وكان يخيّل إلى البنيويّين أنّ النصّ لا يحتاج إلّا إلى تحليل بنيوي كي تنفتح للناقد كلّ أبنية معانيه المبهمة أو المتوارية خلف نقاب السطح. في حين أنّ التحليل البنيوي ليس إلّا تحليلاً لمستوى واحد من مستويات تحليل أيّ بنية رمزية، نصيّة كانت أم غير نصيّة. والأسس الفكرية والعقائدية التي قامت عليها، كلّها تعدّ علوماً مساعدة في تحليل البنية أو الظاهرة، إنسانية كانت أم أدبية.

لم تهتم البنيوية بالأسس العَقَديَّة والفكرية لأيّ ظاهرة إنسانية أو أخلاقية أو اجتماعية، ومن هنا يمكن تصنيفها مع المناهج المادّية الإلحادية، مثل مناهج الوضعية في البحث، وإن كانت هي بذاتها ليست عقيدة، وإنّما منهج وطريقة في البحث.

الجذور الفكرية والعقائدية

تعد الفلسفة الوضعية لدى (كونت)- التي لا تؤمن إلّا بالظواهر الحسية التي تقوم على الوقائع التجريبية– الأساس الفكري والعقدي عند البنيوية. فهي تؤمن بالظاهرة – كبنية – منعزلة عن أسبابها وعللها وعمّا يحيط بها.. وتسعى لتحليلها وتفكيكها إلى عناصرها الأوّلية، وذلك لفهمها وإدراكها.. ومن هنا كانت أحكامها شكلية كما يقول منتقدوها، ولذا فإنّ البنيوية تقوم على فلسفة غير مقبولة من وجهة نظر تصوّرنا الفكري والعقدي.

أماكن الانتشار

البنيوية منهج مستورد من الغرب، وتعدّ أوروبّا وأمريكا أماكن انتشارها وأرضها الأصلية. وهي تنتشر ببطء في باقي بلاد العالم، ومنها البلاد العربية والإسلامية.

الخلاصة

إنّ البنيوية منهج فكري نقدي مادّي ملحد غامض، يذهب إلى أنّ كلّ ظاهرة، إنسانية كانت أم أدبية، تشكّل بنية، لا يمكن دراستها إلّا بعد تحليلها إلى عناصرها المؤلّفة منها، ويتمّ ذلك دون تدخّل فكر المحلّل أو عقيدته الخاصّة. ونقطة الارتكاز في هذا المنهج هي الوثيقة، فالبنية، لا الإطار، هي محلّ الدراسة، والبنية تكفي بذاتها، ولا يتطلّب إدراكها اللجوء إلى أيّ عنصر من العناصر الغريبة عنها. وفي مجال النقد الأدبي، فإنّ الانفعال أو الأحكام الوجدانية عاجزة عن تحقيق ما تنجزه دراسة العناصر الأساسية المكوّنة لهذا الأثر، ولذا يجب فحصه في ذاته من أجل مضمونه وسياقه وترابطه العضوي. والبنيوية، بهذه المثابة، تجد أساسها في الفلسفة الوضعية لدى (كونت)، وهي فلسفة لا تؤمن إلّا بالظواهر الحسّية، ومن هنا كانت خطورتها.

مراجع للتوسّع

- البنيوية، تأليف: جان بياجيه، ترجمة: عارف منيمنة وبشير أوبري، منشورات: عويدات – بيروت وباريس، ط4-1985م. (سلسلة زدني علماً).

- المعجم الأدبي، تأليف: جبور عبد النور،نشر: دار العلم للملايين – بيروت، ط2-1984م.

- جريدة الحياة، العددان (10380 و10381) 26 و27 ذو الحجّة 1411هـ، مقال بعنوان: البنيوية كما يراها ثلاثة نقّاد.

مراجع أجنبية:

- O. Ducrot. T. Todorov. Et… qu’est ce que le Structuralism. Paris 1968.

- Z. S. Harris, Methods in Structural Linguistics, Chicago, 1951.

المصدر

www.dorar.net