محمد أبو الفضل الجيزاوي

من ویکي‌وحدت

مدخل حول الأزهر ومشيخته

يعدّ الأزهر أعلى مؤسّسة دينية في مصر، بل يعتبره الكثيرون أعلى مرجعية مؤسّسية "لأهل السنّة" في العالم الإسلامي بأكمله، لذا فإنّ منصب شيخ الأزهر يحتلّ مكانة كبرى وسط المناصب الدينية في العالم لمسلمي أهل السنّة.

وشيخ الأزهر كمنصب بدأ رسميّاً عام 1101هـ، وتعاقب عليه حتّى الآن اثنان وأربعون عالماً، كان أوّلهم الشيخ محمّد بن عبد الله الخراشي.

وكان تنصيب شيخ الأزهر يتمّ باتّفاق شيوخ الجامع الأزهر وعلمائه، فإذا أجمعوا أمرهم على اختيار أحد العلماء أخطروا ديوان أفندي سكرتير عامّ ديوان القاهرة، ليقوم بإبلاغ الباشا العثماني (الوالي) باسم الشيخ الجديد الذي وقع عليه الاختيار.

ومع تولّي أسرة محمّد علي باشا الحكم في مصر، تغيّرت عملية اختيار شيخ الأزهر، حيث كان يتمّ بتدخّل من الوالي، ومع الجهود المبذولة لتطوير جامع الأزهر وإصلاحه، ظهرت جماعة كبار العلماء سنة (1239هـ = 1911م) في عهد المشيخة الثانية للشيخ سليم البشري، ونصّ قانون الأزهر وقتها على أن يكون اختيار شيخ الجامع الأزهر من بين جماعة كبار العلماء، حيث يتمّ اختياره بطريق الانتخاب من بين هيئة كبار العلماء المرشّحين لشغل المنصب على أن يكون حاملاً للجنسية المصرية وحدها ومن أبوين مصريين مسلمين، وأن يكون من خرّيجي إحدى الكلّيات الأزهرية المتخصّصة في علوم أصول الدين والشريعة والدعوة الإسلامية واللغة العربية، وأن يكون قد تدرّج في تعليمه قبل الجامعي بالمعاهد الأزهرية، وكان ذلك يضمن ما يجب أن يكون عليه شيخ الأزهر من العلم والمعرفة والسمعة وحسن الخلق.

وبصدور القانون رقم 103 لسنة 1961م الخاصّ بتطوير الأزهر، ألغيت هيئة كبار العلماء وحلّ محلّها ما عرف باسم: مجمع البحوث الإسلامية، ويتكوّن من 50 عضواً على الأكثر، كان من بينهم في بداية نشأته حوالي 20 من غير المصريّين من كبار علماء العالم الإسلامي، ولا تسقط عضوية أيّ منهم إلّا بالوفاة أو الاستقالة أو العجز الصحّي.

ومجمع البحوث هو الذي يقرّر إسقاط العضوية، وهو الذي يملأ المكان الشاغر بانتخاب أحد المرشّحين سواء بالاقتراع السرّي أو بأغلبية الأصوات، ويتمّ اختيار شيخ الأزهر بشكل عامّ من بين أعضاء المجمع، ويكون رئيس الجمهورية وحده هو صاحب القرار، وعلى أن يعيّن ولا يقال. ويُعيّن شيخ الأزهر في منصبه بعد صدور قرار من رئيس الجمهورية، ويعامل معاملة رئيس مجلس الوزراء من حيث الدرجة والراتب والمعاش.

وقد جعل هذا القانون شيخ الأزهر هو الإمام الأكبر وصاحب الرأي في كلّ ما يتّصل بالشئون الدينية وفي كلّ ما يتعلّق بالقرآن وعلوم الإسلام.


اسمه وميلاده

وُلِدَ الشيخ الإمام الجيزاوي الشافعي سنة 1264 هـ في وراق الحضر، من أعمال مركز أمبابة، محافظة الجيزة.نسبته:نُسِبَ إلى محافظة الجيزة.

نشأته ومراحل تعليمه

دخل الكُتَّاب المعد لتحفيظ القرآن الكريم ببلده سنة 1269هـ فحفظ القرآن الكريم بتمامه سنة 1272هـ، ثم التحق بالأزهر في أواخر سنة 1273هـ، فدرس القراءات وفقه الإمام مالك بن أنس، وتلقى العلوم العربية من: نحو وصرف ووضع وبيان ومعان وبديع، وعلم أصول الدين والتفسير والحديث والمنطق على أكابر المشايخ الموجودين في ذلك الوقت مثل الشيخ محمد عليش، والشيخ علي مرزوق العدوي، والشيخ إبراهيم السقا، والشيخ شمس الدين الأنبابي، والشيخ شرف الدين المرصفي، والشيخ محمد العشماوي، وغيرهم من أجلاء الأساتذة.

وداوم على الاشتغال بالعلم مطالعة وحضورًا إلى سنة 1287هـ، فأمره الشيخ الأنبابي بالتدريس فاعتذر، فألح عليه فامتثل أمره، وابتدأ بقراءة كتاب الأزهرية في النحو للشيخ خالد الأزهري في أواخر شهر صفر من تلك السنة.

لازم الشيخ الإمام أبو الفضل الجيزاوي التدريس وقرأ جميع كتب الفقه الْمُتَداول قراءتها في ذلك الوقت مرات عديدة، وكذلك كتب العلوم العربية، وعلم أصول الدين، وعلم أصول الفقه، والمنطق مرات عديدة لطبقات كثيرة من الطلاب، ورُزِقَ حظوة إقبال الكثير من الطلبة عليه في كل درس، حتى تخرَّج عليه غالب أهل الأزهر، وكان أوَّل من أحيا كتاب الخبيصي في المنطق بتدريسه مِرارًا، وكتاب القطب على الشمسية، وكتاب ابن الحاجب في الأصول بشرح العضد وحاشيتي السعد والسيد، فقد درَّسَهُ في الأزهر مرتين لجَمْعٍ عظيم من الطلبة الذين صاروا بعد ذلك من أكابر العلماء، ومرة في الإسكندرية في مدة مشيخته لعلمائها، وكتب على الشرح والحاشيتين حاشية طبعت سنة 1332هـ وتُدوولت بين العلماء والطلاب، وقرأ المطول وكتب على شرحه وحاشيته نحوًا من خمس وأربعين كراسة، وقرأ البيضاوي ولم يتمه، وكتب شرحًا على أوائله نحوًا من سبع عشرة كراسة.

وفي 3 من ربيع الأول سنة 1313هـ الموافق 23 من أغسطس سنة 1895م، عُيِّنَ عُضْوًا في إدارة الأزهر في مُدَّةِ مشيخة الشيخ سليم البشري.

ثم استقال منها وعُيِّن بها ثانيًا في 9 من ذي القعدة سنة 1324هـ الموافق 24 من ديسمبر سنة 1906م في أواخر مشيخة المرحوم الشيخ الشربيني، ثم عُيِّن وكيلا للأزهر في 18 من صفر سنة 1326هـ الموافق 21 من مارس سنة 1908م، ثم صدر الأمر بتعيينه شَيْخًا للإسكندرية ومكث بها 8 سنوات، ثم صدر الأمر بتعيينه شيخًا للأزهر في 14 من ذي الحجة سنة 1335هـ الموافق 30 من سبتمبر سنة 1917م، ثم أضيفت إليه مشيخة السادة المالكية في 20 من صفر سنة 1336هـ الموافق 4 من ديسمبر سنة 1917م.

وقد كان في مُدَّة وكالة الجامع الأزهر وعضوية مجلس الإدارة ومشيخة علماء الإسكندرية مُلازِمًا التدريس للكتب المطولة، منها كتاب المواقف في علم الكلام وكتاب ابن الحاجب في علم أصول الفقه وغيرها.

ولكن مشيخة الأزهر والأحداث التي مرت بمصر وبالأزهر في عهده شغلته عن التدريس، كما شغلته عن التأليف والكتابة، فقد عاصر أحداث الثورة المصرية سنة 1919م وما تلاها من صراع عنيف بين الشعب ومستعمريه وبين الأحزاب السياسية وبين الزعماء والملك، كما شاهد اندلاع الثورة الشعبية من ساحة الأزهر واشتراك رجال الدين المسيحي مع كبار علماء الأزهر في مقاومة الاستعمار، واستطاع الشيخ الإمام أن يقود سفينة الأزهر في غمار هذه الأمواج والعواصف حتى لقي ربه سنة 1346هـ الموافق سنة 1927م.

دوره في إصلاح التعليم الأزهري

استطاع الإمام أن يخطو في سبيل إصلاح التعليم في الأزهر خطوة أصدر بها قانون سنة 1923م، وأهم ما جاء فيه: 1- إنقاص كل مرحلة من مراحل التعليم بالأزهر إلى 4 سنوات. 2- إنشاء قسم التخصص، ويلتحق به الطلاب بعد نيل الشهادة العالمية، وجعل أقسامه هي: التفسير والحديث، والفقه والأصول، والنحو والصرف، والبلاغة والأدب، والتوحيد والمنطق، والتاريخ والأخلاق، ولم يكتف بهذا بل ألَّف لجنة للإصلاح سنة 1925م فرأت اللجنة أنه يجب أن ينظر إلى المرحلتين الابتدائية والثانوية على أنهما مرحلتا ثقافة عامة، ويجب أن تدرس بهما العلوم الرياضية التي تدرس بالمدارس الابتدائية والثانوية المدنية، وأنه يكفي الاهتمام بالعلوم الدينية والعربية في الأقسام العالية والتخصصات، ورأت اللجنة لذلك وجوب فتح أبواب مدارس وزارة المعارف أمام المتخرجين في الأزهر للتدريس فيها.

أخلاقه

كان الشيخ محمد أبو الفضل الجيزاوي -رحمه الله- دمث الأخلاق، لين الجانب، ورعًا تَقِيًّا، وكان يمتاز بالقوة الجسمية والعقلية والخلقية، كما كان يمتاز بحسن الحديث، وقد أجمعت القلوب على حُبِّه وإِكْبَارِهِ.

وكان -رحمه الله- واسع الاطلاع في العلوم العقلية والنقلية والفلسفية والتمدن الإسلامي وتاريخ الإسلام.

مؤلفاته

- إجازة منه إلى الشيخ محمد بن محمد المراغي المالكي الجرجاوي أجازه فيها بما في ثبت الشيخ محمد بن محمد الأمير الكبير، نسخة خطية بدار الكتب المصرية رقم 55 تيمور بآخرها توقيع الشيخ الإمام وخاتمه. - الطراز الحديث في فن مصطلح الحديث. - كتاب تحقيقات شريفة وتدقيقات منيفة، وهي حاشية على شرح عضد الملة والدين على مختصر ابن الحاجب وعلى حواشيه(1).

ولايته للمشيخة

صدر الأمر بتعيينه شيخًا للأزهر في 14 من ذي الحجة سنة 1335هـ الموافق 30 من سبتمبر سنة 1917م، وظل شَيْخًا للأزهر حتى توفي سنة 1927م.

وفاته

توفي الشيخ الإمام محمد أبو الفضل الجيزاوي -رحمه الله- سنة 1346هـ الموافق سنة 1927م.

مصادر ترجمته

- الأزهر في اثني عشر عامًا، نشر إدارة الأزهر. - الأعلام للزركلي (6/330). - شيوخ الأزهر، تأليف: أشرف فوزي. - فهرس المكتبة الأزهرية. - الكنز الثمين لعظماء المصريين، تأليف: فرج سليمان فؤاد، طبع مطبعة الاعتماد بين سنتي 1917م - 1919م. - مشيخة الأزهر منذ إنشائها حتى الآن، تأليف علي عبد العظيم (2/341). - معجم المؤلفين (9/167).


ولد الشيخ محمد أبو الفضل الجيزاوي فى 1263هـ/1847م، بقرية وراق الحضر- إحدى مدن محافظة الجيزة حاليًا - ونشأ على التربية الدينية، حيث دخل الكُتَّاب المعد لتحفيظ القرآن الكريم ببلده سنة 1269هـ/ 1852م؛ فحفظه بتمامه سنة 1272هـ/ 1855م، ثم التحق بالأزهر في أواخر السنة التالية.

تولى الشيخ محمد الجيزاوى العديد من الوظائف وهى:

- عين في الثالث من ربيع الأول 1313هـ / 23 من أغسطس 1895م، عُضْوًا في مجلس إدارة الأزهر في مُدَّةِ مشيخة الشيخ سليم البشري.

- ثم استقال منها وعُيِّن بها ثانيًا في التاسع من ذي القعدة 1324هـ/24 من ديسمبر 1906م، في أواخر مشيخة الشيخ الشربيني.

- عين وكيلا للأزهر في الثامن عشر من صفر 1326هـ/21 من مارس 1908م.

- عين شيخاً لعلماء الإسكندرية 1327هـ / 1909م، واستمر بها لمدة ثمان سنوات.

- وفى الرابع عشر من ذي الحجة 1335هـ/ أول أكتوبر 1917م، عين شيخاً للأزهر الشريف، ورئيسًا للمعاهد الدينية.

- عين شيخاً للمالكية في العشرين من صفر سنة 1336هـ/ 4 من ديسمبر سنة 1917م.

- حصل على كسوة التشريف العلمية من الدرجة الأولى في 19 شوال 1321هـ/ 7 يناير 1904م.

- حصل على الوشاح الأكبر من نيشان النيل في يونيو 1921م.

كان للشيخ محمد أبو الفضل الجيزاوي دور كبير في إصلاح الأزهر قبل توليه المشيخة وبعده، ومن أهم إسهاماته:

- أسهم بدور كبير في ترقية العلوم والتدريس في الجامع الأزهر وملحقاته، وخاصة في الفترة التي تلت صدور قانون 1326هـ/1908م، والفترة التي تلتها حتى صدور القانون رقم 10 لسنة 1911م.

- استطاع الشيخ أبو الفضل الجيزاوي أن يخطو في سبيل إصلاح التعليم في الأزهر خطوة أصدر بها قانون سنة 1342هـ /1923م.

- ألَّف " لجنة إصلاح الأزهر" سنة 1344هـ /1925م؛ فرأت اللجنة أنه يجب أن ينظر إلى المرحلتين الابتدائية والثانوية على أنهما مرحلتا ثقافة عامة، ويجب أن تدرس بهما العلوم الرياضية التي تدرس بالمدارس الابتدائية والثانوية المدنية، وأنه يكفي الاهتمام بالعلوم الدينية والعربية في الأقسام العالية والتخصصات، ورأت اللجنة لذلك وجوب فتح أبواب مدارس وزارة المعارف أمام المتخرجين في الأزهر للتدريس فيها، وقد أتمت هذه اللجنة أعمالها بعد وفاة الشيخ الجيزاوي، وانتفع بأعمالها من تلاه في مشيخة الأزهر.

- ظل رئيسا لمشيخة الأزهر والمعاهد الدينية بالقاهرة، وشيخًا للمالكية. وظل في هذا المنصب إلى وفاته بالقاهرة عام 1346هـ/ 1927م.


نشأ فضيلته ببلدة وراق الخضر مركز إمبابة مديرية الجيزة عام ١٢٦٤ه، وهي السنة التي جرى فيها تعداد القطر المصري، ودخل المكتب المعد لحفظ القرآن الكريم بذلك البلد سنة ١٢٦٩ه، وحفظ القرآن بتمامه في أواخر سنة ١٢٧٢ه، ثم دخل الأزهر الشريف في أواخر سنة ١٢٧٣ه، وكانت سنه إذ ذاك عشر سنوات فاشتغل أولًا بتجويد القرآن الكريم، وحفظ المتون، وتلقى بعض الدروس، ثم لازم الفقه على مذهب الإمام مالك بن أنس، وتلقى العلوم العربية من نحو، ووضع، وصرف، وبيان، ومعان، وبديع، وعلم أصول الفقه وأصول الدين، والتفسير والحديث والمنطق على أكابر المشايخ الموجودين في ذاك الوقت، فممن تلقى عليه الفقه والحديث العلامة المحقق والفهامة المدقق شيخ السادة المالكية في ذاك الوقت المرحوم الشيخ محمد عليش، والعلامة العامل الشيخ علي مرزوق العدوي، ومن الذين تلقى عليهم علوم البلاغة وأصول الفقه والمنطق والحديث علامة الوقت الشيخ إبراهيم السقا والعالم العلامة الشيخ الأنبابي، وممن تلقى عليهم أيضًا الحديث والتفسير الشيخ شرف الدين الموصفي، والأستاذ الشيخ محمد العشماوي وغيرهم من أجلاء الأساتذة الأعلام.