مكان الحوار

من ویکي‌وحدت
مراجعة ٠٦:٢٠، ١٣ نوفمبر ٢٠٢٠ بواسطة Admin (نقاش | مساهمات) (مكان_الحوار ایجاد شد)
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)

القواعد والأُسس والركائز الأساسية المقرّرة لصيانة وحماية الوحدة الإسلامية من التصدّع والانهيار. ومن تلك القواعد:
1 - وجوب قيام مهمّة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في المجتمع الإسلامي، والحكمة من قيام هذه المهمّة إرصاد المنكر وأهله في المجتمع؛ لردعهم والأخذ على أيديهم حتّى لا تشيع الفاحشة في المجتمع ويتّسع الخرق على الراقع، وحينئذٍ ينقسم المجتمع إلى فريقين: فريق يميل إلى الخير ويستقيم عليه، وفريق زائغ عن الحقّ يقترف المنكرات وينشرها بين الناس، وتلك بوادر الفرقة وبذور الشقاق والتمزّق، ومن أجل ذلك قال عزّ وجلّ: (وَ لْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى اَلْخَيْرِ وَ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ اَلْمُنْكَرِ وَ أُولئِكَ هُمُ اَلْمُفْلِحُونَ * وَ لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَ اِخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ اَلْبَيِّناتُ) (سورة آل عمران: 104-105)، فقد جمع سبحانه بين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبين النهي عن التمزّق والاختلاف، وذلك لأنّ الاختلاف والتفرّق نتيجة حتمية لتعطيل مهمّة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
2 - الأمر بالتحاكم إلى الكتاب والسنّة عند التنازع والاختلاف، وردّ الأمر إلى اللّه ورسوله وأُولي الأمر عند تعدّد الآراء حوله وتعذّر الاتّفاق فيه على كلمة سواء، يقول عزّ وجلّ: (فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اَللّهِ وَ اَلرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَ اَلْيَوْمِ اَلْآخِرِ
ذلِكَ خَيْرٌ وَ أَحْسَنُ تَأْوِيلاً) (سورة النساء: 59)، ويقول سبحانه: (وَ مَا اِخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اَللّهِ) (سورة الشورى: 10). ذلك أنّ التنازع والاختلاف إنّما هو نتيجة لتعدّد الآراء وتباين الاتّجاهات، وفي هذه الحال لا يتمّ التغلّب على مثل هذا الخلاف والسيطرة عليه إلّابردّه إلى مرجع يتّفق المختلفون على وجاهته والإذعان لحكمه. ومن ثمّ كان الأمر بردّ التنازع إلى اللّه ورسوله هو التوجيه الرشيد والنصح السديد الذي يفصل النزاع قبل تفاقمه ويفضّ الخلاف قبل انتشاره واتّساع رقعته.
ولا يتحقّق الردّ إلى الكتاب والسنّة ولا يكون مفعوله نافذاً في حلّ النزاع إلّابالقبول المذعن لما صدر عنهما من حكم والرضا به والتسليم بكونه قولاً فصلاً وحكماً عادلاً، مصداقاً لقوله سبحانه: (فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمّا قَضَيْتَ وَ يُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (سورة النساء: 65)، (وَ ما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَ لا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اَللّهُ وَ رَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ اَلْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَ مَنْ يَعْصِ اَللّهَ وَ رَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً) (سورة الأحزاب: 36).
3 - الأمر بالإصلاح بين المتخاصمين والتوفيق بين المتشاجرين حتّى لا تطول بينهم العداوة والشحناء، ولا ينقلب ما بينهم من الودّ والاخوّة إلى غلّ وبغضاء، وذلك قول اللّه تعالى: (فَاتَّقُوا اَللّهَ وَ أَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ) (سورة الأنفال: 1)، وقوله سبحانه: (إِنَّمَا اَلْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ) (سورة الحجرات: 10).
هذه هي القواعد التي وضعها الإسلام لحماية وحدة الأُمّة وصيانتها من التصدّع والتشقّق، وهي خليقة بتحقيق هذه الحماية لو طبّقت تطبيقاً سليماً، وأُخذت بجدّ وإخلاص.