وحدة البعد الإنساني

من ویکي‌وحدت
مراجعة ٠٤:٣٨، ١٠ أغسطس ٢٠٢١ بواسطة Saedi.m (نقاش | مساهمات) (أنشأ الصفحة ب'البعد الإنساني . ويتّضح البعد الإنساني لوحدة الأُمّة الإسلامية جلياً في القرآن الكريم وا...')
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)

البعد الإنساني .

ويتّضح البعد الإنساني لوحدة الأُمّة الإسلامية جلياً في القرآن الكريم والسنّة النبوية المطهّرة ، فالله سبحانه وتعالى يلفت نظرنا إلى وحدة الأصل الإنساني . فالناس جميعاً قد خلقهم الله من نفس واحدة : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِن نَفْس وَاحِدَة )( سورة النساء : 1 ) ، ورسول الله (صلى الله عليه وآله) يؤكّد هذا المعنى أيضاً في قوله : « يا أيّها الناس ، ألا إنّ ربّكم واحد وأباكم واحد ، ألا لا فضل لعربي على أعجمي ، ولا لأعجمي على عربي ، ولا لأحمر على أسود ، ولا لأسود على أحمر ، إلاّ بالتقوى » .

والإسلام لا يفصل هذا البعد الإنساني عن البعد الديني المشار إليه كما كانت تفعل ـ ولاتزال ـ بعض الآيديولوجيات والفلسفات في القديم والحديث التي تصل بالإنسان إلى حدّ التأليه وتجعله صاحب السلطان الأوحد في هذا الكون !

ويبيّن لنا القرآن الكريم أنّ الإنسان الذي ينكر أصله أو يجحد خالقه هو إنسان يعمل ضدّ طبيعته وفطرته التي فطره الله عليها . فالله سبحانه قد أخذ عليه ميثاقاً لا يجوز له أن يتجاهله أو يغفل عنه ; لأنّه مركوز في أصل فطرته . وفي ذلك يقول القرآن الكريم : ( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذَا غَافِلِينَ )( سورة الأعراف : 172 ) . ومن بين القلائل من فلاسفة الغرب الذين أكّدوا هذا المعنى كان الفيلسوف الفرنسي « ديكارت » الذي قال : « والحقّ أنّه لا ينبغي أن نعجب من أنّ الله حين خلقني غرس فيّ هذه الفكرة ـ أي : فكرة وجود الله ـ لكي تكون علامة للصانع مطبوعة على صنعته » .

وهذا الارتباط الوثيق بين كلّ من البعد الديني والبعد الإنساني في وحدة الأُمّة الإسلامية له دلالة هامّة ; إذ يعني أنّ هذه الأُمّة التي أراد الله لها أن تكون خير أُمّة أُخرجت للناس من شأنها أن تكون عنصر أمان واستقرار في هذا العالم ، فهي أُمّة ترتبط بخالقها بعلاقة العبودية له سبحانه ، وترتبط بغيرها من بني البشر بعلاقة الإنسانية التي لا تنسى عبوديتها لخالق الكون كلّه .

وهذه الصلة الوثيقة بالله إذا استقامت فإنّها كفيلة بتصحيح مسار الأُمّة الإسلامية في هذا الوجود ، وبذلك تتحقّق خيريتها ، إنّها أُمّة تسع الإنسان أينما كان وأنّى كان ، وتشمل برعايتها وأمنها كلّ من يعيش على أرضها .