الفرق بين المراجعتين لصفحة: «الإلحاد»

من ویکي‌وحدت
لا ملخص تعديل
لا ملخص تعديل
 
(١٤ مراجعة متوسطة بواسطة نفس المستخدم غير معروضة)
سطر ١: سطر ١:
أولا: التعريف
'''الإلحاد''': مذهب وتيّار فكري معاصر ترك تأثيره في [[العالم الإسلامي]]. وتتناول هذه المقالة بالبحث والتمحيص هذا التيّار من حيث: تعريفه، وأقسامه، وأسباب ظهوره، وتأسيسه وأبرز شخصيّاته، وأفكاره ومعتقداته، وجذوره الفكرية والعقائدية، وانتشاره ومواقع نفوذه، مع ذكر خلاصة له ومراجع للتوسّع.


الإلحاد هو : مذهب فلسفي يقوم على فكرة عدمية أساسها إنكار وجود الله الخالق سبحانه وتعالى, فيدّعي الملحدون بأن الكون وجد بلا خالق وأن المادة أزلية أبدية، وهي الخالق والمخلوق في نفس الوقت.ومما لا شك فيه أن كثيراً من دول العالم الغربي والشرقي تعاني من نزعة إلحادية عارمة جسدتها الشيوعية المنهارة والعلمانية المخادعة.
=تمهيد=


المراد بالإلحاد الذي نحن بصدد دراسته. كل فكر يتعلق بإنكار وجود خالق هذا الكون سبحانه وتعالى. سواء أكان عند المتقدمين من الدهرية أو عند من جاء بعدهم من الشيوعيين الماركسيين بمعنى أن وصف الإلحاد يشمل كل من لم يؤمن بالله تعالى ويزعم أن الكون وجد بذاته في الأزل نتيجة تفاعلات جاءت عن طريق الصدفة دون تحديد وقت لها واعتقاد أن ما وصل إليه الإنسان منذ أن وجد وعلى امتداد التاريخ من أحوال في كل شؤونه إنما وجد عن طريق التطور لا أن هناك قوة إلهية تدبره وتتصرف فيه.
[[المذاهب]] جمع مذهب، وهو: ما يذهب إليه الشخص ويعتقده صواباً ويدين به، سواء أكان ما يذهب إليه صواباً في نفس الأمر أم كان خطأً.. ومعنى هذا أنّ المذاهب تختلف باختلاف مصادرها وباختلاف مفاهيم الناس لها من دينية وغير دينية وما يتبع ذلك من اختلاف في فنونها من فقهية أو لغوية أو رياضية أو علوم عقلية تجريبية أو فلسفات أو غير ذلك.
ولا ريب أن الإلحاد فكرة شيطانية باطلة لا يقبلها عقل ولا منطق غذاها اليهود لتحطيم حضارات وأديان العالم كلهم لإقامة حكمهم في الأرض كلها كما دونوه في كتبهم. وقد يسأل سائل فيقول وما مصلحة اليهود من وراء ظهور الإلحاد؟، والجواب هو إضافة إلى ما سبق فإن اليهود يبغضون ديانات العالم كله، والعالم يبغضون ديانة اليهود فإذا تمكن اليهود من إبعاد الناس عن حضاراتهم ودياناتهم واستبدلوا عن ذلك بالإلحاد فإنه سيسهل حينئذ أن يتقارب اليهود مع غيرهم وسيسهل قيادتهم أيضا إلى تحقيق المخططات اليهودية التي تنتظر التنفيذ.
ولم يكن أحد من البشر منذ أن أوجدهم الله تعالى مستيقنا حقيقة إنكار وجود الله تعالى ولم يظهر في شكل مذهب أو دول. وإنما كان ظهوره في شكل نزعات لبعض الأشرار الشواذ إلى أن ظهرت الفلسفة الإلحادية الحديثة المنحرفة على يدي "ماركس" ورفاقه من اليهود الماسون الذين كانوا وراء إشعال هذه الفتنة الإلحادية لمآرب سياسية وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ [النمل:14].
وقد علا شأن الإلحاد في عهد "ماركس" وعهد من جاء بعده علوا كبيرا إلى عهد آخر رئيس لما كان يسمى بالإتحاد السوفيتي، وهو "ميخائيل جورباتشوف" فأراد الله عز وجل أن يظهر كذب الملاحدة فإذا بالشيوعية – التي تمثل قمة الإلحاد تموت في عقر دارها – وإذا بالشعوب المقهورة تعود إلى الاحتفال والإحتفاء بالأديان وتعلن ما كانت تخفيه من حب الله وأنبيائه ورسله ورجعوا إلى المساجد والكنائس وسائر المعابد معلنين رفضهم الفكر المادي الإلحادي و في بعض تلك الدول التي كانت تعلن الشيوعية والإلحاد شنقوا تماثيل بعض أقطاب الإلحاد الشيوعي تشفيا منهم. مما يدل دلالة صريحة على أن فكرة الإلحاد فكرة طارئة سخيفة لا مكان لها إلا في قلوب فئة من شواذ الناس ماتت نفوسهم وانحرفت فطرهم وكابروا عقولهم ومن الغريب أن يسند الملاحدة إلحادهم إلى العلم – وهو كذب مبين – كما سيتبين ذلك من خلال هذه الدراسة إن شاء الله تعالى.


ثانيا: أقسام الإلحاد
ويجب معرفة أنّه لا يخلو إنسان أو مجتمع من مذهب يسير بموجبه مهما اختلفت الحضارة أو العقلية للشخص أو المجتمع تمشياً مع سنّة الحياة ومع ما جبل عليه الإنسان الذي ميّزه الله عن بقية الحيوانات بالعقل والتفكير وحبّ التنظيم والسيطرة على ما حوله وابتكار المناهج التي يسير عليها إلى آخر الغرائز التي امتاز بها الإنسان العاقل المفكّر عن غيره من سكّان هذه المعمورة.


ينقسم الإلحاد إلى قسمين هما: الإلحاد القديم، والإلحاد الحديث. فما حقيقة كل منهما وما الفرق بينهما؟
وقيل لها: مذاهب فكرية، نسبةً إلى الفكر الذي تميّز به الإنسان عن بقية المخلوقات التي تشاركه الوجود في الأرض، ويعرّف بأّنه صنعة العقل الإنساني ومسرح نشاطه الذهني وعطاؤه الفكري فيما يعرض له من قضايا الوجود والحياة، سواء أكان صواباً أم خطأً.
عرفنا مما سبق أن الإلحاد كان له وجود في أكثر من مكان في الأرض بعد الانحراف الذي أصاب البشرية وينبغي أن ندرك أن بين الإلحاد القديم والإلحاد الحديث فرقا ظاهرا وذلك يتبين من خلال ما يأتي:
1- إن الإلحاد بمعنى إنكار وجود الله تعالى أصلا لم يكن ظاهرة منتشرة في القديم وإنما كان شائعا الشرك مع الله تعالى تحت حجج مختلفة مع اعترافهم بوجود الله تعالى وأنه الخالق المدبر وقد أثبت الله تعالى ذلك في كتابه فقال عن إقرارهم بخلق الله للكون وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ [العنكبوت:61]
وقال تعالى عن إقرارهم بإنزال المطر من عند الله: وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّن نَّزَّلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ مِن بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ [العنكبوت:63].
وقال تعالى عن إقرارهم بأن الرزق كله من الله، وأن أعضاء الإنسان هي من خلق الله، وأن الحياة والموت بيد الله، وأن التدبير كله لله قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ [يونس:31] قُل لِّمَنِ الأَرْضُ وَمَن فِيهَا إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ [المؤمنون:84-89]، وهكذا يتبين من تلك الآيات البينات أن الإلحاد في الزمن القديم إنما كان في إشراكهم مع الله آلهة أخرى من صنعهم يتقربون بها إلى الله بزعمهم وهذا هو الشرك في توحيد الربوبية الذي لا يدخل الشخص به وحده في الإسلام والإيمان ما لم يضم إليه توحيد الألوهية.
2- وأما الذين أسندوا كل شيء إلى الدهر فهم قلة قليلة جدا بالنسبة لغيرهم ممن يؤمنون بالله تعالى وقد أخبر الله عنهم في كتابه الكريم.
3- أما الإلحاد المادي الحديث فقد قام على إنكار وجود الله أصلا وقد زعم أهله أنهم وصلوا إليه عن طريق العلم والبحث المحسوس وعن طريق التجربة والدراسة وزعموا أن الدين لا يوصل إلى ذلك وسنرد هذه الكذبة وسخافتها ونبين أنه لا تناقض بين العلم والدين وبين الإيمان بالله وأن العلم يدعو إلى الإيمان بوجود الله تعالى في أكمل صوره كما سيأتي دراسته في الشيوعية.
وهكذا يتضح أنه مع القول بوجود عبادة المادة في كل زمان و في كل مكان إلا أن تلك المادة كانت سطحية بدائية وأن أوروبا حينما أخذت الإلحاد تميزت بتفصيل وتقنين وتنظيم ودراسة هذا الاتجاه المادي الملحد وأحلته محل الدين ومحل الإله بطريقة سافرة مقننة وهي نقلة لم تكن فيما مضى قبلهم.


ثالثا: أسباب ظهور الإلحاد
وقد نسبت المذاهب إلى الفكر؛ لأنّها جاءت من ذلك المصدر (وهو الفكر)، أي: أنّها لم تستند في وجودها على الوحي الإلهي أصلاً أو استعانت به وبما توصّل إليه الفكر من نتائج جاءته إمّا عن طريق الوحي أو التجارب أو أقوال من سبق أو أفعالهم، وقد تكون تلك النتائج صحيحة وقد تكون خاطئة في نفس الأمر.


لظهور الإلحاد أسباب كثيرة كغيره من الظواهر الأخرى ولا شك أن أكبر الأسباب هو إغواء إبليس لمن اتبعه فقد أقسم على أن يبعد الناس عن ربهم ويغويهم عن اتباع أمره وشرعه عز وجل ثم انضافت إلى ذلك أسباب أخرى هي من صنع الإنسان كالرغبة الجامحة عند البعض في الانفلات التام عن الدين وأوامره ونواهيه لتحقيق رغباته الشهوانية المختلفة وبعض تلك الأسباب يعود إلى أمور سياسية كحب اليهود السيطرة على العالم. وبعضها يعود إلى طغيان الديانات المحرفة و على رأسها النصرانية التي هي صورة عن الوثنية حيث جاءت بأفكار لا يقبلها عقل ولا يقرها منطق وفوق ذلك طغيان الرهبان والبابوات الذين وصلوا إلى حد لا يطاق من إذلال الناس واستعبادهم مما جعلها أغلالا يتمنى أصحابها الخروج عنها إلى أي وجهة تكون فتلقفهم الملاحدة فأخرجوهم من الرمضاء إلى النار.
وأمّا بالنسبة إلى استنادها إلى الوحي فقد لا يكون ذلك، بل ربّما كانت تلك الأفكار محاربة له فتنسب إلى مؤسّسيها، فيقال: الفكر الماركسي أو الفكر الفلسفي اليوناني أو غير ذلك من الأفكار التي تنسب إمّاإلى شخصيات مؤسّسيها أو إلى بلدانهم أو إلى اتّجاهاتهم وغير ذلك.
وبعض تلك الأسباب يعود إلى ظهور مذاهب فكرية كانت هي الأخرى كابوسا ثقيلا جعل الناس يلهثون إلى التشبث بأي حركة أو فكر كالرأسمالية التي أشعلت في النفوس حب الأنانية والجشع المادي والحقد والبغضاء مما سهل الأمر على الملاحدة للوصول إلى قلوب الناس والتضليل عليهم بأن في النظام الإلحادي الجديد كل ما يتمنوه من السعادة والعيش الرغيد وقد قيل:
 
يقضى على المرء في أيام محنته        حتى يرى حسنا ما ليس بالحسن
ومن هنا يتّضح أنّه إذا أطلق لفظ (الفكر) فإنّ المراد به هو ما يصدر عن العقل من شتّى المفاهيم والمبتكرات الدينية أو الدنيوية.
وكان هذا الحال في الوقت الذي عم الجهل بالله تعالى وبدينه القويم وكان للأحوال الاقتصادية التي يمر بها الناس نصيب الأسد في تقبل الناس للإلحاد حيث انعدمت في المذهب الرأسمالي ونظام الإقطاع وسيطرة البابوات والأباطرة صفة الرحمة والعطف على الفقراء فازداد الأغنياء غنى وازداد الفقراء فقرا وذلا.
 
فاستغل الملاحدة تلك الأوضاع للتأثير على الناس بأن الأمر موكول إلى تصرفات الناس وليس هناك إله مدبر له فازداد نشاط دعاة الإلحاد وأظهروا أنفسهم بمظهر المنقذ للفقراء والساهر على مصالحهم والمهتم بمشاكلهم والمتصدي للقضاء على كل الأنظمة الفاسدة والطبقات المتجبرة وبعد أن قوي أمر الملاحدة واستولوا على الحكم في روسيا وغيرها وجهوا مدافعهم وبنادقهم إلى صدر كل من يأبى الدخول في ملتهم فأثخنوا في الأرض وأدخلوا شعوبهم في الإلحاد راغبين وراهبين.
ومن هنا سمّيت مذاهب فكرية نسبةً إلى المذهب الذي تنسب إليه كلّ طائفة، ونسبةً كذلك إلى أفكارها التي تعتنقها مبتكرة لها أو مقلّدة.
ومما ساعد على انتشار الإلحاد أيضا ما وصل إليه الملاحدة من اكتشافات علمية هائلة مكنهم الله منها استدراجا لهم وإقامة للحجة عليهم على ضوء قوله تعالى:سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ [فصلت:53]، فكلما تم لهم اكتشاف جديد فسروه على أنه من بركة تركه للإله وللدين وانطلاقهم أحرارا من ذلك فاغتر بهم كثير من الجهال وظنوا أن ذلك صحيحا وأن هذه الحياة التي يعيشها العالم اليوم من تقدم مادي وصناعات مختلفة وانفتاح تام على الشهوات والمتع المختلفة إنما هي دليل في نظر من لا يعرفون الدين الصحيح على أن الإنسان هو مالك هذا الكون وحده وهو الذي ينظم حياته كما يريد.
 
ولم يترك دعاة الإلحاد أي فرصة لأتباعهم لالتقاط أنفاسهم ومدارسة أوضاعهم والتفكر الصحيح في خلق هذا الكون وما فيه من العجائب التي تنطق بوجود الخلاق العظيم لهذا الكون، وقد قيل إن أحد الملحدين تحدى أي مؤمن بالله يناظره فانبرى له أحد المؤمنين واتفقوا على تحديد موعد للمناظرة وحينما جاء وقت المناظرة تأخر المؤمن من الوصول ففرح الملحد وأخذ يصول ويجول ويتحدى وبعد وقت حضر المؤمن بعد أن انكسرت قلوب المؤمنين وملأها الهم والغم فسأله الملحد لماذا تأخرت عن الوصول فقال له إن بيني وبينكم هذا البحر ولم أجد سفينة وبينما أنا كذلك إذ نبتت شجرة في البحر وامتدت أغصانها وجذوعها وكبرت ثم تكسرت بعض أجزائها لتصنع منها قاربا حملني إليكم فقال الملحد هذا كلام لا يعقل فقال له المؤمن إذا كنتم لا تصدقون بوجود قارب صغير بدون موجد فكيف تصدقون بوجود هذا الكون وما فيه دون موجد؟!!، ثم قال المؤمن للملحد: أنت بلا عقل فقال الملحد: بلى إن لي عقلا فقال له المؤمن أين هو منك قال لا أدري. فقال المؤمن: شيء في جسمك تؤمن به ولا تراه ولا تريد أن تؤمن بالله حتى تراه فانقطع الملحد.
=التعــريــف=
أما بالنسبة لظهور الإلحاد في ديار المسلمين فإنه يعود كذلك إلى أسباب كثيرة من أهمها حالة الانبهار بظهور هذه الماديات التي ظهرت على أيدي غير المؤمنين بالله تعالى وما أصاب قلوب ضعفاء الإيمان من انبهار تام برونق تلك الحضارة الزائفة الزائلة التي أخبر الله عنها بقوله يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ [الروم:7]، وانساق المنهزمون المغرمون بتلك الحضارة إلى التصديق بأن لا وجود لأي مدبر للعالم غير العالم نفسه خصوصا وأن المغلوب دائما يقلد الغالب ويجب أن يتظاهر بصفاته ليجبر النقص الذي يحس به أمامه. وكان الأحرى بهؤلاء المنهزمين أن يعتزوا بدينهم ويضاعفوا الجهد والعمل ليستغنوا عن منة الملاحدة عليهم وحينما رأوا ما هم عليه من الضعف والاستخذاء أمام ما تنتجه المصانع الكافرة ألقوا باللوم على الإسلام فعل العاجز المنقطع أو الغريق الذي يمسك بكل حبل وجهلوا أو تجاهلوا أن الإسلام يأمر بالقوة والعمل بما لا يدانيه أي فكر أو مذهب والآيات في كتاب الله تعالى والأحاديث في سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم على هذا أشهر من أن تذكر.
 
و على كل حال فقد ظهر الإلحاد بشكله الجديد المدروس المنظم كبديل لكل الأديان وزعماؤه هم البديل الجديد عن الأنبياء والرسل والمتمسكون بالإلحاد هم المتطورون المتقدمون والتاركين له هم الرجعيون المتخلفون وللباطل صولة ثم يضمحل فبعد تلك السنوات العجاف التي قوي فيها شأن الإلحاد والملحدين ظهرت الحقيقة للعيان وإذا بالإلحاد والملحدين ما هم إلا سماسرة اليهودية العالمية وأنهم يهدفون إلى استحمار العالم ومحو أخلاق الجوييم وتحطيم حضاراتهم وإبطال دياناتهم وكشأن كل المذاهب الباطلة والأفكار الجاهلية بدأ الموت يدب في جسم هذا الإلحاد البغيض وإذا بالناس يكتشفون زيف أقاويله وأفانين خدعة فبدؤوا يهربون منه زرافات ووحدانا وعرف الناس أن الإلحاد هو الذي سبب لهم الشقاء والفقر وتزايد الأحقاد والقلق والاضطراب وأنه هو الذي سهل للمجرمين طرق الإجرام وظهور الفتن والضلال إذ ليس فيه ثواب ولا عقاب في الآخرة ولا رب يجازي المجرمين بعذابه والمطيعين بثوابه فما الذي يمنع المجرم من تنفيذ جريمته وما الذي يجعل قلب الغني يشفق على الفقير وما الذي يمنع السارق والغشاش والخائن ومدمن المخدرات ما الذي يمنع هؤلاء من تحقيق رغباتهم. وللقارئ عظة مما يقع في العالم الملحد من أنواع الجرائم والظلم في جو مشحون بالتوترات والهموم قال تعالى: وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى [طه:124].
الإلحاد هو : مذهب فلسفي يقوم على فكرة عدمية أساسها إنكار وجود الله الخالق سبحانه وتعالى، فيدّعي الملحدون بأنّ الكون وجد بلا خالق، وأنّ المادّة أزلية أبدية، وهي الخالق والمخلوق في نفس الوقت.
وإذا كانت المظالم والأنانيات وحب الشهوات وغيرها تحصل بين المؤمنين بالله تعالى فما هو الظن بالمجتمعات التي لا تؤمن بالله ربا ولا بالإسلام دينا ولا بمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا، ولا ضمير حي يذكرها بما للآخرين من حقوق ما هو الظن بتلك المجتمعات الذين هم كالأنعام أو أضل الذين لا يعيشون في بيئات أسرية متحابة يعرف بعضهم للبعض الآخر ما له من حقوق صلة الرحم وحفظ الأنساب وتقوية المودة فيما بينهم. فأين الأولاد بعد أن ابتلعتهم دور الحضانات الحكومية، وأين الأزواج بعد أن تفرق الجميع في كل اتجاه تلبية لحاجاتهم المعيشية واللهو أيضا، وأين بقية الأقارب وقد تكفل الإلحاد بمحاربة أي وجود لذلك، وأين تلاحم المجتمع كله بعد أن تعهد الملاحدة بتفريق المجتمعات وضرب بعضهم بالبعض الآخر عن طريق الجاسوسية الهائلة إلى حد أن أي شخص لا يأمن الآخر بأي حال فأصبحت المجتمعات الإلحادية تعيش فيما بينها كما تعيش قطعان الذئاب أو السمك في البحر و على المسلمين أن يأخذوا العظة بغيرهم وأن يفروا من تلك الأفكار وصداقات زعماء تلك المجتمعات كما يفر الصحيح من المجذوم، بل وأشد، وأن يرجعوا إلى الله تعالى ويبتهلوا إليه أن لا يجعل للكافرين على المؤمنين سبيلا.
 
وممّا لا شكّ فيه أنّ كثيراً من دول العالم الغربي والشرقي تعاني من نزعة إلحادية عارمة جسّدتها [[الشيوعية]] المنهارة و[[العلمانية]] اللّادينية المخادعة.
 
والمراد بالإلحاد الذي نحن بصدد دراسته: كلّ فكر يتعلّق بإنكار وجود خالق هذا الكون سبحانه وتعالى، سواء أكان عند المتقدّمين من [[الدهرية]] أم عند من جاء بعدهم من الشيوعيّين الماركسيّين، بمعنى: أنّ وصف الإلحاد يشمل كلّ من لم يؤمن بالله تعالى ويزعم أنّ الكون وجد بذاته في الأزل نتيجة تفاعلات جاءت عن طريق الصدفة دون تحديد وقت لها واعتقاد أنّ ما وصل إليه الإنسان منذ أن وجد وعلى امتداد التاريخ من أحوال في كلّ شؤونه إنّما وجد عن طريق التطوّر، لا أنّ هناك قوّة إلهية تدبّره وتتصرّف فيه.
 
ولا ريب أنّ الإلحاد فكرة شيطانية باطلة لا يقبلها عقل ولا منطق، غذّاها [[اليهود]] بغية تحطيم حضارات وأديان العالم لإقامة حكمهم في الأرض، كما دوّنوه في كتبهم.
 
وقد يسأل سائل فيقول: وما مصلحة اليهود من وراء ظهور الإلحاد؟ والجواب هو إضافة إلى ما سبق: أنّ اليهود يبغضون ديانات العالم كلّه، والعالم يبغضون ديانة اليهود، فإذا تمكّن اليهود من إبعاد الناس عن حضاراتهم ودياناتهم واستبدلوا عن ذلك بالإلحاد، فإنّه سيسهّل حينئذ أن يتقارب اليهود مع غيرهم، وسيسهّل قيادتهم أيضاً إلى تحقيق المخطّطات اليهودية التي تنتظر التنفيذ.
 
ولم يكن أحد من البشر منذ أن أوجدهم الله تعالى مستيقناً حقيقة إنكار وجود الله تعالى، ولم يظهر في شكل مذهب أو دول، وإنّما كان ظهوره في شكل نزعات لبعض الأشرار الشواذ، إلى أن ظهرت الفلسفة الإلحادية الحديثة المنحرفة على يدي "[[كارل ماركس]]" ورفاقه من اليهود [[الماسون]] الذين كانوا وراء إشعال هذه الفتنة الإلحادية لمآرب سياسية.
 
وقد علا شأن الإلحاد في عهد "ماركس" وعهد من جاء بعده علوّاً كبيراً، إلى عهد آخر رئيس لما كان يسمّى: بالاتّحاد السوفيتي، وهو "[[ميخائيل غورباتشوف]]"، فأراد الله عزّ وجلّ أن يظهر كذب الملاحدة، فإذا بالشيوعية – والتي تمثّل قمّة الإلحاد – تموت في عقر دارها، وإذا بالشعوب المقهورة تعود إلى الاحتفال والاحتفاء بالأديان وتعلن ما كانت تخفيه من حبّ الله وأنبيائه ورسله، ترجع إلى المساجد والكنائس وسائر المعابد معلنة رفضها الفكر المادّي الإلحادي، وفي بعض تلك الدول التي كانت تعلن الشيوعية والإلحاد شنقوا تماثيل بعض أقطاب الإلحاد الشيوعي تشفّياً منهم، ممّا يدلّ دلالة صريحة على أنّ فكرة الإلحاد فكرة طارئة سخيفة لا مكان لها إلّا في قلوب فئة من شواذ الناس الذين ماتت نفوسهم وانحرفت فطرهم وكابروا عقولهم.. ومن الغريب أن يسند الملاحدة إلحادهم إلى العلم وهو كذب مبين، كما سيتبيّن ذلك.
 
=أقسام الإلحاد=
 
ينقسم الإلحاد إلى قسمين، هما: الإلحاد القديم، والإلحاد الحديث. فما حقيقة كلّ منهما؟ وما الفرق بينهما؟
 
عرفنا ممّا سبق أنّ الإلحاد كان له وجود في أكثر من مكان في الأرض بعد الانحراف الذي أصاب البشرية، وينبغي أن ندرك أنّ بين الإلحاد القديم والإلحاد الحديث فرقاً ظاهراً، وذلك يتبيّن من خلال ما يأتي:
 
1- إنّ الإلحاد بمعنى إنكار وجود الله تعالى أصلاً لم يكن ظاهرة منتشرة في القديم، وإنّما كان شائعاً الشرك مع الله تعالى تحت حجج مختلفة مع اعترافهم بوجود الله تعالى وأنّه الخالق المدبّر. وقد أثبت الله تعالى ذلك في كتابه، فقال عن إقرارهم بخلق الله للكون: (وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ) [سورة العنكبوت:61]، وقال تعالى عن إقرارهم بإنزال المطر من عند الله: (وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّن نَّزَّلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ مِن بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ) [سورة العنكبوت:63]، وقال تعالى عن إقرارهم بأنّ الرزق كلّه من الله، وأنّ أعضاء الإنسان هي من خلق الله، وأنّ الحياة والموت بيد الله، وأنّ التدبير كلّه لله: (قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ) [سورة يونس:31]، (قُل لِّمَنِ الأَرْضُ وَمَن فِيهَا إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ) [سورة المؤمنون:84-89].. وهكذا يتبيّن من تلك الآيات البيّنات أنّ الإلحاد في الزمن القديم إنّما كان في إشراكهم مع الله آلهة أخرى من صنعهم يتقرّبون بها إلى الله بزعمهم.
 
2- وأمّا الذين أسندوا كلّ شيء إلى الدهر فهم قلّة قليلة جدّاً بالنسبة إلى غيرهم ممّن يؤمنون بالله تعالى، وقد أخبر الله عنهم في كتابه الكريم.
 
3- أمّا الإلحاد المادّي الحديث فقد قام على إنكار وجود الله أصلاً، وقد زعم أهله أنّهم وصلوا إليه عن طريق العلم والبحث المحسوس وعن طريق التجربة والدراسة، وزعموا أنّ الدين لا يوصل إلى ذلك. وسنردّ هذه الكذبة وسخافتها ونبيّن أنّه لا تناقض بين العلم والدين وبين الإيمان بالله، وأنّ العلم يدعو إلى الإيمان بوجود الله تعالى في أكمل صوره.
 
وهكذا يتّضح أنّه مع القول بوجود عبادة المادّة في كلّ زمان و في كلّ مكان، إلّا أنّ تلك المادّة كانت سطحية بدائية، وأنّ [[أوروبّا]] حينما أخذت الإلحاد تميّزت بتفصيل وتقنين وتنظيم ودراسة هذا الاتّجاه المادّي الملحد وأحلّته محلّ الدين ومحلّ الإله بطريقة سافرة مقنّنة، وهي نقلة لم تكن فيما مضى قبلهم.
 
=أسباب ظهور الإلحاد=
 
لظهور الإلحاد أسباب كثيرة كغيره من الظواهر الأخرى.. ولا شكّ أنّ أكبر الأسباب هو إغواء إبليس لمن اتّبعه، فقد أقسم على أن يبعد الناس عن ربّهم ويغويهم عن اتّباع أمره وشرعه عزّ وجلّ، ثمّ انضافت إلى ذلك أسباب أخرى هي من صنع الإنسان، كالرغبة الجامحة عند البعض في الانفلات التامّ عن الدين وأوامره ونواهيه لتحقيق رغباته الشهوانية المختلفة. وبعض تلك الأسباب يعود إلى أمور سياسية، كحبّ اليهود السيطرة على العالم. وبعضها يعود إلى طغيان الديانات المحرّفة. وبعض تلك الأسباب يعود إلى ظهور مذاهب فكرية كانت هي الأخرى كابوساً ثقيلاً جعل الناس يلهثون إلى التشبّث بأيّ حركة أو فكر، ك[[الرأسمالية]] التي أشعلت في النفوس حبّ الأنانية والجشع المادّي والحقد والبغضاء، ممّا سهّل الأمر على الملاحدة للوصول إلى قلوب الناس والتضليل عليهم بأنّ في النظام الإلحادي الجديد كلّ ما يتمنّوه من السعادة والعيش الرغيد، وقد قيل:
 
          يقضى على المرء في أيّام محنته        حتّى يرى حسناً ما ليس بالحسن
 
وكان هذا الحال في الوقت الذي عمّ الجهل بالله تعالى وبدينه القويم، وكان للأحوال الاقتصادية التي يمرّ بها الناس نصيب الأسد في تقبّلهم للإلحاد، حيث انعدمت في المذهب الرأسمالي ونظام الإقطاع وسيطرة البابوات والأباطرة صفة الرحمة والعطف على الفقراء، فازداد الأغنياء غنىً وازداد الفقراء فقراً وذلّاً. فاستغلّ الملاحدة تلك الأوضاع للتأثير على الناس بأنّ الأمر موكول إلى تصرّفات الناس، وليس هناك إله مدبّر له، فازداد نشاط دعاة الإلحاد وأظهروا أنفسهم بمظهر المنقذ للفقراء والساهر على مصالحهم والمهتمّ بمشاكلهم والمتصدّي للقضاء على كلّ الأنظمة الفاسدة والطبقات المتجبّرة. وبعد أن قوي أمر الملاحدة واستولوا على الحكم في [[روسيا]] وغيرها وجّهوا مدافعهم وبنادقهم إلى صدر كلّ من يأبى الدخول في ملّتهم، فأثخنوا في الأرض وأدخلوا شعوبهم في الإلحاد راغبين وراهبين.
 
وممّا ساعد على انتشار الإلحاد أيضاً ما وصل إليه الملاحدة من اكتشافات علمية هائلة مكّنهم الله منها استدراجاً لهم وإقامة للحجّة عليهم على ضوء قوله تعالى: (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) [سورة فصلت:53]، فكلّما تمّ لهم اكتشاف جديد فسّروه على أنّه من بركة تركه للإله وللدين وانطلاقهم أحراراً من ذلك، فاغترّ بهم كثير من الجهّال وظنّوا أنّ ذلك هو الصحيح وأنّ هذه الحياة التي يعيشها العالم اليوم من تقدّم مادّي وصناعات مختلفة وانفتاح تامّ على الشهوات والمتع المختلفة إنّما هي دليل في نظر من لا يعرفون [[الدين]] الصحيح على أنّ الإنسان هو مالك هذا الكون وحده وهو الذي ينظّم حياته كما يريد.
 
ولم يترك دعاة الإلحاد أيّ فرصة لأتباعهم لالتقاط أنفاسهم ومدارسة أوضاعهم والتفكّر الصحيح في خلق هذا الكون وما فيه من العجائب التي تنطق بوجود الخلاق العظيم لهذا الكون.  
 
أمّا بالنسبة إلى ظهور الإلحاد في ديار المسلمين فإنّه يعود كذلك إلى أسباب كثيرة، من أهمّها: حالة الانبهار بظهور هذه المادّيات التي ظهرت على أيدي غير المؤمنين بالله تعالى، وما أصاب قلوب ضعفاء الإيمان من انبهار تامّ برونق تلك الحضارة الزائفة الزائلة التي أخبر الله عنها بقوله: (يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ) [سورة الروم:7]، وانساق المنهزمون المغرمون بتلك الحضارة إلى التصديق بأن لا وجود لأيّ مدبر للعالم غير العالم نفسه، خصوصاً وأنّ المغلوب دائماً يقلّد الغالب ويجب أن يتظاهر بصفاته ليجبر النقص الذي يحسّ به أمامه. وكان الأحرى بهؤلاء المنهزمين أن يعتزّوا بدينهم ويضاعفوا الجهد والعمل ليستغنوا عن منّة الملاحدة عليهم، وحينما رأوا ما هم عليه من الضعف والاستخذاء أمام ما تنتجه المصانع الكافرة ألقوا باللوم على الإسلام، فعل العاجز المنقطع أو الغريق الذي يمسك بكلّ حبل، وجهلوا أو تجاهلوا أنّ [[الإسلام]] يأمر بالقوّة والعمل بما لا يدانيه أيّ فكر أو مذهب، والآيات في كتاب الله تعالى والأحاديث في سنّة المصطفى (صلّى الله عليه وآله وسلّم) على هذا أشهر من أن تذكر.
 
وعلى كلّ حال، فقد ظهر الإلحاد بشكله الجديد المدروس المنظّم كبديل لكلّ [[الأديان السماوية]]، وزعماؤه هم البديل الجديد عن الأنبياء والرسل، والمتمسّكون بالإلحاد هم المتطوّرون المتقدّمون، وإنّ التاركين له هم الرجعيّون المتخلّفون، وللباطل صولة ثمّ يضمحل.
وإذا كانت المظالم والأنانيّات وحبّ الشهوات وغيرها تحصل بين المؤمنين بالله تعالى، فما هو الظنّ بالمجتمعات التي لا تؤمن بالله ربّاً ولا بالإسلام ديناً ولا بمحمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) رسولاً، ولا ضمير حيّ يذكّرها بما للآخرين من حقوق؟ ما هو الظنّ بتلك المجتمعات الذين هم كالأنعام أو أضلّ، الذين لا يعيشون في بيئات أسرية متحابّة يعرف بعضهم للبعض الآخر ما له من حقوق صلة الرحم وحفظ الأنساب وتقوية المودّة فيما بينهم؟
 
=التأسيس وأبرز الشخصيّات=
 
الإلحاد بدعة جديدة لم توجد في القديم إلّا في النادر في بعض الأمم والأفراد. ويعدّ أتباع العلمانية هم المؤسّسون الحقيقيّون للإلحاد، ومن هؤلاء: أتباع الشيوعية و[[الوجودية]] و[[الداروينية]].
 
الحركة [[الصهيونية]] أرادت نشر الإلحاد في الأرض، فنشرت العلمانية لإفساد أمم الأرض بالإلحاد والمادّية المفرطة والانسلاخ من كلّ الضوابط التشريعية والأخلاقية؛ كي تهدم هذه الأمم نفسها بنفسها، وعندما يخلو الجوّ لليهود يستطيعون حكم العالم.
 
نشر اليهود نظريات "ماركس" في الاقتصاد والتفسير المادّي للتاريخ، ونظريات "[[سيجموند فرويد]]" في علم النفس، ونظرية "[[تشارلز دارون]]" في أصل الأنواع، ونظريات "[[دوركايم]]" في علم الاجتماع.. وكلّ هذه النظريات من أسس الإلحاد في العالم.
 
أمّا انتشار الحركات الإلحادية بين المسلمين في الوقت الحاضر فقد بدأ بعد سقوط الخلافة الإسلامية..
 
صدر كتاب في [[تركيا]] عنوانه: "مصطفى كمال" للكاتب [[قابيل آدم]] يتضمّن مطاعن قبيحة في الأديان، وبخاصّة الدين الإسلامي، وفيه دعوة صريحة للإلحاد بالدين وإشادة بالعقلية الأوروبّية.
 
[[إسماعيل أحمد أدهم]] حاول نشر الإلحاد في [[مصر]]، وألّف رسالة بعنوان: "لماذا أنا ملحد"؟ وطبعها بمطبعة التعاون ب[[الإسكندرية]] حوالي سنة 1926م.
 
[[إسماعيل مظهر]] أصدر في سنة 1928م مجلّة "العصور" في مصر، وكانت قبل توبته تدعو للإلحاد والطعن في [[العرب]] طعناً قبيحاً، معيداً تاريخ [[الشعوبية]]، ومتّهماً العقلية العربية بالجمود والانحطاط، ومشيداً بأمجاد بني إسرائيل ونشاطهم وتفوّقهم واجتهادهم.
 
هذا، ومن أعلام الإلحاد في العالم:
 
أ.أتباع الشيوعية: ويتقدّمهم: "كارل ماركس" 1818 – 1883م اليهودي الألماني، و"[[إنجلز]]" عالم الاجتماع الألماني والفيلسوف السياسي الذي التقى بماركس في [[إنجلترا]] وأصدرا سوياً "المانيفستو" أو البيان الشيوعي سنة 1820 – 1895م.
 
ب.أتباع الوجودية: ويتقدّمهم: "[[جان بول سارتر]]"، و"[[سيمون دوبرفوار]]"، و"[[ألبير كامو]]".
 
ج.أتباع الداروينية.
 
ومن الفلاسفة والأدباء: "[[نيتشه]]" الفيلسوف الألماني، و"[[برتراند راسل]]" 1872 – 1970م الفيلسوف الإنجليزي، و"[[هيجل]]" 1770 – 1831م الفيلسوف الألماني الذي قامت فلسفته على دراسة التاريخ، و"[[هربرت سبنسر]]" 1820 – 1903م العالم الإنجليزي الذي كتب في الفلسفة وعلم النفس والأخلاق، و"[[فولتير]]" 1694 – 1778م الأديب الفرنسي.
 
في سنة 1930م ألّف إسماعيل مظهر "حزب الفلاح" ليكون منبراً للشيوعية و[[الاشتراكية]]. وقد تاب إسماعيل إلى الله بعد أن تعدّى مرحلة الشباب، وأصبح يكتب عن مزايا الإسلام.
 
=الأفكار والمعتقدات=
 
1.إنكار وجود الله سبحانه، الخالق البارئ المصوّر (تعالى الله عمّا يقولون علوّاً كبيراً).
 
2.إنّ الكون والإنسان والحيوان والنبات وجد صدفة، وسينتهي كما بدأ، ولا توجد حياة بعد الموت.
 
3.إنّ المادّة أزلية أبدية، وهي الخالق والمخلوق في نفس الوقت.
 
4.النظرة الغائية للكون، والمفاهيم الأخلاقية تعيق تقدّم العلم.
 
5.إنكار معجزات الأنبياء؛ لأنّ تلك المعجزات لا يقبلها العلم، كما يزعمون.
 
ومن العجب أنّ الملحدين المادّيّين يقبلون معجزات الطفرة الوحيدة التي تقول بها الداروينية، ولا سند لها إلّا الهوس والخيال!
 
6.عدم الاعتراف بالمفاهيم الأخلاقية، ولا بالحقّ والعدل، ولا بالأهداف السامية، ولا بالروح والجمال.
 
7.ينظر الملاحدة للتاريخ باعتباره صورة للجرائم والحماقة وخيبة الأمل، وقصّته لا تعني شيئاً.
 
8.المعرفة الدينية في رأي الملاحدة تختلف اختلافاً جذريّاً وكلّيّاً عن المعرفة بمعناها العقلي أو العلمي.
 
9.الإنسان مادّة تنطبق عليه قوانين الطبيعة التي اكتشفتها العلوم كما تنطبق على غيره من الأشياء المادّية.
 
10.الحاجات هي التي تحدّد الأفكار، وليست الأفكار هي التي تحدّد الحاجات.
 
=الجذور الفكرية والعقائدية=
 
نشأ الإلحاد الحديث مع [[العقلانية]] والشيوعية والوجودية.
 
وقد نشر اليهود الإلحاد في الأرض، مستغلّين حماقات الكنيسة ومحاربتها للعلم، فجاءوا بثورة العلم ضدّ الكنيسة، وب[[الثورة الفرنسية]] والداروينية و[[الفرويدية]]، وبهذه الدعوات الهدّامة للدين والأخلاق تفشّى الإلحاد في الغرب، والهدف الشرّير لليهودية العالمية الآن هو إزالة كلّ دين على الأرض؛ ليبقى اليهود وحدهم أصحاب الدين!
 
=الانتشار وأماكن النفوذ=
 
انتشر الإلحاد أوّلاً في أوروبّا، وانتقل بعد ذلك إلى [[أمريكا]] وبقاع من العالم. وعندما حكمت الشيوعية في ما كان يعرف ب[[الاتّحاد السوفيتي]] قبل انهياره وتفكّكه، فرضت الإلحاد فرضاً على شعوبه، وأنشأت له مدارس وجمعيات. وحاولت الشيوعية نشره في شتّى أنحاء العالم عن طريق أحزابها.
يوجد الآن في [[الهند]] جمعية تسمّى: "جمعية النشر الإلحادية"، وهي حديثة التكوين، وتركّز نشاطها في المناطق الإسلامية، ويرأسها "[[جوزيف إيدا مارك]]"، وكان مسيحيّاً من خطباء التنصير، ومعلّماً في إحدى مدارس الأحد، وعضواً في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي، وقد ألّف في عام 1953م كتاباً يدعى: "إنّما عيسى بشر"، فغضبت عليه الكنيسة وطردته، فتزوّج بامرأة هندوكية، وبدأ نشاطه الإلحادي، وأصدر مجلّة إلحادية باسم: "إيسكرا"، أي: شرارة النار. ولمّا توقّفت عمل مراسلاً للمجلّة الأسبوعية "كيالا شبدم"، أي: صوت كيالا. وقد نال جائزة الإلحاد العالمية عام 1978م، ويعتبر أوّل من نالها في [[آسيا]].
 
=الخلاصة=
 
إنّ الإلحاد مذهب فلسفي يقوم على إنكار وجود الله سبحانه وتعالى، ويذهب إلى أنّ الكون بلا خالق. ويعدّ أتباع العقلانية هم المؤسّسون الحقيقيّون للإلحاد الذي ينكر الحياة الآخرة، ويرى أنّ المادّة أزلية أبدية، وأنّه لا يوجد شيء اسمه: معجزات الأنبياء، فذلك ممّا لا يقبله العلم في زعم الملحدين، الذين لا يعترفون أيضاً بأيّة مفاهيم أخلاقية، ولا بقيم الحقّ والعدل، ولا بفكرة الروح. ولذا فإنّ التاريخ عند الملحدين هو صورة للجرائم والحماقات وخيبة الأمل وقصّته لا تعني شيئاً، والإنسان مجرّد مادّة تطبّق عليه كافّة القوانين الطبيعية.
 
=مراجع للتوسّع=
 
- صراع مع الملاحدة، عبد الرحمن الميداني.
 
- الملل والنحل، الشهرستاني، ط 1980م، بتحقيق: محمّد سيّد كيلاني.
 
- الفلسفات الكبرى، بياردو كاسيه – سلسلة: "زدني علماً"- [[بيروت]].
 
- الإلحاد وعلاقته باليهود والنصارى، مقال للدكتور محمّد بن سعد الشويعر، نشر بمجلّة "البحوث الإسلامية" العدد: 14.
 
المراجع الأجنبية:
 
- History of Philosophy by F.C. Copleston. Burns. London 1947.
 
- Existentialism and Humanism by J.P. Sartre, London 1955.
 
- History of Modern Philosophy by H. Hoffding. London 1956.
 
=المصدر=
 
المقالة مقتبسة مع تعديلات من الموقع التالي:
 
www.dorar.net
 
[[تصنيف: مذاهب وتيّارات فكرية معاصرة]]
[[تصنيف: العالم الإسلامي]]
[[تصنيف: النظريات النقدية]]

المراجعة الحالية بتاريخ ٠٨:١٨، ٨ نوفمبر ٢٠٢١

الإلحاد: مذهب وتيّار فكري معاصر ترك تأثيره في العالم الإسلامي. وتتناول هذه المقالة بالبحث والتمحيص هذا التيّار من حيث: تعريفه، وأقسامه، وأسباب ظهوره، وتأسيسه وأبرز شخصيّاته، وأفكاره ومعتقداته، وجذوره الفكرية والعقائدية، وانتشاره ومواقع نفوذه، مع ذكر خلاصة له ومراجع للتوسّع.

تمهيد

المذاهب جمع مذهب، وهو: ما يذهب إليه الشخص ويعتقده صواباً ويدين به، سواء أكان ما يذهب إليه صواباً في نفس الأمر أم كان خطأً.. ومعنى هذا أنّ المذاهب تختلف باختلاف مصادرها وباختلاف مفاهيم الناس لها من دينية وغير دينية وما يتبع ذلك من اختلاف في فنونها من فقهية أو لغوية أو رياضية أو علوم عقلية تجريبية أو فلسفات أو غير ذلك.

ويجب معرفة أنّه لا يخلو إنسان أو مجتمع من مذهب يسير بموجبه مهما اختلفت الحضارة أو العقلية للشخص أو المجتمع تمشياً مع سنّة الحياة ومع ما جبل عليه الإنسان الذي ميّزه الله عن بقية الحيوانات بالعقل والتفكير وحبّ التنظيم والسيطرة على ما حوله وابتكار المناهج التي يسير عليها إلى آخر الغرائز التي امتاز بها الإنسان العاقل المفكّر عن غيره من سكّان هذه المعمورة.

وقيل لها: مذاهب فكرية، نسبةً إلى الفكر الذي تميّز به الإنسان عن بقية المخلوقات التي تشاركه الوجود في الأرض، ويعرّف بأّنه صنعة العقل الإنساني ومسرح نشاطه الذهني وعطاؤه الفكري فيما يعرض له من قضايا الوجود والحياة، سواء أكان صواباً أم خطأً.

وقد نسبت المذاهب إلى الفكر؛ لأنّها جاءت من ذلك المصدر (وهو الفكر)، أي: أنّها لم تستند في وجودها على الوحي الإلهي أصلاً أو استعانت به وبما توصّل إليه الفكر من نتائج جاءته إمّا عن طريق الوحي أو التجارب أو أقوال من سبق أو أفعالهم، وقد تكون تلك النتائج صحيحة وقد تكون خاطئة في نفس الأمر.

وأمّا بالنسبة إلى استنادها إلى الوحي فقد لا يكون ذلك، بل ربّما كانت تلك الأفكار محاربة له فتنسب إلى مؤسّسيها، فيقال: الفكر الماركسي أو الفكر الفلسفي اليوناني أو غير ذلك من الأفكار التي تنسب إمّاإلى شخصيات مؤسّسيها أو إلى بلدانهم أو إلى اتّجاهاتهم وغير ذلك.

ومن هنا يتّضح أنّه إذا أطلق لفظ (الفكر) فإنّ المراد به هو ما يصدر عن العقل من شتّى المفاهيم والمبتكرات الدينية أو الدنيوية.

ومن هنا سمّيت مذاهب فكرية نسبةً إلى المذهب الذي تنسب إليه كلّ طائفة، ونسبةً كذلك إلى أفكارها التي تعتنقها مبتكرة لها أو مقلّدة.

التعــريــف

الإلحاد هو : مذهب فلسفي يقوم على فكرة عدمية أساسها إنكار وجود الله الخالق سبحانه وتعالى، فيدّعي الملحدون بأنّ الكون وجد بلا خالق، وأنّ المادّة أزلية أبدية، وهي الخالق والمخلوق في نفس الوقت.

وممّا لا شكّ فيه أنّ كثيراً من دول العالم الغربي والشرقي تعاني من نزعة إلحادية عارمة جسّدتها الشيوعية المنهارة والعلمانية اللّادينية المخادعة.

والمراد بالإلحاد الذي نحن بصدد دراسته: كلّ فكر يتعلّق بإنكار وجود خالق هذا الكون سبحانه وتعالى، سواء أكان عند المتقدّمين من الدهرية أم عند من جاء بعدهم من الشيوعيّين الماركسيّين، بمعنى: أنّ وصف الإلحاد يشمل كلّ من لم يؤمن بالله تعالى ويزعم أنّ الكون وجد بذاته في الأزل نتيجة تفاعلات جاءت عن طريق الصدفة دون تحديد وقت لها واعتقاد أنّ ما وصل إليه الإنسان منذ أن وجد وعلى امتداد التاريخ من أحوال في كلّ شؤونه إنّما وجد عن طريق التطوّر، لا أنّ هناك قوّة إلهية تدبّره وتتصرّف فيه.

ولا ريب أنّ الإلحاد فكرة شيطانية باطلة لا يقبلها عقل ولا منطق، غذّاها اليهود بغية تحطيم حضارات وأديان العالم لإقامة حكمهم في الأرض، كما دوّنوه في كتبهم.

وقد يسأل سائل فيقول: وما مصلحة اليهود من وراء ظهور الإلحاد؟ والجواب هو إضافة إلى ما سبق: أنّ اليهود يبغضون ديانات العالم كلّه، والعالم يبغضون ديانة اليهود، فإذا تمكّن اليهود من إبعاد الناس عن حضاراتهم ودياناتهم واستبدلوا عن ذلك بالإلحاد، فإنّه سيسهّل حينئذ أن يتقارب اليهود مع غيرهم، وسيسهّل قيادتهم أيضاً إلى تحقيق المخطّطات اليهودية التي تنتظر التنفيذ.

ولم يكن أحد من البشر منذ أن أوجدهم الله تعالى مستيقناً حقيقة إنكار وجود الله تعالى، ولم يظهر في شكل مذهب أو دول، وإنّما كان ظهوره في شكل نزعات لبعض الأشرار الشواذ، إلى أن ظهرت الفلسفة الإلحادية الحديثة المنحرفة على يدي "كارل ماركس" ورفاقه من اليهود الماسون الذين كانوا وراء إشعال هذه الفتنة الإلحادية لمآرب سياسية.

وقد علا شأن الإلحاد في عهد "ماركس" وعهد من جاء بعده علوّاً كبيراً، إلى عهد آخر رئيس لما كان يسمّى: بالاتّحاد السوفيتي، وهو "ميخائيل غورباتشوف"، فأراد الله عزّ وجلّ أن يظهر كذب الملاحدة، فإذا بالشيوعية – والتي تمثّل قمّة الإلحاد – تموت في عقر دارها، وإذا بالشعوب المقهورة تعود إلى الاحتفال والاحتفاء بالأديان وتعلن ما كانت تخفيه من حبّ الله وأنبيائه ورسله، ترجع إلى المساجد والكنائس وسائر المعابد معلنة رفضها الفكر المادّي الإلحادي، وفي بعض تلك الدول التي كانت تعلن الشيوعية والإلحاد شنقوا تماثيل بعض أقطاب الإلحاد الشيوعي تشفّياً منهم، ممّا يدلّ دلالة صريحة على أنّ فكرة الإلحاد فكرة طارئة سخيفة لا مكان لها إلّا في قلوب فئة من شواذ الناس الذين ماتت نفوسهم وانحرفت فطرهم وكابروا عقولهم.. ومن الغريب أن يسند الملاحدة إلحادهم إلى العلم وهو كذب مبين، كما سيتبيّن ذلك.

أقسام الإلحاد

ينقسم الإلحاد إلى قسمين، هما: الإلحاد القديم، والإلحاد الحديث. فما حقيقة كلّ منهما؟ وما الفرق بينهما؟

عرفنا ممّا سبق أنّ الإلحاد كان له وجود في أكثر من مكان في الأرض بعد الانحراف الذي أصاب البشرية، وينبغي أن ندرك أنّ بين الإلحاد القديم والإلحاد الحديث فرقاً ظاهراً، وذلك يتبيّن من خلال ما يأتي:

1- إنّ الإلحاد بمعنى إنكار وجود الله تعالى أصلاً لم يكن ظاهرة منتشرة في القديم، وإنّما كان شائعاً الشرك مع الله تعالى تحت حجج مختلفة مع اعترافهم بوجود الله تعالى وأنّه الخالق المدبّر. وقد أثبت الله تعالى ذلك في كتابه، فقال عن إقرارهم بخلق الله للكون: (وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ) [سورة العنكبوت:61]، وقال تعالى عن إقرارهم بإنزال المطر من عند الله: (وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّن نَّزَّلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ مِن بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ) [سورة العنكبوت:63]، وقال تعالى عن إقرارهم بأنّ الرزق كلّه من الله، وأنّ أعضاء الإنسان هي من خلق الله، وأنّ الحياة والموت بيد الله، وأنّ التدبير كلّه لله: (قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ) [سورة يونس:31]، (قُل لِّمَنِ الأَرْضُ وَمَن فِيهَا إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ) [سورة المؤمنون:84-89].. وهكذا يتبيّن من تلك الآيات البيّنات أنّ الإلحاد في الزمن القديم إنّما كان في إشراكهم مع الله آلهة أخرى من صنعهم يتقرّبون بها إلى الله بزعمهم.

2- وأمّا الذين أسندوا كلّ شيء إلى الدهر فهم قلّة قليلة جدّاً بالنسبة إلى غيرهم ممّن يؤمنون بالله تعالى، وقد أخبر الله عنهم في كتابه الكريم.

3- أمّا الإلحاد المادّي الحديث فقد قام على إنكار وجود الله أصلاً، وقد زعم أهله أنّهم وصلوا إليه عن طريق العلم والبحث المحسوس وعن طريق التجربة والدراسة، وزعموا أنّ الدين لا يوصل إلى ذلك. وسنردّ هذه الكذبة وسخافتها ونبيّن أنّه لا تناقض بين العلم والدين وبين الإيمان بالله، وأنّ العلم يدعو إلى الإيمان بوجود الله تعالى في أكمل صوره.

وهكذا يتّضح أنّه مع القول بوجود عبادة المادّة في كلّ زمان و في كلّ مكان، إلّا أنّ تلك المادّة كانت سطحية بدائية، وأنّ أوروبّا حينما أخذت الإلحاد تميّزت بتفصيل وتقنين وتنظيم ودراسة هذا الاتّجاه المادّي الملحد وأحلّته محلّ الدين ومحلّ الإله بطريقة سافرة مقنّنة، وهي نقلة لم تكن فيما مضى قبلهم.

أسباب ظهور الإلحاد

لظهور الإلحاد أسباب كثيرة كغيره من الظواهر الأخرى.. ولا شكّ أنّ أكبر الأسباب هو إغواء إبليس لمن اتّبعه، فقد أقسم على أن يبعد الناس عن ربّهم ويغويهم عن اتّباع أمره وشرعه عزّ وجلّ، ثمّ انضافت إلى ذلك أسباب أخرى هي من صنع الإنسان، كالرغبة الجامحة عند البعض في الانفلات التامّ عن الدين وأوامره ونواهيه لتحقيق رغباته الشهوانية المختلفة. وبعض تلك الأسباب يعود إلى أمور سياسية، كحبّ اليهود السيطرة على العالم. وبعضها يعود إلى طغيان الديانات المحرّفة. وبعض تلك الأسباب يعود إلى ظهور مذاهب فكرية كانت هي الأخرى كابوساً ثقيلاً جعل الناس يلهثون إلى التشبّث بأيّ حركة أو فكر، كالرأسمالية التي أشعلت في النفوس حبّ الأنانية والجشع المادّي والحقد والبغضاء، ممّا سهّل الأمر على الملاحدة للوصول إلى قلوب الناس والتضليل عليهم بأنّ في النظام الإلحادي الجديد كلّ ما يتمنّوه من السعادة والعيش الرغيد، وقد قيل:

         يقضى على المرء في أيّام محنته         حتّى يرى حسناً ما ليس بالحسن

وكان هذا الحال في الوقت الذي عمّ الجهل بالله تعالى وبدينه القويم، وكان للأحوال الاقتصادية التي يمرّ بها الناس نصيب الأسد في تقبّلهم للإلحاد، حيث انعدمت في المذهب الرأسمالي ونظام الإقطاع وسيطرة البابوات والأباطرة صفة الرحمة والعطف على الفقراء، فازداد الأغنياء غنىً وازداد الفقراء فقراً وذلّاً. فاستغلّ الملاحدة تلك الأوضاع للتأثير على الناس بأنّ الأمر موكول إلى تصرّفات الناس، وليس هناك إله مدبّر له، فازداد نشاط دعاة الإلحاد وأظهروا أنفسهم بمظهر المنقذ للفقراء والساهر على مصالحهم والمهتمّ بمشاكلهم والمتصدّي للقضاء على كلّ الأنظمة الفاسدة والطبقات المتجبّرة. وبعد أن قوي أمر الملاحدة واستولوا على الحكم في روسيا وغيرها وجّهوا مدافعهم وبنادقهم إلى صدر كلّ من يأبى الدخول في ملّتهم، فأثخنوا في الأرض وأدخلوا شعوبهم في الإلحاد راغبين وراهبين.

وممّا ساعد على انتشار الإلحاد أيضاً ما وصل إليه الملاحدة من اكتشافات علمية هائلة مكّنهم الله منها استدراجاً لهم وإقامة للحجّة عليهم على ضوء قوله تعالى: (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) [سورة فصلت:53]، فكلّما تمّ لهم اكتشاف جديد فسّروه على أنّه من بركة تركه للإله وللدين وانطلاقهم أحراراً من ذلك، فاغترّ بهم كثير من الجهّال وظنّوا أنّ ذلك هو الصحيح وأنّ هذه الحياة التي يعيشها العالم اليوم من تقدّم مادّي وصناعات مختلفة وانفتاح تامّ على الشهوات والمتع المختلفة إنّما هي دليل في نظر من لا يعرفون الدين الصحيح على أنّ الإنسان هو مالك هذا الكون وحده وهو الذي ينظّم حياته كما يريد.

ولم يترك دعاة الإلحاد أيّ فرصة لأتباعهم لالتقاط أنفاسهم ومدارسة أوضاعهم والتفكّر الصحيح في خلق هذا الكون وما فيه من العجائب التي تنطق بوجود الخلاق العظيم لهذا الكون.

أمّا بالنسبة إلى ظهور الإلحاد في ديار المسلمين فإنّه يعود كذلك إلى أسباب كثيرة، من أهمّها: حالة الانبهار بظهور هذه المادّيات التي ظهرت على أيدي غير المؤمنين بالله تعالى، وما أصاب قلوب ضعفاء الإيمان من انبهار تامّ برونق تلك الحضارة الزائفة الزائلة التي أخبر الله عنها بقوله: (يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ) [سورة الروم:7]، وانساق المنهزمون المغرمون بتلك الحضارة إلى التصديق بأن لا وجود لأيّ مدبر للعالم غير العالم نفسه، خصوصاً وأنّ المغلوب دائماً يقلّد الغالب ويجب أن يتظاهر بصفاته ليجبر النقص الذي يحسّ به أمامه. وكان الأحرى بهؤلاء المنهزمين أن يعتزّوا بدينهم ويضاعفوا الجهد والعمل ليستغنوا عن منّة الملاحدة عليهم، وحينما رأوا ما هم عليه من الضعف والاستخذاء أمام ما تنتجه المصانع الكافرة ألقوا باللوم على الإسلام، فعل العاجز المنقطع أو الغريق الذي يمسك بكلّ حبل، وجهلوا أو تجاهلوا أنّ الإسلام يأمر بالقوّة والعمل بما لا يدانيه أيّ فكر أو مذهب، والآيات في كتاب الله تعالى والأحاديث في سنّة المصطفى (صلّى الله عليه وآله وسلّم) على هذا أشهر من أن تذكر.

وعلى كلّ حال، فقد ظهر الإلحاد بشكله الجديد المدروس المنظّم كبديل لكلّ الأديان السماوية، وزعماؤه هم البديل الجديد عن الأنبياء والرسل، والمتمسّكون بالإلحاد هم المتطوّرون المتقدّمون، وإنّ التاركين له هم الرجعيّون المتخلّفون، وللباطل صولة ثمّ يضمحل.

وإذا كانت المظالم والأنانيّات وحبّ الشهوات وغيرها تحصل بين المؤمنين بالله تعالى، فما هو الظنّ بالمجتمعات التي لا تؤمن بالله ربّاً ولا بالإسلام ديناً ولا بمحمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) رسولاً، ولا ضمير حيّ يذكّرها بما للآخرين من حقوق؟ ما هو الظنّ بتلك المجتمعات الذين هم كالأنعام أو أضلّ، الذين لا يعيشون في بيئات أسرية متحابّة يعرف بعضهم للبعض الآخر ما له من حقوق صلة الرحم وحفظ الأنساب وتقوية المودّة فيما بينهم؟

التأسيس وأبرز الشخصيّات

الإلحاد بدعة جديدة لم توجد في القديم إلّا في النادر في بعض الأمم والأفراد. ويعدّ أتباع العلمانية هم المؤسّسون الحقيقيّون للإلحاد، ومن هؤلاء: أتباع الشيوعية والوجودية والداروينية.

الحركة الصهيونية أرادت نشر الإلحاد في الأرض، فنشرت العلمانية لإفساد أمم الأرض بالإلحاد والمادّية المفرطة والانسلاخ من كلّ الضوابط التشريعية والأخلاقية؛ كي تهدم هذه الأمم نفسها بنفسها، وعندما يخلو الجوّ لليهود يستطيعون حكم العالم.

نشر اليهود نظريات "ماركس" في الاقتصاد والتفسير المادّي للتاريخ، ونظريات "سيجموند فرويد" في علم النفس، ونظرية "تشارلز دارون" في أصل الأنواع، ونظريات "دوركايم" في علم الاجتماع.. وكلّ هذه النظريات من أسس الإلحاد في العالم.

أمّا انتشار الحركات الإلحادية بين المسلمين في الوقت الحاضر فقد بدأ بعد سقوط الخلافة الإسلامية..

صدر كتاب في تركيا عنوانه: "مصطفى كمال" للكاتب قابيل آدم يتضمّن مطاعن قبيحة في الأديان، وبخاصّة الدين الإسلامي، وفيه دعوة صريحة للإلحاد بالدين وإشادة بالعقلية الأوروبّية.

إسماعيل أحمد أدهم حاول نشر الإلحاد في مصر، وألّف رسالة بعنوان: "لماذا أنا ملحد"؟ وطبعها بمطبعة التعاون بالإسكندرية حوالي سنة 1926م.

إسماعيل مظهر أصدر في سنة 1928م مجلّة "العصور" في مصر، وكانت قبل توبته تدعو للإلحاد والطعن في العرب طعناً قبيحاً، معيداً تاريخ الشعوبية، ومتّهماً العقلية العربية بالجمود والانحطاط، ومشيداً بأمجاد بني إسرائيل ونشاطهم وتفوّقهم واجتهادهم.

هذا، ومن أعلام الإلحاد في العالم:

أ.أتباع الشيوعية: ويتقدّمهم: "كارل ماركس" 1818 – 1883م اليهودي الألماني، و"إنجلز" عالم الاجتماع الألماني والفيلسوف السياسي الذي التقى بماركس في إنجلترا وأصدرا سوياً "المانيفستو" أو البيان الشيوعي سنة 1820 – 1895م.

ب.أتباع الوجودية: ويتقدّمهم: "جان بول سارتر"، و"سيمون دوبرفوار"، و"ألبير كامو".

ج.أتباع الداروينية.

ومن الفلاسفة والأدباء: "نيتشه" الفيلسوف الألماني، و"برتراند راسل" 1872 – 1970م الفيلسوف الإنجليزي، و"هيجل" 1770 – 1831م الفيلسوف الألماني الذي قامت فلسفته على دراسة التاريخ، و"هربرت سبنسر" 1820 – 1903م العالم الإنجليزي الذي كتب في الفلسفة وعلم النفس والأخلاق، و"فولتير" 1694 – 1778م الأديب الفرنسي.

في سنة 1930م ألّف إسماعيل مظهر "حزب الفلاح" ليكون منبراً للشيوعية والاشتراكية. وقد تاب إسماعيل إلى الله بعد أن تعدّى مرحلة الشباب، وأصبح يكتب عن مزايا الإسلام.

الأفكار والمعتقدات

1.إنكار وجود الله سبحانه، الخالق البارئ المصوّر (تعالى الله عمّا يقولون علوّاً كبيراً).

2.إنّ الكون والإنسان والحيوان والنبات وجد صدفة، وسينتهي كما بدأ، ولا توجد حياة بعد الموت.

3.إنّ المادّة أزلية أبدية، وهي الخالق والمخلوق في نفس الوقت.

4.النظرة الغائية للكون، والمفاهيم الأخلاقية تعيق تقدّم العلم.

5.إنكار معجزات الأنبياء؛ لأنّ تلك المعجزات لا يقبلها العلم، كما يزعمون.

ومن العجب أنّ الملحدين المادّيّين يقبلون معجزات الطفرة الوحيدة التي تقول بها الداروينية، ولا سند لها إلّا الهوس والخيال!

6.عدم الاعتراف بالمفاهيم الأخلاقية، ولا بالحقّ والعدل، ولا بالأهداف السامية، ولا بالروح والجمال.

7.ينظر الملاحدة للتاريخ باعتباره صورة للجرائم والحماقة وخيبة الأمل، وقصّته لا تعني شيئاً.

8.المعرفة الدينية في رأي الملاحدة تختلف اختلافاً جذريّاً وكلّيّاً عن المعرفة بمعناها العقلي أو العلمي.

9.الإنسان مادّة تنطبق عليه قوانين الطبيعة التي اكتشفتها العلوم كما تنطبق على غيره من الأشياء المادّية.

10.الحاجات هي التي تحدّد الأفكار، وليست الأفكار هي التي تحدّد الحاجات.

الجذور الفكرية والعقائدية

نشأ الإلحاد الحديث مع العقلانية والشيوعية والوجودية.

وقد نشر اليهود الإلحاد في الأرض، مستغلّين حماقات الكنيسة ومحاربتها للعلم، فجاءوا بثورة العلم ضدّ الكنيسة، وبالثورة الفرنسية والداروينية والفرويدية، وبهذه الدعوات الهدّامة للدين والأخلاق تفشّى الإلحاد في الغرب، والهدف الشرّير لليهودية العالمية الآن هو إزالة كلّ دين على الأرض؛ ليبقى اليهود وحدهم أصحاب الدين!

الانتشار وأماكن النفوذ

انتشر الإلحاد أوّلاً في أوروبّا، وانتقل بعد ذلك إلى أمريكا وبقاع من العالم. وعندما حكمت الشيوعية في ما كان يعرف بالاتّحاد السوفيتي قبل انهياره وتفكّكه، فرضت الإلحاد فرضاً على شعوبه، وأنشأت له مدارس وجمعيات. وحاولت الشيوعية نشره في شتّى أنحاء العالم عن طريق أحزابها.

يوجد الآن في الهند جمعية تسمّى: "جمعية النشر الإلحادية"، وهي حديثة التكوين، وتركّز نشاطها في المناطق الإسلامية، ويرأسها "جوزيف إيدا مارك"، وكان مسيحيّاً من خطباء التنصير، ومعلّماً في إحدى مدارس الأحد، وعضواً في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي، وقد ألّف في عام 1953م كتاباً يدعى: "إنّما عيسى بشر"، فغضبت عليه الكنيسة وطردته، فتزوّج بامرأة هندوكية، وبدأ نشاطه الإلحادي، وأصدر مجلّة إلحادية باسم: "إيسكرا"، أي: شرارة النار. ولمّا توقّفت عمل مراسلاً للمجلّة الأسبوعية "كيالا شبدم"، أي: صوت كيالا. وقد نال جائزة الإلحاد العالمية عام 1978م، ويعتبر أوّل من نالها في آسيا.

الخلاصة

إنّ الإلحاد مذهب فلسفي يقوم على إنكار وجود الله سبحانه وتعالى، ويذهب إلى أنّ الكون بلا خالق. ويعدّ أتباع العقلانية هم المؤسّسون الحقيقيّون للإلحاد الذي ينكر الحياة الآخرة، ويرى أنّ المادّة أزلية أبدية، وأنّه لا يوجد شيء اسمه: معجزات الأنبياء، فذلك ممّا لا يقبله العلم في زعم الملحدين، الذين لا يعترفون أيضاً بأيّة مفاهيم أخلاقية، ولا بقيم الحقّ والعدل، ولا بفكرة الروح. ولذا فإنّ التاريخ عند الملحدين هو صورة للجرائم والحماقات وخيبة الأمل وقصّته لا تعني شيئاً، والإنسان مجرّد مادّة تطبّق عليه كافّة القوانين الطبيعية.

مراجع للتوسّع

- صراع مع الملاحدة، عبد الرحمن الميداني.

- الملل والنحل، الشهرستاني، ط 1980م، بتحقيق: محمّد سيّد كيلاني.

- الفلسفات الكبرى، بياردو كاسيه – سلسلة: "زدني علماً"- بيروت.

- الإلحاد وعلاقته باليهود والنصارى، مقال للدكتور محمّد بن سعد الشويعر، نشر بمجلّة "البحوث الإسلامية" العدد: 14.

المراجع الأجنبية:

- History of Philosophy by F.C. Copleston. Burns. London 1947.

- Existentialism and Humanism by J.P. Sartre, London 1955.

- History of Modern Philosophy by H. Hoffding. London 1956.

المصدر

المقالة مقتبسة مع تعديلات من الموقع التالي:

www.dorar.net