الفرق بين المراجعتين لصفحة: «الفرق بين المقدمة وسد الذرائع»

من ویکي‌وحدت
(أنشأ الصفحة ب''''الفرق بين المقدمة وسدّ الذرائع:''' هما اصطلاحان أصوليان مشترکان في المعنی الذي هو ما کان طري...')
 
لا ملخص تعديل
 
سطر ٥: سطر ٥:
<br>وفي الفرق بينها وبين الذريعة والبحوث المدرجة تحت كلّ منهما يقول [[الشيخ السبحاني]]: «بأن البحث المدرج تحت عنوان سدّ الذرائع يخصّ مقدّمة الحرام، بينما بحث المقدّمة عام ويشمل الحرام والواجب»<ref>. اُصول الفقه المقارن فيما لا نصّ فيه: 206.</ref>. لكن يذهب الشيخ [[وهبة الزحيلي]] إلى أنّ [[المقدمة]] عبارة عمّا يتوقّف عليها وجود الشيء ولولاها لما تمكّن أحد من تحقيق الهدف المقصود، أمّا الذريعة فلا يتوقّف عليها وجود الشيء ويؤتى بها للتوصّل إلى الشيء، ففي قوله تعالى: '''«وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ»'''<ref>. النور: 31.</ref>. من باب الذريعة؛ لأنّ افتتان الرجل بالمرأة لا  يتوقّف على الضرب بالرجل، ولكنّه ذريعة إلى تلك المفسدة؛ لأنّ من شأنه أن يؤدّي إليها<ref>. الوجيز في اُصول الفقه وهبة الزحيلي: 108.</ref>.
<br>وفي الفرق بينها وبين الذريعة والبحوث المدرجة تحت كلّ منهما يقول [[الشيخ السبحاني]]: «بأن البحث المدرج تحت عنوان سدّ الذرائع يخصّ مقدّمة الحرام، بينما بحث المقدّمة عام ويشمل الحرام والواجب»<ref>. اُصول الفقه المقارن فيما لا نصّ فيه: 206.</ref>. لكن يذهب الشيخ [[وهبة الزحيلي]] إلى أنّ [[المقدمة]] عبارة عمّا يتوقّف عليها وجود الشيء ولولاها لما تمكّن أحد من تحقيق الهدف المقصود، أمّا الذريعة فلا يتوقّف عليها وجود الشيء ويؤتى بها للتوصّل إلى الشيء، ففي قوله تعالى: '''«وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ»'''<ref>. النور: 31.</ref>. من باب الذريعة؛ لأنّ افتتان الرجل بالمرأة لا  يتوقّف على الضرب بالرجل، ولكنّه ذريعة إلى تلك المفسدة؛ لأنّ من شأنه أن يؤدّي إليها<ref>. الوجيز في اُصول الفقه وهبة الزحيلي: 108.</ref>.
<br>واُجيب بأنّ الضرب بالأرجل مقدّمة أيضا لكنّها غير منحصرة بالافتتان، فالأخير يحصل بغير الضرب بالأرجل كذلك<ref>. اُصول الفقه المقارن فيما لا نص فيه: 207 ـ 208.</ref>.
<br>واُجيب بأنّ الضرب بالأرجل مقدّمة أيضا لكنّها غير منحصرة بالافتتان، فالأخير يحصل بغير الضرب بالأرجل كذلك<ref>. اُصول الفقه المقارن فيما لا نص فيه: 207 ـ 208.</ref>.
<br>ويرى البعض أنّ بينهما عموما وخصوصا من وجه، والذريعة تصدق في الموارد التي من شأنها أن تفضي إلى الفساد بينما [[المقدمة]] تصدق في الموارد التي تؤدّي بنحو قطعي ولا يتخلف عنها ويتوقّف الحرام عليها، فإنّ ضرب المرأة برجلها ذات الخلاخل ذريعة للافتتان بها؛ لأنّ من شأن الضرب أن يجرّ إلى الافتتان، بينما السفر لارتكاب معصية معينة لا تتم إلاّ به، فهو مقدّمة؛ لأنّ المعصية تتوقّف على هذا السفر، والسفر ليس ذريعة؛ لأنّه ليس من شأنه أن يفضي إلى المعاصي. وقد يجتمع الاثنان كالنكاح، فإنّه مقدّمة باعتباره شرطا للتحليل وذريعة باعتباره يفضي عادة إلى التحليل<ref>. اُنظر: سد الذرائع في الشريعة: 84 ـ 85، الذريعة عند شيخ الإسلام: 44 ـ 46.</ref>.
<br>ويرى البعض أنّ بينهما عموما وخصوصا من وجه، والذريعة تصدق في الموارد التي من شأنها أن تفضي إلى الفساد بينما [[المقدمة]] تصدق في الموارد التي تؤدّي بنحو قطعي ولا يتخلف عنها ويتوقّف الحرام عليها، فإنّ ضرب المرأة برجلها ذات الخلاخل ذريعة للافتتان بها؛ <br>
لأنّ من شأن الضرب أن يجرّ إلى الافتتان، بينما السفر لارتكاب معصية معينة لا تتم إلاّ به، فهو مقدّمة؛ لأنّ المعصية تتوقّف على هذا السفر، والسفر ليس ذريعة؛ لأنّه ليس من شأنه أن يفضي إلى المعاصي. وقد يجتمع الاثنان كالنكاح، فإنّه مقدّمة باعتباره شرطا للتحليل وذريعة باعتباره يفضي عادة إلى التحليل<ref>. اُنظر: سد الذرائع في الشريعة: 84 ـ 85، الذريعة عند شيخ الإسلام: 44 ـ 46.</ref>.
<br>وبناء على هذا النقاش وما ورد من تعاريف للذريعة يمكن القول بوجود معنيين للذريعة في استخدامات الأصوليين، أحدهما المعنى الخاصّ، وهي الذريعة التي تنتهي إلى المحرّم، ومعنى عام وهو المعنى المرادف للمقدّمة، والتي يمكن أن تفضي إلى الحرام أو الواجب أو غيرهما<ref>. اُنظر: سد الذريعة في الشريعة: 69 ـ 74.</ref>.
<br>وبناء على هذا النقاش وما ورد من تعاريف للذريعة يمكن القول بوجود معنيين للذريعة في استخدامات الأصوليين، أحدهما المعنى الخاصّ، وهي الذريعة التي تنتهي إلى المحرّم، ومعنى عام وهو المعنى المرادف للمقدّمة، والتي يمكن أن تفضي إلى الحرام أو الواجب أو غيرهما<ref>. اُنظر: سد الذريعة في الشريعة: 69 ـ 74.</ref>.
<br>والاختلاف في حقيقته ناشئ عن استعمال الذريعة بمعنى عام، وهو مطلق المقدّمة، ولذلك أشار بعض الأصوليين إليها مثل قول القرافي: «واعلم أنّ الذريعة كما يجب سدّها يجب فتحها ويكره ويندب ويباح، فإنّ الذريعة هي الوسيلة، فكما أنّ وسيلة المحرم محرّمة فوسيلة الواجب واجبة كالسعي للجمعة والحجّ»<ref>. شرح تنقيح الفصول: 449.</ref>.
<br>والاختلاف في حقيقته ناشئ عن استعمال الذريعة بمعنى عام، وهو مطلق المقدّمة، ولذلك أشار بعض الأصوليين إليها مثل قول القرافي: «واعلم أنّ الذريعة كما يجب سدّها يجب فتحها ويكره ويندب ويباح، فإنّ الذريعة هي الوسيلة، فكما أنّ وسيلة المحرم محرّمة فوسيلة الواجب واجبة كالسعي للجمعة والحجّ»<ref>. شرح تنقيح الفصول: 449.</ref>.

المراجعة الحالية بتاريخ ٠٥:١٨، ٣ أغسطس ٢٠٢١

الفرق بين المقدمة وسدّ الذرائع: هما اصطلاحان أصوليان مشترکان في المعنی الذي هو ما کان طريقاً وذريعةً إلی الشيء، ولکن بينهما فرق في الطريقية بأن المقدمة طريق إلی المصلحة والمفسدة والذرائع وسيلة إلی المفسدة والحرام فقط.

الفرق بين المقدمة وسدّ الذرائع

عرفت المقدمة بعدّة تعاريف، مثل: هي الطريق التي يتوصّل بها إلى الشيء[١] أو ما يتوقّف عليه الشيء[٢].
وفي الفرق بينها وبين الذريعة والبحوث المدرجة تحت كلّ منهما يقول الشيخ السبحاني: «بأن البحث المدرج تحت عنوان سدّ الذرائع يخصّ مقدّمة الحرام، بينما بحث المقدّمة عام ويشمل الحرام والواجب»[٣]. لكن يذهب الشيخ وهبة الزحيلي إلى أنّ المقدمة عبارة عمّا يتوقّف عليها وجود الشيء ولولاها لما تمكّن أحد من تحقيق الهدف المقصود، أمّا الذريعة فلا يتوقّف عليها وجود الشيء ويؤتى بها للتوصّل إلى الشيء، ففي قوله تعالى: «وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ»[٤]. من باب الذريعة؛ لأنّ افتتان الرجل بالمرأة لا يتوقّف على الضرب بالرجل، ولكنّه ذريعة إلى تلك المفسدة؛ لأنّ من شأنه أن يؤدّي إليها[٥].
واُجيب بأنّ الضرب بالأرجل مقدّمة أيضا لكنّها غير منحصرة بالافتتان، فالأخير يحصل بغير الضرب بالأرجل كذلك[٦].
ويرى البعض أنّ بينهما عموما وخصوصا من وجه، والذريعة تصدق في الموارد التي من شأنها أن تفضي إلى الفساد بينما المقدمة تصدق في الموارد التي تؤدّي بنحو قطعي ولا يتخلف عنها ويتوقّف الحرام عليها، فإنّ ضرب المرأة برجلها ذات الخلاخل ذريعة للافتتان بها؛
لأنّ من شأن الضرب أن يجرّ إلى الافتتان، بينما السفر لارتكاب معصية معينة لا تتم إلاّ به، فهو مقدّمة؛ لأنّ المعصية تتوقّف على هذا السفر، والسفر ليس ذريعة؛ لأنّه ليس من شأنه أن يفضي إلى المعاصي. وقد يجتمع الاثنان كالنكاح، فإنّه مقدّمة باعتباره شرطا للتحليل وذريعة باعتباره يفضي عادة إلى التحليل[٧].
وبناء على هذا النقاش وما ورد من تعاريف للذريعة يمكن القول بوجود معنيين للذريعة في استخدامات الأصوليين، أحدهما المعنى الخاصّ، وهي الذريعة التي تنتهي إلى المحرّم، ومعنى عام وهو المعنى المرادف للمقدّمة، والتي يمكن أن تفضي إلى الحرام أو الواجب أو غيرهما[٨].
والاختلاف في حقيقته ناشئ عن استعمال الذريعة بمعنى عام، وهو مطلق المقدّمة، ولذلك أشار بعض الأصوليين إليها مثل قول القرافي: «واعلم أنّ الذريعة كما يجب سدّها يجب فتحها ويكره ويندب ويباح، فإنّ الذريعة هي الوسيلة، فكما أنّ وسيلة المحرم محرّمة فوسيلة الواجب واجبة كالسعي للجمعة والحجّ»[٩].

المصادر

  1. . الحدائق الناضرة 7: 166.
  2. . غاية المسؤول في علم الاُصول الشهرستاني 1: 266، تحقيق الاُصول 3: 61، الوافية: 219.
  3. . اُصول الفقه المقارن فيما لا نصّ فيه: 206.
  4. . النور: 31.
  5. . الوجيز في اُصول الفقه وهبة الزحيلي: 108.
  6. . اُصول الفقه المقارن فيما لا نص فيه: 207 ـ 208.
  7. . اُنظر: سد الذرائع في الشريعة: 84 ـ 85، الذريعة عند شيخ الإسلام: 44 ـ 46.
  8. . اُنظر: سد الذريعة في الشريعة: 69 ـ 74.
  9. . شرح تنقيح الفصول: 449.